{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
دين بلا رب
نبع الحياة غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 286
الانضمام: May 2008
مشاركة: #2
دين بلا رب
وقد خصص الفصل الخامس لتناول أفكار المؤلّف حول العرفان والانحياز له. ويعتبر الكاتب العرفان والفهم العرفاني من تجربة الأمر المتعالي واللامتناهي قمة مراحل التكامل في تأريخ التدين، وذلك بناءً على دراسات كرن ارمسترونغ في تأريخ الأديان. ويرى الفارق بين الوحدانية التي تحققت من خلال الأديان التوحيدية وتعدد الآلهة المطروح من قبل الأديان الابتدائية ضئيل، وإن كانت الوحدانية أكمل من تعدد الآلهة. فالوحدانية لم تخط إلا خطوة بسيطة أكثر مما خطاه تعدد الآلهة. لأنّ الوحدانية هيّأت بشكل معقّد وخفي الأرضية لإعادة تعدد الآلهة، وذلك باحتفاظها على صورة شبه إنسانية وشخصانية من متعلق التجربة الدينية. وبناءً على رأي الكاتب، أصبحت إعادة الصياغة هذه ممكنة بل حتمية، فالمؤمنون يعتبرون ربهم الشبيه بالإنسان موجوداً متصفاً بكلّ محاسن ثقافتهم ومجمعاً لها. وسبّب سعة الثقافات المتدينة وكثرة تلونها في أن تقدّم كلّ جماعة موحدة ربّها الواحد بثوب يتمايز عن ما تقدّمه الجماعة الموحدة الأخرى. والنتيجة واضحة: تأريخ الأديان التوحيدية مشحون بالآلهة الواحدة المتنوعة والمتلونة. فالحالة لا تختلف كثيراً عن تنوّع الآلهة في فترة تعدد الآلهة. علماً بأنّ هناك فارق أساسي، وهو أنّ كثرة الصور الشبيهة بالإنسان التي صاغتها الأديان التوحيدية على مدى التأريخ فاقت بكثير عدد الآلهة في الأديان المتعددة الآلهة. ويعدّ المؤلّف التجربة العرفانية ثالث المراحل التأريخية للتدين. ويتضمّن العرفان مدلولاً غير معروف ومرموز وحتى غيبي. لكنّ الادعاء المهم للمؤلّف في هذا المجال، هو أنّ التجربة العرفانية ليست في متناول كافّة الأفراد فحسب، بل هي حاصلة بالفعل لكثير من الأفراد دون أن يعتبروها عرفانية أو يسمّوها بذلك.
ويتضمن الفصل الخامس مواضيع حول ماهية التجربة العرفانية في المناخ التأريخي للأديان التوحيدية. ولم تقتصر هذه الدراسات على تمحيص التعاريف النظرية، بل شملت دراسة حالات العرفاء البارزين أيضاً، وهيأت الظرف للخروج بقاسم مشترك من التجارب العرفانية في الأديان الشرقية والغربية.
وبعد تناول إجمالي للنقد التقليدي الذي تقدّم على العرفان وخاصة العرفان الديني، ركّز المؤلّف على مسألتين: الأولى، إنّ التجارب العرفانية وإن كانت تعدّ كعامل للجمع والتوحيد بين الأديان، لكنّها اشتملت على فضاءات أوسع من الفضاء الإيماني المعهود. فهي تشمل من جهة الأديان اللامتجانسة الشرقية والغربية، ومن جهة أخرى، تشمل حالات لا تنسجم مع أي صنف من التدين الشرقي والغربي.
أمّا المسألة الثانية، فعلى الرغم من أنّ العرفان المقنن المنسجم مع الأديان التوحيدية أصبح متناغماً مع الأنظمة الكلامية المنغلقة، لكنّ عامة المتدينين الملتزمين مازالوا متعاطفين معه.
أمّا التقييم النهائي الذي توصّل له الكاتب للتجربة العرفانية، في حدود ما يرتبط بأبحاث الكتاب، هو أنّ التجربة العرفانية، بناءً على التعريف المختار، تعدّ فوق التبيين العقلاني والنقاشات الاستدلالية و ـ على حد تعبير فتغنشتين8 ـ من المجالات التي يجب السكوت عنها. ولنفس الدليل المذكور، من الأفضل لنا البحث عن خلفيات تحققها، بدل البحث عن ذاتها وآلياتها الداخلية. الخلفيات التي تكون أكثر اتساعاً من دائرة التدين الرسمي أو حتى التجارب العرفانية المشروطة بدين من الأديان المتعارفة.
واختصّ كلّ من الفصل السادس والسابع والثامن بدراسة ظروف تحقق التجارب العرفانية في كلّ من الهندوسية والبوذية والطاويّة ـ حسب الترتيب ـ. كما تناولت هذه الفصول إمكان تحقق التجارب الروحية من دون الاعتقاد بالرب، والغير معتمدة على الأنظمة الإلهية في الديانات الشرقية، بالدراسة والتمحيص. وفي حين يحجر الرب في عرفان الأديان الإلهية لصالح ألوهية مبهمة وغير محددة، يرى الفرد الذي يتمتع بالتجربة العرفانية ـ في الأديان الهندية ـ نفسه متحرراً من مخالب الأوهام (في الفيدا والفيدانت) لحظة الانجذاب الروحي، أو يفقد جميع ذاتيته (في ترافادا البوذية). وتحقق الوحدة مع الطبيعة في الطاوية، أرضية متمايزة عن الانجذاب والفناء (الذي يعدّ جوهر التجربة العرفانية).
وتدنو التجربة العرفانية الصينية خطوة من الروحانية العلمانية، فهي لا تترقّب حصول أيّ مكاشفة روحية أو تجلّ عرفاني أبعد مما يحدث في الطبيعة عادتاً. وفي تعاليم الكنفوشيوسية، نرى بوضوح نفي ((العالم الآخر(( لصالح العلاقات الإنسانية الحاضرة، وكذلك استبعاد ((تربية الروح(( لصالح الاهتمام بحوائج الإنسان النفسية والعقلية.
وقد خصص الفصل التاسع من الكتاب لاختبار فكرة التجربة الدينية والروحية من دون رب في مجالات الفن والطبيعة والعلاقات الإنسانية. وتسير بحوث الكتاب في هذا الفصل على منهج الدراسات التاريخانية لاي.ان. ويلسن، والجمالية والفلسفية لدون كيوبيت. كما تبحث عن الابداعات الفنية والبيئية والعلاقات الروحية، التي هي دنيوية ومنتمية لهذا العالم في نفس الوقت. وقد سمّى الكاتب هذا الفصل ((الدين الناصوتي(( أو الدين اللامقدس. ويؤكّد على خصوصية الظواهر الفنية أو المواقف الفنية في قدرتها ـ على حد تعبير طنيسون ـ اجتياز حدود الزمان والمكان بالإنسان. وتوفّر هذه الخصوصية في الفن قابلية روحية لخوض تجربة عرفانية. ويعتقد الكاتب بأنّ هذه الميزة نفسها موجودة في النظرة العرفانية، لاسيما في العرفان الشرقي. والتي تؤدّي إلى أن يرى الفرد طبيعته الباطنية متّحدة مع الطبيعة الخارجية في حالات الانجذاب والفناء خارج إطار الزمان والمكان. لكن ليس كلّ الناس سعداء إلى درجة يمكنهم خوض تجارب عميقة مع الفنون الجميلة. كما أنّ الحياة الحديثة والصناعية لم تترك لنا مجالاً للانجذاب والتفاعل مع الطبيعة. وعلى الرغم من ذلك، مازال هناك مجال يدفع بعموميته الكاتب للبحث فيه عن التجارب العرفانية من دون الرب، وهو علاقتنا فيما بيننا.
وقد كتب الكاتب المعروف، مارثين بوبر، كتاباً تحت عنوان (Ich und Du) عام 1922. واعتبره بيلينغتون، بصفته يهودي وجودي (Existentialist)، أول من ربط بين الإيمان بالله الغربي وعدم الإيمان بالله الشرقي. فقد فكك مارثين بوبر بين علاقة ((أنا ـ ذلك(( وعلاقة ((أنا ـ أنت((. ففي العلاقة الأولى، طرف النسبة مع الإنسان شيء، ولا يؤدي إلى انتماء أو مسؤولية، وهي قائمة على أساس النفع الذي يتلقاه ((أنا(( من ((ذلك((، فهناك قطيعة كاملة بين طرفي العلاقة. وحسب زعم بوبر، أنّ الرب أصبح الآن ((ﮐذلك(( بالنسبة ((ﻟأنا(( عند المتدينين. بينما ترفع علاقة ((أنا ـ أنت(( أي حواجز وموانع بين طرفي العلاقة، وتعكس وجود انسجام وتوازن داخلي. فليس في هذه العلاقة ثنائية حتى يمكن على ضوءها اعتبار وجود فاصلة ما. وخلافاً لعلاقة ((أنا ـ ذلك(( التي تتألّف من ثلاثة أجزاء: أنا، ذلك، ووجه العلاقة، ليس في علاقة ((أنا ـ أنت(( إلا العلاقة القائمة. ويعتبر بيلينغتون هذه العلاقة نفسها حالة التجربة الدينية. وتصنع هذه المعادلة من العلاقات الإنسانية جسراً من الأرض نحو الأمر المتعالي. ويبحث المؤلّف عن هذه المعادلة حتى في أكثر العلاقات جسديةً ودنيويةً، أي في العلاقة الجنسية بناءً على المنحى الطاوي.


يتبع :98:
10-25-2008, 10:21 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:19 AM,
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:21 AM
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:23 AM,
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:28 AM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS