بداية هذه تحياتي للزميل الفاضل طارح الموضوع و لكل من تفضل بالتعليق سواء اتفقت او اختلفت معه
و استأذن بأن ابدأ تفاعلي مع هذا الشريط من خلال التعليق على مداخلة الزميل الفاضل التالية :

Array
إذا كانت الوحدة تعني توحد من يملكون القواسم المشتركة (وفي النظرية المشهورة لمنظري القومية العربية هناك قاسم التاريخ واللغة والمصير بين الشعوب العربية) فأنا شخصيا (والكثير من شعوب المغرب العربي) أحس أني أقرب لعادات وأفكار وتأملات الفرنسي والإيطالي والألماني... أكثر من المصري والسوري والخليجي.[/quote]
هل تعني هنا و على نحو دقيق
ان القوسم المشتركة التي ذكرت : التاريخ و اللغة و المصير بالنسبة لك و للكثير من شعوب المغرب العربي تجمعك اكثر مع الايطالي و الفرنسي و الألماني و ربما السويسري و السويدي ؟!!!!!
انت بدأت بجملة شرطية هنا انه اذا كانت النظرية المشهورة لمنظري.........الخ فانك اذن اقرب لهؤلاء منك للعرب!
ان كنت تجد انك هنا منطقي اخي العزيز فأنا ادعوك اذن لتشكيل حزب القومية الاوربية المغربية في تونس و انا اضمن لك الفشل الذريع سلفا لأني أرى انه و بالرغم من موافقتي و خصوصا عند الحديث عن تونس و الجزائر و المغرب فقط هناك اشكالية لهجة تواصل إلا ان قاسم اللغة الاصلية المستخدمة في التواصل المعرفي و الاعلامي هي العربية الفصيحة التي تمكني انا و انت هنا من ان يفهم احدنا الآخر كما ان قاسم الهوية الثقافية لا يسهل تجاوزه بتكويناته الدينية و الاجتماعية انه القاسم اللغوي الذي يجعل العرب من المحيط إلى الخليج يعتبرون قناة الجزيرة الفضائية اهم مصدر اخبياري لهم جميعا و انا اتحدى اذا كان هناك في اي قطر عربي قناة اخبارية تحظى بالمتابعة اكثر من هذه القناة ترى لو لم يكن للغة العربية هذا الحضور في حياة هذا الوطن هل كان هذا ممكناً؟!!!
اضف إلى هذا فنحن عندما نتكلم عن العروبة لا نرى فيها عنصر اللغة مجرد جذر لغوي اخي الكريم فاللغة العربية لها امتزاج مهم و متفرد يتعلق كذلك بالدين و بالتاريخ و العادات و الاعراف و المواقف و المبادئ باختصار الثقافة العربية كمفهوم اعم و اشمل و اغنى من اللغة مجردة ، ثم اي عادات هذه التي يكون فيها الجزائري و المغربي اقرب للفرنسي و الالماني من العربي؟!!!!!!!!!!!!!!!!
المشكلة اننا نعرف الكثير من الاصدقاء و الصديقات المغاربة و الجزائريين لا يمكن بحال مجرد تصور ان عاداتهم الاجتماعية اقرب للفرنسي مما هي لنا نحن العرب المشارقة !
يعني لنتكلم عن الزواج عن العلاقة بين المرأة و الرجل عن الارث و المسؤوليات الاجتماعية و توزيعها و عن مفاهيم الاسرة عن العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع المفاهيم و الآراء الدينية و الاجتماعية ، فهل لا زلت ترى ان طرحك منطقي اي ان المغاربة اقرب للفرنسي و الالماني مما هم لعرب المشرق؟!

Array

عشت في السعودية فترة كافية لأتأكد أن الوحدة مع تلك الشعوب جنون كبير. فما يفرقنا وما هو موجود من الاختلافات بين ابناء المغرب العربي وأبناء المشرق أكثر مما يجمعنا.

البعض يحاول أن يتعامى عن ذلك ويحشر فكرة القومية العربية والوحدة العربية وأفكار أيديولوجية حمقاء من أجل أجنداتهم الخاصة لكن الواقع يقول تماما غير ذلك.
البعض الآخر يعتقد أنه لو توحد العرب لصنعوا قوة جبارة هائلة لم تر لها الشعوب مثيلا. وتلك أحلام يقظة لشخص يوهم نفسه ويعزيها بأنه في يوم سوف يقوم مجد العرب وأسطورة العرب. وأولائك يتجنبون مواجهة الأسباب الحقيقة لتخلف الشعوب العربية.



ربما يمكن أن يصنع أبناء الخليج وحدة رمزية مع بعضهم وأبناء سورية ولبنان والأردن والعراق وحدة أخرى لكن أن يسخر البعض من عقول البعض ويتحدث عن وحدة من المحيط الأطلسي للخليج العربي فتلك حيلة غبية لم تعد تنطلي على أحد خصوصا في عصرنا الحالي.[/quote]

اولا الفكرة القومية العربية ليست ايديولوجيا بحال من الاحوال حتى و ان تبناها بعض الايديولوجيين فهذه قضيتهم هم و ليست قضية الفكرة العربية ، من حيث المبدأ مرفوض تحميل الفكرة القومية مسؤولية اخطاء سياسية لاي ايديولوجيا او نظام سياسي ، ان يكون صدام مثلا كان يتبنى الدعوة إلى الوحدة العربية لا يعني ان الفكرة هي المسؤولة عن اي من ممارساته فهو و حزبه و جماعته من يتحملون اخطاءهم و ليس للفكرة العربية علاقة بهذا لا من قريب و لا من بعيد فلا هي من نظر لهذه الممارسات و لا هي اصلا ايديولوجيا او نظرية سياسية متكاملة.
ثانيا نعم العالم العربي ينتظم في اربعة اقاليم رئيسة هي :
الخليج العربي
سوريا الطبيعية
وادي النيل
المغرب العربي
اربع وحدات كبرى تملك فيما بينها قواسم مشتركة اكبر من تلك التي تملكها مع غيرها في الاقاليم الأخرى ، مع ملاحظة ان النسيج العربي الاكبر من المحيط إلى الخليج يملك اي قطرين فيه من القواسم المشتركة أكثر مما يملك مع اي قطر خارج العالم العربي.
لهذا ارى ان مشروع الوحدة العربية هو مشروع عملي جدا خصوصا ان المصالح اليوم باتت تفرضه اكثر من اي اعتبارات اخرى و اي قطر عربي يبحث له عن اطار حيوي فلن يجد له اطار حيوي اكثر مما هو العالم العربي ، و من المنطق ان هذه الوحدة المأمولة ينبغي ان تنتظم في اربعة اقاليم رئيسة هي التي ذكرناها و ان تراعى فيها الخصوصية فنحن اليوم ننظر للخصوصيات هذه كعناصر اغناء ثقافي و لا نتطلع للوحدة كزي موحد او معادلة الغائية.

Array
جاءت فكرة القومية العربية في فترة الايديولوجيات عندما كان الشيوعيون والاخوان المسلمون يمثلون اقصى اليمين وأقصى اليسار فحاول بعض المنظرين (من المسيحيين كما يصر على ذلك ناقدي نظرية القوية العربية من الاسلاميين) أن يستقطبوا الشعوب العربية في خدعة الفكر المعتدل تحت فكرة وحدة عربية من أجل الزعامة والقيادة..[/quote]
بداية نود ان نصحح لك معلوماتك فما تقوله هنا مع احترامي لا يمت للحقيقة التاريخية بصلة لا من قريب و لا من بعيد ، سجل عندك ما يلي:
أولا : الفكرة العربية وجدت في العالم العربي قبل الشيوعية و قبل الاخوان المسلمين و اول تشكيلاتها السياسية كانت ايام الدولة العثمانية مطلع القرن العشرين تحت اسم العصبة القومية العربية ، و اول اشكال حراكها السياسي كان عام 16 باسم الثورة العربية (طبعا بعيدا عن تقيمها او رأي القوميين بها و بقيادتها) بهدف توحيد العرب في دولة واحدة.
ثانيا: الحضور المسيحي القوي داخل الحركة القومية العربية خاصة في بلاد الشام يرجع اساساً للصراع التحرري بين العرب و الدولة العثمانية آن ذاك مما يجعل من الطبيعي ان المسيحيين العرب من اشد مناوئي الدولة العثمانية باسم القومية العربية خصوصا في بلاد الشام حيث كانت حركة التتريك و ممارسات الباب العالي اشد وطأة على العرب في محاولة لطمس هويتهم و كانت الدولة العثمانية تستخدم الدين الاسلامي بالذات شعارا لتمرير ارادتها فكان التصدي لها ابتداء باسم العروبة و بشكل خاص من قبل المسيحيين العرب ، و الحقيقة ان هذا التناقض الخاص و من بعده التناقض بين مشروع الفكرة القومية العربية و الجامعة الاسلامية قد أخر و اعاق كثيرا بلورة العلاقة بين الفكرة القومية العربية و الاسلام و جعل المفهوم ملتبسا جدا رغم حرص رواد الفكرة القومية المسيحيين على تأكيد الترابط العضوي بين العروبة و الاسلام كرسالة عربية للانسانية و لهذا تبنى عفلق مقولة امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة و تبنى جورج حبش شعار انا عربي مسلم الهوية مسيحي الديانة و هذا مبحث ربما يكون له وقته المناسب لاحقا
ثالثا : الاخوان و الشيوعيين كانوا من اشد اعداء الفكرة القومية و حاربوها كما حاربهم انصار الفكرة القومية العربية بضراوة و بين البعث و الشيوعيين ما صنع الحداد في العراق و سوريا كما بين الاخوان و الناصريين ما صنع الحداد في مصر، فالشيوعيين كانوا يعتبرون الفكرة القومية فكرة رجعية و الاخوان كانوا يعتبرونها كفر ، و ظهور فكر سياسي يدعوا للوحدة العربية سبق ظهور الاخوان و الشيوعيين معا فكيف اذن جاءت الدعوة القومية ردا عليهما او محاولة للتوسط؟! انما عداء الاخوان و الشيوعيين للفكرة القومية كان بدوافع ايديولوجية تماماً و ليس العكس لان الفكرة القومية لا تحمل بعدا ايديولوجي هي كفكرة لا لها موقف من نظام الحكم و لا من النظام الاجتماعي و القانوني و الدين .....الخ و ممكن ان تكون ليبرالي قومي عربي و اشتراكي قومي عربي و حتى اسلامي قومي عربي(في هذا يمكن الرجوع من اجل المزيد لادبيات حركة القوميين العرب او حتى البعث في الخمسينات و الستينات).
الحالة الوحيدة التي اندمج فيها سياسيا الفكر الماركسي مع الفكرة القومية العربية كانت حالة الحزب الذي يضع شعاره صاحب هذا الشريط و هو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و حتى هذا الحزب تراجع عن تبني الماركسية بالكامل إلى الاخذ بفكرة الاسترشاد بها و بكل ما هو انساني ....الخ عموما هذا موضوع آخر يطول الحديث فيه كما هو في نظامه الداخلي اليوم.
(للمزيد عن علاقة الفكرة القومية بالتيارات السياسية في العالم العربي يمكن مراجعة سلسلة مقالات سبق ان نشرتها عن الفكرة القومية العربية).

Array

وحدة العرب فكرة غبية[/quote]

نعم
على اساس ان فكرة كون المغربي اكثر اندماجا بالألماني و قربا منه فكرة ذكية!!!!
على اساس ان فكرة ان الشيوعيين و الاخوان المسلمين سبقوا القوميين و ان المسيحين دعو للفكرة القومية نوع من التوسط و الضحك على الذقون و روجوا لها فكرة عبقرية و قراءة موضوعية متأنية و صادقة للتاريخ!
لنتجاوز هذه الأفكار و نقرأ معك لماذا استغباء الفكرة القومية العربية يا عزيزي؟
للنظر إلى تبريراتك و نرى

Array

أولا لأنه كما قلت ما يفرق العرب أكثر مما يجمعهم. وحتى العناصر التي كان المنظرون الوحداويون يصدعون بها رؤوسنا هي علميا غير صحيحة. مثلا لا توجد هنا لغة واحدة تجمع العرب، بل هناك لغات. وما يعتقد أنها لهجات في مختلف الدول العربية هي في الحقيقة (لو تحدثنا بمعطيات الالسنية) لغات مختلفة عن بعضها وإن كانت متشابهة مثلما تختلف مثلا الاسبانية عن البرتغالية عن الايطالية رغم تشابهها ولكنها تظل رغم التشابه لغات كاملة مكتملة وليست مجرد لهجات. أي أن اللغة العربية الفصحى هي في الحقيقة مثل اللاتينة لغة ميتة وقبل موتها أعطت الحياة للغات أخرى غيرها مثلما قدمت لنا اللاتينة لغات أخرى. أما معطى التاريخ المشترك فذلك أيضا عليه نقاط استفهام عديدة خصوصا مع أن بعض الشعوب العربية تفضل أن تتوغل في التاريخ لآلاف السنين فنجد تاريخ الفراعنة بالنسبة للمصريين والبونيقيين والقرطاجيين والسوماريين والعنكانيين والبربر لغيرهم... يعني العرب يتفاخرون بتاريخ بعيد لا يجمعهم في شيء. أما حكاية المصير المشترك فتلك خزعبلات ديماغوجية لا أكثر.[/quote]

بداية بناء على تصيرك اللهجات لغاتاً فنحن مدعون إلى تقسيم بلد صغير كالأردن إلى ثلاث او اربع دول على الاقل على اساس ان كل منها يتكلم لغة و بالتالي هو قومية مستقلة!
او نذهب للضفة الغربية و عندها سننتج ربما 3 دول مستقلة لكل منها لهجتها او عفوا لغتها الخاصة.
في اي بلد عربي اليوم هناك لهجات اذا تكلم فيها اهلها ستجد من اهل هذا البلد من لا يستطيع فهم حديثهم ، ان الألسنية التي تتكلم عنها لا تغفل البعد الوظيفي للغة و اللغة الميتة ألسنياً هي التي ألغتها و حلت محلها في الاستعمال اللغات التي تطورت من رحمها و تجاوزتها ، اللغة لا تعد ميتة إلا عندما تفقد وظيفتها كما هو في التميز بين اللغة الحية و الميتة إلا ان العربية لم تفقد وظيفتها كلغة بل بالعكس اتاح التطور الاعلامي اليوم و العلمي مجال اوسع و كرس العربية بشكل اكبر بكثير مما كان عليه منذ نصف قرن مثلا ، وفق هذا المعيار الألسني فأنا و انت هنا حسب تصنيفك نتخاطب بلغة منقرضة !
و لدينا مئات المحطات التلفزيونية التي نتابعها تتكلم بلغة منقرضة لا يفهمها احد! و ندرس و نقرأ كتبا كتبت بلغة منقرضة فالكاتب المغاربي الجابري اختار العربية اللغة المنقرضة ليكتب بها نقده للعقل العربي على اساس ان العربية لا يفهمها الناس أليس كذلك؟
لا و نقرأ صحف تكتب موضوعاتها كلها بلغة منقرضة (على حد علمي لا توجد في المغرب العربي صحيفة تكتب مقالاتها باللهجات المحلية او اللغات كما زعمت)
على فكرة قولك هذا ليس جديدا لا بل ان دعوات قوية ظهرت في المشرق و مصر راحت تنادي بالتعامل باللهجات المحلية كلغات لكنها جميعا فشلت في التطبيق فشلا ذريعاً و زاد تكرس اللغة العربية اكثر و اكثر في حياتنا.
طيب اعطيني من المحيط إلى الخليج كم مليون يعيشون لا يفهمون تماماً ما جاء في نشرة أخبار الجزيرة الناطقة بالعربية؟
و كم مليون لا يجيدون التواصل بها كما نفعل انا و انت هنا الآن.
أترى معي كم هي ميتة هذه العربية ؟! شكرا
Array

وثانيا لأنه يمكن لشعب ما أن يتقدم بدون الحاجة للتوحد ضمن ايديولوجية أو مجموعة ما. التقدم والرقي ليس بحاجة لتوحد أو كثرة أو أموال. الشعوب المتخلفة ستبقى متخلفة حتى لو توحدت مع اليابان وأمريكا والمريخ. والشعوب إن أرادت أن تتقدم فلن تحتاج إلا لعقولها وإرادتها.[/quote]

اسمح لي هذا كلام يخالف الحقائق الموضوعية ايضاً للاقتصاد العالمي و هذا موضوع طويل طويل طويل ، لكن سأكتفي بأن اقول لك لو صح افتراضك الخاطئ بان الرقي و التقدم لا حاجة فيهما للوحدة فما الذي يدفع دول الاتحاد الاوربي للتوحد محاولة بكل جهد ان تتجاوز الفروق بينها (ارجوك ان لا تقول لي ان الفوارق اللغوية و الثقافية فيما بينها اقل مما هي بيننا) انه نفس المنطق الذي وحد من قبل الدولة القومية في اوربا من المانيا إلى ايطاليا ...الخ ينطبق هذا على كل اشكال الاتحادات العالمية اليوم التي تبدأ بالوحدة الاقتصادية ثم تنتقل تدريجا للوحدة السياسية العالم اليوم انهى انجاز الدولة القومية و بدأ ينتقل بها إلى الدولة القارية فيما نحن لازلنا نناقش هل هي ضرورة للتقدم ؟!
نحن اليوم في عالم يتحرك اقتصاده بطريقة يعتبر معها الكيان الاقتصادي الصغير مفتقدا لفرصه في البقاء ناهيك عن التقدم منطق يدعمه الحجم في العلاقة الاقتصادية في كل شيء من العمالة إلى الامكانيات و الموارد إلى رأس المال إلى السوق .........الخ لا اظن اني بحاجة لمزيد من التفصيل الدقيق و فيما قلناه الكفاية.
تحياتي و محبتي