إنها ترتكز على المعطيات التي نبه لها الزملاءأنتي فيروس وبسام الخوري وفرات، مع أنها لا تتعارض مع البحبوحة الحوارية التي يدعو لها الأخ طارق بل وتتبناها وثيقة النادي!

من السهل أن نزعم بأننا نقبل كل اختلاف مهما كان قاسيا، ومن السهل أيضا أن نطوع كل محاولاتنا في كتم أنفاس الآخر وتطويعه لوثيقتنا أو يرحل تحت طائلة تفسيرات للنص يكفي أن نقول فيها بأن أعضاء الإدارة تبنوها!!

غير أن الصعوبة كل الصعوبة أن نوضح بصرامة حدود الشخصي والموضوعي في ما ندققه من مخالفات وتجاوزات!

يقينا أتينا مختلفين لنتحاور

وجذر الحوار لغة يحمل معاني المبادلة والبياض الصافي والعودة والتقابل والتفاعل

أتينا مختلفين لنفهم بعضنا كحد أدنى في التواصل المأمول

أتينا مختلفين وكلنا إصرار أن نكون حضاريين محترمين بما يعكس صورة مشرقة للفكر الذي نتبناه

لا مانع أن نخرج عن المألوف ما دمنا عرفيا نختلف في توصيف ذلك المألوف تبعا لاختلاف ثقافاتنا، على ألا نظل أسارى للأيديولوجيا الماركسية التي تعتبر الثورة والتمرد والخروج عن النسق أصلا وهدفا بذاته!

ومع هذا يسعنا أوسع ما تتوقعه أخي طارق من اختلاف

لولا أنني أشعر بشيئ من الغبن في مقارنتك وأنت تقيس النيل من الرموز الدينية والمقدسات بما تفترضه من قدسية للإلحاد!!

أنت يا صاحبي تغالط نفسك ولعلك تنسى توقيعك الذي كنت تقتبسه قبل أمد وهو يرفع لواء: لا ثابت ولا مقدس ولا مطلق!

كيف لي أن أقدس مقدس أنت لا ترى له القدسية ابتداء؟!

اسمح لي بكل احترام أن أقارن لك بقياس آخر مع الفارق الكبير:

بغي لا تعرف للعرض قيمة ولا تعترف بالشرف، ثم تراها يسوؤها أن يفضح الشرفاء سفالتها وقاية للمغرر بهم من أن يقعوا في أحابيلها...

فما يكون منها إلا أن تتهم المحصنات الغافلات بشرفهن زاعمة أنه ليس أحد أفضل من أحد والبادي أظلم!!

إنها لا تعترف بقيمة الشرف ابتداء، أو على حد تعبير بعض الليبراليين لا تعتقد بأنه مرهون بجلدة كجلدة الحنفية يسميها أولئك بغشاء البكارة!
ومع هذا ، وعند الجدال والمراء، نجدها تقول بأنكم تتهمونني بقلة الشرف وأنا أتهم حرائركم بمثله، لأنني قررت أن أستخدم مصطلحا شخصيا لما تسمونه العفة وأسميه بدوري بقلة الشرف، وأصم كل محصنة بالبغي كما تتهمونني وما قيمكم بأولى رعاية من قيمي الخاصة؟!

هل ترى عاقلا يقبل منها هذه الفذلكات الماجنة والدعاوى المنحطة؟

من حقنا جميعا أن نطالب باحترام الإنسان كإنسان، أيا كانت ملته أو قوميته أو ولاءاته، ومع أننا نرفض الطائفية والعنصرية والأحادية إلا أننا لا نقبل بحال أن يحال بيننا وبين نقد ما نلحظه من حولنا تحت ذرائع معاداة السامية أو إثارة النعرات الطائفية أو تمزيق الوحدة الوطنية

وها هنا ألتقي مع أخي طارق وأقدر له نضاله المشكور في الدفاع عن حقوق الجميع الإنسانية وفي طليعتها حق الرأي والتعبير.
وألتقي معه أيضا في أن للحرية حدا يتعلق باحترام الشخصيات الحوارية وثقافاتها...
وربما نقطة الخلاف الرئيسية بيننا أننا نفسر الشخصي والموضوعي بطريقة مختلفة!

الزميل طارق وسياسة النادي تحاول أن تقصر الشخصي على ذات الشخصية الحوارية لا أكثر دون أي اعتبار لمقدساته ورموزه الدينية والقومية والوطنية!

ومع أن وثيقة النادي نصت على احترام المقدسات الدينية إلا أننا رأيناها بطريقة مجازية تحاول إقحام الإنساني بالمقدس الإلهي، حيث زعمت أن ثمة مقدس إنساني، وهي قبل غيرها تعلم أن دعوى قدسية الإنسان دعوى فارغة كل مقصودها بعثرة ذلك المعنى الديني للمقدس الذي يقصده جموع المتدينين بأي من الديانات...

نعم للإنسان احترامه الأمثل، غير أن المعنى القدسي الخلوصي الذي يحمل معاني التطهير من أوضار البشر ولوثات المادة والخطايا والذنوب، هذه المعاني الدينية الخالصة لا يمكن الالتفاف عليها بادعاء أن ثمة مقدس إنساني!!

إذن المفارقة الأولى كانت في أن من يقول بأنه لا مقدس هو هو من يقول باحترام المقدسات الإنسانية!! والدينيةمن باب لجم الآخرين عن التعريض بتمرده السافر على المقدسات التي يزعم ابتداء أنه يحترمها!!

المفارقة الثانية أن الملحدين والمرتدين من الزملاء يحسبون أنه من الاحترام في شيئ أن أقول للآخر: محبتي وودادي لك أيها الحبيب لعنة الله على والديك!!!
ماذا في ذلك؟ إننا نحترم شخصك ونظهر هذا الاحترام، ولكننا ننال من شخصية ليست ذات عضوية في النادي ولا هي مقدس من المقدسات!!
وهكذا فأي جريمة بحق الرموز الدينية يمكن أن يؤاخذ بها من يتهكم بأكثر راوية أهل السنة رواية وحديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (أبو هريرة)؟ هل هو إلا بشر من البشر أم لعله خير من محمد؟!
ثم العمل ليس مقصودا منه التعريض بصاحب الخمسة آلاف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إنما هي لوحة فنية بديعة، ففيم تحاربون الإبداع؟
ولو سألتكم أتقبلون من الزميل أو الزميلة أن يكتب لوحة فنية أخرى يعرض فيها بشرف أمكم وأخواتكم لحميت أنوف واحمرت أعين وأرغى الغضب وأزبد!

المفارقة الثالثة لدى الزملاء تتعلق بالمصداقية، فهو ينال من الله الذي اسمه الله، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد بذات المفردات القرآنية، وهو الذي أنزل القرآن وفرض الصلوات وخلق الجنة والنار وهو وهو وهو، ومع هذا ينال منه نيلا مباشرا بلا تكنية، حتى إذا ما راجعت ذلك المتطاول الذي يقسم زملاؤه أنهم ما رأوه يؤذي أحدا وانه يفرض احترامه على الجميع!!! أقول: إذا راجعت الزميل أو راجعت من يسمح له بهذا قيل لك: وهل الله ملكية خاصة لك؟! إنه لم يكن يقصد ذلك الإله الحق الذي تؤمن به أنت والوسطيون من أمثالك، وإنما يقصد إله الغوغاء والأذناب والدراويش والمعتوهين مسلوبي الإرادة!

المفارقة الرابعة –وهي خارج إطار مناقشتنا هنا-أنهم وقد زعموا أنهم ألحدوا، يتكلمون في الدين أكثر مما يتكلم المتدينين أنفسهم، حتى إن بعضهم لا تكاد تجد له موضوعا خارج إطار الأديان، فإن راجعته في هذه المفارقة الغريبة، أظهر نفسه بصورة المخلص المنقذ من الضلال، وأن نفسه تقتله حسرات ألا يلحد الناس، فيطرح الخواطر كي يزداد الذين ألحدوا إلحادا، وهو يعلم أنه إنما ينفس عن أحقاد نفسه لا أكثر وإن ألبسها لبوسا خلاصيا شفقة على بني الإنسان كما يدعي!!

ما طرحه الأفاضل بسام وأنتي فيروس وفرات على ترتيب مشاركاتهم يمثل حلا وسيطا ومعقولا...
ثمة ما يمكننا أن نخوض به من حوارات في أدق خصوصيات الألوهية والنبوة والغيب والدين والمقدسات، في إطار الاحترام..

الاحترام ليس أن أمتنع عن الخوض في ما أراه باطلا لدى الآخر، وليس في مداهنته والتخلي عن قناعاتي حيال ما يطرح، وليس في أن لا أثير استفزازه العلمي بتناقضاته وأخطائه كما أراها، وإنما:
أن أتوجه للموضوع وأعض عليه بالنواجذ ما وسعني التشديد، وأتسامح في الشخص ما وسعني التسامح
مصداقا لقوله سبحانه في آيتيه الكريمتين: (خذوا ما آتيناكم بقوة) (وقولوا للناس حسنا)ويبقى أنني بكل صدق لم أقرأ أيا من المقالات التي كانت سببا في طرح الموضوع كما يبدو، واكتفيت بما في هذا الموضوع دون وصلاته وإحالاته، اعتذارا عن أي مفهوم قد أكون أخطأته بعدم متابعتي.
واسلموا لود واحترام(f)