الآية61
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
اليهود قوم ينكرون الجميل، فبعد أن أطعمهم ربهم المن والسلوى ادّعوا أن الطعام الواحد مُمل. وفضلوا العدس والبصل على المن والسلوى، وطلبوا من موسى تغيير الوجبة.

تخبرنا هذه الآية أن موسى هو من دفع اليهود لمصر وليس الله كما هو سائد ومعروف، ففي الآية:
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ
ليس في الآية: ( قال الله )، بل ( قال ) فقط. وبالرجوع لبداية الآية نجد أن الحوار هو بين موسى وقومه، لذلك، فكلمة ( قال ) عائدة لموسى.
وهنا يبرز احتمالان لا ثالث لهما:
الاحتمال الأول: إما أن الله أوحى لموسى بهذا الأمر.
الاحتمال الثاني: أو أن موسى تصرف بلا وحي.
نحن نرجح الاحتمال الثاني، لأنه لو استعرضنا الويلات التي تعرض لها اليهود في مصر لاستحال تصديق أن ذبح أطفال اليهود واغتصاب نسائهم واستعبادهم لردح طويل من الزمن هو عقوبة التململ من وجبة طعام. إلهنا نعرفه، رحيم ... رؤوف ... لطيف ... لا يعاقب قوماً بهذه القسوة الفظيعة لمجرد شكواهم من وجبة ثابتة وطلبهم تغييرها. إذا، فلا علاقة لرب العالمين باتجاه اليهود لمصر، والعقوبة الإلهية كانت بسبب أن موسى تصرف منفرداً.



الآية62
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
نظرنا بكل إمعان وتمحيص وتدقيق باحثين عن علاقة لهذه الآية بالآيات التي قبلها أو بعدها فلم نجد رابطاً، وكأنها آية اعتراضية. فالآية التي قبلها تتحدث عن شكوى اليهود من الطعام ومن ثم توجيههم لمصر، والآيات التي بعدها هي استمرار منطقي للقصة نفسها بدءاً من الآية 47 وانتهاءاً بالآية 71. وحدها هذه الآية في الوسط لا علاقة لها بسياق قصة عظيمة من أحسن القصص التي يقصها القرآن.

والله يا إخوتي لا يقحم عبارة غريبة عن سياق حديث في حديثه، وهذا يدعونا للقول أن الإنسان الذي قام بترتيب الآيات قد وضعها هنا سهواً أو خطاً.

أما معنى الآية، فهو شهادة من رب العالمين أن اليهود والنصارى والصابئين لا خوف عليهم، ويجب ألا يحزنوا. من هنا، لو رأيتم يا إخوتي واحداً منهم حزيناً عليكم بتلاوة هذه الآية عليه فيذهب جزنه مباشرة. وهذه معجزة كلام الله التي لا تقاس بعصا موسى.