مالك

بالنسبة للعراق رغم عدم حماسى للخوض فى هذا الموضوع واعتبره ليس جوهر موضوع النقاش بالنسبة لى لكن حسنا سابدا به وبما يمس موضوع النقاش نفسه بدون ان احول الموضوع العراقى كمحور فى نقاشاتى القادمة


الانشقاق في داخل المجتمع العراقى( ومعظم الدول العربية ايضا ) هو شرخ رأسي وليس شرخاً أفقياً، الشرخ الأفقي هو كالموجود في المجتمع المصري مثلاً حيث الخلاف بين طبقات وجماعات مركبة فوق بعضها البعض في الهرم الاجتماعي والاقتصادي قد يكون التصادم شديداً أو مجرد تعبيرات كلامية لكنه من غير الممكن أن يؤدي لانهيار المجتمع حتى لو انهارت الدولة لأن المجتمع نفسه كتلة متجانسة وأعمق في وجودها في التاريخ من الدولة عدا أن كل مكونات الهرم مهما اصطدمت تعتبر نفسها مصرية ونستطيع القول بكل هدوء أن المكان الوحيد في جغرافيا العرب الخالي من شق رأسي هو مصر وليس سواها وهي أقرب بالفعل لمفهوم الدولة -الأمة مما يغري بعض الأفراد مثلك للحديث عن ا(القومية المصرية) وهم جزئياً على حق لكنهم لا يعكسوا كل الحقيقة العراق وبقية الكيانات الدولانية في المنطقة التي نشأت في اعقاب الحرب العالمية الاولى (سايكس بيكو) تم تجميعها بآليات خارج منطق علم الاجتماع السياسي الجغرافيا السياسية بل وفقاً لمنطق استعماري واضح.

وهي صيغة منقسمة رأسياً وبكل وضوح وعلاقة الجماعات فيها هشة على حافة الانشقاق وأداة التوحيد فيها ليس آليات المجتمعالثقافية والاقتصادية بل هو الدولة نفسها وأي تلاعب في مركزية هذه الدولة هو تلاعب في استمرار المجتمع نفسه بما يعني حروباً أهلية وقلاقل قادرة على التعميم (على عكس تقاؤلك من تعميم الديموقراطية) وهذا ما يشغل بال كل الدول المحيطة بما فيها تركيا وإيران والسعودية وسوريا والتي ستطالمهم تداعيات الانفجار بالتأكيد. قد ينشأ ما يشبه أو ما يوحي بالديموقراطية تحت ضغط الحدث في البداية لكنه سينفجر بالتأكيد إن آجلاً أو عاجلاً هناك منطق اجتماعي -سياسي يحكم مسار الأشياء وليس الأمنيات.

- أنت تعزل وبكل براءة ما يحدث في السياسة الأمريكية الاستعمارية عن البعد الإسرائيلي ( المقاول الفرعى الذى يحاول ان يشق لنفسه اجندة فرعية من رحم المشروع الاستعمارى العام ) وهو المعروف لدينا منذ عقود بل ومنشور ( و مشكلة العرب كما قال موشى ديان انهم لا يقرأوا )
والتوجه لاصحاب هذا المشروع
1 اختزال كل الصراع بطريقة تحمل العرب مسؤوليته بحيث يصبح الصراع مجرد عدم ديمقراطية العرب لا اكثر ولا اقل
2 محاولة للدمقرطة القهرية ( حيث لم يعرف التاريخ قط دمقرطة نشات من خارج السياق الاجتماعى وبطريقة قهرية من معتد استعمارى حتى اليابان والمانيا التى يستخدمها البعض فى هذا المجال الدعائى كانت بها ديمقراطية متطورة لسنوات قليلة فقط قبل سيطرة النازيين والطغمة العسكرية فى اليابان وكان لديهم ما يكفى من التنظيم الاجتماعى والتطور لاستعادة ديمقراطيتهم مع او بدون تدخل خارجى فالديمقراطية كانت هى الاساس فى تطور المجتمع اما الديكتاتورية فكانت الاستثناء الطارىء )
اى دمقرطية قهريةحسب هذا المخطط ستؤدى لانفجارات اجتماعية وقلاقل ولربما نشوء كيانات اصغر متصارعة مع بعضها البعض وهذا سيكون اكثر من رائع حيث سيبقى اسرائيل هى الكيان الوحيد القائم فى المنطقة فى مواجهة هذه القبائل البدائية المتصارعة
قد تبقى امامها مصر لكنها ايضا ستضعف للحد الاقصى وعلى كل الصعد بحكم انهيار شبكة مصالحها فى المنطقة ولن يبقى امامها الا ان تقبل اقدام اسرائيل لترضى عنها
والمفارقة التى تثير الغيض اننا لو كنا فى هذا التحليل لطبيعة الدولة فى الشرق الاوسط نتحدث عن الدور الاساسى للدولة المركزية كاداة وحيدة لاستمرار المجتمع فان الوضع فى اسرائيل اسوا بمئات المرات من ذلك حيث ان الدولة المركزية بحد ذاتها مسخرة والمجتمع حالة كوكتيل لا قيمة له ولا يوجد اداة توحيدية تربطه والعنصر الحاسم فى الاستمرار والتماسك هو المؤسسة العسكرية الامنية لا اكثر ولا اقل
سيكون ذروة التراجيديا والانحطاط عندما يتحرك تاريخ عمره 7000 سنه ومسارات الاقتصاد والثقافة فى منطقة العرب بامرة جنرال او لربما شاويش يهودى

هذا المفهوم الصهيونى قرئناه قبل عشرين عاما واعدنا قرائته وبدقة فى العام 1996 تصور من كان كاتبه!! لقد كان ريتشارد بيرل الذى كان حينها مستشار بنيامين نتنياهو وهو الان العقل المفكر للبنتاغون وهو بالمناسبة الصديق الحميم لفؤاد العجمى وياخذه معه فى كل ندوة او مهرجان فهو محتاج لاى اسم ينطق باللغة العربية ( وهو على صداقة ايضا بكنعان مكية ) ويحاول منذ فترة مستميتا ان يلف حوله مجموعة من الاسماء العربية

هذا الفهم هو تيار مؤثر فى صناعة القرار الاميركى ( الادارة الاميركية ) رغم انه ليس بالضرورة ان يتم تمريره فبعض الاجنحة الاساسية فى الادارة تشعر بالذعر الشديد من هكذا سيناريو فهى تفهم تبعاته وبالتالى امكانية تهديده الشديد لاستقرار منطقة نفطية الاجندة والمصلحة الاميركية تتطلب نشوء درجة معينه من الاستقرار وتجنب القلاقل فى هذه المنطقة ( اما مفهوم الفرض القهرى للديمقراطية وما قد يتبعه من قلاقل فهو اجندة صهيونية متطرفة كما بينا اعلاه وهذا ما قد يجعل رجل كوزير الخارجية السعودى يقول ان من يتامل السياسة الاميركية فى المنطقة قد يصاب بالجنون فهى لا تعبر بتاتا عن مصلحة اميركا نفسها ) من يتزعم التيار الحذر فى موضوع الديمقراطية بالفعل هم الرموز الحاسمة فى الادارة الاميركية تشينى رامزفيلد وباول طبعا وهم يتحدثوا تقريبا عن ديكتاتورية ليبرالية ( شىء لا يختلف فعلا عما هو قائم فى مصر مثلا )
اما تيار اليهود الصهاينة اللذين يسموا انفسهم بالامبرياليين الديمقراطيين فهم اسماء معروفة وولفيتز وبيرل واخريين ( انا لا اعتقد بامكانية مرور مشروعهم لانه لا ينسجم مع الاجندة الاستعمارية الاميركية العامة ..لذا تراهم يستميتوا الان فى خلق تيار واسماء عربية حولهم بدون نجاح يذكر عدا عدة اسماء لا تتجاوز عدد الاصبع من الحثالى لان كل من يقترب منهم يحرق نفسه للابد فاستمرارهم على الحلبة كتيار صهيونى مؤقت وعابر ولن يمر مشروعهم كما قلت فهو مشروع صهيونى طموح لا يستطيع المشروع الاميركى الواسع تحمله )

لكن السيناريوهات المتوقعة الان بصدد العراق( ساحاول اختصار تقاطع المعلومات لدى )
أولا اندلاع حرب و تعتمد فى طبيعتها ونتائجها على مستوى المقاومة العراقية البعض يضع ثلاث احتمالات لهذه الحرب فى حال استمرت حوالى 6 شهور سيكون سيناريو كارثى على الولايات المتحدة ودورها الدولى القادم ( لكن فى كل الاحوال سيتم القضاء على النظام )
وستتتبعه الترتيبات السياسية التالية
ا على المستوى الشكلى للسلطة سيتم اقامة حكومة فيدرالية مكونه من ( هيئة رئاسة طائفية ) ولربما لويا جيرقا وربما يتبعها عملية ديمقراطية شكلية واجرائية بحتة جدا
على المستوى العملى والعميق للسلطة سيحكم الجيش بتركيبته السنية ولن يتم تغيير هذه الطبيعة السنية ابدا وسيكون هو اداة التوحيد المركزية للدولة والمجتمع ( شىء ما يشبه تركيا ) وهذا ما يفسر استماتة اميركا منذ سنوات للوصول لاى جنرال سنى فهكذا جنرال فى استراتيجيتها اهم بمليون مرة من كل المجموعات التى تسمى نفسها معارضة

ثانيا الاحتمال الثانى هو التفكيك الطوعى للنظام القائم عبر عدة سيناريوهات
كالسماح باجراء عملية انتخابية برلمانية ورئاسية بعد فترة محددة تحت اشراف ومراقبة دولية
( وهذا هو جوهر الحديث فى المنطقة او ما يعرف بالحل التركى العربى ) حتى هذا الحل يشعر الرئيس مبارك بخطر عدم قبوله من الاميركان ( فى تصريح له قبل اسبوع ) وبالتالى اندلاع الحرب حتى مع لو طرحت الديمقراطية للعراق كحل

ثالثا الاحتمال الثالث والكارثى وهو مطروح على صدام منذ عدة سنوات والان تدور خلف الكواليس اتصالات واغرات محمومة لتمريره
قصة هذا الاحتمال كالتالى
سنة قبل وفاته وفى اجتماع له سال الحسن الثانى احد المسؤولين الاميركيين ما هى شروطكم فى نهاية المطاف لاغلاق الملف العراقى وذهل الملك الحسن الثانى عندما سمع الرد التالى
اولا تطبيع العلاقات مع اسرائيل وثانيا القبول بالعراق كمكان لاستعياب اللاجئين الفلسطينيين فى بلدان الشتات وهذا سيكون لصالحه صدام فهم
سنيين وسيكون لصالحنا حيث سيمكننا من اغلاق ملف الصراع مع اسرائيل التى لا يستطيع عرفات اغلاقه بدون اغلاق ملف اللاجئين
لم يذكروا الديمقراطية ولم ينبسوا ببنت شفه عن اسلحة الدمار الشامل ( لربما لو قبل بهذا الحل لاعطوه عدة قنابل ذرية كهدية )
هذه المساومة حسب المعلومات التى تتسرب هنا وهناك موجودة الان وبقوة

الديمقراطية واليبرالية هى ما اتقف انا وانت عليه وما نستطيع فعله حقا بقوانا الذاتية ولن يتم تصديره قهرا فهو سياق تاريخى اجتماعى وليس منتج مادى او سلعة تنقل من مكان لمكان

ساكمل لاحقا