11 دقيقة " رائعة باولو أكويليو "
ما دونته ماريا فى يومياتها :
" لا أعرف ما الذى يفكر فيه عندما فتح الباب فى ذلك الماء ورآنى وأنا احمل فى يدى حقيبتين "
قلت له على الفور .
- لا تشغل بالك كثيرآ . لن آقيم فى بيتك . تعال نذهب لنتاول العشاء . ساعدنى على ادخال علىحقيبتى دون ان ينبس بكلمة . لم يقل " لم هذه الحقائب ؟" أو " كم أنا سعيد برؤيتك " . أمسك ذراعى ببساطة , جذبنى اليه , وبدأ بتقبيلى وهو يمرر يديه على جسدى ونهدى وعضوى , وكأنه انتظر هذه اللحظة منذ وقت طويل , أو كأنه يجلس يحدس أن هذا هو اللقاء الأخير .
جردنى من سترتى وثوبى وتركنى عارية . هناك فى الردهة , ومن أى مقدمات والهواء بارد ينساب من شقوق الباب , مارسنا الحب لأول مرة . رأيت أن من الأفضل أن نكف عن مواصلة عملنا , وأن تبحث عن مكان أكثر أراحة , لأثبت له أن لدينا متسعآ من الوقت لأكتشاف الأسرار التى أودعها القدر والكون فى أجسادنا . لم أقل شيئا . أريده فى , فهو الرجل الذى أمتلكه ولن أمتلكه أبدآ . لذا أستطيع أن أحبه بكل كيانى وأن أحصل منه – ولو لليلة واحدة – على سعادة لم أحلم بها فى حياتى , ولن يتسنى فى بلوغها مع رجل اخر .
مدَدَنى على الأرض وولجنى , دون أن يكون عضوى رطبآ , لكن الألم الذى شعرت به لم يزعجبنى . على العكس , أحببت أن يكون ولوجآ مؤلما . جميل أن يدرك أننى ملكه وانه لا يحتاج الى أن يطلب أذنا منى للدخول . لست هنا لأعمله شيئا من خبرتى كعاهرة , ولا لأظهر أننى متفوقة الى احساسى على النساء الأخريات . " أنا هنا فقط لأقول له " نعم " وأننى أستقبله بكل كيانى , وأنتظره مثلما ينتظرنى , وأن تجاوز حدود البروتوكول بيننا يهيجنى . لكن , فلنترك لغرائونا أن تقودنا الى حيث تشاء , أنا المرأة وهو الرجل . كنا فى الوصف الأكثر تقليدية , أنا تحته وساقاى , وهو فوقى يتمرغ بى . نظرت اليه دون أى رغبة فى التصنع أو التاوه أو أى شئ . رغبت فقط أن أبقى مفتوحة العينين , لأتذكر كل دقيقة وأراقب تقاسيم وجهه وحركات يديه التين تعبثان بشعرى , وفمه ينهال على عضا وتقبيلا دون اى لمسات تمهيدية أو غير مآلوفة , فقط هو فى وأنا فى روحه .
كان يتمرَّغ بى , يثور حيناً ثم يهدأ أحياناً . ثم ينظر الى وجهى حيناً أخر . ولم يكن ليسألنى هل أجد متعة فى ما يفعله , لأنه يعرف أنها الطريقة الوحيدة لتتواصل روحانا فى هذه اللحظة . زاد جموحه فى داخلى , وعرفت أن الدقائق الأحدى عشرة شارفت على نهايتها , ليت تلك اللحظات تستمر الى ما لا نهاية ! ما أجمل أن يمتلكنى رجل والا أمتلكه ! حصل كل هذا , وعيناى مفتوحان تراقبان ما يجرى الى أن أصبح أدراكنا بما حولنا مشوشآ , وكأننا دخلنا فى بعد أخر , حيث كنت الأم العظيمة والكون والمرأة المحبوبة والعاهرة المقدسة فى الطقوس , التى حدثنى عنها وأنا أحتسى كأس النبيذ وأتدفا بنار المدفأة . شعرت بدنو نشوئه قبل أن يبلغها , طوقته بذراعى وشددته الى صدرى , وزاد ولوجه حمأة وسرعة . وعندئذ أطلق زعقة عالية . لم يتأؤه ولم يعض شفتيه بل زعق ! وزار مثل حيوان ! خطرت لى فكرة أن الجيران سيتدعون الشرطة للتتعقب الصارخ , وتتبين سبب الصراخ . لكن الامر لم يعد له أهمية . تضاعفت لذتى عند سماع صرخاته التى ذكرتنى بغياهب الأزمنة , حين التقى أول رجل وأول امرأة ومارسا الحب .
وما لبثا أن أطلقا معآ زعقة واحدة !
ثم تداعى جسده فوقى . لااعرف كم من الوقت بقينا متعانقين , هكذا داعبت شعره , كما فعلت فى ذلك المساء , حين وضعت المنديل الأسود , وكانت العتمة كاملة فى غرفة الفندق . شعرت أن خفقات قلبه تهدأ , وأن يديه تمران برفق على ذراعى , فتقشعر لمرورهما كل شعيرات جسدى . ثم تنبه الى نقل جسده الذى يضغط على , فمال ناحيتى وهو يمسك بيدى , وبقينا معآ تنظر الى السقف والثريا .
قلت له :
- ليلة سعيدة .
جذبنى ناحيته مسندآ رأسه الى صدرى وداعبنى طويلا , ثم قال لى بدوره :
- ليلة سعيدة .
قلت :
- لابد أن الجيران سمعوا كل شئ !
لم أشا أن اقول له " أحبك فى هذه اللحظة , لأنه لم يكن لذلك معنى كبير . هو يعرف ذلك وأنا أيضا " .
أجابنى :
- الهواء المتساب من شقوق الباب بارد جدآ .
بدل أن يهتف قائلا " ما أروع تلك اللحظات .
ثم أضاف :
- لنذهب الى الطبخ .
نهضنا ولاحظت أنه لم يخلع سرواله كليآ . كان لا يزال مرتديآ ثيابه , وعضوه ما زال ظاهرآ . لبست سترتى , ولحقت به الى المطبخ . أعد القهوة ودخن سيجارتين , فيما دخنت سيجارة واحدة .جلس أمام الطاولة وكان يقول لى " شكرآ " بعينيه , وكنت أجيبه انا أيضآ أريد أن أشكرك , لكن شفاهنا ظلت مطبقة .
ثم تجاسر وسألنى :
- ماذا تعنى هاتان الحقيبتان ؟
- أعود الى البرازيل غدآ صباحآ .
هل كان يجدر بى أن اقول " أحبك " أو " أود لو أبقى هنا معك , " أو " أطلب منى البقاء !
- لا تفعلى .
ما أجمل أن يقول لى ذلك .
- لا أستطيع . هذا وعد . هذا قسم .
لو أنى لم أقم بهذا الوعد لكنت أعتقدت أن هذا سيدوم الى الأبد , وهو ليس كذلك . ليس الا جزءا من حلم فتاة جاءت من بلاد بعيدة جدآ لتتعرف الى مدينة كبيرة وتواجه ألف مشقة , لكنها التقت الرجل الذى تحبه . هذه أيضا نهاية سعيدة لأننى بعد , كل المشقات التى واجهتنى ستراودنى حكاية ذلك الرجل الذى تغرم بى , كلما راجعت أيامى التى قضينها فى أوروبا . وسيكون معى دائمآ لأن زوجى ستظل تعانق روحه الى الأبد .
أما رالف , لا تعرف مقدار حبى لك . أعتقد أن النساء يقعن دائما فى الحب من أول نظرة , ولا يستمعن الى نداء العقل , مهما قال لهن انهن مخطئات ومهما دعاهن الى محاربة مشاهرن . ثم تأتى اللحظة , حين يجتاح الانفعال كياننا كله , كما فى ذلك المساء عندما مشيت حافية القدمين فى المنتزه متحفلة الألم والبرد , لأننى اعرف جيدآ أنك تحبنى .
أجل , أحبك كما لم أحب رجلا من قبل . ولهذا السبب بالضبط أرحل . لو بقيت لصار حلمى واقعا بليدآ , وتحول حبى الى رغبة فى امتلاك حياتك ... أى أننى أتخلى عن كل هذه الأشياء التى تحول الحب الى عبودية , الأبقاء على الحلم هو أفضل أمنية لدى , يجب أن تعتنى بكل لحظة سعادة حصلنا عليها من بلد زرناه , أو هبة وهبتها الحياة لنا .
اراد رالف أن يغير موضوع السفر ويظهر اهتمامه بى . كان حريصا على الا يلزمنى بشئ , خشية أن يفقدنى الى الأبد , كان يعتقد أن أمامه الليل كل ليحملنى على تغيير رأيى فقال :
- لم تبلغى النشوة .
- لم أبلغ النشوة لكنى شعرت بلذة هائلة .
- كان من الأفضل لو بلغتها .
- كان بامكانى التظاهر بذلك , فقط لكى تكون مسرورآ , لكنك تستحق أفضل من هذا ,
انت رجل حقآ , يارالف هارت , بكل ما فى هذه الكلمة من جمال وقوة . عرفت كيف
تدعمنى وتساعدنى , وقبلت أن أدعمك وأساعدك دون أن يحس أى منا بأى حرج . أجل
, كان الأمر أجمل لو أننى بلغت النشوة لكنى لم أبلغها . ومع ذلك , شعرت أننى أعبد
الارض الباردة وجسدك العار والعنف الممتع الذى ولجتنى به .
اليوم : ذهبت الى المكتبة لأرد الكتب التى كانت لا تزال فى حوزتى . سألتنى أمينة المكتبة عما اذا كنت أتحدث الى شريكى عن علاقتى الجنسية بصراحة , وكنت أرغب فى أن أجيبها , " عن أى شريك تتحدثين ؟ عن أى علاقة جنسية ؟ , لكنه لا تستحق مثل هذا الجواب , لأنها كانتن دائما ملاكا معى .
فى الواقع , لم أعاشر الا شريكين منذ قدومى الى جنيف , أحدهما أيقظ فى أسوا ما فى داخلى , وقد سمحت له بذلك حتى اننى رجوته كى يفعل . والأخ رانت , بفضلك شعرت من جديد أننى أستعيد انتمائى الى العالم . أود لو أستطيع أن اعلمك أين تلمس جسدى , بأى درجة من الحدة بأى درجة من الرفق ولكم من الوقت , أعرف أنك ستفهم كلامى على انه اتهام او عذاب أو لوم . لكن كل ما أبتغيه من ذلك أن يكون أرشادك الى هذا الأمر وسيلة تسمح لأرواحنا بأن تتواصل بشكل أفضل . فن الحب كالرسم , يتطلب تقنية وصبرا وممارسة مشتركة , ويفترض جرأة لأنه يحب الذهاب الى ماهو أبعد مما تعارفنا على تسميته " ممارسة الحب " .
بدل أن يأخذ رالف كلامى على محمل الجد , أشعل سيجارة ثالثة فى أقل من نصف ساعة , ثم قال :
- أولا , سنقضى الليلة هنا ( لم يكن قوله طلباً بل امرآ ) .
- ثانيآ , سنمارس الحب من جديد , لكن بتشنج أقل وبرغبة أكبر .
- ثالثا , وأخيرآ أود أن تكتشفى أنت أيضآ الرجال بشكل أفضل . ماذا قال , أكتشف
الرجال بشكل أفضل ؟ لكنى كنت أقضى معهم جميع ليالىِ , مع البيض والسود
والآسيويين واليهود والمسلمين والبوذيين ! ألا يعرف هذا !
أحسست أننى أكثر خفة وطلاقة . كان جيدآ أن يتخذ الحوار شكل النقاش . لأننى , للحظة ما , أوشكت أن أطلب المغفرة من الله . لاننى مضطرة أن أنكت بوعدى له . كان الواقع حاضرآ بقوة أمام عينى , يأمرنى بأن أحتفظ بحلمى كاملا , وألا أقع فى الأفخاخ التى ينصبها لى القدر .
لاحظ رالف السخرية التى علت وجهى , فقال :
- أجل , أطلب اليك أنت أن تفهمى الرجال بشكل أفضل . تحدثيننى عن ضرورة أن تعبر المرأة عن أحاسيسها الجنسية , وأن تكتشف جسدها وتريدين مساعدتى فى الابحار على متن جسدك , وتطلبين الى اني يكون لدى الصبر والوقت . أنا موافق . لكن , هل خطر ببالك أننا مختلفان عى الأقل فى ما يتعلق بالوقت ؟ لماذا لم تشكى أمرك لله وتطلبى اليه المساعدة ؟
حين التقينا , طلبت اليك ان تعلمينى الجنس , لاننى فقدت كل رغبة فيه . هل تعرفين لماذا فقدتها ؟ لأن كل علاقتى الجنسية أفضت بى الى الضجر والحرمات . أدركت أن من الصعب جدآ أن أمنح النساء اللواتى أحببتهن اللذة نفسها التى كن يمنحننى اياها .
النساء اللواتى احببتهن . لم تعجبنى العبارة , لكنى تظاهرت باللامبالاة وأشعلت سيجارة .
- لم تكن لدى الشجاعة لاقول للمرأة " علمينى أسرار جسدك " . لكن , حين ألتقيتك ورأيت ضوءك , أحببتك على الفور . وفكرت أننى فى هذه المرحلة نت حياتى , لن أخسر شيئا اذا كنت صادقآ مع نفسى , ومع المرأة التى أود أن تكون الى جانبى .
كان طعم السيجارة لذيذا ,ورغبت فى أن يقدم لى قليلا من الخمر , لكنى لم أشا تغيير الحديث.
- لماذا لا يفكر الرجال الا بالجنس ؟ لماذا لا يحاولون أن يفعلوا معى ما فعلته انت , أى أن ترغب فى معرفة أحاسيس جسدى وأحواله ؟
- أيقال أننا لا نفكر الا بالجنس ؟ العكس هو الصحيح . نقضى حياتنا , نحن نقع انفسنا أن الجنس بالغ الأهمية . نتعلم ممارسته مع العاهرات أو مع العذارى وتخبر قصصنا لمن يود سماعها . وحين نتقدم فى السن , نخرج برفقة الصغيرات لكى نقنع الأخرين , أو نفرجهم باننا لا تزال كما تتوقع منا النساء أن تكون . لكن , لا شئ من هذا صحيح . نحن لا نفهم شيئا . نعتقد أن الجنس والقذف أمرآ واحدى , وليس الأمر كذلك . لا نتعلم , لأننا لا نملك الجرأة لنقول لأمرأة " علمينى أسرار جسدك " . ولا تتعلم , لأن المرأة آيضا لا تملك الجرأة لتقول " حاول أن تعرفنى " . وهكذا فاننا نبقى عند مستوى الغريزة البدائية للمحافظى على استمرار النوع , ونقطة على السطر . هل تعرفين بم يهتم الرجل أكثر من الجنس ؟ احزرى ....
فكرت أن ما يهمه أكثر هو المال أو السلطة , ولكنى لم أقل شيئا .
-بالرياضة , لأن الرجل حينئذ يفهم جسد الرجل الأخر . فى الرياضة نلاحظ حوار الأجساد التى تتفاهم .
- انت مجمون .
- قد أكون مجنوناً . لكن هذا يتضمن شيئا من الحقيقة . هل سبق لك أن تساءلت عن شعور الرجال الذين تضاجعينهم ؟
- نعم . تنقصهم الثقة بالنفس وأشعر انهم خائفون دومآ .
- لا بل يعتريهم ما هو أكثر من الخوف , يشعرون بأنهم سريعو العطب . حتى لو لم يكونوا عارفين ماذا يفعلون . كل ما يفعلونه هو أن المجتمع والأصدقاء والنساء أنفسهن يدعون أن الجنس مهم . " الجنس , الجنس , الجنس ..انه ملح الأرض . هكذا تدعى أيضا الاعلانات والأفلام والكتب . ولا أحد يعرف عما نتكلم . نعرف فقط أنه يجب القيام بذلك , لأن الغريزة أقوى منا جميعى وهذا كل شئ .
هذا يكفى . حاولت أن أعطيه دروسا لكى يحمينى , فبادر الى التصرف مثلى . لكن مهما قسمت كلماتنا بالحكمة – لأن واحدنا كان يحاول التأثير فى الأخر – فان كل ما تقوله كان سخفيا وغير جدير بالتعبير عن حقيقة مشاعرنا ! اجتذبته ناحيتى , لأن الحياة . بغض النظر عما كان سيقوله أو عما فكرت فيه , قد علمتنى كثيرا . فى بداية الأزمنة , كان كل شئ حبى خالصاً وتضحية بالذات . لكن ما لبثت الأفعى أن ظهرت لحواء , وقالت لها :
" ما اعطيته سوف تخسرينه . وهذا ما حصل لى , طردت من الجنة فى المدرسة . ومنذ ذلك الوقت , أحاول أن أقول لافعى أنها مخطئة , وأن التضحية بالثمين الغالى أهم من محاولة الأستثار به . لكن الأفعى هى التى كانت على حق , وأنا المخطئة . جثوت على ركبتى وجردته من ثيابه على مهل . رأيت أن عضوه قد استرخى . قبلت باطن ساقيه بدا من القدمين . تأثر عضوه بقبلاتى , فلامسته وأخذته فى فمى من دون تسرع , ومن دون تلميح , وكأننى أستنهضه للقيام بمهمة عاجلة , " هيا , حضر نفسك للتحرك , قبلت بحنان من لا ينتظر شيئا . ولهذا نلت كل شئ . اهتاج وبدأ يداعب نهدى راسما حول حلمتى دوائر كذلك التى رسمها فى تلك الليلة : حيث كانت العتمة شاملة . اشتعلت فى أحشائى الرغبة ليلجنى من جديد . أينما يشاء وبالطريقة التى يجب أن يمتلكنى بها , سواء فى فمى أو فى عضوى , لم يجردنى من سترتى . مددنى على الطاولى , على بطنى , وساقاى مسددتان الى الأرض , وولجنى على مهل , هذه المرأة دون قلق , دون تشنج ولا خوف من أن يفقدنى , لانه هو أيضا كان يعرف ان ذلك ليس الا حلمى , وسيقى حلمى على الدوام .
عضوه فى , ويده تتلمس صدرى وردفى , تتلمسنى , كما أمراة وحدها على ذلك . عندئذ فهمت أننا مخلوقان أحدنا لأخر لأنه يستطيع أن يكون امراة مثلى وأستطيع أن أكون رجلا مثله . وها أن تصفينا المفقودين يلتقيان لكى يكتمل الكون .
كلما ولجنى وداعبنى بلمساته , أحسست أنه لا يلجنى أنا فقط بل يلج الكون كله . لدينا الوقت كله والحنان كل لتتسع معرفة أحدنا لأخر . أجل , كان رائعآ أن أصل بحقيبتين , وبى رغبة لا تقهر فى الرحيل , وان يرمينى حالا على الأرض ويلجنى فى العنف والرهبة . كان جميلا أيضا أن اعرف ان الليل لن ينتهى أبدآ وأن النشوة التى بلغتها على طاولة المطبخ لم تككن غاية بحد ذاتها , ولكن بداية لقاء .
جمد عضوه فى , فيما كانت أصابعه تنتقل بسرعة . ومن نقطة حساسة الى أخرى بلغت نشوتى الأولى والثانية والثالثة . كانت لدى رغبة فى ابعاده , لأن ألم اللذة كان قويا جدى , كانت اللذة حين تغذب , اللذة الممزوجة بالألم , لكنى تحملت بعزم , وتقلبت برضى أن يكون الأمر كذلك , أستطيع أن أتحمل نشوة أخرى بعد أو نشوتين أو أكثر ....
وفجاة تفجر ضوء فى داخلى . لم اعد أنا نفسى , بل صرت كائنا متفوقآ على كل ما عندى . عندما أوصلتنى يده الى النشوة الرابعة رأستنى أدهل مكانا حيث السلام الكامل . وفى النشوة الخامسة بلغت أفاقا بعيدة . عندئذ أحسست أن عضوه يعيد التوغل فى من جديد , ويترافق جموحه مع حركة يده . قلت , يا ألهى , أنا متروكة ولا أعرف ان كانت هذه سماء أم جحيما .
لكنها كانت الجنة . كنت الأرض والجبال والنمور والأنهار الجارية حتى البحيرات والبحيرات الجارية حتى البحر . كان يذهب فى بسرعة متزايذة والألم يمتزج باللذة . اردت أن اقول " لم أعد أحتمل , لكن هذا ظلم , لاننا فى هذه المرحلة من تداخلنا كنا أنا وهو واحدة " .
تركته يلجنى طوال الوقت اللازم . كانت أظافره مغروزة فى ردفى , وأنا ممدة على بطنى فوق طاولة المطبخ . فكرت أنه ما من مكان فى العالم أروع من ذلك المكان لممارسة الحب . من جديد سارع الى غرز أظافره فى بشكل مؤلم , وعضوه يجلد بقوة بين ردفى , كان جسده ملاصقا لجسدى , وأوشكت أن أبلغ النشوة وهو آيضا , لكن لا شئ من هذا – لا شئ من هذا كذب !
- تعالى .
كان يعرف عما يتكلم , وكنت اعرف انه ان الاوان . استرخى كل جسدى , لم أعد نفسى . لم أعد اسمع ولا أرى ولا أشعر بطعم شئ . تحولت الى مجرد جسد يحمل .
- تعالى !
وأمنيته , لم تكن أحدى عشرة دقيقة بل أبدية .كنا وكأننا خرجنا كلينا من جسدينا , ودخلنا جنة الخلد , حيث الحب الحقيقى والتفاهم التام والسعادة المطلقة . كنا امرأة ورجلا , رجلا وامرأة . ولم اعرف كم من الوقت دام هذا , لكن كل شئ ,بدا صامتا يصلى , وكأن الكون والحياة صارا فى حال من الخشوع لا ادرى ماذا اسميها خارجة على المكان والزمان .
ثم ما لبث أن رجع الكون الى مستقره والزمن الى دورانه .
سمعت صرخاته وصرخت معه . كانت قوائم الطاولة تضرب الأرض بعنف , ولم يزعجنا الضجيج , ولم نسأل ماذا ستكون ردة فعل سائر الناس .
أخرج عضوه منى دون أن يعلمنى . أخذت اضحك , التفت نحوه وضحك هو آيضا . تعانقنا ملتصقين أحدنا بالأحر , وكأننا نمارس الحب لأول مرة فى حياتنا .
قال لى :
- باركينى .
باركته دون ان اعرف ماذا أفعل . وتوسلت اليه أن يفعل الشئ نفسه . قال " مباركة هذه المرأة التى احببتها كثيرآ " . كانت كلماته جميلة فتعانقنا من جديد وبقينا على هذه الحال دون ان نعرف كيف أن أحدى عشرة دقيقة يمكنها أن تقود رجلا وامرأة الى الجنة .
لم تظهر على اى منا علامات الارهاق . توجهنا الى الصالون . وضع أسطوانى , ثم فعل بالضبط ما كنت اتوقع منه ان يفعل , أشعل النار فى المدفأة , وقدم لى خمرة , قم فتح كتابا وقرأ ما يلى :
زمن الولادة وزمن الموت
زمن الزرع وزمن الحصاد
زمن القتل وزمن الشقاء
زمن الهدم وزمن البناء
زمن البكاء وزمن الضحك
زمن النحيب وزمن الرقص
زمن رمى الحجارة وزمن جمعها
زمن المعانقة وزمن الفراق
زمن الأحتفاظ وزمن التخلى
زمن التمزيق وزمن الرتق
زمن الصمت وزمن الكلام
زمن الحب وزمن الكراهية
زمن الحرب وزمن السلم
كان هذا النص يتلاءم مع اللحظة التى أعيشها , ويبدو وكأنه قصيدة وداع . ألا انه كان من أجمل النصوص التى قرأتها فى حياتى .
ضممته الى ذراعى وضمنى الى ذراعيه . تمددنا على السجادة أمام المدفأة . كان لا يزال الشعور بالأكتمال حاضرآ فى , وكأننى كنت على الدوام امرأة . حكيمة , سعيدة , متفتحة .
- كيف أمكن لك أن تقع فى غرام عاهرة ؟
- لم أفهم السبب حينئذاك . لكننى , الان , أعتقد , بعدما أمعنت فى التفكير , أن السبب هو أننى اعرف ان جسدك ليس ملكى لى وحدى . اذا أستطيع أن احصر اهتمامى كله بامتلاك روحك.
- والغيرة ؟ ماذا تفعل بالغيرة ؟
- لا نستطيع أن نقول للربيه , " تعال شرط ألا تتاخر وتدوم أطول وقت ممكن " . ولكن فقط , " تعال وباركنا بالأمل الذى تشيعه بيننا , وابق قدر ما يحلو لك .
كلمات فى الهواء . لكنى كنت بحاجة الى سماعها وكان هو أيضا محتاجآ الى قوتها . نمت وحلمت بعطر يغمر كل شئ .
* * * * *
فتحت ماريا عينيها , فتسربت خيوط الشمس عبر الستائر المعدنية المفتوحة .
فكرت وهى تنظر الى الرجل النائم قربها , " مارست الحب معه مرتين ومع ذلك أشعر وكأننا كنا معآ منذ الأزل , أو كأنه يألف منذ الأزل حياتى وروحى جسدى وضوئى وللى " .
نهضت لتعد القهوة . عندئذ رأت الحقيبتين فى الرواق وتذكرت كل شئ , القسم , الصلاة فى الكنيسة , حياتها , الحلم الذى أوشك ان يصير حقيقة, ويفقد سحره , الرجل الكامل , الحب الذى يتحد فيه الجسد والروح واللذة والنشوة .
بامكانها البقاء , ليس لديها ما تخسره سوى قليل من الوهم الأضافى . فكرت فى القصيدة التى قراها لها " زمن البكاء وزمن الضحك " . لكن هناك جملة أخرى تقول " زمن للعناق وزمن للفرق " . أعدت القهوة , أغلقت باب المطبخ أخذت الهاتف واتصلت بسائق تاكسى . استجمعت ما لديها من قوة وارادة واطبقت جفنيها على ذكرى تلك الملابس تلك الليلة الساحرة , وعزمت على الرحيل .
ارتدت ملابسها , اخذت الحقائب , ورحلت املة من كل قلبها ان يستقيظ الرجل ويطلب منها البقاء .
لكنه لم يستيقظ . وفيما كانت تنتظر وصول سيارة التاكسى فى الخارج مرت غجرية قربها وهى تحمل مجموعة من باقات الزهور .
- هل تريدين باقة ؟
اشترت ماريا باقة . كانت هذه الزهور ايذانا بقنون الخريف ورحيل الصيف . من الأن فصاعدا لن تشاهد فى جنيف الطاولات المنتشرة على أرصفة المقاهى , ولا المنتزهات مغمورة بضوء الشمس ومزدحمة بالمتنزهين . لا يفترض أن نشعر بالأسى لرحيلها , فهذا كان خيارها , وليس هناك ما يدعو للتحسر والنحيب .
وصلت الى المطار وطلبت فنجان قهوة . انتظرت , لأربع ساعات وصول الطائرة المتجهة الى باريس , وهى تتوقع أن يظهر رالف بين اللحظة والأخرى لاسيما وانها ابغلته بساعة الرحيل قبيل أن ينام . فكرت أن هذا يحصل فقط فى الأفلام . فى المشهد الأخير وفيما المرأة على وشك الصعود الى الطائرة , يصل الرجل يائسا فيشدها اليه ويقبلها ويعيدها الى عالمه فى كتف النظرات المستمتعة والمجاملة لموظفى الطائرة . ثم تظهر كلمة " النهاية " على الشاشة , ويتأكد المشاهدون أن البطلين سيعيشان فى سعادة الى الأبد .
لكن الأفلام لا تروى أبدى ما يحصل بعد ذلك ! هذا ما خطر على بال ماريا لكنها استرسلت فى الخيال لتعزى نفسها , وتذكرت أن الافلام لا تروى شيئا عن الزواج والطبخ والأولاد والعلاقات الجنسية التى تخف وتيرتها باطراد , والعثور على أول رسالة غرام من العشيقة التى تخف وتيرتها باطراد والعثور على أول رسالة غرام من العشيقة ( فتتخد الزوجة القرار بأشارة فضيحة ثم بعد الزوج بان هذا لن يتكررر ) , ثم رسالة ثانية من عشيقة اخرى ( فتثير الزوجة فضيحة أخرى وتهدد بالطلاق ويكتفى الروح بأن يقول لها أنه يحبها ) . ولدى العثور على الرسالة الثالثة من العشيقة الثالثة تقرر الزوجة أن تصمت وتتظاهر بانها لا تعرف , خشية أن يقول لها الزوج انه لم يعد يحبها , وانها تستطيع الرحيل متى تشاء .
لا , فالستار يسدل قبل ان تبدى مسرحية الحياة الواقعية . فرأت ماريا مجلة واثنين وثلاثا . واخيرآ اعلن على الميكروفون عن وصول الطائرة , بعدما أحست ماريا انها قضت سنوات فى قاعة الانتظار فى المطار , صعدت الى الطائرة متخيلة أيضا المشهد الشهير الذى ما أن تضع فيه البطلة حزام الأمان , حتى تشعر بيد تلمس كتفها , فتلتفت وتجد حبيبها مبتسمآ لها .
لم يحصل شئ من هذا .
نامت خلال الرحلة القصيرة من جنيف الى باريس . لم يتسن لها الوقت لتفكر فى القصة التى سترويها لأهلها وأصدقائها . لكن أهلها سعداء ولا شك برجوع ابنتهم , وبالمزرعة التى تضمن لهم شيخوختهم .
أيقظها صوت عجلات الطائرة , وهى تلامس أرض المطار . جاءت المضيفة وقالت لها ان عليها ان تغير منصة الأنطلاق , لان الطائرة المتجهة الى البرازيل تنطلق من المنصة F فيما هى موجودة فى المنصة C , وان عليها ألا تقلق لأنه ليس هناك تأخر , وأن لديها متسعا من الوقت . وأن الموظفين على الأرض يستطيعون مساعدتها لتهتدى الى وجهتها الصحيحة . فيما كانت الطائرة تقترب من سلم النزول , تساءلت هل يستحق الأمر عناء ان تقضى يوما فى باريس , لا لشئ ألا لتلتقط بعض الصور , وتتباهى لدى وصولها الى البرازيل بأنها زارت المدينة . كانت تشعر انها بحاجة ايضا الى الوقت لكى تفكر وتكون وحيدة مع نفسها , وتستعيد مجريات الليلة الفائتة لكى ترشحها جيدى فى ذاكرتها , وتستنير بضوئها , مسترجعة سحرها ساعة تشاء , لتشعر انها لا تزال حية . أجل , باريس فكرة رائعة . استعلمت من مضيفة الطيران عن موعد الطائرة المقبلة المتوجهة الى البرازيل , وهذا يفيدها فى حال قرارها بالأ تسافر اليوم .
أخذت المضيفة تذكرتها , واسفت لأن تسعيرة التذكرة لا تسمح لها بارجاء موعد الرحلة , فعزت نفسها بالقول أن اكتشاف مدينة بهذا الجمال بمفردها سيشعرها بالأحباط . وسرعان ما توصلت الى الأحتفاظ بهدوء أعصابها وقوة ارادتها , لأنه لن تفسد كل شئ بسبب أشتياقها الى رجل .
نزلت من الطائرة وخضعت لتفتيش الشرطة , ستنقل أمتعتها مباشرة الى الطائرة الاخرى . فتحت الأبواب وأخذ المسافرون يقبلون من جاؤؤا لتوديعهم . زوجاتهم أو أمهاتهم أو أولادهم . تظاهرت ماريا وكان كل ذلك لا يعنيها فيما كانت تفكر من جديد بوحدتها . لكن هذه الوحدة كانت اقل مرارة لأن لديها سرآ \ حلمى . ولأن الحياة ستكون أسهل .
" ستكون باريس دائمى هنا " .
لم يكن الدليل السياحى الذى تفوه بهذه العبارة , ولا سائق التاكسى . أخذت ساقاها ترتجفان عندما سمعت صوته .
ستكون باريس دائمى هنا ؟
- هذه الجملة تذكرنى بفيلم أعبده . هل تودين أن ترى برج أيفل ؟
اجل تود كثيرآ . كان رالف يحمل ورود فى يده , ويعناه مفعمتان بالضوء , الضوء الذى رأته فيهما , فى اليوم الأول للقائهما , عندما كان يرسم صورتها , فيما الهواء البارد يشعرها بالانزعاج .
قالت لكى تخفى دهشتها :
- كيف وصلت الى هنا قبلى ؟
لم يكن للجواب اى اهمية . احتاجت الى قليل من الوقت لتتماسك .
- رايتك تقرأين مجلة . كان بامكانى الأقتراب منك , لكنى رومنطيقى , رومنطيقى حتى العظم . فكرت أن من الأفضل أن استقل أول طائرة متجهة الى باريس تنزهت فى المطار وانتظرت ثلاث ساعات وأنا أستعلم فى كل لحظة عن مواعيد الطائرات . اشتريت لك زهورآ واردت أن اقول لك الجملة التى تفوه بها ريكى لحبيبه فى فيلم " كازابلانكا " , وأنا أتخيل الدهشة على وجهك . كنت أكيدآ من أن هذا ما تريدينه وما تتوقعينه , وأن كل قوة العالم لا تكفى لتقف فى وجه الحب وقوة الحب القادرة على قلب كل المعادلات بلمحة بصر . لا يكلفنا شئ أن تكون رومطيقيين كما فى السينما . الا توافقيننى الرأى .
لا تعرف ان كان ذلك يكلفنا أم لا , ولا تريد أن تفكر فى أى " سحر " لأن هذا اخر هم لديها , تعرف فقط انها التقت هذا الرجل , وأنهما ماريا الحب للمرة الأولى منذ ساعات , وانه قدمها لأصدقائه الليلة الفائتة . وتعرف أيضا انه تردد الى الحانة الليلة حيث كانت تعمل , وانه تزوج مرتين . وأنه ليس منزعآ عن كل عيب . هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى , صار لديها المال لتشترى مزرعة , وهى لا تزال فى مقتبل العمل . امامها المستقبل , وخلفها تجربة كبيرة فى الحية واحساس قوى بالأستقلالية . رغم كل ذلك , فان القدر يختار عنها وبامكانها المجازفة من جديد .
بما انها لم تعد متشوقة لتعرف ماذا سيحصل بعد كلمة النهاية على الشاشة , عانقت رالف وقبلته . لكن , لو عرفت يوما ان أحدهم يروى قصتها , فستطلب منه أن يبداها , كما تبدا قصص الجنيات " كان ما مكان .....
* * * * *
|