{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
دين بلا رب
نبع الحياة غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 286
الانضمام: May 2008
مشاركة: #1
دين بلا رب
دين بلا رب
(مراجعة لكتاب ري بيلينغتون)*

أطروحة دين بلا رب، الخلفية والمكوّنات
أين الرب؟ أنا أجيبكم! نحن قتلناه، أنا وأنت! مات الرب! ونحن الذين قتلناه!
لا نعلم، هل كان نيتشه1وهو يكتب هذه الجمل القصيرة المتوالية والمرعبة، يعلم بأنّ جرّار دونروال بكى حزناً قبله في أساطيره عام 1854، وردد: مات الرب! بقى بيت الرب خالياً في السماء. ابكوا أيّها أطفال! فلا أب لكم بعد اليوم.
تطلّب الأمر مئة عام لظهور وجوديّة2 كيير كغارد3، نيتشه، هايدغر4، وسارتر5. أي منذ ستينيات القرن المنصرم بدأت فكرة موت الرب تستقر في ضمير الفكر الأخلاقي والفلسفي للغرب المعاصر وعقليته. وقد مضى مئة وخمسون عاماً على فكرة موت الرب التي وردت في كتابات نيتشه إثر التكرار أو الاقتباس، وقدّمت تفاسير مختلفة لها خلال هذه الفترة. وفي تزاحم هذه التفاسير، لا تبدو تفاسير اللادينيين عجيبة بقدر تفاسير المتدينين الغير إلهيين. ومنذ هذا العقد بدأ بعض اللاهوتيين أو من يتمتعون بنصيب من عالم اللاهوت ويحسبون على المتدينين، بكتابة أفكار عدّها الكثير من الناس كالتي استندت إلى خصّ مائل.
وقد ردّ جون روبينسون، أسقف وولويتش، في كتابه ((الصدق والصراحة مع الرب(( في عام 1963، على فكرة الرب بصفته موجوداً خارجياً، ورجّح فكرة الرب كأساس للوجود. وبدأ إنكاره هذا في مقاله التالي، من العنوان: ((علينا الكفّ عن هذا التصوير من الرب((. ونشر توم آلتيزر في أمريكا عام 1966 الإنجيل المسيحي الغير إلهي. وكتب الستركيز ((طريق التعالي(( عام 1971، والذي حمل العنوان الفرعي التالي: ((الإيمان المسيحي من دون الإيمان بالرب((.
وانطلق هذا النمط من الأدب اللاهوتي منذ ستينيات القرن المنصرم، واستمر بشكل متواصل إلى يومنا هذا. وكتب كرن ارمسترونغ تاريخ الرب6عام 1993، وسمّى أي.ان.ار ارمسترونغ كتابه ((دفن الرب(( ـ كنتيجة طبيعية لموت الرب ـ عام 1998.
ومنذ ربع قرن أدّت كتب دون كيوبيت إلى ظهور نحلة مسيحية باسم ((بحر الإيمان((، ومن هذه الكتب(( بحر الإيمان((7 في عام 1984، و((ما بعد الرب(( في عام 1997؛ الذي سعى للحفاظ على أقل ما يمكن من معنى للإيمان الديني في حال موت الرب.
((دين بلا رب(( لري بيلينغتون أحد آخر نتاجات الأدب اللاهوتي بلا رب. وعلىالرغم من أنّ الديانة والإيمان المسيحي شكّل الأرضية الأساسية لهذا الكتاب، لكنّه يمتاز على نظائره بميزتين: الأولى، إتباع نموذج الأديان الشرقية لصياغة صورة من الفهم الديني والتدين المسيحي من دون الإيمان بالرب. والميزة الثانية، هي تعميم الانتقادات الواردة على الفهم الديني والتدين الإلهي بضرب من القياس على الأديان الغربية الأساسية، أي اليهودية والمسيحية والإسلام.
وقد وفّرت للمؤلّف خلفيته المعرفية والعلمية والتنقيبية آليات السير في طريق متمايز عن أقرانه. فهو خبير بالأديان الشرقية، كالبوذية والطاويّة. كما صدرت له كتب كفهم الفلسفة الشرقية، الفلسفة الحسية، والشرق الوجودي. أمّا كتابه الأخير ((دين بلا رب((، والذي تأثّر بالكتب الثلاثة المذكورة، لم يكن في صدد تبيين الإمكان النظري والانسجام في التدين بلا رب، بل هو مسعى لإثبات مدعيين: أوّلهما، أنّ التدين الذي لا يبتني على مفهوم الرب، ممكن من الناحية العملية في عالم التدين المتعالي وحاضر بكل حيوية. وثانيهما، أنّ الالتزام بتدين كهذا في الفترة الأخيرة وما بعد الحداثة أمر مطلوب، بل ضروري بالنسبة للمتدينيين ولا مفرّ منه.
وبناءً على هذا، الفهم الجديد الذي يقدّمه هذا الكتاب من الدين، يقرّ من ناحية بإشكالات وتساؤلات عصر الحداثة على الإيمان بالله. ومن ناحية أخرى، يفتح أفقاً جديداً للدين والإيمان في حياة الناس اليومية، كي يلعب دوراً إيجابياً فيها. ولهذا السبب لم ير المتدينون أو اللادينيون أنفسهم وحدهم مخاطبين لهذا الكتاب. وأمّا قمة إبداع هذا الكتاب ففي نقله أفق الالتزام الديني من معادلة الإيمان بالله/ عدم الإيمان بالله، إلى طلب العلو/ عدم طلب العلو. ومن خلال هذا النقل، تقلب المعادلة القائمة تأريخياً، وهي: التدين يساوي الإيمان بالله، وعدم الإيمان بالله يساوي عدم التدين.
أخلّ بيلينغتون بالمعادلة القديمة القائمة، بإدخاله مفاهيم العلو وطلب العلو في تحليلاته واستخدامها بدل الرب والإيمان به، والذي بيّن بدوره الإشكالات النظرية والعملية للإتزام بها. كما سعى لتبيين إمكان التدين من دون الإيمان بالرب، وأنّه ليس مطلوباً فحسب، بل ضروري وحتى لا مفرّ منه، لتكون لنا حياة أكثر متعة، بصفتنا بشر، وتديناً أكثر عقلانية، بصفتنا متدينين.
وقد انطلق الكتاب من السؤال التالي: لماذا يدّعي كلّ من المسيحية واليهودية والإسلام امتلاك الأمر المتعالي؟ ومن أين لممثلي هذه الصيغ الثلاثة من الإيمان بالرب تقديم أنفسهم كلما ذكر البعد الخامس لجون هيك؟
يعتقد الكاتب بأنّ الادعاء بالامتياز في امتلاك الأديان التوحيدية الحقيقة يبتني على افتراض أنّ التدين يعني الإيمان بالرب وقبول إرادته. وما يجب مناقشته ودراسته هو تمكّن المؤمنون بالرب وحدهم من الإدلاء بكلام معتبر وموثق عن جوهر الطبيعة والوجود، وجود هدف للحياة أو عدمه، طبيعة البشر ومصيره. ويبدأ الكاتب بيان هذا الإشكال بالتشكيك في فائدة مقولة الرب.
ويسعى المؤلف في الفصلين الثالث والرابع من الكتاب لتبيين الأصناف والأبعاد المختلفة من الإبهام في مفهوم الرب. ويستدلّ بوجود دلالات متعارضة لهذا المفهوم، بحيث نضطر لبيان مرادنا منه كل ما استخدمناه. إذاً لا فائدة منه ولا جدوى. إضافة لذلك، تسبب الدلالات المتعارضة الإبهام في اللغة. ومن الممكن أن يجرنا في هذا المجال المحدد إلى تبعات اجتماعية خطيرة.
ويذكر المؤلف في الفصل الثاني شواهد أخرى لإثبات نفس المدّعى بالنسبة للدين.
تلك الفصول الثلاثة إلى جانب الفصل الأول الذي خصص لبيان الموضوع ومراجعة سوابق البحث وأدبياته، تشتمل على أهم البحوث المقدماتية، خاصة تبيين المصطلحات الأساسية، وتقرير الموضوع، وتخطيط سير الأبحاث.
وفي زحمة ما ورد في هذه الفصول، يكشف الكاتب عن جوهر الكتاب وهدفه الأساسي: جميع بحوث الكتاب تصبّ نحو هدف واحد، وهو بيان ظاهرة الدين في التجارب البشرية من دون التمسك بمفهوم الرب؛ أو بعبارة أخرى، تخليص الدين من الإلهيات وتبيين لا طائلية مفهوم الرب. أمّا الطريق الذي يسلكه لنيل هذا الهدف، فهو إعادة قراءة تراث التجربة الدينية، آخذاً بعين الاعتبار أنّ هذه التجربة متوفرة عند الجميع، دون الحاجة للإقرار بما وراء الطبيعة. وبعبارة أخرى، يقصد المؤلّف بأنّ الدين ليس هبة إلهية نزلت عن طريق العبادة أو الانكشاف الوحياني على عدد محدد من البشر السعداء. فليس للدين سير نزولي من الأعلى إلى الأدنى، بل هو جزء طبيعي من التجارب البشرية، يمارسه أضعاف عدد من ادّعوا التدين. ولهذا السبب يسعى المؤلّف، وبتجنّبه مفهوم الرب، أن يقول لمن لا يعتبرون أنفسهم متدينين بأنّ الكثير من تجاربهم اليومية والطبيعية في حقيقتها تجارب دينية. فهدف هذا البحث الإتيان بالإجابة على الحاجة التالية: العرفان من دون إلهيات؛ التجربة الدينية من دون رب.

مقال :محمد مهدي مجاهدي
ترجمة: مشتاق عبد مناف
يتبع :98:
10-25-2008, 10:19 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:19 AM
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:21 AM,
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:23 AM,
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:28 AM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS