{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
إلى كلّ المغتربين : اغترابُ الهَوَى
coco غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,795
الانضمام: Oct 2004
مشاركة: #3
إلى كلّ المغتربين : اغترابُ الهَوَى
قطعة جيدة وسأحاول أن ألقي الضوء علي الكيفية التي توسلت بها الشاعرة لخروج القصيدة علي هذا النحو الجميل
اصطنعت الشاعرة لكي تنتج فكرتها ضمير المخاطب وظلت تلح عليه في إنتاج ما هو مناقض لضمير المتكلم , ضمير المخاطب علي طول القصيدة ينسب إليه كل ما هو غير جميل وبارد وضائع أما ضمير المتكلم فينسب له كل ما هو جميل وأصيل ودافئ وحميم , ومن خلال الصراع بين الضميرين وما حملته الشاعرة لكل منهما من صفات وأفعال أنتجت القصيدة أثرها وأصبحنا في خضم درامية جيدة حيث يوجه ضمير المتكلم الاتهام لضمير المخاطب مستخدما أدلته الإقناعية لحث المتلقي علي تبني رأيه واعتناق فكرته ومن خلال الحجج التي يسوقها يحاول أن يدلل علي صحة آراءه وصوابها وخطل الرأي المقابل

جعلت الشاعرة ضمير المتكلم للأنثي لكي تستثير في المتلقي أقصي درجات الانحياز فعادة ما ينحاز الإنسان للشخص الضعيف حتي قبل أن يسمع القضية وما تفسير المفسرون لقصة حكم داود بين الخصمين اللذين تسورا عليه المحراب ببعيد فقد قال المفسرون أن خطأ داوود كان أنه حكم للخصم صاحب النعجة الواحدة حتي قبل أن يسمع دفاع أخيه , فاستغلال الكاتبة لصفة الأنوثة جعل المتلقي يقف إلي جانب الضمير الذي يحملها ( ضمير المتكلم ) فالتراث النفسي لدي المتلقي أن المرأة ضعيفة بطبيعتها كما أن القصيدة وقد جعلت منها إمرأة مغدورة ومهجورة من الحبيب سيجعل المتلقي ينحاز حتما , هذا من ناحية ومن ناحية أخري لم تسمح القطعة بإعطاء أي دفاع لضمير المخاطب يمكن أن يبرر به أفعاله أو يسوق له حجة واحدة دفاعا عنها ولكنها لا تسمح له بالإفصاح بل تجعله يلوذ بالصمت ومن ناحية ثالثة كان لكم الحجج المسوقة وتنوعها من ضمير المتكلم / المرأة أثره في انتاج الأثر المرجو من القصيدة وهو سوق المتلقي سوقا إلي تبني النتيجة التي تبتغيها الشاعرة من حمله علي كراهية ما فعله ضمير المخاطب / الرجل ووقوفه إلي جانب ضمير المتكلم / المرأة

لننظر إلي الحجج التي ساقتها الشاعرة تأييدا لقضيتها وكيف أضفت عليها جمالية تجعل المتلقي ينحاز وجدانيا قبل أن ينحاز عقليا لنظر إلي المقدمة
و ما بين وَهْمٍ و وَهمٍ
و بَعْدَ فـَوَاتِ الرَّبِيعِ عَرَفتَ
بأنَّكَ ضيَّعْتَ وجْهَكَ
بينَ المَرَايَا
و بَعْثرْتَ في التـِّيهِ عمْرَكَ
بين غـُبَارِ الثـَّنَايَا
و أنَّك وزَّعْتَ جِلدَكَ ما بين شمس الجنوبِ
و ثلجِ الشـَّمَالِ
و أوْغـَلتَ بين دُرُوبِ الخيالِ
و أدْرَكتَ أنَّ جميع اللـَّوَاتِي
تـَعَشـَّقتَـهنَّ
و كلَّ اللَّواتِي
توَهَّمْتَ أنَّكَ أحْبَـبْتَهنَّ
جميعًا نـُثـَارَى
تـَلمُّهُ ما بين أنْثـَى و أخْرَى
فكيْفَ ستـَظفَرُ بي في الشـَّتـَاتِ

صحيفة الاتهامات سوداء من كثرة الذنوب ( الضياع في الوهم الكاذب إلي الوهم الكاذب , ضياع العمر في اللاشئ ولم تقل العمر وإنما استبدلتها بكلمة الربيع لكي تورث له الحسرة علي قيمة ما ضاع منه , البعثرة والتيه والتوزع ,انا لاأريد أن أناقش هنا كل تلك الصور التي تجعل المتلقي في حالة كراهية لهذا الرجل وسأقف عند تلك الصورة الجميلة

و أدْرَكتَ أنَّ جميع اللـَّوَاتِي
تـَعَشـَّقتَـهنَّ
و كلَّ اللَّواتِي
توَهَّمْتَ أنَّكَ أحْبَـبْتَهنَّ
جميعًا نـُثـَارَى
تـَلمُّهُ ما بين أنْثـَى و أخْرَى
فكيْفَ ستـَظفَرُ بي في الشـَّتـَاتِ

لقد جعلت كل الحبيبات اللواتي عشقهن بعضا منها وكل تجارب الحب التي وقع فيها ماهي إلا محاولة منه لتجميع شظايا تلك الحبيبية المهجورة ولننظر إلي كلمة ( توهمت ) لكي ندرك مدي الخدعة التي كان يسقط فيها
ولكن وفجأة يستيقظ الكبرياء الأنثوي الشامخ في هذا المقطع لكي ندرك ما فات من رحل إلي البلاد الغريبة

أنا هـَبَّة الفلِّ و الياسمين
بِلـَيْلِ بِلادِكَ .. يَنـْدَاحُ في الصَّيْفِ للعاشِقِينْ
فيَسْكـُنُ للإلـْفِ إلـْفٌ
و تـَفقِدُ في غرْبَةِ الرُّوحِ إلـْفـَكَ عند اشتِداد الحنينْ
و فـَيْءُ الدَّوَالِي أنا في حقولِ بِلادِكَ جَذلـَى
فإنَّا بِنَا من نبِيذِ الكـُرُومِ
و فينا غـَلاَءُ الذَّهَبْ
و إنَّا لنا كِبْرِياءُ الخيُولِ
و مِنَّا ضِيَاءُ اللـَّهَبْ

لننظر إلي سيطرة ضمير المتكلم علي هذه الأبيات وجمال الصور الذي يعلي من شأن الضمير / المرأة فرغم أنها مهجورة مغدورة إلا أنها وقد توشحت بكل كبرياء يلادها وجمالها تنتصب شامخة لتقارع ضمير المخاطب الذي يتضائل وفي المقطع بعده تتوسل بالتراث الذي فقده الضمير المخاطب/ الرجل وأدار له ظهره فكيف يمكن أن يتغزل بالأجنبية وليس فيها جمال تراثه الذي هجره بهجر الحبيبة

فكيف عَشِقتَ عُيُونًا
أتـَتْ خارجَ الشـِّعْرِ
خارجَ تاريخِ عِشـْقِ العُيُونِ
و كيف تـُغازِلُ شـَعْرًا
إذا لمْ يكنْ فاحِمًا في السَّوَادِ
و ليسَ أثِيثـًا
و لا يَستجِيبُ
لِوَصفِ امرِئ القيْسِ.. و امرَأة لا تكونُ
كَهِنْدٍ و لـَيْلـَى
سـتـُدْرِكُ أنَّ الجَمَالَ
سَلِيلُ الجَمَالِ

وإن كنت أعيب عليها الاتكاء علي تصوير إمرئ القيس لشعر المرأة وأذكرها أن النقاد وجدوا في صورة إمرئ القيس هذه تعقيد لفظي وغرابة في الصورة ( كقنو النخلة المتعثكل ) وكان عليها أن تلجأ لصورة أخري لكي تنقل لنا روعة صورة المرأة في التراث العربي عند شاعر آخر

وأخيرا تطعنه في صميم بعده الأخلاقي والنفسي في المقطع الأخير

قصيدة جيدة لا يمكن أن أوفيها حقها في هذه العجالة من الدرس وإن كنت قد استعملت ما يسمي الآن في النقد الأدبي بلاغة الحجاج وأرحب بهذه الشاعرة في ساحتنا الأدبية التي تفتقر لأمثالها من المبدعات وأرجو أن تستمر معنا وسوف نوالي إلقاء الضوء علي كتاباتها


كوكو


09-26-2008, 12:11 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
إلى كلّ المغتربين : اغترابُ الهَوَى - بواسطة coco - 09-26-2008, 12:11 AM

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS