أعتقد أن هذا اللقاء مع هذه الشخصية مفيد جداً للتعرف على "الجانب الدموي لبعض الأيديولوجيات", وكيفية تحوّل الشخص – من خلال اتباع دين من الأديان – إلى "مشروع إرهابي" بامتياز. وأنا أحسد زميلنا "ألبير كامي" بحق على سعة صدره ، واعتباره لهذا "النموذج الإسلاموي" صديقاً، رغم أن هذا "الزعيم" يمسك بخنجر ويقف "لألبير" (ومن هو على شاكلة ألبير) خلف الباب، وهو مستعد لأن يغرسه في ظهره إذا ما تغيرت الأحوال، وحكم "المؤمنون الأبطال"، مكان أهل الشرك والضلال، فأحكموا ضرب أعناق الرجال، وطهروا الأرض من المنافق والدجّال، وجعلوا الحكم لله ذي الجلال، والحمد والملك والعزة له على كل حال.

أمامنا إذاً، نموذج جيد، "للإرهاب الأصولي الإسلاموي" وهو في طور "القوة" وليس في طور "الفعل" (بتعبير أرسطوطاليس). هذا النموذج الذي بتنا نعرفه جيداً من خلال الآلاف المؤلفة لعناصره الفاعلة في العالم العربي والإسلامي، بينه وبين الخروج إلى الشارع والإمعان بالقتل والتقتيل قاب قوسين أو أدنى؛ فهو معبأ أساساً بكل ما يجعله ينفجر في وجه مواطنيه كلما صاح ديك فوق مزبلة، أو تجمّل مؤمن بالحمدله، وتمنطق بالحوقلة، واستهل خطابه بالبسملة. .

نحن أمام شخص ليس للأعراف الإنسانية أي تأثير فيه، وليس للقوانين الحضارية لديه أية حرمة تذكر. فكل ما يطلبه كي يمتنع عن أذية الآخرين هو "نص ديني" لا يأتيه الباطل من خلفه أو أمامه (أو من بين رجليه). فأما ما لا يحرمه "النص الشرعي" فهو عنده "مباح" (كما يقول). لذلك فهذا الشخص مستعد أن يطبق تلك القوانين البدائية البربرية البالية المسماة "بالحدود"، وهو جاهز، قبل كل شيء، لتطبيق حد "الردة" … وما أدراك ما حد الردة !!!
"حد الردة" ليس إلا وقوف "الدولة" بين "الفرد وبين عقله ووجدانه". إنه حقّ يخوّل "القطيع" أن يدوس حتى الموت كل نعجة أو خروف لا يقول : ماااااااااااااااء … إنه سيف مسلط فوق رقبة "حرية التفكير والتعبير"، إنه خطر على كل من يحاول أن يقول "لا" للفكر السائد ولعقلية القطيع.
"حد الردة" ليس فقط عبارة عن حد من عمل العقل الإنساني (وبالتحديد عقول المسلمين – فهم الضحايا بامتياز -) ولكنه تشجيع متحمس "للمخاتلة" و"المخادعة" و"المداهنة" و"المداجاة" و"الرياء" و"الكذب". إنه مدعاة لتشويه دخائل الناس وضمائرها، وخلق فئة من المنافقين يضمرون ما لا يعلنون، ويقولون ما لا يؤمنون به. وهو بعد كل هذا، من الأدوات النموذجية لدولة رجال الدين القمعوية التي تحاول ارتهان عقول الناس ووجدانهم، ومصادرة عقولهم وتفكيرهم ضمن آليتها العامة… !!!

هنا، كي لا يساء فهمي، فإن هذه المداخلة لا تهدف إلى مهاجمة "الزعيم رقم صفر" بالذات، ولكنها تحاول أن تلقي بالضوء على طبيعة "الاستلاب" "والقطعنة" (تحويل الناس إلى "قطيع") الكامنة في الأديان عموماً وفي الفكر الإسلاموي بالذات (إذا ما استطعنا أن نسمي هذا الغثاء "بالفكر" أصلاً). فالكنيسة المسيحية أيضاً، مثلها مثل دولة الإسلامويين المنشودة، جعلت نفسها –يوماً ما - قيمة على "وجدان الفرد" خلال ألف سنة، بواسطة نظير "لحد الردة" كان يعرف باسم "الحرمان الكنسي"، ووجد عصره الذهبي في القرون الوسطى أيام "غريغوريوس السابع" في "كانوسا". فالحرمان الكنسي في المسيحية وحد الردة في الإسلام، هما وجهان لعملة واحدة هدفها تعزيز سلطة القطيع وتقوية "أسواط وكرابيج" رجال الدين، كي يزنوا فينا وبمجتمعاتنا أكثر وأكثر، ويدفعونا كل يوم باتجاه الدرك الأسفل من النار أو من "الناس" .. ولا فرق!!!

أخيراً، يسليني كثيراً ذكر المؤمنين للعقل في مجمل كلامهم عن دينهم. فهم يحاولون الجمع بين ما لا يجتمع. إذ أن مكان الدين القلب، والإيمانيات لا تتقاطع مع العقل إلا نادراً. فالعقل لا يقول لك بوجود "الملائكة" ولا "الشياطين" ولا "الرسل والانبياء" ولا "الجنة والنار". والعقل لا يخبرك عن عدد الصلوات ولا عن الصوم ولا عن الحج ولا الطواف حول الكعبة ولا رمي الشيطان ب"مش عارف شو". العقل لا يقول لك كيف يتحول الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح ولا كيف يساعدان هذان في مغفرة الخطايا، وهو قطعاً لا يخبرك شيئاً عن "شفاعة النبي" ولا عن "الحور العين" ولا عن "الغلمان المخلدين". باختصار، مكان الدين هو القلب و"التصديق" بما يسمى بالرسالات السماوية، واستعمال المؤمنين للعقل هو ضحك على الذقون وذرللرماد في العيون.

واسلموا لي
العلماني