ليس للدولة العلمانية أن تتدخل من أجل تغيير تشريع ديني معين حول إباحة أو تحريم الزواج أو الطلاق..

طالما أن المنتمين للدين المسيحي مؤمنون بعدم حليّة الطلاق في شرعهم (ماجمعه الله لا يفرقه إنسان) حسب قول مسيحهم فلهم ذلك ، وليس من حق كائن من كان أن يغير من هذا التشريع ويجبرهم على فعل مالا يباح لهم في دينهم!

ببساطة من لا يعجبه هذا التشريع من المسيحيين وزهق من حياته مع زوجته ويريد أن يفارقها أو العكس فليطلقها/تطلقه مدنياً ، ولا يوجد ما يجبره/يجبرها على البقاء والانتماء إلى هذه الكنيسة أصلاً! إذا كان تحريم الطلاق لا يعجبهما فليتزوج مدنياً وليطلق مدنياً وإذا حرَمَته كنيسته أو البابا فالمفروض أن يكون من حقه أن ينتمي لكنيسة أخرى تبيح الطلاق أو أن يقوم بتأسيس كنيسة جديدة تبيحه..

على سبيل المثال القانون المدني يكفل لـــكــــل شخص بالغ "حق الزواج" ، بينما الكنيسة تحرّم على الراهب/الراهبة وتمنعه من أن يتزوج/تتزوج. طيب لو راهب أو قسيس أراد أن يتزوج وقام برفع قضية للمحكمة ضد الكنيسة فهل من حق محكمة الدولة أن تجبر الكنيسة على تعديل نصوصها الدينية وتقوم بشرعنة زواج الرهبان والقساوسة وذلك لأن القانون ينص على أن حرية الزواج مكفولة للجميع؟؟

بالطبع ليس لها ذلك ، والراهب أو القسيس الذي يريد أن يتزوج فليتزوج مدنياً "خارج كنيسته" وإذا هددته كنيسته بخلعه وشلحه من كهنوته فـ "طـز" مادام هو مقتنعاً بشرعية ذلك ، ويمكنه أن أن ينتمي لكنيسة أخرى تحل زواج الرهبان والقساوسة أو أن يؤسس واحدة تبيحه كما هو حاصل في الدول العلمانية الغربية..

مثال آخر..
لو أن مسلماً أراد أن يتزوج من ملحدة أو بوذية ، أو مسلمة أرادت الزواج من مسيحي أو ملحد أو بوذي؟ هل من حق الدولة العلمانية أن تجبر شيوخ الدين والأزهر بعقد مثل هذا النوع من عقود القِران وبالتالي الاعتراف ضمناً بمشروعيتها؟
لا أبداً ، ليس من حقها ذلك.
هل من حق المسلم أن يتزوج من وثنية ، أو أن تتزوج المسلمة من وثني أو كتابي؟
نعم من حقه/حقها ذلك (مدنياً). فلهم أن يعقدوا مثل هذا الزواج مدنياً. أو أن يتزوجوا "دينياً" عن طريق إنشاء طائفة أو مذهب جديد يبيح ويعترف بشرعية مثل هذا العقد.

ومن حق المسلمين السنة أن يعتبروا متبعي هذا المذهب أو هذه الطائفة الجديدة غير مسلمين ، ومن حق أتباع هذه الطائفة أن يعتبروا المسلمين السنة بأكملهم غير مسلمين. لكن ليس من حق أي من الفريقين أن يحارب الآخر ويقاتله بالسلاح من أجل ذلك. ومن يتجرأ على القيام بذلك فالمفترض أن يُجرّم ويُعاقب قانونياً أمام الدولة لأن الدولة العلمانية تنظر للفريقين بحيادية تامة ولا تتدخل في تعريف ماهية الإسلام أو ماهي الطائفة المنصورة والطائفة الضالة..

تحياتي (f)