{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
دين بلا رب
نبع الحياة غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 286
الانضمام: May 2008
مشاركة: #3
دين بلا رب
وقد بحث الفصل العاشر في علاقة الدين بالأخلاق في ظل دين بلا رب. ويعتقد الكاتب، بأنّ توصيف الرب بالحسن أو السوء، أو تأليف علاقة بين الرب والمحاسن والمساوئ الأخلاقية، سواءً من قريب أو بعيد، يبتني على تصور شبه إنساني من الرب. ففي النظرة العرفانية، خاصة العرفان الدنيوي (أرضي) لدين بلا رب، تجربة الأمر المتعالي حالة ما وراء الحسن والسوء.
فالأخلاق أمر ثقافي تماماً، يبتني على تراكم تجارب الحياة البشرية المشتركة، وهو مستقل عن الدين في الحدوث والبقاء. علماً بأنّ القيم الأخلاقية التي لابد وأن تدور في فلك الثقافة، وهي تتغيّر من فترة لأخرى، من الممكن أن تدخل مرة أخرى إلى المجتمع عن طريق الإلزام الديني للمتدينين، بعد إعادة صياغتها في إطار الأديان القائمة. وقد ينسب المتدينون، في حالة كهذه، إلتزاماتهم الأخلاقية إلى الإلتزامات الدينية. لكن لا يمكن افتراض أنّ الأخلاق نابعة من الدين إلا إذا نظرنا إلى علاقة المؤسسة الدينية بالثقافة والقيم الأخلاقية بشكل مقلوب. ويدرس الكاتب في هذا الفصل النتائج التربوية والتعليمية للنظرة الأخلاقية الغير مؤمنة بالله، ويوصي بأن لا يستند في التعاليم الأخلاقية للأطفال إلى العقائد الدينية بأي شكل من الأشكال.
أمّا الفصل الأخير الذي يحمل العنوان المألوف والشيق ((الذات الفاقدة للصورة((، يبدأ بجملة لمارتن هايدغر: أصبحنا بالنسبة للآلهة من الماضي، ولا زلنا بالنسبة ((للوجود(( حدّث. فالإنسان هو نغمة الوجود التي بدأ بالترنم بها.
يذكّر المؤلّف في هذا الفصل بمسألة موت الرب، ويعتبر أنّ الصورة الخيالية من الرب كانت أسطورة مفيدة للأزمنة الغابرة (كأسطورة بطلميوس حول مركزية الأرض)، لكنّها غير ممكنة وغير مجدية لما بعد العدمية9. كما يعتقد بأنّ استحضار معاني الرب والألوهية، بشكل لاإرادي ومبهم في أذهان أغلب الناس، دليل كاف للاجتناب عن العودة إلى الألوهية بعد وضع الرب جانباً، وإن كان هو فصل بين الألوهية والرب. ومن ناحية أخرى، يذكّرنا تلازم الإيمان بالرب وتقبّل بعض الوجوه التأريخية أو شبه التأريخية، كرموز دينية، بأنّ هذه الفبركة الدينية ضاعفت من صعوبة الإيمان بالرب في زمننا. لكن المشكلة الكبرى في هذا المخاض ما يؤدي إليه هذا النحت للشخصيات إلى تشكيل مبدأ للاقتداء والتماثل؛ الأمر الذي ليس بالمبرر أو المعقول، ولا بالممكن أو المقدور. كما أنّ منحى تقليدي وتبعي في التدين كهذا يتنافى مع الاستقلالية الفردية والحياة الطبيعية . ولهذا، تسلب من الفرد إمكانية الحياة الروحانية والغنية بالتجارب العرفانية الأصيلة. ومن ناحية أخرى، يعتبر انتقاء نصوص معينة وإضفاء صفة التقديس عليها وإعطائها منزلة الحقيقة المطلقة، وهي ميزة جميع الأديان التأريخية القائمة بحكم أخذ النداء بدل المذياع نتيجة استبدالهما، كاستبدال الألوهية بالرب.
أمّا رابع نقطة يذكّر بها المؤلّف في الفصل الختامي هي أنّ افتراض وجود ارتباط بين الدين والأخلاقيات، في الحقيقة، مغالطة تفتقد لأيّ استدلال. فيرى بأنّ ليس لمصطلح الأخلاق المسيحية أيّ محتوى. ويذكر شواهد على أنّ فحوى ما يسمّى بالأخلاق المسيحية كان متوفر في أماكن مختلفة (خاصة عند الشرقيين) منذ قرون ما قبل المسيحية. وبهذه الطريقة ينتزع المؤلّف، الدين والتجربة الدينية من الرب، والشخصيات التأريخية وشبه التأريخية الدينية، والكتابات المقدسة، والتعامل الأخلاقي، وكلّ الأشياء والأماكن والأزمان المقدسة، كي يطرح مدّعاه التالي على القراء: الدين في درجاته العليا، ذات بلا صورة.
نتائج الكتاب
القسم الأخير من الفصل الحادي عشر والذي يطرح آخر ما أتى في الكتاب، يحمل عنوان ((المتدين في عصر ما بعد الحداثة((. ويعدّ هذا القسم بمثابة خلاصة واستنتاج لما جاء في الكتاب حول رسم صورة من الحياة الدينية في عصرنا الراهن على أساس فكرة ((دين بلا رب((.
ويبدأ الكاتب ببيان نتائج هذه الحياة للمتدين المتخلي عن فكرة الرب في عصر ما بعد الحداثة. ويمكن تلخيص الخصائص التي يذكرها كالتالي: التناغم مع المعتقد القائل بعدم إمكان اختزال عالم الوجود في البعد المادي لما له من أبعاد متعددة. ويبتني هذا الأمر على تجربة شخص يرى نفسه مستغرقاً ومنجذباً لأمر ما، في بعض الأحيان وخارجاً عن أطر الزمان والمكان. وتختلف الظروف التي تساعد الشخص للوصول إلى التجربة الروحية من شخص لآخر. فالعمل والفراغ سيّان بالنسبة لفرد كهذا، فله الفرصة للتأمّل حين السكوت، وربما تكون له طرقه الخاصة للمراقبة والوساطة.10 وحياته لا تنقضي في انتظار الحياة الآخرة. فهو يكسب معنى لحياته الفعلية، ويترك المستقبل للمستقبل. ولا يبدو نمط حياته خشناً ومنفوراً بالنسبة للآخرين. وقد ينتقد الآخرين، لكنّه يحترم تمايز قيمهم عن قيمه. وفي حين لا يتقبّل بعض التصرفات، لكنّه لا يهدف إلى تغيير مثالي في العالم، ولا يقدم على فعل إلا إذا اقتضت الظروف ذلك. ويترقّب دائماً النظم والتغيير الاعتيادي والطبيعي للأمور والأشياء؛ ولا يضع نفسه موضع الريادة. ولا يحضر في معبد وإن كان لا يحتقر من يفعل ذلك. ولا يفتخر بتسميته ((متديناً((.
ويعتقد المؤلّف بأنهّ إذا أمكن تحقق هكذا نموذج من الحياة وتعميمه، سوف تواجه الأديان التوحيدية تحديات كثيرة، من أهمها دور هذه الأديان في الحياة.
وآخر كلام له، والذي مهّد له بطرق مختلفة خلال أحد عشر فصلاً، هو أن لا بقاء للدين منذ اليوم إلا في إطار التجربة الروحانية. التجربة التي يمكن تسميتها الوحدة مع ((اللانهاية(( أو الفناء فيها. والمهم أن لا نعتبر الدين ظاهرة خارجية، بل طاقة باطنية، تبهج الإنسان وتنعشه، ويمكنها التسامي بالإنسان دائماً، وإلهامه أحياناً.


يتبع :98:
10-25-2008, 10:23 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:19 AM,
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:21 AM,
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:23 AM
دين بلا رب - بواسطة الحكيم - 10-25-2008, 10:28 AM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS