الآيتان 51 - 52
وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
كلّم الله موسى، وهذا إعلان واضح على محبته الشديدة لذلك النبي الذي لم يكلم الله غيره. استدعاه للجبل كي يكون أكثر قرباً من الله ساكن السماء المرتفعة، ومن يقول أن السماء بعيدة وارتفاع الجبل ليس مسافة ذات أهمية بالنسبة لبعد السماء نقول: إن الله على كل شيء قدير، فجعل من ارتفاع ذلك الجبل خمسين جبلاً مما تعدون، وجعل من ارتفاع ذلك الجبل خمسين ألف جبل مما تعدون.

ونظراً لمحبة الله الشديدة لموسى، فقد استغرق اللقاء أربعين ليلة ليرتوي ظمأ المحبين لبعضهما.

انظروا يا إخوتي وتمعنوا بعظمة رسالة الإسلام التي استغرقت 23 سنة، اختصرها رب العالمين بأربعين ليلة فقط مع موسى، وهذا دليل على أن رسالة الإسلام أكثر سعة وشمولاً من اليهودية.

من بعده: جار ومجرور متعلقان بموسى، إذاً يخطئ من يظن أن اليهود كانوا يعبدون الله فهم كانو يعبدون موسى ثم التفتوا لعبادة العجل من بعده.

أربعين ليلة من اللقاء المستمر والحديث المتواصل ليست بالقدر الزمني الطويل عند الله، لذلك استغرب رب العالمين أن يتحول اليهود عن عبادة موسى إلى العجل، فهم إذاً ظالمون. لكن الله عاد وأدرك طول الفترة بالنسبة للبشر فعفا عنه، سبحانه وسبحان رحمته وعفوه التي تستحق الشكر والحمد.

الآيتان 53 - 54
وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
أعطى الله كتابه لموسى، والله خير المؤلفين، فكتابه خير الكتب، لذلك قال: لعلكم تهتدون أي تهتدون بكتابي. لا يحب الله زحمة البشر، وهو يتعالى عن مخاطبتهم مباشرة لذلك يكتفي بشخص واحد يلقنه تعاليمه ويطلب منه إيصالها لعبيده. فأخذ موسى الكتاب وسارع لقومه بالتعاليم التي تنبئهم بظلمهم لأنفسهم بعبادة العجل، وأخبرهم أن عبادة الله أفضل من عبادة العجل، وأن قتل النفس أهون من الكفر.

في هذا الكلام تحليل للانتحار عند الملحدين فقط، فللمؤمن قتل النفس حرام، أما الكافر فإن الله حلل له الانتحار، وهذه حكمة إلهية لتقليل عدد الكفار في الأرض. لذلك قال أن الكفار خير لهم أن يقتلوا أنفسهم، وعندئذ فإنه سيتوب عليهم.