{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
11 دقيقة " رائعة باولو أكويليو "
اميريشو غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,269
الانضمام: Oct 2004
مشاركة: #12
11 دقيقة " رائعة باولو أكويليو "
قالت ماريا :

- لكأنه شئ من القرن الماضى .

هز الرجل رأسه موافق, لكنه أستاء من هذا التعليق الذى يكشف عن جهل تام بالموضوع .

- هذه العلبة تعود الى أكثر من مئة سنة , وقد كلفتنى ثروة . كانت العلبة عبارة عن نقبض مدور للجهاز ومجموعة من المصابيح والموصلات الكهربائية المزودة بمفاتيح معدنية صغيرة وبطاريات . وهى تشبه مذياعآ قديمى , وكانت مزودة بسلكين كل من طرفيهما موصول بقضيب صغير من الزجاج بحجم الأصبع . لا شئ من هذا يكلف ثروة !

- كيف يعمل هذا الجهاز ؟

ابدت نيل انزعاجها من سؤال ماريا , مع أنها كانت تث بالبرازيلية . كانت تعتقد أن الناس يتغيرون فى لمحة بصر , وان ماريا تفكر فى أن تسرق منها زبونها !

قالت نيا :

- سبق أن شرح لى , أنه " القضيب البنفسجى " .

ثم ألتفتت الى الرجل , واقترحت عليه أن يذهبا , لا سيما وأنها وافقت على دعوته لها . لكن الرجل بدا متحمسا للأهتمام الذى اثارته لعبته .

- فى عام 1900 عندما بدات أولى البطاريات تنتشر فى السوق . ضاعف الطب التقليدى من التجارب التى تستخدم الكهرباء ليرى ما اذا كانت تستطيع معالجة الأمراض العقلية أو الهستيريا . واستعملت ايضا فى التخلص من البثور فى الوجه , واضفاء الحيوية على البشرة . هل ترين هذين السلكين على الطرفين ؟ كانا يوضعان هنا – واشار الى صدغيه – فتفرغ البطارية شحنة سكونية كتلك التى نشعر بها عندما يكون الهواء جافا جدآ .

لم تكن الشحنة السكونية موجودة فى البرازيل , لكنها منتشرة جدآ فى سويسرا , وقد اكتشفتها ماريا ذات يوم عندما فتحت باب سيارة التاكسى فسمعت اصطفاقا وأحست بصدمة .

أعتقدت أن فى السيارة عطلا , فاعترضت قائلة أنها لن تدفع الأجرة فبادرها السائق بالكلام الجاف ووصفها بالجاهلة . كان على حق . لم تكن السيارة السبب بل الهواء الجاف جدى . أخذت ماريا , اثر عدة حوداث من هذا القبيل , تتجنب ملامسة المواد المعدنية , الى اليوم الذى عثرت فيه فى " السوبر ماركت " على سوار قادر على التخفيف من الشحنة الكهربائية المختزنة فى الجسم .

التفتت الى الرجل الشرقى , قائلة :

- لكن هذا مزعج للغاية !

نفذ صبر نيا بسبب تعليقات ماريا , فطوقت بذراعيها كتفى الرجل وكأنها تتظاهر بالاستئثار به .

قال الرجل وهو يضحك :

- هذا يتوقف على المكان الذى تجرى معالجته بواسطة هذا الجهاز .

أدار المقبض الصغير وبدا القضيبان يتخذان لونى بنفسجيآ ثم بحركى خاطفة , وضعهما على جسيد الفتاتين , فحصلت فرصعة , لكن الصدمة لم تسبب ألما بل ما يشبه الحكاك .

اقترب ميلان وقال :

- لا تفعل هذا من فضلك ؟

فأعاد الرجل ترتيب القضيبين فى العلبة . أعتنمت الفيليبينية الفرصة , واقترحت عليه الذهاب فى الحال . بدت على وجه الرجل علامات الخيبة , لأن الوافدة الجديدة كانت تهتم بالقضيب البنفسجى أكثر من المرأة التى تدعوه الأن الى الذهاب . ومع ذلك , لبس سترته ووضع العلبة فى محفظة جلدية , وقال :

- فى أيامنا هذه , نصنع أجهزة جديدة . وهذا أصبح رائجا لدى الناس الذين يبحثون عن ملذات مبتكرة . لكن النموذج الذى رأيته فريد من نوعه تقريباً , ولا نجده الا فى مجموعات طبية قديمة , او فى المتاحف , او عند بائعى التحف القديمة .

بقى ميلان وماريا صاميتن ولا يعرفان ماذا يقولان .

- هل رأيت مثل هذا النموذج ؟
- لا . لابد أن هذا كلف ثروة . هذا الرجل موظف ادارى كبيرفى شرطة للنفط . لكنى رأيت أجهزة أخرى أحدث منه .

- كيف يتم استعمالها؟
- يضعها الرجال على أجسادهم ... ويطلبون من المرأة أن تدير المقبض ويشعرون بالصدمة من الداخل .
- الا يمكنهم أن يفعلوا ذلك بمفردهم ؟
- فى ما يتعلق بالجنس , يمكننا القيام بكل شئ بمفردنا , لكنك من الأفضل أن يستمر الناس فى اقتناعهم بأن اللذة تكون اكبر اذا كان هناك شريك , والا فان حانتى ستقفل , وأعلن أفلاسى , وتذهبين للعمل عند بائع الخضر . تذكرت زبونك قال انه سيأتى هذا المساء , فارفضى كل دعوة أخرى من فضلك .

- سارفض بالتأكيد , وبما فيها دعوته . أتيت فقط لأودعكم . أنا راحلة .

لم يبد على ميلان أنه ستقبل الصدمة بسهولة :
- هل الرسام هو السبب ؟
- بل " كوباكابانا " هناك حد للأمور , وقد بلغته هذا الصباح أمام ساعة الأزهار قرب البحيرة .
- وما هو هذا الحد ؟
- ما يكفى لشراء مزرعة فى المنطقة الداخلية من البرازيل . اعرف أن بمقدروس أن اربح مالا أوفر اذا عملت لعام أضافى . لكن , هل تريد أن تعرف الفرق بين أن ابقى لعام اضافى , أو أن ارحل قريبت ؟ الفرق هو أننى سأبقى دائمآ فى هذا الفخ . كما انت باق مع الزبائن والموظفين الكبار ومفوضى الحكومة ومستخدمى الموظفين الكبار ومديرى مؤسسات الأسطوانات وكل الرجال الذين عرفتهم وبعتهم وقتى , ولا يقدرون أن يعيدوه لى . لو بقيت يومى واحدآ بعد فسأبقى عامى كاملا , واذا بقيت عاما كاملا , فلن أخرج من هان ابدى .

هز ميلان رأسه موافقآ , دون أن يقول كلمة , أو يعلق على الموضوع , لأن العدوى يمكن أن تنتقل من ماريا الى الفتيات اللواتى يعملن عنده . لكنه كان رجلا طيبا . صحيح أنه لم يمنحها بركته , لكنه لم يفعل شيئا لاقناع البرازيلية بالعدول عن قرارها .

طلبت احضار شراب لها : كاس شمبانيا , لانها لم تعد تحتمل كوكتيل الفواكه . الأن تستطيع أن تتتناول كاسا لانها لم تعد فى الخدمة . قال لها ميلان أنها تستطيع الاتصال به اذا احتاجت الى شئ , وبانها ستحل دوما على الرحب والسعة .

ارادت أن تدفع ثمن الكاس , لكن ميلان اعترض قائلا . انها هدية من الحانة الى من ساهمت فى ازدهارها . اذعنت ماريا لطلبه . لقد أعطت هذه الحانة أكثر من ثمن تلك الكأس .
* * * * *

ما دونته ماريا فى يومياتها ما ان رجعت الى بيتها :

" لا اذكر متى . ذات أحد , قررت أحدى الكنائس , لأحضر رتبة القدس . بعد انتظار طويل , وأدركت لاحقآ أننى لم أكن فى المكان الصحيح , كان المعبد كنيسة بروتستنانية .
كنت سأخرج عندها عندما بدأ أحد القساوسة عظته . وفكرت أن من غير اللائق أن أفعل . كانت هذه خطوة مباركة , لأنى سمعت فى ذلك النهار أشياء بحاجة ماسة الى سماعها .

" هناك مثل مأثور وهو متداول فى جميع لغات العالم . يقول : بعيد عن العين , بعيد عن القلب . أؤكد لكم أن هذا القول خاطئ تماما . كلما بعدنا , استيقظت المشاعر التى نحاول تناسيها وسلخها من القلب . عندما نكون فى المنفى , نسعى لأن نحتفظ عن الكائن المحبوب , تتذكره عبر كل انسان يمر بنا فى الشارع .

أن الأناجيل والنصوص المقدسة فى جميع الديانات كتبت فى المنفى , وجميعها سعت الى فهم الله وترسيخ الأيمان الذى يجعل الشعوب تتقدم , ويجعل الأرواح الهائمة على وجه الأرض تسعى فى دروب الحج . لم يكن أجدادنا يعرفون , ولا نحن أيضآ . ماذا يتوقع الله منهم ومنا فى حياتنا . فى المنفى , كتبت المؤلفات ورسمت اللوحات , لأننا لا نريد ولا تستطيع أن تنسى من نحن .
فى نهاية الرتبة , ذهبت الى القس , وعبرت له عن امتنانى , قلت له أننى غريبة فى بلد غريب وشكرته لانه ذكرنى بأن ما لا تراه العين يراه القلب . هذا ما شعرت به عميقآ , ولهذا قررت الرحيل .
* * * * *


أمسكت ماريا بالحقيبتين ووضعتهما على السرير . تخيلت انها ستملؤهما هدايا وملابس جديدة وصورى عن المناظر وصورآ عن المناظر الثلجية والعواصم الأوروبية الكبيرة , وهى ذكريات تعيدها الى زمن سعيد , خين عاشت فى البلد الأكثر أمانا وكرما فى العالم . صحيح أن لديها بعض الملابس الجديدة وبعض الصور عن الثلج الذى تساقط يومى على جنيف . لكن , فيما خلا هذا , جرت الامور عكس ما كانت تتوقع .

جاءت الى هنا , وهى تحلم بان تجمع المال الكثير , وان تتدرب على مواجهة الحياة , وتكتشف هويتها الحقيقية , وتجد زوجا وتدعو عائلتها لزيارتها فى بيتها . كانت ماريا ترجع الى البرازيل وفى جعبتها المبلغ الكافى بالضبط لكى تحقق حلمها . وتحشرت لأنها لم تزر بعد الجبال , ولانها تعود . وهذا أسوا ما فى الامر , غريبة عن نفسها . لكنها كانت سعيدة , لانها عرفت متى يجدر بها أن تتوقف عن مواصلة عملها , ونفذت القرار .

قليل من الناس يعرفون متى يجدر بهم التوقف ....

خاضت أربع مغامرات فقط , الرقص فى الملهى , وتعلم الفرنسية , والعلم فى الدعارة والوقوع فى غرام رجل الى حد الجنون . كم من الناس يستطعيون التباهى بهذا المقدار الذى لا يستهان به من الأنفعالات فى مدة سنة واحدة ! كانت سعيدة رغم حزنها . كان لهذا الحزن اسم , ليس الدعارة ولا سويسرا ولا المال , بل رالف هارت .

كانت تود لو تتزوج به , حتى لو لم تعترف بذلك فى سريرتها . وهو سينتظرها فى الكنيسة , حيث تواعدا , وسيظهر لها رسومه . ويعرفها الى أصدقائه , والوسط الذى يحيا فيه .

عزمت على الأ تذهب الى الموعد , بل أن تنزل فى احد المطاعم قرب المطار . لأن طائرتها تقلع غدا صباحى . ابتداء من هذه اللحظة , ستكون كل دقيقة تقضيها الى جانب رالف . وكأنها سنة من الألم الأتى من كل ما كان بامكانها أن تقوله ولم تقله , من الذكريات , يداه , صوته , حكاياهع , دعمه لها .

فتحت من جديد حقبيتها , وأخرجت منها الحافلةالكهربائية التى قدمها اليها فى المساء الأول حين ذهبت الى بيته . تأملتها لبضع دقائق . ثم رمتها فى سلة المهملات . هذه الحافلات لا تستحق أن تتعرف أن البرازيل , لانها كانت ظالمة وغير نافعة للصبى الذى رغب دومآ فى أن يلهو بها .

لا , لن تذهب الى الكنيسة . سيطرح عليها أسئلة , واذا أطلعته على الحقيقة وقالت له انها راحلة , سيطلب اليها البقاء , ويعدها بأى شئ شرط الا يفقدها . وسيلعت لها حبه الذى أظهره لها فى كل دقيقة قضياها معآ . لكنهما تعلما أن يمارس كل منهما حريته المطلقة . وهذا هو السبب الذى أدى الى نجاح علاقتهما , أى انهما لم يكونا محتاجين أحدهما الى الأخر . يخاف الرجال دائمآ عندما تقول لهمأمرأة " أريد أن الأرتباط بك " . كانت ماريا ترغب فى أن تحتفظ , عن رالف بصورة العاشق الذى وهب نفسه لها بكليته , وأظهر استعداده ليفعل كل شئ من أجلها .

لا يزال أمامها الوقت كى تقرر ما اذا كانت ستذهب الى الموعد أم لا . الأن عليها أن تحصر اهتمامها بأشياء أكثر عملية . رأت أن معظم أمتعتها لا تزال خارج الحقائب , وانها حائرة بخصوص الأشياء التى يحب أن تسبقيها . فى أى حال ثمة أشياء لا تستطيع حملها فى الحقائب , وستترك لمالك الشقة أن يتخذ القرار بشأنها " كالأدوات الكهربائية المنزلية واللوحات التى اشترتها من سوق التحف والمناشف والشراشف . من المستحيل أخذ كل هذا معها الى البرازيل , حتى لو كان أهلها محتاجين الى هذه الأغراض أكثر من المتشول السويسرى , ثم أنها ستذكرها على الدوام بالمعامرة التى خاضتها .

غادرت المقهى . ذهبت الى المصرف وطلبت بأن تسحب كامل المبلغ الذى أودعته هناك . قال لهاه المدير : الذى كانت على علاقة حميمة به , أن ما تقوم به ليس فى مصلحتها , وأن هذه الفرنكات يمكن أن تدر عليها مالا مع أمكانية تحويلها الى مكان اقامتها لاحقآ فى البرازيل . ثم ماذا لو سرق منها هذا المال . كم من الأشهر التى عملت خلالها سيذهب جناها سدى ! ترددت ماريا للحظة , كما هى عادتها , وفكرت فى أن هذا الرجل يريد مساعدتها حقآ لكنه , بعدما أمعنت فى الأمر قليلا , استنتجت أن الهدف من هذا المال هو أن يتحول الى مزرعة وبيت أهلها , مع بعض بهائم وكثير من العمل , وليس أن يبقى أوراقا نقدية .

سحبت من المصرف كامل المبلغ , حتى أخر فلس . ووضعته فى حقيبة اشترتها خصيصآ للمناسبة , وربطتها بحزامها تحت ملابسها .

ذهبت الى وكالة السفريات , وهى تصلى لكى يمنحها الله الشجاعة للذهاب بعيدآ . عندما أرادت أن تأخذ تذكرتها , قالوا لها هناك أن الطائرة ستووقف غدا فى باريس, وأن ركابها سيستأنفون رحتلهم على متن طائرة بديلة . لا يهم , المهم أن تبتعد من هنا قبل أن تبذل رأيها .

مشت حتى الجسر , واشترت مثلجات مع أن البرد كان قد عاد مجددآ الى جنيف , وأخذت تراقب المدينة . عندئذ بدا لها كل شئ مختلفا , وكأنها لا تزال واصلة للتو , وتتهيأ لزيارة المتاحف والأثار التاريخية والحانات والمطاعم الرائجة . أمر غريب , أننا عندما تسكن فى مدينة فاننا نؤجل أكتشافها الى وقت لاحق , وتظل على جهلنا لها .

قالت فى نفسها ان عليها أن تكون سعيدة بالرجوع الى ديارها , لكنها لم تستطع ذلك , فكرت أيضاً أنها لابد وأن تكون حزينة , لأنها تغادر مدينة تحترم ساكنيها , ولم تستطع قبول ذلك الواقع . تركت بعض الدموع تنساب من عينيها , خافت من نفسها . كانت الفتاة الذكية التى تملك كل المواصفات لتنجح , لكنها تقوم دومآ باتخاذ القرارات السيئة .

وتمنت من كل قلبها ألا تقوم بأتخاذ قرار سيئ هذه المرة .
09-25-2008, 09:41 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
11 دقيقة " رائعة باولو أكويليو " - بواسطة اميريشو - 09-25-2008, 09:41 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أربعة مقالات رائعة لعالم الدين السني الشيخ حسن فرحان المالكي: السيد مهدي الحسيني 0 958 09-19-2012, 06:38 PM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني
  ألف - روية باولو كويلو الجديدة للتحميل . ali alik 4 3,430 01-17-2012, 05:02 AM
آخر رد: ali alik
  رائعة ميخائيل بولغاكوف - المعلم ومارغريتا الحوت الأبيض 7 3,684 07-04-2011, 07:23 AM
آخر رد: الحوت الأبيض
  مكتبة رائعة فى جميع المجالات تستحق المشاهدة ..اطلب التثبيت dflp 2 15,866 05-11-2011, 12:39 AM
آخر رد: Dr.xXxXx
  إذا كنت قد قرأت كتاباً "دسماً" في الأنثروبولوجي..من فضلك ضعه هنا Narina 10 4,982 12-27-2010, 04:45 PM
آخر رد: Narina

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS