المطلوب وقفة عز وعقل لبنانية وطنية

فؤاد مخزومي

في الوقت الذي يذهب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى الاتهام خطأ للسلطتين اللبنانية والسورية باغتيال الرئيس رفيق الحريري من دون أن يملك أية أدلة فإن أطرافاً بالمعارضة لا تشاركه بالرأي والاستنتاج وإن كانت تحمّل السلطة اللبنانية المسؤولية الأمنية. بل ان الوزير السابق بطرس حرب في ندوة تليفزيونية يعتبر بأن دمشق متضررة من عملية الاغتيال لأن ذلك يجعلها تتعرض للمزيد من الضغوط الدولية المختلفة.
لا شك ان وليد جنبلاط أصبح في موقع المراهن على العامل الخارجي الدولي.. فهو يطالب بالحماية الدولية وبالتحقيق الدولي. والمطالبة بالحماية الدولية تعيدنا بالذاكرة إلى زمن تدخل القناصل الغربيين بالوضع اللبناني خلال القرن التاسع عشر. ومثل هذا التدخل الدولي لا نتيجة له إلاّ وضع لبنان على سكة "الترسيم السياسي والحدودي" الذي ينتج تقسيم البلد وفرض التوطين خصوصاً وان هناك البعض في المعارضة أصبح جاهزاً لاستقبال ظاهرة التقسيم وربطها بواقعة التوطين.. وهذه الناحية كشفها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي أعلن عن بعض ما دار بينه وبين الرئيس رفيق الحريري قبل أيام حيث أسرّ إليه الحريري بأنه يخشى أن يحمل التوطين شبح تقسيم لبنان.. من هنا معارضته في حال عودته لرئاسة الحكومة أن يوقع على أي قرار بالتوطين ولو كانت وراء ذلك كل الدول الكبرى.
أياً يكن الأمر المطلوب حالياً فتح الحوار الوطني كما يستنتج الرئيس إميل لحود.. لأن تصعيد لغة الانقسام يؤدي إلى توتير طائفي وإلى غياب الوحدة الوطنية وإلى تحكم الغرائز البدائية.
لعل الحرص على الوحدة الوطنية التي شدد عليها الرئيس الحريري قبل اغتياله تفترض أولاً وأخيراً عودة لغة العقل إلى السجال السياسي والانتخابي الداخلي. وفي كل الأحوال نأمل وقفة عز لبنانية تأخذ في الاعتبار ان الخارج الدولي يتحين بنا الفرص.