{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
التعريف بالمذهب الشيوعي (1)
عربي ذو لب غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 56
الانضمام: Oct 2008
مشاركة: #1
التعريف بالمذهب الشيوعي (1)
الحــــــلــقــة الأولـــــي


قبل منتصف القرن قبل الماضي نشر (كارل ماركس) مذهبه الفلسفي الذي سماه بالتفسير المادي للتاريخ، وبني عليه مذهبه الاقتصادي الذي سماه (بالاشتراكية العلمية) تمييزاً له عن المذاهب الاشتراكية السابقة، وهي عنده اشتراكيات أحلام أو اشتراكيات (طوبي) لا تقوم علي غير الأمل والخيال.

ولم تكن هذه الاشتراكية العلمية أقل نبوءات من المذاهب التي كان ينعي عليها أنها تجافي العلم وتتنكب طريق الواقع، لأن الاشتراكية العلمية التي آمن بها (كارل ماركس) قد تطوحت في نبوءات لا تنتهي إلي آخر الزمان، وادعت لنفسها أنها تفسر أسرار الكون وأسرار المادة في جميع ظواهرها، وأنها ترسم للتاريخ المقبل خطاه التي لا يحيد عنها ولا يزال مطرداً عليها إلي غير نهاية، وهي نهاية أبعد في مجاهل الغيب من النهايات التي قدرتها الأديان الغابرة ببضعة آلاف من السنين، لأنها توغل في الآباد المقبلة إلي ملايين السنين، وتدعي باسم العلم (لا باسم الخرافة) أن الغيب المجهول لن يأتي بشئ في حياة الإنسان غير الذي رسمه (كارل ماركس) وفرغ منه قبل مننتصف القرن التاسع عشر، وقبل أن يتقدم العلم نفسه وراء خطواته الأولي في العصر الحديث.

ولم تكن المسألة عند كارل ماركس مسألة تقديرات نظرية لا يترتب عليها شئ من العواقب غير تبديل نظرية بأخري أو تنقيحها برأي يخالفها، ولكنها كانت مسألة أرواح ودماء وشعوب وأنظمة واجتراء علي الماضي كله بالهدم والانتقاض إيماناً بتلك النظرية التي لا تقبل الشك ولا يستكثر علي تحقيقها إهدار الدماء كالأنهار ولا تقويض المعالم الباقية كأنها من جهود عدو الإنسان وليست من جهود الإنسان في جميع الأزمان.

وكان ينبغي للإيمان بتلك النظرية أن تقوم علي أساس واضحة مقررة ثبتت في عقل أصحابها وفي سائل العقول ثبوتاً لا شبهة عليه ولا مثنوية فيه، ولكنها في الواقع لم تثبت في ذهنه بتفصيلاتها ولم يفرغ من دراستها في حينها، وأرجأ التوسع في شرحها إلي اللجوء الأخير من كتابه، ثم مات قبل أن يفرغ من ذلك الكتاب.

وعد كارل ماركس بإشباع القول في مسألة الطبقات ومسألة القيمة الفائضة من كسب العمل ومسألة التطور بين عصر الانتقال وعصر المجتمع ذي الطبقة الواحدة، وكل هذه المسائل من صميم القواعد التي يقوم عليها مذهبه العلمي كما يسميه، ولكنه مات ولما يبين للناس حقيقة الطبقة الاجتماعية، ولا معني القيمة الفائضة، ولا نظام الحكم بعد انتقاله إلي أيدي الطبقة العاملة، ولا الوسيلة التي يتم بها هذا الانتقال.

وعلي ضخامة الدعوي التي يدعيها كارل ماركس في نبوءاته الأبدية تكشفت الحقائق في حياته فإذا هي تنقض تلك النبوءات وتدل علي نقيض البقية الباقية منها، فلم يلتفت كارل ماركس إلي هذه النقائض البينة أو التفت إليها ليقذفها ببعض اللعنات غير العلمية التي تعود أن يقذف بها كل ما يخالف تقديره وكل من يخالفه، ومنها الرجعية والعامية والعقلية السطحية وخدمة رأس المال وخداع السواد والتعلق بالأوهام، وأشباه هذه المثالب والوصمات.

ولم تمض سنوات علي وفاته حتي تعاظمت هذه النقائض علي أتباعه ووجدوا أنفسهم أمام تلك الضرورة التي تركها كارل ماركس في أوائلها واستطاع أن يتجاهلها ويروغ من طريقها لأنها لم تتعاظم في زمنه حتي تأخذ عليه جميع المنافذ والفجاج، فتذرع أتباعه بكل ذريعة غير الذرائع العلمية في تمحيص نبوءاته وتقديراته ووضعوا في أذهانهم أن كارل ماركس ينبغي أن يكون علي صواب بأي حال، وأنه إذا تعذر إثبات صوابه بالمعني الظاهر وجب التماس المعني الذي يجعله مصيبا علي وجه من الوجوه، وأنه إذا تعذر الفهم الصريح والتأويل الخفي معاً وجب أن يبقي منقحاً ولو زال كل أثر من آثار الفكرة ولم يبق منها إلا التنقيح المزعوم، وخيل إلي الناس أنهم أمام طائفة من الدراويش يتبركون بخرقة من دثار ضريح مهجور، ويمنيهم أن يحتفظوا بخيط من تلك الخرقة كيفما كان، ولا يعنيهم أن يكون الدثار صالحاً للكساء.

وطال الترقيع والتلفيق علي هؤلاء الأتباع فاضطروا إلي مواجهة الحقيقة كما استطاعوا أن يواجهوها.

ظهر أخيراً أن كارل ماركس غير معصوم وقالوها كأنهم يستجمعون شجاعتهم للاجتراء علي هذا التجديف المخيف، بل قالوها وهم يشتمون المنقحين لأنهم حرفوا مبادئ كارل ماركس ولجأوا إلي التحريف ليحيدوا عن طريقه الذي رسمه أمام التاريخ إلي نهاية الزمان كان ينبغي أن يصمدوا علي ذلك الطريق.....

كان ينبغي أن يبقي ذلك الطريق مفتوحاً دون غيره إلي نهايته القصوي وأن يبقي كارل ماركس مقدساً متبوعاً مرجوعاً إليه في مآزق الفتنة والضلالة، وكل ما يجوز للأتباع أن يفهموا أنه غير معصوم في الدلالة علي ذلك الطريق الأبدي الذي لا طريق سواه، فمن الجائز عليه أن ينأي عن الجادة وينحرف إلي التيه وليس من الجائز لأتباعه أن يتخذوا من انحرافه دليلاً علي انحراف الطريق.
وقبل أربعين سنة أتيح لبعض أتباعه أن يقبضوا علي زمام الثورة الروسية بعد انهيار دولة آل رومانوف فجاءتهم هذه الثورة والمذهب الماركسي يتداعي ويتناقض بنبوءاته وتقديراته وتخريجات منقحيه ومنقحي منقحيه ، وأمامهم في مفترق الطرق مسلك من مسلكين، أما أن يهملوا المذهب فيهملوا الحق الذي يبنون عليه قيادة الثورة وتأسيس الحكومة الجديدة، وأما أن يتشبثوا به لتطبيقه أو تجربة تطبيقه، ما استطاعوا التجربة والتطبيق مع الاسترسال عند كل خطوة في التنقيح وتنقيح التنقيح، والاعتراف تارة بالقداسة وتارة بالعصمة حول دثار الضريح.

وتهيأ للتجربة الماركسية في بلاد القياصرة ما لم يتهيأ قط لمذهب من المذاهب الاجتماعية، واستباح المجربون والمطبقون والمنقحون جميعاً ما لم يستبحه أشد المتهوسين تعصباً لدين من الأديان علي سبيل نشر الدين والخلاص من الكافرين به أو المارقين عليه، ولم يحصر التاريخ من ضحايا الأديان منذ أيام الجهالة إلي العصر الحاضر عشر معشار الضحاية الذين ضاعوا بالملايين قتلا ونفيا وتعذيبا في سبيل النبوءات الماركسية، ولم تثبت بعد ذلك كله نبوءة من تلك النبوءات بل ثبت بما لا يقبل الشك أنها مستحيلة علي التطبيق.

ولا حاجة إلي دقائق المذهب البعيدة للحكم علي نبوءات كارل ماركس الأبدية ولا حاجة بالبداهة إلي الأبد كله ولا إلي بعضه، أن كان للأبد بعض مقسوم للعلم بفساد هذه النبوءات واستحالتها علي التطبيق..... فإن الخطوط العريضة من نبوءات المذهب البارزة تكفي لبيان مصيرها بعد البحث الأمين والتجربة العلمية، فإن قرنين اثنين كانت فيهما الكفاية وفوق الكفاية لإثبات التناقض بين وجهة التاريخ ووجهة كارل ماركس في نبوءاته الأبدية، لأن بحوث القرنين وتجاربها دلت علي هذا التناقض الواضح وألجأت الماركسيين أنفسهم إلي التحميل الشديد في تخريج مقاصد إمامهم، أو إلي الاعتراف الصريح بخطئه وحاجته إلي التنقيح والتصحيح.

إن حرب الطبقات من دعائم المذهب الماركسي الذي لا يقاء له بغير بقائها، ومن ثم سمي المذهب بالمادية الثنائية أو المادية الحوارية علي بعض التراجم اللفظية، لأنه يقوم علي تتابع النقيضين بين الطبقة الماضية والطبقة التي تخلفها، إلي أن يحين الأوان المقدور ويأتي المجتمع الموعود الذي لا طبقات فيه.

وعلي هذا الأساس الذي لا قوام لنبوءات كارل ماركس بغيره، ويجزم كارل ماركس بزوال الطبقة الوسطي من المجتمع قبل زوال رأس المال.... ولا بد عنده من فناء الطبقة الوسطي بين طبقة رأس المال وطبقة العمال قبل ظهور المجتمع الذي يستولي العمال فيه علي مواد الإنتاج.

علي أن إحصاءات التي سجلتها الأرقام قد أثبتت أن الطبقة الوسطي تزداد مع الزمن ولا تنقص كما جاء في النبوءات الأبدية، ولم تخرج هذه الإحصاءات من أيدي الخصوم المنكرين للمذهب من أساسه بل جاءت من الأنصار المؤيدين الذين اضطرتهم الوقائع إلي الاعتراف بما لا يقبل الإنكار، وقد كان أول هؤلاء المؤيدين إدوارد برتشتين، الذي أراد بإحصائه في الحقيقة أن ينقذ المذهب من الضياع، فأثبت أن أصحاب الموارد المتوسطة يزدادون مع تقدم الصناعة الكبري، واعتقد أن توزيع الثروة في نطاق واسع هو السبيل إلي اللامركزية التي خفيت علي كارل ماركس، وأن انقراض الطبقة الوسطي لا يحقق اللامركزية الموعودة، بل يحققها انتشار الثروة بين جميع الطبقات.

ولم يكن خطأ كارل ماركس في هذه المسألة الأساسية خطأ النقص في الإحصاءات التي يجهلها ولكنه كان خطأ الهوي والتعنت أمام الواقع الذي لا يريد أن يراه لأنه لا يوافق هواه، وكان كذلك خطأ يتمثل في قصور الإدراك والتقدير الصحيح الميسور لمن يحسن التقدير ولو لم تكن لديه أرقام ولا سجلات إحصاء.

كان رأس مال الصناعة في مبدأ أمره محصوراً في أيدي أصحاب المصانع المعدودين، وكان صاحب المصنع الكبير واحداً أو اثنين من أسرة واحدة، أو كانوا ينتمون إلي أسرات قليلة مشتركة في رؤوس الأموال.


موعدنا في الحلقة الثانية إن شاء الله تعالي
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 10-29-2008, 09:24 PM بواسطة عربي ذو لب.)
10-29-2008, 09:21 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
التعريف بالمذهب الشيوعي (1) - بواسطة عربي ذو لب - 10-29-2008, 09:21 PM
التعريف بالمذهب الشيوعي (1) - بواسطة Awarfie - 12-06-2008, 03:59 PM,
التعريف بالمذهب الشيوعي (1) - بواسطة caveman - 12-14-2008, 11:54 PM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS