وماذا عن المفقودين السوريين في لبنان ..
بقلم : علي جمالو

يبدأ الرئيس اللبناني العماد ميشيل سليمان الأربعاء زيارة رسمية إلى سورية تستمر يومين يلتقي خلالها الرئيس بشار الأسد وكبار المسؤولين السوريين وتكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة بالنظر إلى الرمزية التي تحتلها حيث أنها المحطة الأولى للرئيس اللبناني المنتخب في زياراته الخارجية ، وهي تدل بوضوح على أن الرئيس سليمان اختار أن تكون دمشق بوابته الأساسية للتواصل مع محيطه العربي والإقليمي وتعكس هذه الخطوة الرمزية طريقة فهم الرئيس اللبناني الجديد لملف العلاقات السورية - اللبنانية وحساسية هذا الملف وتداخل مكوناته بالاتكاء على واقع جغراسي لا يستطيع أحد القفز فوقه أو تجاهل متطلباته.

ضيف دمشق الكبير غدا الرئيس اللبناني ميشيل سليمان تعرفه القيادة السورية من قبل ضابطا محترما وشخصية مقدرة ونزيهة واليوم تستقبله رئيسا لبلد شقيق وغال وفي المقابل يعرف الرئيس سليمان سورية وقيادتها بحكم موقعه في قيادة الجيش لسنوات طويلة ، خصوصا ً تلك السنوات التي عملت فيها سورية على إعادة تكوين هذا الجيش وفق المناهج الوطنية والقومية ، الرئيس اللبناني سيجد في دمشق - كما هي العادة - كل الدعم والمساندة و الوضوح في معالجة القضايا العالقة وفي المقدمة منها - كما أعلن الرئيس بشار الأسد أثناء زيارته الشهر الماضي إلى فرنسا - العلاقات بين البلدين وتنظيم هذه العلاقات ومن ضمنها العلاقات الدبلوماسية ومتطلبات هذه العلاقات الدبلوماسية بما يحقق مصالح البلدين.

ووفق ما توفر لنا من معلومات فإن الرئيس سليمان سيطرح ملف ما يسمى بالمفقودين اللبنانيين في سوريا وقد أسهبت الصحف اللبنانية مؤخرا ً في الحديث عن هذا الملف.

حسنٌ ٌ !!..
ولكن يا فخامة الرئيس ماذا عن المفقودين السوريين في لبنان ..؟ لقد شهدنا في الأربعين شهرا ً المنصرمين حملة عنصرية فاشية شنتها أطراف لبنانية ضد كل ما هو سوري وفقدنا خلال هذه الفترة - وفي فترات سابقة أيضا ً - مئات الشباب والرجال والشيوخ الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يحملون الهوية السورية. ..بعضهم قُتل ولا نعرف مصيره وبعضهم ما زال يقبع في سجون وسام الحسن وأقبية آل الحريري وبعضهم سٌلم لإسرائيل ووفق الاحصاءات الأولية التي لدينا في شام برس فإن لـ سورية أكثر من ألف وتسعين مفقودا ً في لبنان. واليوم ننشر - جانب هذه المقالة - اسماء / 841 / مفقودا ً أعلنت عنهم اللجنة الأهلية للمفقودين السوريين في لبنان.

وبالمناسبة - يا فخامة الرئيس - لم نسمع في الأيام الماضية ومن قبل في الأسابيع والأشهر الماضية في بعض الإعلام اللبناني (( الحر .. للغاية )) صوتا ً واحدا ً يتحدث عن المفقودين السوريين وهو أمر ٌٌ ٌ شائن وبشع للغاية . إذ كيف يكون هذا الإعلام صادقا ً وشفافا ً وعنصريا ً في الوقت ذاته !!! يتحدث هذا الاعلام عن المفقودين اللبنانيين في سورية ..ألا يستحق مئات المفقودين السوريين في لبنان وقصص بعضهم معروفة إشارة واحدة .. ألا يستحق هؤلاء أن يعاملوا بالمثل.. أن يشار إلى قضاياهم بوصفهم قتلى أو سجناء أو محتجزين أم ان العقل السياسي العنصري القاصر والعاجز لدى أوباش السياسة اللبنانية في فريق الرابع عشر من شباط يعتبر أن من يحمل الهوية السورية لا قيمة له !!.

أنتم يا فخامة الرئيس ونحن ومعنا الكثير من اللبنايين والسوريين يعرفون جيدا ً من اعتقل بعض هؤلاء ومن قتل بعضهم الآخر ومن دفع وهيّج الشارع ضدهم وهم لا حول ولا قوة.. والمفارقة.. أن ذلك كان يتم على الهواء مباشرة وينشر في اليوم الثاني في الصحف . إن عودة بسيطة للأرشيف القريب.. والقريب جدا ً تكشف عن البشاعة التي مارسها وليد جنبلاط وسمير جعجع ووسام الحسن وسعد الحريري وصبيان الصحافة المأجورة ( عقاب صقر على سبيل المثال !!) من خلال دفع المتطرفين للاعتداء على الأبرياء السوريين الذين قتلوا تحت البطانيات في الليل أو في غرف النواطير أو في ورشات البناء.. قتلوا من غير أن يعرفوا لماذا قتلوا...ولقد زج وسام الحسن بوصفه رئيس جهاز أمن آل الحريري ودمهم النبيل المئات من الشباب السوريين الفقراء والأبرياء في السجن تحت عنوان ان هؤلاء عملاء لأجهزة المخابرات السورية.. وقد عرض هذا الضابط المسعور ومساعديه من المرتزقة ( فارس خشان مثلا ً ) على بعض هؤلاء الأبرياء التعاون بالشهادة ضد بلدهم لتبنّي روايات مفبركة عن مقتل رفيق الحريري وعندما رفضوا تعرضوا للضرب وبعضهم فارق الحياة..

ألا يستحق هؤلاء ان نسأل عنهم ... ألا يستحق المجرمون الذين قتلوهم او احتجزوهم او تسببوا بمصائرهم المحاسبة أمام قضاء عادل جريء ونزيه لا يخضع للابتزاز ولا تمرغ الرشوة وجهه في الوحول .

فخامة الرئيس :
إن لدينا الكثير .. الكثير مما نقوله حول أهلنا وأولادنا ورفاقنا الذين فقدوا في لبنان . وإذا كنا نريد علاقات سورية - لبنانية سليمة وصريحة وواضحة يجب أن نتسلح بالوضوح والصراحة والجرأة لأن نسمي الأشياء بأسمائها ونفتح ملف المفقودين في البلدين.

ومن جديد .. أهلا ً بك في بلدك سورية.

شام برس