متطرف أصولي ديني

GMT 0:30:00 2008 الإثنين 25 أغسطس

الحياة اللندنية



--------------------------------------------------------------------------------


جهاد الخازن

ربما كان جورج دبليو بوش اوضح دليل على صدق مبدأ اساسي في مذهب التقمص وهو ان كل جيل يأتي دون الجيل الذي سبقه، فالولد دائماً أقل من والده، ولعل المقصود هو تثبيت احترام الكبير.
بوش الابن ليس كبوش الأب، ففيما قال الأب انه شعر وكأن أحشاءه تتقطع وهو يقرر الحرب على العراق لتحرير الكويت، فإن الابن أراد الحرب الى درجة انه لم يستشر احداً من أركان حكومته الذين كان يعرف انهم ضد الحرب، وقد اعترف بذلك صراحة لبوب وودوارد، في حين ان هيلين توماس عميدة مراسلي البيت الأبيض منذ 1960، قالت انها لم تر في حياتها رئيساً اميركياً يريد الحرب مثل بوش الابن.
المؤلف فنسنت بوغليوسي في كتابه «الادعاء على بوش بتهمة القتل»، قارن بين تجهم فرانكلين روزفلت وهاري ترومان ودوايت ايزنهاور ايام الحرب، وصور بوش الضاحكة وهو يخوض حربين. وكان بوش الابن في 24/3/2004 في عشاء جمعية مراسلي الإذاعة والتلفزيون في واشنطن هاذر الحاضرين بعرض صور له على شاشة كبيرة ظهر فيها وهو يفتش عن اسلحة الدمار الشامل في مكتبه، تحت طاولة أو مقعد ويقول: «لا بد من انها موجودة في مكان ما». وهو كان على بسكليت في مزرعته في كروفورد، والقتل في العراق على أشدّه ويقول انه يشعر بسعادة غامرة.
لن أقول ان جورج بوش مجنون او متخلف عقلياً، لأن هذا دفاع مقبول ضد تحميله مسؤولية أعماله، وأنا أريد ان يحاكم على الجريمة الهائلة التي ارتكبها ضد العراق وشعبه، وايضاً ضد شباب اميركا، فهناك حوالى مليون ضحية من العراقيين وأربعة آلاف من الجنود الأميركيين.
بوغليوسي يوثق كيف كان بوش الابن يركض ويتمرن ويلاعب كلابه بعد إرهاب 11/9/2001. والواقع ان تصرفه صباح ذلك اليوم المشؤوم يكفي دليلاً على عدم صلاحيته للحكم.
كان بوش في مدرسة للصغار في فلوريدا يقرأ قصة عن بنت ومعزاتها الداجنة عندما أبلغه احد مساعديه أن طائرة صدمت أحد برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك. وهو استمر في القراءة والحديث مع الصغار، ويمكن ايجاد العذر له، إذا اعتقد بأن الاصطدام حادث طيران عادي، ولكن بعد 12 دقيقة، وتحديداً في 9.07 صباحاً دخل عليه اندرو كارد، مدير مكتبه، وهمس في أذنه ان طائرة ثانية ضربت البرج الآخر، ما يعني ان هناك عملية إرهابية كبرى. ماذا كان رد فعل جورج بوش الابن امام المراسلين المرافقين والكاميرات وعدسات التلفزيون؟ الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة استمر في الحديث مع الصغار، كأن قصة الطفلة والمعزاة أهم من مقتل ألوف الأميركيين.
الكتاب يرصد نشاط بوش الابن على اساس التقارير الرسمية المتوافرة، ويقول انه بين 21/1/2001 عندما دخل جورج بوش البيت الأبيض (رئيساً معيناً من المحكمة العليا لا منتخباً) وحتى 11/4/2004 زار بوش مزرعته في كروفورد 33 مرة، وقضى فيها ثمانية اشهر، مع ان هذه الفترة تشمل الإرهاب المعروف والحربين على افغانستان والعراق. والكتاب يقول انه حتى كانون الثاني (يناير) 2008 زار بوش مزرعته في كروفورد 69 مرة وقضى فيها 448 يوماً، كما زار كامب ديفيد 132 مرة وقضى في المنتجع الرئاسي 421 يوماً، وأيضاً زار بيت أهله في كيننبنكبورت على البحر عشر مرات، وقضى هناك 39 يوماً. وهو بالتأكيد قام ببعض العمل في مزرعته وفي كامب ديفيد، إلا ان المجموع يظهر ان من اصل 2535 يوماً له في الرئاسة قضى بوش 908 أيام، أو 36 في المئة من وقته، في إجازة كاملة أو نصف عمل.
جورج بوش الابن متطرف أصولي ديني ارتكب جرائم اسوأ من كل ما ارتكبه الأصوليون المتطرفون من عندنا لأن قدراته أكبر، وليس لأن نياتهم أفضل، وهو قال ان الله نذره ليصبح رئيساً، كما قال لكثيرين، وللرئيس محمود عباس تحديداً في العقبة، ان الله امره ان يذهب الى افغانستان ففعل، وأمره أن يذهب الى العراق ففعل. وعندما قامت ضجة، وحاول الرئيس ومساعدوه تعديل كلامه، صمت أبو مازن حتى لا يسبب لنفسه مشكلة أخرى. وكانت كوندوليزا رايس أيام عملها مستشارة للأمن القومي قالت ان الرئيس يعمل بالحدس وهي تحاول ان تلبس حدسه غطاء فكرياً.
حدس أو عدس، هذا الرجل يجب ان يحاكم بتهمة القتل.