بعيداً عن تشنج المتشنجين من شعوبي وحاقد وما أدراك ... الرد يجب أن يتجه للوقائع وليس إلى استعراض القدرة على البذاءة.

وبحسب الوقائع ودلائلها، هل كان الكلام السوري صحيحاً أم مجرد ادعاءات؟
إن كان ادعاء، فكفة خصوم سوريا من اللبنانيين ستكون راجحة.

المصالحة اللبنانية وسلاح حزب الله والانفتاح الأوروبي السوري كلها دلائل تقول أن: نعم! والدور السوري واضح في المصالحة، فهرولة الحريري إلى طرابلس فور سماعه توجيهات بشار لا تعفيه من إهماله ذلك قبلاً، ولولا توجيهات الأسد السورية كانت طرابلس قد وصلت لحد اللاعودة، وهذا ما أكده كرامي علناً في الصحافة اللبنانية. وما يحصل في لبنان هذه الأيام هو لمصلحة لبنان وسوريا معاً.

الانتخابات النيابية ستغير، وليس (قد) تغير، لصالح المعارضة، وإلى أن ينتهي العمر الافتراضي لحكومة السنيورة (سوف) يكون لكل حادث حديث، مع الأخذ بعين الاعتبار أن البرلمان القادم سيطرح قانون الانتخابات الحالي للدراسة والتغيير. ولكن دعونا من التسويف ولنبق في مجال اليوم والأمس القريب، أحداث تدل بمجملها أن خصوم سوريا حصروا خسائرهم ظاهرياً إلى الحد الأدنى بما اعتقدوا أنه يستر ماء الوجوه، فهل حدث الستر؟ إذا (لا)، فالكلام السوري هو حقيقة وليس ادعاءات.

هناك محاولات، فالسنيورة اكتشف "العمرة" فجأة" ليلتقي العاهل السعودي مقابل لقاء ميشال سليمان ببوش، وهذه خطوة كررها مرتين قبل هذه عند كل حدث أو سفر لميشيل سليمان. محاولات لم تسفر إلا عن خفي حنين، فالمصالحة تمت رغم إرادة دولتين عربيتين كبيرتين. وإلا فما معنى تراجع السلفيين عن اتفاقهم مع حزب الله بعد ضغط معاكس من السنة (داخلياً وخارجياً) وفجأة يهرول السنة للمصالحة؟:what:

صحيفة النهار أبرزت دوراً هاما للأسد، ولسوريا، حين نشرت تحت عنوان (ولادة" الحل السوري لجنوب لبنان):
Arrayفببضع كلمات مقتضبة قدّم بشار الاسد ما نعرف أنه الطريق الذي لا يجرؤ احد في لبنان بين السياسيين على اعلانه دون ان يتعرض لهجوم سياسي.

انه طريق الانضمام الى العملية السلمية في المنطقة التي يريدها معظم الرأي العام اللبناني ومعظم الرأي العام السوري على قاعدة بداهة انهاء الاحتلال الاسرائيلي. مع فارق اساسي ان الاحتلال الاسرائيلي في سوريا مستمر بكل ثقله على الكيان الوطني السوري فيما لبنان انجز التحرير الفعلي لكل اراضيه المسكونة المحتلة... مع استثناء لمزارع شبعا!

يرسم الرئيس الاسد بكلمات قليلة جداً ما لا يستطيع غيره حالياً ان يفعله: اعلان رغبة الرئيس اللبناني ميشال سليمان بالانضمام الى المفاوضات مع اسرائيل عندما تصل الى مرحلتها المباشرة... وفي هذا المجال يجب ان لا نقلق لان احداً لا يستطيع النيل من الرئيس اللبناني ومن الارجح ان الرئيس سليمان لن ينفي الموقف الذي نسبه اليه الرئيس السوري، ونضيف هنا انه من المصلحة الوطنية اللبنانية العليا ان لا ينفي.

"منطق الدولة"... بل منطق رجل الدولة في لبنان يتطلب اليوم – خصوصاً في اجواء 14 آذار – المسارعة الى تأييد تصريح الرئيس السوري المقتضب حول المفاوضات مع اسرائيل والذي يؤشر على وجهة يمكن ان تتطور كخيار استراتيجي لبناني لانهاء التعقيدات الاقليمية لمرحلة ما بعد تحرير الجنوب عام 2000.

المهم الآن ان لا يجري اغراق تصريح الرئيس السوري في هذا المجال حصراً - اي المفاوضات مع اسرائيل – كما موافقة الرئيس اللبناني – في مستنقع الصراعات الاخرى. فالمطلوب الفصل التام بين القابليات المفيدة للبنان التي ينطوي عليها تصريحه حول المفاوضات مع اسرائيل وبين تصريحاته في مواضيع من نوع مختلف.
[/quote]

ما سبق = المفاوضات التي رعتها تركيا وفرنسا وروسيا ستكون إسقاطاً مدوياً للمشروع الأميركي.

محاولة أخرى من جعجع في ذكرى شهداء القوات، لكنها خائبة. فكل ما حاوله او بالأحرى استطاعه هو الكذب على اللبنانيين بأنهم كانوا يهربون الخبز إلى سوريا، ولكن العاقل يسمع. نداء "صفير" للمصالحة المسيحية خطر على جعجع وليس في صالحه، فشعبية عون ستبتلعه، وإن لا، فحصة الأخير أكبر، وفي الحالتين هو الخاسر.

وقد لعب جنبلاط -بتكويعته- دوراً هاماً عبر فركة أذن صغيرة لسعد الصغير، فركة = نحن هنا، لا تقفز فوق كتوفنا! نحن هنا يا سعد، فبأي آلاء ربك جعلت طرابلس عاصمة للسنّة؟! بعد خلوتهما ( ... ) خرج سعد الصغير يكاد يسبح بحمد حزب الله والمقاومة.
تلك التكويعة التي وصفت أنها -سياسية-، لا أهمية لوصفها بقدر أهمية -التكويعة- بحد ذاتها، فهي بداية أملاها إحساسه الحذِر بوجوب محاولة العودة إلى الحظيرة السورية وهذه قد يكوع فيها تكويعات متعددة، ولكن الهدف الأقرب هو غض النظر السوري حيث أن مجرد الرضى السوري عن جنبلاط غدا رابع المستحيلات.

بعد جعجع وجنبلاط، شعر سعد الصغير بأن ثقة السعودية به قد تزعزعت، وعرف أنهم اكتشفوا فرقاً شاسعاً بين إدراكه وما كان يدركه والده. لبنان يتجه بكل فئاته إلى ما تم تسميته محور إيراني/سوريا، صاحب المليارات سيطلع من المولد بلا حمص، خسر ثقة السعودية ومصر، واضطر بتوجيهات جنبلاطية أن يلتفت نوعاً ما، وبخجل، لمن كان يعتقد أنهم خصومه الداخليين واكتشف فجأة أن الشيعة الإيرانيين/السوريين في لبنان هم لبنانيون حقاً.

اغتيال صالح العريضي شكل -تكويعة- من نوع آخر، تكويعة انعكست على اللبنانيين ككل، هذه التكويعة أظهرت للبنانيين (طبعاً بعد مجزرة حلبا) أن المشكلة الأساسية لبنانية/لبنانية، وانكشف المستور فيمن يتحمحم عن صقور بمخالب. تأكد البنانيون أن اتهام الشيعة بالعنف المدعوم خارجياً يقابله بجلاء اتهام واضح للسنة بالعنف المدعوم خارجياً أيضاً والخاسر الوحيد هو الشعب اللبناني لكن الخسارة هذه المرة وصلت لكرامته التي تشرى بكراتين الحمّص، الزيت، والسمنة.

بتكشف تلك الحقائق، تميل الكفة نحو سوريا ولبنان الشعب الذي عانى من حكامه الطائفيين رؤساء العائلات الذين لا هم لهم سوى كراسيهم التي يتهمون سوريا بتوارثها وهم أول المورثين. وسيكون الجواب:
نعم، الكلام السوري صحيح، والمشروع الأميركي فشل في لبنان ولكن لصالح لبنان.