مسايرة الاشتراكية
تقول تقارير إن كتب منظـّر الشيوعية الأهمّ، كارل ماركس، تلقى رواجاً في أوروبـّا على غير العادة، بسبب الأزمة المالية التي يواجهها العالم منذ شهور. وهذا الرواج يحدث رغم وجود حاجز لغوي سميك بين اللغة الألمانية المتداولة حالياً وبينها في منتصف القرن ما قبل الماضي. لكنّ الاندفاعة التي يتحدث عنها ناشرون ألمان اليوم؛ ليست اندفاعة "موضة"، بقدر ما هي محاولات للإمساك بالطحلب وسط تدافع أمواج مخيفة حتى لكبار رموز الرأسمالية في العالم.
في الأزمات يبحث المتأثرون بها عن شيء يُعبّيء وعاء الهوس والفزع. والشباب الأوروبّي الذي تربّى على قيم السوق الحرة؛ بدأ يتابع أخباراً عن "اضطرار" السياسيين إلى التعامل مع السوق ببعض مفردات الاشتراكية. بل أخذت النداءات تتكرر لتتدخل الحكومات في الأسواق لإنقاذ البطون من الجوع والظهور من البرد. وهذا ما يعني نوعاً من التفكيك العملي للنظرية الرأسمالية، وانقلاباً جزئياً عليها. ولطالما اضطرّ الرأسماليون إلى "مسايرة" الاشتراكيين في بعض ثقافاتهم. وكمثال؛ فإن أعياد العمّال جزء من ثقافة مسايرة للقيمة العمّالية التي نادى بها الشيوعيون الصناعيون والمزارعون في الاتحاد السوفيتي السابق وفي الصين الشيوعية.
وقد تُصنّف مثل هذه الممارسات ضمن الأدبيات؛ أما أن تغمس الحكومات يدها في الأسواق، وعلى الطريقة التي شمّرت بها الولايات المتحدة وأوروبا وكثير من دول العالم؛ فإن ذلك أمرٌ مختلف، بل هو تحركٌ نوعي ربما ينطوي على اعتراف ليس بجزء من القيم الاشتراكية فحسب؛ بل بالبحث عن نتائج عملية وسريعة، حتى وإن كانت عبر اتخاذ خطوات شبه "اشتراكية".

http://www.alwatan.com.sa/news/alwatanop2....mp;issueno=2947