القصيدة الشافية
القول في الأمر
38 : و الأمرِِِ ُكالتدبيرِ للسياسة ............. و كالمليكِ العدل في الرئاسة
39 : يظهرُ بالفعل عن الرئيس ............. برأيه الصائبِ في المحسوس
40 : فالعقل وجهُ الله ذو الجلالِ .............. و النفسُ وجهً العقلِ وهي التالي
41 : و الروحُ لا توجدُ في البداية....................بالفعلِ بل تنشأُ في النهاية
42 : عند تمامِ العالمِ الكثيفِ ..................بقوةِ التركيبِ و التأليف
43 :وهي التي لا شكَّ في الأعضاء .................ساريةً كالضوءِ في الهواء
44 :وكان في وقتِ أوان الحمل................والشيءُ بالقوة لا بالفعل
45 :حتى إذا الجسمُ استوت خلقتهُ..................و انتقلت من عدم صورته
46 : وصار في فسحة دار الحسِّ...................و انتشرت فيه مواد النفس
47 :وعُدَّ ذاك الجسم خلقاً آخرا ............ مُستوياً في الخلقِ حيًّا ظاهر
48 : كذاك روح القدس في البداية..................تقبلُ أمرَ الآمر في النهاية
49 :لأنها في بحر ذاك الكورِ ..................تفيضُ من قبل حدوث الدَوْرِ
50 : أرواحها موجودةٌ في الأولِ..................من جوهر العقل اللطيف الأزلي
51 : تقبلُ تأييد الإله الباري ...................بغير إعجابٍ ولا استنكار
52 : لكونها في عالمٍ ضعيفِ ...................من دون إلزامٍ ولا تكليفِ
53 : حتى إذا ما الجوهر النفيسُ.................عنهُ تبدَّى الصدفُ الخسيسُ
54 : عند تجلي العقلَ للنفوسِ .............. حين كمال العالم المحسوس
55 : وهذه الرتبةُ حدُّ القائمِ ................ذو الملكِ والقدرةِ و العظائمِ
56 : وهي من العلم الشريف الغاية...................للنفسِ في البدء والنهاية
57 : فارتاح واشتاق إليها ادم .............. وظن أن الأمر فيها دائم
58 : وأن دور الستر لا يكونُ ............... واختلفت في نفسه الظنونُ
59 : وانكشفت عورته بين الملا .............. و حاطه في الظن هم وبلا
60 : ولم تكن في وقته شريعة ............. ولا تكاليف له موضوعة
61 : لأَنه الخاتم للأكوار ................ولإفتتاح البدئ و الأدوار
62 : وادم كان من الرسالة ................كمثل كون الجسم من سُلالة
63 : ونوحُ كالنطفة في القرار .............. قَرَّت بأمر الملك الجبار
64 : وكان ابراهيم مثل العلقة .............. وكان موسى مضفةً مخلَّقة
65 : ثم أتى عيسى الرسول الخامس.......... كأنه العظم الشديد اليابس
66 : وأحمدٌ كالجسم في التركيب............... والقائم السابع في الترتيب
67 :فهذه صورة جسمُ الدينِ .............. بَدَتْ كجسمٍ قائمٍ من طين
الشرح :
38 : ( الأمر ) كما جرى شرحه في المقدمة هو الفعل الذي يصدر عن مقام الجلالة الإلهية و التدبير الذي اقتضته سياسة الملك الرباني و كلمة العدل التي انبثقت عن مقام الرئاسة الكونية و الإرادة التي صدرت عن الخالق لإيجاد عالم المكونات .
39 : المعنى أنه فعل ظهر عن الرئيس الأعلى ورأي صائب أرسله لإيجاد الموجودات الواقعة تحت عالم الإبداع .
40 : المعنى هنا أن العقل الفعال هو وجه الله الكريم و النفس وجه العقل وهو صاحب مرتبة التالي لأن العقل أخذ رتبة الأولية في الوجود وهنا يظهر المعنى مجازي فيقال فلان وجه فلان أي من حيث قربه و نسبه إليه , وأن أفعاله و أعماله هي وجه له أي ممثلة فيه كما أن مركز النفس بالنسبة إلى العقل كمركز العقل بالنسبة إلى الباري وقد جاء : ( كل شيء هالك إلا وجهه , والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم و قال رسول الله محمد : ( أنا وجه أمتي ) ومعنى ذلك أنهم به يعرفون وإليه ينسبون ( وهنا نقول لأولئك الذين يعتقدون أن الأمر حداً من الحدود العلوية , بأنه لو كان هكذا كان جديراً بأن يتخذ لقب الموجود الأول ويكون صاحب صفة ( وجه الله الكريم ) .
41 : المقصود هنا الروح الكلية السارية في عالم الموجودات , فهي لم توجد في بدء الخليقة دفعة واحدة , ولكنها نشأت في النهاية عند إيجاد الموجودات التي انبثقت من الأصلين العقل و النفس وبإتمام الخلقة عندئذ حلت بالجسم الكلي ووهبته الحياة .
42 : المعنى أنه عندما تم وجود العالم الكثيف وهو الجسم البشري المركب المؤلف و المخلوق بالواسطة .
43 : جرت الروح عندئذ في أعضاء هذا العالم الكثيف المذكور كجريان الضوء في فلك الهواء .
44 : وقد كان ذلك عند اتحاد الأصلان العلويان و اتخاذهما صفة الزوجية , و تمخض الحمل وولادة العالم التي تمت بالواسطة كما وقد سبق وجرى بيانه .
45 : المعنى هنا أنه عند ولادة الجسم و إتمام خلقته و انتقاله من العدم إلى الوجود وهذا لايخرج عن حد القول بأن هذا الجسم هو ( العالم الصغير ) المطبوع فيه كل مافي العالم الكبير .
46 : أي عند مجيء الإنسان إلى عالم الكون و الفساد و انتشار مواد النفس فيه عندئذ يكون قد اصبح من خصائص النفس الكلية .
47 : المعنة هذا أن الجسم الصغير اعتبر خلقاً ثانياً بعد خلق الجسم الأول الكبير المذور الذي هو القائم بالقوة .
48 : المعنى أن روح العالم العلوي الروحاني في بدء الخليقة كانت تتقبل الأمر منذ البدء للنهاية لأن الروح التي أمر الخالق مادة تتصل بأهل عالم الدين فتصور بها الصورة الحقيقية , وسميت روحاً لأنها من العالم الروحاني وهي بالحقيقة النفس الناطقة التي هي صورة روحانية مستفادة من الحد الأعلى . وهي أيضاً تسمى نفساً ناطقة وتسمى روحاً وهي ذات واحدة وإنما خص اسم الروح بالمادة السارية لكونها من روح القدس الذي هو عالم الإبداع و خص اسم النفس الناطقة بنفس المؤمن المتصل بها تلك الروح التي هي المادة الأصلية فإذا اتصلت بها نطقت بتلك الحكمة المستفادةى ولهذا سميت الناطقة .
49 : المعنى أن روح العالم العلوي الروحاني في بدء الخليقة كانت فائقة في بحر ذاك الكور وقبل حدوث الدور , و الكور في الترتيب الفلسفي الاسماعيلي معناه ( عالم الكشف و الإظهار ) وهو عهد ماقبل ادم . و الكور يستأنف حين ظهور ( القائم ) المنتظر الذي هو سابع النطقاء . أما الدور فيطلق على المدة التي تكون بين كل ناطق وناطق كمثل مابين ادم و نوح , ونوح وابراهيم , وابراهيم و موسى , وموسى وعيس , وعيسى ومحمد , ومابين محمد و القائم المنتظر . وأما الدور الكبير فهو الذي يبتدأ من ادم وينتهي بظهور القائم المنتظر صاحب البعث .
50 : المعنى أن هذه الأرواح موجودة منذ البدء أي قبل وجود ادم , وهي قد فاضت من الحد الأول الذي هو العقل الفعال .
51 : وكانت هذه الأرواح تقبل تأييد الباري معترفة له بالألوهية وبالقدرة لأنها في عالم الكشف و الإظهار .
52 :المعنى هنا أنها موجودة في عالم لطيف ذو جوهر نوراني ليس فيه أي تكليف , تأويل ذلك أنه بالنظر لتقبلها التأييدات الإلهية ببساطة فهي في عالم الكشف . والنفس بالحقيقة هي الحياة الكامنة في كل شيء من موجودات عالم الكون و الفساد , وهي التي تسمى الحياة الهيولانية يعنى أنها موجودة في كل هيولى طويل عريض عميق وهي تنسل في البخارات الصاعدة من الماء و الأرض إلى الهواء ثم يمازجها قسط من الهواء وقسط من النار وتصير غيوماً ثم تنحل مطراً فإذا انعقد من ذلك المطر معادن كانت تلك الحياة التي تسمى نامية كامنة في تلك المعادن فتسمى فيها قوى كامنة وإن ظهر ذلك المطر نباتاً كانت تلك الحياة فيه تسمى نامية لأنها تجتذب له الغذاء بالعروق من عمق الأرض وتزيد في طوله و عرضه , فإذا حصل من ذلك النبات ما يلائمه من الأغذية من بعض الحيوان الذي يغتذيه نطفة كانت تلك الحياة فيه تسمى كامنة في تلك النطفة مادامت في أصلاب الذكران فإذا ظهرت بالمناكحة إلى أرحام الإناث كان عند وقوعها في الرحم ظهور تلك الحياة في النطفة التي هي فيها كامنة فحركتها وأنمتها طولاً و عرضاً و عمقاً وجذبت إليها بقوتها التي هي الجاذبة للغذاء على كل عضوه قسطه بالقوة الماسكة وهضمت مايرد عليها من الغذاء بالقوة الهاضمة ودفعت فضول الغذاء بالقوة الدافعة وأنمت كل عضو بالقوة المنمية وصورت كل عضو صورته التي تليق به بالقوة المصورة وغذت كل عضو بما يليق به بالقوة الغاذية .
53 : المعنى هنا عند ظهور الصدف الخسيس من الجوهر النفيس , والمقصود بذلك انبعاث عالم الأدوار الذي هو عالم التركيب و التأليف والكون و الفساد من عالم الأكوار الذي هو عالم شريف مؤلف من جوهر نوراني , أما النفس الحسية التي جرى ذكرها فهي شائعة في جميع الأشياء من الخلقة وهي الصورة المقرونة بالهيولى في بدء الأمر وهي باطنة الذات لاخفائها ظاهرة الايات بأفعالها التي تبدو عنها ىفهي في الأفلاك قوة سارية من المحيط إلى فلك القمر وهي صورته الكامنة فيها المحركة لها , والمحيطة بها , أعني أجرامها وهي وهي في الأمهات قوة سارية فيها إلى مركز الأرض محركة لكل ركن من الأركان تحليلاً و تركيباً وهي في المعدن قوة تعقده و تبلغه إلى تمامه , وفي النبات قوة نامية تحركه لاستمداد غذائه وجذب مواده وفي الحيوان نفس نامية حسية تنميه بقواه السبع ويظهر منه الحس بحواسها الخمس وهي في الانسان النفس الحسية التي إذا تهذبت بالمعلم الصادق وقبلت منه التأييدات ارتقت إلى مرتبة النطق واطلعت على الخلقة بأسرها فهي المعنى المحيط بعد قبوله المعارف بلأرضين و السموات . والسموات على ضربين جرمانية و نفسانية , فالجرمانية هي الأفلاك التي كل فلك منها سناء و النفسانية هي الحدود التي كل حد منها السماء الدانية لأرض عالية , و الأرض الجسمانية هي إحدى الأمهات وهي المركز فأحاطته بالأرضين و السموات إحاطة معرفة وعلم و إطلاع على مراتبها و حقيقتها . أما الجسم الإنساني فيتحلل إلى أربعة أقسام كل قسم منها يعود إلى ما يناسبه في عالم الكثافة بينما تنتقل النفس إلى مايناسبها في عالم الروح اللطيف وهذا معناه أن من الجوهر النفيس يخرج الخسيس .
54 : المعنى عندما يتجلى العقل للنفوس لمحاسبتها ويكون هذا في اخر مدة عالم الأدوار الذي هو عالم التركيب والكون و الفساد وعندئذ يتم الانتقال إلى عالم الأكوار الذي هو عالم نوراني جوهري شريف وهو عالم الكون الكشف الانف الذكر .
55 : وهذا التجلي هو بحد ( القائم ) الذي هو المهدي المنتظر صاحب الملك و القوة و العظمة .
56 : المقصود هنا أن هذا العلم هو المعرفة التامة و الغاية القصوى للنفس في المبدأ و المعاد .
57 : المقصود هنا أيضاً هو عالم المحسوسات الذي اشتاق إليه الناطق الأول ( ادم ) ظاناً أن فيه الخلود و الديمومة .
58 : معنى دور الستر بالتأويل الاسماعيلي هو انحجاب الحدود العليا عما دونها و إحجامها عن تأييدها بالمادة وقد ظن ادم أن هذا لايكون وتنازعته الأفكار المختلفة .
59: معنى انكشاف عورته بالتأويل الاسماعيلي هو انكشاف أمره و أسراره لجميع الناس وقد تسبب له من جراء ذلك كل ما اصابه من بلايا و هموم .
60 : المقصود أنه في هذه الفترة لم تكن شريعة قد ظهرت بعد , كما أنه لم تكن هناك فرائض وواجبات موضوعة من قبل الأنبياء النطقاء .
61 : المعنى هنا أن ادم كان خاتم (الأكوار) وبدء افتتاح (الأدوار) وقد جرى بيان معنى ( الكور ) و ( الدور ) . راجع البيت 49 .
62 : في الترتيب الاسماعيلي أن ادم كان بالنسبة لعالم الطبيعة كالسلالة التي ولدت منها أنواع البشرية .
63 : ونوح مثله بالنسبة لهذا الجسم كالنطفة التي تستقر في الأرحام , أما ابراهيم فمثله مثل العلقة .
64 : وكان موسى كالمضغة أيضاً .
65 : وجاء بعد ذلك عيسى بن مريم فكان كالعظام للجسم .
66 : أما محمد فهو كاللحم لهذه العظام ولهذا الجسم أيضاً , وأما القائم المنتظر فهو صاحب الترتيب السابع التابع للخلق الاخر .
67 : المعنى هنا أن الترتيب هو صورة لعالم جسم الدين وهذه صورة عالم الموجودات كمل قد جرى بيانه وكما جاء : ( وإنما أمره إذا اراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ). وأن هذا الإيجاد وجد من لاشيء أة كان كمثل إيجاد الجسم من طين ( هو الذي خلقكم من طين ) و ( خلقته من طين ) وفي التأويل الاسماعيلي الباطني أن معنى الخلق من طين هو إيجاد الرسول الناطق دفعة واحدة برتبته دون أن يتسنى له التدرج في مراتب الدعوة كمثل ماجرى للناطق المرسل ادم و عيسى بن مريم .
يتبع .............ز
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-23-2008, 05:37 PM بواسطة eyad 65.)
|