الأخ الحكيم .(f)
كل عام و أنت و جميع الزملاء بخير .
ربما متأخرا أكتب ، ولكنه المتأخر الذي يفضل الغائب .
1. بداية لا أخفي إعجاب كبير بحرفية الجزيرة ، و بأنها الأكفأ عربيا ، و الأوسع انتشارا . و تمثل ظاهرة إعلامية مميزة تعادل دور البي بي سي الإذاعية في زمن الإذاعات !. و هي تقدم تعويضا براقا للحرمان العربي الطويل من إعلام متحرر من رقابة الضباط و البصاصين ! ، رغم هذا أزعم أن الصحف المصرية الحزبية و الخاصة لا ينقصها الكثير من الحرية ، و لكن الحرية في الفضائيات المصرية مازالت خجولة كعذراء اللورين ، كما أن الحريات الإعلامية مجهولة تماما في كثير من الدول العربية الأخرى ، كل هذا أعطى للجزيرة نفوذا و بريقا خارج مصر تحديدا ، رغم أنه بالقطع ليس على نفس المستوى قبل 8 أعوام مثلا ،و قبل ظهور العربية الأكثر احتراما و مصداقية !.
2. يبقى السؤال الملح و الحيوي هو من يمول هذه القناة و ما هو هدفه ؟ . و يستمد هذا السؤال أهميته من كون الجزيرة غير مربحة تجاريا باعتراف أصحابها . لا يمكن تهميش هذا السؤال ، لأنه سؤال جدي للغاية ، فمن يمول يفرض مصالحه و خطابه ، حتى لو كانت مصالح بعيدة المدى أو غير مباشرة . الإجابة التي نعرفها هي أن شيوخ قطر يمولون هذه الجزيرة ، و أضيف أن قطر تربطها بإسرائيل علاقة عضوية حميمة ، خاصة في المجالات الأمنية و السياسية و الاستخباراتية ( راجع موضوع علاقة مخابرات قطر بكشف سفينة الأسلحة الإيرانية ) ، و تعتمد قطر أو هكذا تتوهم على اللوبي الصهيوني في حمايتها من التوسع السعودي ، الذي يخشاه كل دويلات الجزيرة الأخرى . إذا تمويل الجزيرة قبلي و بترولي ، و بالتالي لا نتوقع أي حرية أو حياد من قناة ممولة من شيوخ قطر ، فلا نظن مثلا أن الجزيرة تمتلك الحرية في تعرية و فضح علاقات قطر بإسرائيل ، و هي علاقة مصيرية بمعني الكلمة ، فقطر تركب قطار إسرائيل السريع . كون الجزيرة محايدة يخالف أبسط مبادئ السياسة بل و الحياة ذاتها فمن يدفع له الحق في الحصول على البضاعة أو الخدمة ، و لا أظن أن شيوخ قطر يذوبون شوقا للديمقراطية، وغاية سعيهم هو نشر الحرية في العالم العربي ،و التصدي لحليفتهم إسرائيل !.
3. أزعم أن قناة الجزيرة معادية لمصر أكثر من حتى عدائها الظاهري لإسرائيل ، و أن صورة مصر جرى تخريبها في الجزيرة و بطريقة بالغة الحرفية عن قصد و تعمد ، فمصر هدف مستمر و تقليدي لهجوم هذه القناة .. و ليست العاصفة الهجومية للجزيرة ضد مصر أثناء الإنتفاضة الفلسطينية سوى مشهد آخر لحمى الكراهية الذي تقود معزوفتها أبواق الجزيرة ، و كما نعلم فإن تجارة العداء لمصر من أروج أنواع التجارات العربية الرابحة ، تلك التي لا يقاطعها أحد .
4. بالطبع لا يعتقد أحدا أن نخبة المذيعين المميزين في الجزيرة ( باستثناء قلة مثل السخيف أحمد منصور ) ، سواء كانوا فلسطينيين أو من جنسيات عربية أخرى ، يعملون ضد دولهم أو ضد مصر بشكل متعمد ، أو أنهم و قعوا عقودهم مع دافيد كيمحي مثلا ،و لكنهم محترفون يسعون لرزقهم حيث يكون ، و ليس واجبهم أن يفتشوا عن صدور الشيوخ !. كما أن ليس كل مذيع هو المذيعة المصرية مفيدة الشوباشي التي فقدت وظيفتها في مونت كارلو لأنها رفضت إجراء حوار مع شيمون بيريز.
5. عداء الجزيرة لمصر أسبق من تمرد حماس ، و بالتالي ليس مرتبطا بالخلاف بين حماس الإخوانية و السلطة المصرية المعادية للإخوان ، هذا العداء إفراز لظاهرة أكبر هي ظاهرة التشهير بمصر و المصريين ، هذه الظاهرة كانت دائما موجودة في الإعلام العربي ، و منذ جمال عبد الناصر حتى اليوم ، و قد انتقلت إلى الإنترنت الذي ورث أمراض الإعلام العربي ، فنجد لدينا نشطاء تنحصر جهودهم في إصطياد الأخبار السيئة عن مصر ،و التشفي في المصريين بدعوى نقد الحكومة المصرية العميلة !، و يشمل ذلك التشفي حوادث طبيعية كحادث الدويقة مؤخرا ، كل ذلك دون أدنى إهتمام بمشاكل مجتمعاتهم الأصلية .
علينا إذا أن نعترف أن هناك كراهية حقيقية ضد المصريين بين كثير من الشعوب العربية لأسباب متعددة ، و هذه حقيقة لا يجب التعامي عنها بل معالجتها بحكمة و موضوعية ، خاصة أنها قابلة للعلاج و تضعف بالفعل تحت تأثير تحديات العولمة المشتركة ، و انشغال الجميع بالطوفان الآتي . هذه الكراهية بقيت واضحة في بعض دويلات الخليج (كقطر) و التجمعات الفلسطينية إلى الآن ، و كان هذا الموضوع محورا لكثير من المناقشات مع أصدقاء عرب سواء على النت أو مباشرة ، و قد تعجب زميل سوري أن هذه الكراهية موجودة حتى في سوريا التي لا يوجد بها مصريون . هذه الكراهية تنفجر بعنف عندما تثار ، و أذكر أنه مع بداية انتفاضة القدس عام 2000 ، كان كل الفلسطينيين الذين قابلتهم في دبي غاضبون على المصريين بأكثر من غضبهم على إسرائيل ، أعلم أن هذه الظاهرة ليست شاملة ، و حتى ليست مقصورة على المصريين ، و أعلم أيضا أن هناك علاقات مميزة بين مصريين و عرب ، و لكني أتحدث عن ظاهرة و ليس عن حالات فردية .
6. هناك كراهية قبلية بدائية يحملها شيوخ قطر للمصريين ، خاصة الشيخ حمد بن جاسم بن جابر رئيس وزراء قطر المؤثر ، و تعود هذه الكراهية إلى مواجهة ساخنة بينه و بين مصر ، دفعت الشيخ في حومة انفلات عشائري إلى طرد المصريين من قطر واصما إياهم بانعدام الكفاءة و محقرا من وطنهم ، و ردت عليه صحافة مصر ربما بشكل منفلت أحيانا ، فوصفه أحد الصحفيين بالشذوذ الجنسي ، ومن الواضح أن رجلا في مثل ثقافته لا ينسى هذه الهفوات .
7. بصراحة ستزعج البعض ، هناك عيوب بنيوية في كثير من الشخصيات المصرية خاصة بين السلفيين و الإسلاميين ، الذين لا يقيمون وزنا للوطنية ، و لهذا و في سعيهم للمال لا يتورعون عن التطاول على وطنهم ، باعتبار الوطنية ( جاهلية نتنة !) . و هكذا كان أمثال أحمد منصور مستعدين لشرشحة وطنهم ، مستفيدين من قدر كبير من السماح الديمقراطي في مصر و أيضا من الانفلات المتأسلم ، الذي لا يردعه أحد أو قانون ، هذا الشيء لا يمكن تصوره من سوريين مثلآ ، فالنظام لا يتهاون مع المتجاسر حتى لو حمل الجنسية البريطانية ،و زيارة سريعة في ليل لندن الضبابي ستخرس المتجاسر إلى الأبد .
8. لا تتوقع يا حكيم أن ينصفنا الآخرون ، طالما لا ننصف أنفسنا ، و طالما نمارس الحياة متسلحين بالغيبوبة ، معتقدين أنه يمكن أن نحرر فلسطين بتدمير القاهرة ،و أننا نحسب الوطنية و القومية جاهلية نتنة !.
9. أزعم أن الجزيرة معادية لمصر ،و ليس فقط نظامها.وهذه شواهدي .
أ‌- عندما تستضيف القناة مصريآ ، فإنها توظفه ضد مصر بمنهجية لا أقول ذكية و لكنها بالغة اللؤم و الخبث ، فهو إما معارض متطرف ، و غالبا من جماعات التكفير . أو إمعة لا يمثل أحدا و تتعمد أن تظهره مواليآ لإسرائيل لإعطاء إنطباعآ بأن هناك تيارآ مصريآ قويآ موال لإسرائيل ! .. يبقي هناك بعض المصريين الحانقين على النظام ممن بلغوا من العمر أرذله ، فلا يدرون ما يقولون ، مثل حسين الشافعي ، الذي تحول إلى مهرج على يد الجزيرة ، فأخذ يخون كل من يتذكر اسمه ، مثل جمال عبد الناصر و انور السادات !.
ب‌- جميع الصور من مصر بالغة القبح ، و مصر مثل غيرها فيها القبيح و الجميل ، و لكن القناة الشقيقة لا ترى سوى أقبح ما في مصر ، أما إذا ذهبت إلى أي دولة أخرى خاصة دول الأجهزة القهرية فليس هناك سوى الجمال ، و الروعة و العروبة و الكرامة . جميع البرامج الثقافية هي شآمية ، ورغم حبي للشام فلا أعتقد أنه يحتكر الفكر أو الثقافة .....الخ .
ت‌- الأخبار عن مصر منتقاة بعناية ، و التركيز دائمآ عن المشاكل و المصاعب ، و يا حبذا لو كانت مزيجآ من التطرف الديني ، و المخدرات و الإنحراف الجنسي و غيرها من المنظومة الشهيرة .
ث‌- إذا تصادف و كان هناك ضيف يخرج عن النص و ينصف مصر و لو قليلآ فهو يقاطع أو يسفه .. هل لاحظ أحد كيف قوطع القذافي في حديثه الشهير عندما قال أن مصر ضحية للمزايدة العربية و المطالب الفلسطينية .. و كاد المذيع البريطاني السوري الأصل فيصل القاسمي أن يقذف به إلى الخارج .
ج‌- من يتابع الجزيرة لن يستطيع أن يحدد بدقة من هو عدو العرب إسرائيل أو مصر .. و هل شهداء مصر فقدوا لأجل فلسطين أم دفاعآ عن إسرائيل .
ح‌- تتخذ الجزيرة موقفآ مختلفآ تمامآ فيما يخص السعودية و سوريا و طبعآ قطر و الأردن ، و لأسباب معروفة ...أما في عهد المرحوم صدام حسين فكان هناك دائما السيد عبد الباري عطوان المندوب السامي العراقي في كل البرامج ، فعندما يكون الموضوع عن جزر البهاما تفاجئ به يهاجم مصر ، والكويت أحيانا ، و يدعوا العرب للاعتذار للرئيس صدام .

10. تحولت الجزيرة إلى معقل للأصولية و الإرهاب ، وهذا يزيد من عدائها للنظام المصري ، و هناك أيضا توظيف للخطاب المتأسلم طالما ظل مدجنا وموجها ضد أنظمة عربية ،و طالما يسيء للعرب . و لعل الموقف المفتعل - ليبدوا أبلها وغير المسؤول - الذي اتخذته الجزيرة و الموالي بشكل فج للقاعدة وطالبان ، كان أحد الدعامات التي اتخذتها الدعاية الصهيونية في أمريكا لإظهار العرب مؤيدين للإرهاب ، رغم أن القطاعات الهامة و المستنيرة رفضت طالبان و القاعدة منذ البداية ،و رغم أن شعوبا عربية مثل مصر كانت الأكثر تضررا من ممارسات الأصولية المتطرفة و الإرهابية في أفغانستان . و هذا الموقف يبدوا محيرا جدا لمن يعرف توجهات الجزيرة في موضوعات أخرى ،و لكن يمكن تفسيره بسهولة إذا عرفنا من المستفيد منه .. إنها إسرائيل التي نجحت في ربط الإرهاب بالفلسطينيين و العرب أمام الرأي العام العالمي .
11. أفهم من يقول :" و ماذا لو كرهت الجزيرة مصر و رفضتها و هاجمتها " ، فذاك خيارها ، بل ربما هناك من يجد أن ذلك موقفا سليما قوميا و إسلاميا ، بل و أن يرى مصر عدوة العرب رقم واحد ، كما يفعل البعض ، فذلك أيضا حقه .أما أن يحاول البعض إقناعنا أن الجزيرة غير معادية للمصريين ، فمحاولة أربأ بذكائهم و ذكائنا عنها .
12. من الغريب أن هناك من ينكر علاقة الجزيرة بإسرائيل ، فحتى في الجزيرة لا ينكرون ذلك !.ولي سؤال عرضي ، فجميعا نعلم تعاون المخابرات القطرية مع المخابرات الإسرائيلية في كشف سفينة الأسلحة الإيرانية إلى فلسطين ، فهل يعتقد أحد أن المخابرات القطرية صديقة لإسرائيل و الجزيرة القطرية معادية لها ؟.
13. إن اتخاذ موقف موالي لطالبان و العمل كصوت للقاعدة هو خروج عن الخطاب العربي الرافض للإرهاب ،ولا يخدم سوى الدعاية الصهيونية التي ربطت بين العرب و الفلسطينيين خاصة و العمليات الإرهابية .ولا أعتقد أن قناة تطبع مع إسرائيل ،وتحتوى كل هذا الحشد من الحسناوات ، تتبنى موقفا أصوليا متطرفا بمحض الصدفة ، بينما ترفض قناة إسلامية كالمنار موقف طالبان و القاعدة بكل وضوح !.إذا كانت هناك جريمة فلم لا نبحث عن المستفيد ؟.
14. منذ 8 أعوام كنت تقريبا الوحيد الذي يرفض الجزيرة ،و يراها لا تخدم سوى أعداء العرب ، و هو ماجعلني أتوقف تماما عن متابعتها منذ 5 أعوام كاملة ، و اليوم هناك الكثيرون الذين ذاقوا السم في العسل ، و يفرقون بين العواء و الزئير ، و يتساءل بعض العقلاء عن سبب ظهور الانتحاري السعودي مرتديا الكوفية الفلسطينية في الجزيرة ، قبل شروع إسرائيل في مجزرة بيت حانون ،و لكني لم أتسائل :loveya:.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	قناة نادر جنيد	الوطن العربي	2	1,174	02-10-2013, 07:27 PM آخر رد: مؤمن مصلح
	عذابات الجزيرة في نادي الميركافا بانتظار الربيع العربي - بقلم: نارام سرجون	فارس اللواء	0	1,021	03-16-2012, 12:14 AM آخر رد: فارس اللواء
	صرخة أرخميدس وضحكة ممدوح عدوان..ورسالة الى الجزيرة بقلم نارام سرجون	فارس اللواء	0	891	01-27-2012, 02:01 PM آخر رد: فارس اللواء
	مستقبل الجزيرة العربية في زمن الاحتكارات - عبد الله النفيسي	عبادة الشايب	2	1,335	12-22-2011, 09:47 PM آخر رد: Rfik_kamel
	حقيقة وراء قناة الجزيرة‏ ...	observer	11	3,253	10-28-2011, 04:39 PM آخر رد: نيو فريند