انطلقنا في الصباح الباكر باتجاه "طيبة الإمام" وهي قرية في ريف حماه اكتشفت فيها لوحة فسيفساء رائعة وهي عبارة عن أرضية كنيسة . وتمثل هذه اللوحة مناظر و أحداث من الأساطير و الكتاب المقدس وقد أقيم فوقها بناء و مصطبة لحمايتها بالتعاون بين مديرية الاثار و معهد الفرنسيسكان الإيطالي وتعتبر هذه اللوحة من أجمل و اكبر لوحات الفسيفساء في العالم .
بعد طيبة الإمام انطلقنا باتجاه " معرة النعمان " لنزور متحفها الذي و للأسف لم أكن نعلم بوجوده اصلاً وهو عبارة عن خان قديم وجميل يعتبر تحفة بحد ذاته وضعت فيه أكبر و أجمل مجموعة لوحات فسيفساء ومنحوتات بازلتية يمكن أن تجتمع في مكان واحد أو بلد واحد شيء يشبه الخيال لدرجة أنني بت من شدة الوله لاأعرف كيف أجري من قاعة لقاعة لأستطيع رؤية جميع ما فيه فلا يفوتني شيء لأن وللحقيقة كل لوحة وكل حجر بحاجة لزيارة خاصة .
بعد أن انتهينا من من زيارة المتحف و لأننا في معرة النعمان , في حضرة أبو العلاء المعري , شاعر الفلاسفة و فيلسوف الشعراء , الشاعر الذي شغل القلوب و العقول , انطلقنا نحج مشياً إلى ضريحه الغير بعيد من المتحف . عندما تدخل تشعر برهبة وكأنك ستجد ابو العلاء - رهين المحبسين- ينتظرك ليرحب بك وهو يقول : أهلاً بك يا إياد أنت و عائلتك واصدقائك في محبسي, اجلس وساسمعك بعضاً من شعري .
الحقيقة دخلنا برهبة صغاراً وكباراً شباباً وبناتاً ووقفنا جميعاً فوق ضريحه كما فعل الالف شاعر الذين وقفوا يرثونه يوم موته نتذكر شعره وبعض القصص التي رويت عن ذكائه وذاكرته مثل القصة التي تقول أن أحد الشعراء اسمعه شعراً في العراق فقال له أبو العلاء : أنت اشعر من في العراق . وبعد عشر سنين التقاه ذاك الشاعر ثانية في مصر وأسمعه أبياتاً أخرى فقال له ابو العلاء : ومن في مصر .وكأنه يكمل جملته التي قالها منذ عشر سنين .
لخولة اطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
عندما تصل إلى سرجيلا وهي أحد أهم مدينتين من المدن المنسية الثانية بارة ,لا يخطر على ذهنك إلا صورة العربي الواقف على الأطلال . هي أطلال حقاً , أطلال مدن هجرها أهلها ولولا عوامل الزمن والهدم لتخيلت أنك ركبت الة الزمن وعدت غلى الوراء لتلتقي في اسواقها بالناس ولوجدت السيناتورات مجتمعين يناقشون قضايا الدولة في مجلس الشيوخ . وإذا تمشيت قليلاً ستجد الحمام الرائع الذي لم اتمالك ان أدخله خلسة على أمل أن افاجئ إحدى الحسناوات وهي واقفة تحت الدوش !! نعم يوجد دوش فقد أوصل اهل المدينة الماء بطريقة مدهشة حتى ينسكب مثل الدوش المعاصر .
وبعد ان تنهي الحمام يمكنك أن تزور إحدى معاصر الزيتون لترى العمال وهم منهمكون في تنظيف و رص الزيتون ثم كبسه حتى ينزل ذاك السائل الذهبي فتستعير قليلاً منه لتعمل تبولة مع كاس عرق من " الأندرين " القريبة فعرقها مشهور وهو الذي افتتح معلقته بها عمرو بن كلثوم :
الا هبي بصحنك فاصبحينا ولا تذري خمور الأندرينا
استاذنا أهلها في الذهاب بعد أن عبأنا مياهاً من الجب الذي مازال ينضح بالماء رغم الاف السنين .
الان الانطلاق باتجاه إبلا أو تل مرديخ
http://www.syriatourism.org/index.php?modu...e&pageid=16
أول من قابلنا حارسها البدوي ولا انكر القول أنه في البداية استخففنا به حتى أن إحدى الصبايا قالت : " شو بدو يغنيلنا يا بو عقال وكوفية"!!
ولكن بعد أن شرع في الشرح اكتشفنا كم هو مثقف ليس دراسياً بل من خلال مرافقته لعلماء الاثار وخاصة الطليان وايضاً اخبرنا أنه أتقن عدة لغات من خلال عمله . التففنا حولة نصغي لشرحه عن تاريخ هذه المدينة . حتى تخيلنا أن ملكها العظيم سيدعونا إلى زيارة قصره لنحضر توقيع أحدى المعاهدات مع المصريين أو الااكاديين وملكهم نارام سن الذي دمر المدينة لاحقاً و ثم يدعونا إلى الصلاة في معبد عشتار مع الالهة انليل و إنكي . أو سيقوم علمائها باطلاعنا على المكتبة العظيمة التي وجدت بها اهم اللوحات المسمارية والتي وجد بها أول قاموس في التاريخ .
في حضرة التاريخ ينتهي الكلام .
إلى اللقاء
مع تحياتي
كنت قد أضفت مجموعة صور لتفاصيل الرحلة ولكن هذا لم ينجح للأسف