{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
اصل العائلة
charles de gaulle 78 غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 382
الانضمام: Jun 2008
مشاركة: #30
اصل العائلة


7
العشيرة عند السلت و الجرمان

إن نطاق هذا البحث لا يسمح لنا بأن ندرس بالتفصيل مؤسسات النظام العشائري التي لا تزال قائمة حالياً عند شتى الشعوب المتوحشة و البربرية بشكل متفاوت النقاوة، أو آثار هذه المؤسسات في تاريخ الشعوب المتمدنة الآسيوية القديم. فهذه و تلك موجودة في كل مكان. حسبنا بعض الأمثلة. فقبل معرفة ماهية العشيرة، كان ماك-لينان، الذي بذل من الجهود أكثر مما بذله أي آخر لأجل تشويه معنى هذه الكلمة، قد أثبت وجودها و وصفها على العموم وصفاً صحيحاً كما كانت عليه عند الكلميك و الشركس و الساموييد* و عند ثلاثة شعوب هندية –الفارلي و الماغار و المانيبوري (127). و مؤخراً، اكتشفها كوفاليفسكي و وصفها عند البشاف و الخفسور و السفان و غيرها من القبائل القفقاسية (128). و نكتفي هنا ببعض الملاحظات الوجيزة حول وجود العشيرة عند السلت و الجرمان.
-----------------
* اسم الننتسي سابقاً. الناشر.
-----------------
إن أقدم القوانين السلتية التي وصلت إلينا تبين لنا العشيرة في أوج حيويتها، وفي إرلنده، لا تزال العشيرة حية في ضمير الشعب في أيامنا هذه، بصورة غريزية على الأقل، بعد أن دمرها الإنجليز بالقوة، و في اسكتلنده، كانت لا تزال في ذروة ازدهارها في أواسط القرن الماضي، و هنا أيضاً لم يقض عليها إلا بسلاح الإنجليز و قوانينهم و محاكمهم.

إن قوانين بلاد ويلس القديمة، المكتوبة قبل الفتح الإنجليزي (129) بقرون كثيرة، آخرها القرن الحادي عشر، تدل على أن قرى بكاملها كانت تحرث الأرض بصورة مشتركة، و أن بصورة بقايا استثنائية من عادة كانت من قبل شاملة. كان لكل عائلة خمسة إكرات لأجل حراثتها في صالحها وحدها. و إلى جانب ذلك، كانت هناك قطعة تحرث بصورة مشتركة، و يُقتسم محصولها. و لا ريب أن هذه المشاعات الريفية كانت عبارة عن عشائر أو عن أقسام عشائر، و هذا ما يثبته التشابه بين إرلنده و اسكتلنده، حتى و إن لم تؤكد دراسة جديدة لقوانين ويلس، لا وقت عندي للقيام بها،(إن مقتطفاتي تعود إلى عام 1869 (130)) صحة هذا القول مباشرة. و لكن المصادر الويلسية، و معها المصادر الإرلندية تثبت مباشرة أن الزواج الأحادي لم يكن بعد في القرن الحادي عشر قد حل عند السلت محل الزواج الثنائي. و في بلاد ويلس، لم يكن الزواج يصبح قابلاً للحل أو بالأصح قابلاً للفسخ بناء على طلب أحد الطرفين إلا قبل انقضاء سبع سنوات على عقده. و حين لا يبقى لاكتمال هذه السنوات السبع إلا ثلاث ليال، كان في وسع الزوجين أن ينفصلا. و آنذاك تجري قسمة الأموال: كانت الزوجة تقسم، و الزوج يختار قسمه. و كانت المفروشات و الأدوات المنزلية تقسم حسب قواعد واضحة محددة، طريفة جداً. فإذا كان الزوج هو الذي يفسخ الزواج، فقد كان عليه أن يعيد إلى زوجته بائنتها و بعض الأشياء الأخرى، و إذا كانت الزوجة، فقد كانت حصتها أقل. و كان الزوج يأخذ من الأولاد اثنين و الزوجة واحداً، هو الأوسط بينهم. و إذا تزوجت الزوجة مرة أخرى بعد الطلاق، و شاء الزوج السابق الحصول عليها من جديد، فقد كان يتعين عليها أن تتبعه، حتى و إن كانت قد وطأت بقدم واحدة الفراش الزوجي الجديد. و لكن إذا عاش الرجل و المرأة معاً طوال سبع سنوات، فإنهما يصبحان زوجاً و زوجة حتى و إن لم يعقدا زواجهما من قبل حسب الأصول. و لم تكن بكارة المرأة قبل الزواج موضع مراعاة دقيقة و طلب صارم، فالقواعد في هذا المضمار ذات طبيعة عابثة جداً، و لا تتفق إطلاقاً مع الأخلاق البورجوازية. إذا خانت الزوجة زوجها، كان من حقه أن يضربها (و هذه حالة من ثلاث حالات كان يحق له فيها ضربها، أما في الحالات الأخرى، فكان يتعرض للعقاب)، و لكنه، بعد ذلك، لم يكن يحق له أن يطالب بأي ترضية أخرى لأنه:
"يجب أن يكون، لقاء الجرم نفسه، إما تكفير و إما ثأر، و لكن لا الاثنان في آن واحد" (131).

إن الأسباب التي كان يحق بموجبها للزوجة أن تطلب الطلاق دون أن تفقد أياً من حقوقها عند قسمة المقتنيات، كانت متنوعة جداً: فقد كانت رائحة فم الزوج الكريهة تكفي لهذا الغرض. إن الفدية المدفوعة لزعيم القبيلة أو للملك تعويضاً عن حق الليلة الأولى (gobr merch، و من هنا الكلمة القروسطية marchet و بالفرنسية marquette) تضطلع بدور كبير في مجموع القوانين. و كان للنساء حق التصويت في الجمعيات الشعبية. أضف إلى هذا أنه قد أقيم البرهان على وجود مثل هذه النظم في إرلنده أيضاً، و على أن الزواجات لفترة معينة من الزمن كانت أمراً عادياً تماماً، و أنهم كانوا يضمنون للزوجة في حال الطلاق فوائد كبيرة محددة بدقة، و حتى تعويضاً عن خدماتها البيتية، و أنه كانت توجد هناك "زوجة أولى" إلى جانب الزوجات الأخريات و أنه لم يكن هناك أي تفريق عند قسمة الإرث بين الأولاد الشرعيين و غير الشرعيين. و هكذا نرى أمامنا لوحة عن الزواج الثنائي يبدوا تجاهها شكل الزواج القائم في أميركا الشمالية صارماً، و لكن ذلك لم يكن في القرن الحادي عشر ليثير الدهشة عند شعب كان لا يزال في زمن قيصر يمارس الزواج الجماعي.

إن وجود العشيرة الإرلندية (sept "السبط")، و كانت القبيلة تسمى clianne-"كلان") لا تؤكده و تصفه كتب القانون القديمة و حسب، بل يؤكده و يصفه أيضاً رجال القانون الإنجليز من القرن السابع عشر الذي أرسلوا إلى إرلنده لتحويل أراضي "الكلانات" إلى ممتلكات لملك إنجلترا. و حتى ذلك الوقت، كانت الأرض ملكاً عاماً "للكلان" أو للعشيرة إذا لم يكن الزعماء قد حولوها إلى ملك خاص لهم. و عندما كان يتوفى أحد أعضاء العشيرة، و بالتالي عندما كانت تزول إحدى الاستثمارات البيتية، كان الزعيم (و قد سماه رجال القانون الإنجليز caput cognationis) يعمد إلى تقسيم الأرض كلها من جديد بين الاستثمارات البيتية الباقية. و كان هذا التقسيم الجديد يجري، على الأرجح، و بوجه عام، حسب القواعد السارية المفعول في ألمانية. و في الوقت الحاضر أيضاً، توجد هنا و هناك في القرى حقول تدخل فيما يسمى نظام rundale (روندال)، و كانت كثيرة جداً منذ أربعين أو خمسين سنة. إن الفلاحين، المستأجرين الفرديين للأرض التي كانت تخص من قبل العشيرة كلها و التي استولى عليها الغزاة الإنجليز، يدفع كل منهم بدل إيجار عن قطعته، و لكنهم يجمعون جميع حقول و مروج قطعهم في كل واحد، و يقسمونها تبعاً لموقعها و نوعية تربتها إلى "قطاعات" ("Gewann")، كما يسمونها على ضفاف نهر الموزيل و يمنحون كلاً منهم حصة في كل "قطاع". أما المستنقعات و المراعي، فكانوا يستخدمونها بصورة مشتركة. و منذ نحو خمسين سنة، كان يجري تقسم جديد بين الفينة و الفينة، و أحياناً كل سنة. إن خريطة القرية التي يسري فيها نظام روندال rundale تظهر مماثلة تماماً لخريطة أي مشاعة ريفية ألمانية (Gehöferschaft) في منطقة الموزيل أو في منطقة خوخفالد. كذلك لا تزال العشيرة تعيش في factions* أيضاً. فإن الفلاحين الإرلنديين ينقسمون أحياناً كثيرة إلى أحزاب يتميز بعضها عن بعض بعلائم تبدو في الظاهر سخيفة و باطلة تماماً، بعلائم غير مفهومة أبداً بالنسبة للإنجليز، و يخيل أنها لا تبتغي أي هدف غير المشاجرات التي تنشب بين هذه الأحزاب في أيام الأعياد و التي تطيب لها جداً. إنها بعث مصطنع للعشائر البائدة، و بديل عنها ظهر بعد زوالها، و شاهد أصيل على حيوية الغريزة العشيرية المتوارثة. ناهيك بأن أعضاء العشيرة لا يزالون في بعض الأماكن يعيشون معاً في أرضهم القديمة، ففي الثلاثينيات، مثلاً، لم يكن للأغلبية الكبيرة من سكان كونتية موناخان سوى أربع كنيات، و هذا يعني أنهم كانوا يتحدرون من أربع عشائر أو "كلانات"**.

-----------------
* "أحزاب". الناشر.
** خلال إقامتي بضعة أيام في إرلنده (132)، أدركت من جديد بقوة و وضوح إلى أي حد لا يزال سكان الريف هناك يعيشون بأفكار زمن العشائر. فإن مالك الأرض الذي يستأجر منه الفلاح قطعة أرض، لا يزال بنظر هذا الأخير ضرباً من زعيم لـ "الكلان" ملزماً بأن يتصرف بالأرض في مصلحة الجميع، و يعتبر الفلاح أنه يدفع لمالك الأرض جزية بصورة بدل إيجار، و لكنه يجب أن يلقى منه العون عند الاقتضاء. كذلك يعتبرون هناك أن كل إنسان أكثر يسراً ملزم بأن يساعد جيرانه الأقل منه يسراً إذا ما شعروا بالعوز. إن هذه المساعدة ليست صدقة، بل هي ما يتلقاه حقاً و شرعاً عضو "الكلان" الأفقر من عضو أغنى أو من زعيم "الكلان". و إنها لمفهومة شكاوي الاقتصاديين و الحقوقيين من استحالة حمل الفلاح الإرلندي على إدراك مفهوم الملكية البرجوازي الحالية. فإن ملكية لها حقوق فقط و ليس عليها واجبات، لا تخرط في رأس الإرلندي. و لكنه مفهوم أيضاً كيف أن الإرلنديين الذين ينتقلون فجأة بتصوراتهم الساذجة الملازمة للنظام العشائري إلى المدن الإنجليزية أو الأميركية الكبيرة، و يجدون أنفسهم في بيئة ذات مفاهيم أخلاقية و قانونية مختلفة تماماً،- كيف أن هؤلاء الإرلنديين يضلون كلياً في قضايا الأخلاق و القانون، و يفقدون كل تربة تحت أقدامهم، و يقعون أحياناً بالجملة في مهاوي الفساد.(ملاحظة إنجلس لطبعة 1891).

----------------------

في اسكتلنده، يطابق زوال النظام العشائري قمع انتفاضة 1745 (133). يبقى لنا أن نبين أي حلقة بالضبط من هذا النظام تمثل "الكلان" الاسكتلندية، و لكنه لا ريب في أنها حلقة منه. ففي روايات فالتر سكوت، نرى هذه "الكلان" من جبال اسكتلنده حية أمامنا. إن هذه "الكلان"، -كما يقول مورغان-
"نموذج ممتاز للعشيرة من حيث تنظيمها و من حيث روحها، و مثال باهر على سلطان نمط الحياة العشيري على أعضاء العشيرة ... ففي مشاجراتهم و في ثأرهم الدموي، و في توزيع الأراضي حسب "الكلانات"، و في استغلالهم للأرض بصورة مشتركة، و في وفاء أعضاء "الكلان" للزعيم و لبعضهم بعضاً، نجد سمات المجتمع العشائري الثابتة في كل مكان ... كان الأصل يحسب بموجب الحق الأبوي، و هكذا كان أولاد الرجال يبقون في "الكلان"، بينا أولاد النساء ينتقلون إلى "كلانات" آبائهم"(134).

و لكن الواقع التالي، و هو أن التسلسل الوراثي كان يجري في سلالة "البيكت" الملكية حسب حبل النسل النسائي (135)، كما يقول بيدا، يثبت أن الحق الأمي كان هو السائد من قبل في اسكتلنده. بل أن بقية من العائلة البونالوانية بقيت سواء عند الويلسيين أم عند السكوتيين، حتى القرون الوسطى بصورة حق الليلة الأولى الذي كان بوسع زعيم "الكلان" أو الملك، بوصفه الممثل الأخير للأزواج المشتركين سابقاً، أن يستخدمه حيال كل عروس إذا لم يُفْدَ.

***
و لا سبيل إلى الريب في أن الجرمان كانوا منظمين في عشائر قبل هجرات الشعوب. و لم يكن من الممكن، على ما يبدو، أن يكونوا قد شغلوا الأرض الواقعة بين أنهر الدانوب و الراين و الفيستول و البحار الشمالية إلا قبل الميلاد ببضعة قرون. و آنذاك كانت هجرات السمبر cimrbes و التوتونيين teutons لا تزال في أوجها، بينا لم يجد السوييف suèves مقامات مستقرة إلا في عهد قيصر. و يقول قيصر عن هؤلاء الأخيرين بكل وضوح أنهم أقاموا حسب العشائر و حسب الجماعات العرقية التي تربط بينها صلة القربى (gentibus cognationibusque)(136).و لكلمة genibus هذه على لسان روماني من gens Julia* معنى دقيق لا جدال فيه. و هذا القول ينطبق على جميع الجرمان. بل أن الجرمان كانوا، على الأرجح، يسكنون عشائر عشائر في الأقاليم الرومانية المحتلة. و يؤكد "الحق الألماني"(alaman) أن الشعب في الأرض المحتلة جنوبي نهر الدانوب يقيم عشائر عشائر (genealogiae)(137). و كلمة genealogia تستعمل هنا تماماً بنفس المعنى الذي استعملت به فيما بعد المشاعة-المارك أو المشاعة الريفية. و مؤخراً عرض كوفاليفسكي رأياً مفاده أن هذه genealogiae كانت عبارة عن مشاعات منزلية كبيرة كانت الأرض مقسمة فيما بينها، و لم تنشأ و تتطور منها المشاعة الريفية (138) إلا فيما بعد. و في هذه الحال، يمكن قول الشيء نفسه أيضاً عن fara (فارا)، و هذه الكلمة كانت عند البورغوند و اللومبارد- و بالتالي عند قبيلة قوطية و قبيلة هرميتونية أو ألمانية عليا- تعني تقريباً، إن لم يكن تماماً، ما تعنيه كلمة genealogia في "الحق الألماني". و يجدر بنا أن نواصل البحث و الدراسة لنعرف ما إذا كنا بالفعل أمام العشيرة أو أمام المشاعة البيتية.

----------------
* -عشيرة يوليوس. الناشر.
----------------
إن الآثار اللغوية لا تفيدنا بصورة واضحة عما إذا كانت هناك عند جميع الجرمان كلمة مشتركة لتسمية العشيرة، و ما هي هذه الكلمة بالذات. فمن حيث علم الاشتقاق، تقابل الكلمة اليونانية genos ("جينوس")، و اللاتينية gens ("جنس") الكلمة القوطية kuni ("كوني") و الكلمة الألمانية –العليا الوسطى künne ("كوّنه")، و هذه الكلمة تستعمل بالمعنى نفسه. و مما يدل على زمن الحق الأمي أن الكلمة التي تعني المرأة تتفرع من الجذر ذاته: باليونانية gyne، بالسلافية zena، بالقوطية qvino، بالسكاندينافية القديمة kona، kuna. – و عند اللومبارد و البورغوند، نجد، كما قيل أعلاه، كلمة fara التي يشتقها غريم من الجذر الفرضي fisan-وَلَد. و أني أميل إلى الانطلاق من أصل أوضح، هو faran*- ذهب راكباً، ترحل، عاد- لتسمية جزء معين من جماعة مترحلة لا تتألف، بطبيعة الحال، إلا من أقارب. و هذه التسمية أخذت شيئاً فشيئاً، أثناء الهجرات خلال قرون و قرون، أولاً إلى الشرق، ثم إلى الغرب، تعني الجماعة العشيرية.-ثم هناك الكلمة القوطية sibja الأنجلو-ساكسونية sib، و الألمانية العليا القديمة sippia،sippa- الأقارب **. و في اللغة السكاندينافية القديمة لا نجد غير الجمع sifjar- الأقارب، و لا نجد المفرد إلا لاسم الآلهة سيف (Sif). –و أخيراً، نجد أيضاً في "نشيد هيلديبراند" (139) كلمة أخرى، و ذلك على وجه الضبط في المقطع الذي يسال فيه هيلديبراند هادوبراند:
"من هو أبوك بين رجال هذا الشعب ... أو من أي عشيرة أنت؟" "eddo huêlîhhes cnuosles du sîs".

------------------
* بالألمانية fahren. الناشر.
**- بالألمانية Sippe. الناشر.

------------------
و لئن كانت قد وجدت على العموم كلمة ألمانية مشتركة لتعيين العشيرة، لكان لفظها، على الأرجح، قريباً من لفظ الكلمة القوطية kuni، و يدل على صحة هذا القول، ليس فقط التشابه مع التعبير المناسب في اللغات المتقاربة، بل أيضاً كون كلمة kuning*-الملك- مشتقة منه و تعني في الأصل شيخ العشيرة أو القبيلة. أما كلمة sibja (الأقارب) فيبدو أنه لا يجوز أخذها بعين الاعتبار، لأن sifjar، على الأقل، لا تعني باللغة السكاندينافية القديمة الأقارب بالدم و حسب، بل تعني أيضاً الأقارب بالمصاهرة، أي أنها تشمل أعضاء عشيرتين اثنتين على الأقل، و لهذا لم يكن من الممكن أن تكون كلمة sif ذاتها اسماً لتعيين العشيرة.
----------------
* - بالألمانية König. الناشر.
------------------
و كما عند المكسيكيين و اليونانيين، كذلك عند الجرمان، كان ترتيب الصفوف القتالية في فصيلة الخيالة و في طابور المشاة الإسفيني الشكل يجري حسب مجموعات العشائر. و إذا كان تاقيطس يقول: حسب العائلات و حسب الجماعات المتقاربة (140)، فإن هذا التعبير غير الواضح يفسره كون العشيرة كانت في زمنه قد زالت من الوجود في روما منذ وقت بعيد بوصفها وحدة أهلاً للحياة.

يوجد عند تاقيطس مقطع يتسم بأهمية حاسمة، هو المقطع الذي يقول أن أخ الأم يعتبر ابن أخته كابنه، بل أن بعضهم يرى أن رابطة الدم بين الخال و ابن الأخت أقدس و أوثق من الرابطة بين الأب و الابن، و هكذا عندما يتطلبون الرهائن، يعتبرون ابن الأخت ضمانة أثبت من ابن الرجل الذي يراد تقيده بهذه العملية. و هنا نجد بقية حية من العشيرة المنظمة تبعاً للحق الأمي، أي العشيرة البدائية، ناهيك بأنها عشيرة تشكل سمة خاصة يتميز بها الجرمان*. فإذا قدم أحد أعضاء مثل هذه "العشيرة" ابنه ضمانة لتعهد قطعه على نفسه أمام الملأ، و إذا ما مات الولد ضحية لحنث والده بتعهده، فإن هذا كان شأن الوالد وحده. و لكن إذا كانت الضحية ابن الأخت، فإن هذا كان مخالفة لأقدس قوانين العشيرة. فإن أقرب قريب للصبي أو للفتى ملزم أكثر من غيره بحمايته، يصبح مسؤولاً عن موته، و قد كان على هذا القريب، إما ألا يجعل منه رهينة، و إما أن ينفذ تعهده. و حتى إذا لم نكتشف أي آثار أخرى عن النظام العشائري عند الجرمان، فإن هذا المقطع وحده يكفي.

------------------------
* إن اليونانيين لا يعرفون إلا بالميثولوجيا من الأزمنة البطولية طبيعة الصلة الوثيقة بخاصة التي تجمع بين الخال و ابن الأخت و التي تعود في أصلها إلى عهد الحق الأمي و التي توجد عند كثير من الشعوب. يقول ديودوروس (الفصل 4، المقطع 34) إن ميلياغر يقتل أولاد تستيوس، أخوة أمه الثيه Althée و ترى الثيه في هذا العمل جريمة لا تقبل أي تكفير إلى حد أنها تعلن القاتل، ابنها بالذات، و تتمنى له الموت. "و قد حقق الآلهة أمنيتها، كما يروون، و وضعوا خاتمة لحياة ميلياغر". كذلك يقول ديودوروس ذاته (الفصل 4، المقطعان 43 و 44) أن الأرغونوط نزلوا في تراقيا بقيادة هرقل و اكتشفوا هناك أن فينيه، بتحريض من زوجته الجديدة، عامل ولديه اللذين رزقهما من زوجته المطلقة، بوريادا كليوباطره، معاملة قاسية فظيعة. و لكنه تبين أن هناك بين الأرغونوط أفراداً آخرين من آل بورياد، هو أخوة كليوباطره، أي أخوة والدة الضحيتين. فينبرون على الفور لحماية ولدي أختهم، و يحررونهما و يقتلون حراسهما (141).
------------------------

و هناك مقطع من "Völuspâ" (142)- و هو نشيد سكاندينافي قديم عن غسق الآلهة و هلاك العالم،- يتسم بدور أهم لأنه دليل يعود إلى مرحلة متأخرة بنحو 800 سنة. و في "رؤيا النبيه" هذه، التي تتشابك فيها عناصر مسيحية أيضاً ، كما أثبت الآن بانغ و بوغه (143) جاء في وصف عهد الانحطاط و الفساد العام، الذي سبق الكارثة الكبرى:
"Broedhr munu berjask ok at bönum verdask, munu systrungar sifium spilla"
"سيعادي الأخوة بعضهم بعضاً و يقتلون بعضهم بعضاً، و يحطم أولاد الأخوات عرى القرابة".

إن systrungar تعني ابن الخالة، و يبدو للشاعر أن هؤلاء، أولاد الأخوات، يقترفون جريمة أفدح من جريمة التقاتل بين الأخوة إذا ما أنكروا قرابتهم المتبادلة بالدم. إن تشديد فداحة الجريمة ينعكس في كلمة systrungar التي تشير إلى القرابة من جهة الأم. و لو ورد عوضاً عن هذه الكلمة تعبير syskina-börn- أولاد الأخوة و الأخوات- أو syskina-synir- أبناء الأخوة و الأخوات-لجاء السطر الثاني، لا تشديداً للأول بل تخفيفاً له. و عليه، حتى في زمن الفيكينغ، عندما ظهرت "رؤيا النبيه"، لم تكن قد زالت بعد في سكاندينافيا ذكرى الحق الأمي.

و من جهة أخرى، كان الحق الأمي عند الجرمان، في زمن تاقيطس، و على الأقل عند من كان يعرفهم منهم أكثر، قد أخلى المكان للحق الأبوي، كان الأولاد يرثون الوالد، و في حال انعدام الأولاد، كان الإرث يعود إلى الأخوة و إلى الأعمام و الأخوال. إن إشراك الخال في الإرث يرتبط بالحفاظ على العادة المشار إليها للتو، و يثبت أيضاً إلى أي حد كان الحق الأبوي لا يزال حديث العهد عند الجرمان. كذلك بقيت آثار الحق الأمي زمناً طويلاً في القرون الوسطى. و يبدو أنهم في تلك الحقبة من الزمن لم يكونوا يولون مسألة الأبوة بالغ الأهمية، و لا سيما عند الأقنان. و لهذا، عندما كان السيد الإقطاعي يطالب مدينة ما بأن تعيد إليه فلاحاً فاراً، كان ينبغي، كما في أوغسبورغ و بال و كيزرسلاوترن، مثلاً، أن يؤكد باليمين ستة من أقرب أقرباء الفلاح المتهم، جميعهم بوجه الحصر أقرباء من ناحية الأم، صفته كقن (مورير، "نظام المدينة"، المجلد الأول)(144).

-----------------------
(127) J.F.Mac-Lennan " Primitive Marriage". Edinburgh, 1865. (ماك-لينان "الزواج البدائي ".أدنبورغ، 1865).
(128) M. Kovalevsky. "Tableau des origines et de l'évolution de la famille et de la propriété". Stockholm; 1890. (مـ. كوفالفسكي. "بيان عن أصل و تطور العائلة و الملكية". ستوكهولم، 1890).
(129) أنجز الإنجليز عملة استيلائهم على منطقة ويلس في عام 1283. و لكن ويلس ظلت بعد ذلك محتفظة بالحكم الذاتي. و قد ضمت نهائياً إلى انجلترا في أواسط القرن السادس عشر.
(130) في 1869 و 1870، عمل إنجلس على كتابة بحث كبير في تاريخ ارلنده، و لكنه لم ينجزه. و لمناسبة دراسة تاريخ السلت درس إنجلس قوانين ويلس القديمة أيضاً.
(131) يستشهد إنجلس بكتاب: "Ancient Laws and Institutes of Wales" Vol. I, 1841 ("القوانين و المؤسسات القديمة في ويلس". المجلد الأول، عام 1841).
(132) في أيلول 1891 قام إنجلس برحلة إلى اسكتنلده و ارلنده.
(133) في 1745 و 1746، قامت الكلافات (العشائر) الجبلية في اسكتلنده بانتفاضة ضد عمليات التضييق و انتزاع الأراضي، التي كانت تجري في مصلحة الأريستقراطية العقارية الأنجلو-اسكتلندية و في مصلحة البورجوازية الأنجلو-اسكتلندية. قاتل الجبليون من أجل الاحتفاظ بالتنظيم العشائري القديم. إلا أن قسماً من نبلاء اسكتلنده الجبلية ممن لهم مصلحة في الحفاظ على النظام الكلاني البطريركي الإقطاعي استغل استياء الجبليين و أعلن أن هدف الانتفاضة هو إعادة سلالة ستيوارت إلى العرش الإنجليزي. في البدء، أحرز جيش المنتفضين نجاحات قصيرة الأجل، و لكنه هزم في نهاية المطاف. بعد قمع الانتفاضة، قضي على النظام العشائري في اسكتلنده الجبلية ، و تمت تصفية بقايا الملكية العشائرية للأرض. و اشتدت و تسارعت عملية طرد الفلاحين الاسكتلنديين من الأراضي، و ألغيت المحاكم العشائرية ، و منعت بعض العادات العشائرية.
(134) L. H. Morgan . "Ancient Society". London,1877. (ل. هـ. مورغان. "المجتمع القديم" لندن، 1877).
(135) Beda Venerabilis "Historia ecclesiastica gentis Anglorum" (بيدا الملقب بالبار. "تاريخ الإنجليز الكنسي". الكتاب الأول، الفصل الأول.
(136) يوليوس قيصر. "مذكرات عن حرب الغال". الكتاب السادس. الفص الثاني و العشرون.
(137) "الحق الألماني"، مجموعة من قوانين العرف و العادة عند حلف الألمان (alamans) القبلي الجرماني الذي كان يشغل منذ القرن الخامس أراضي الإلزاس و سويسرا الشرقية و ألمانيا الجنوبية الغربية حالياً . تعود المجموعة إلى أواخر القرن السادس و بداية القرن السابع و إلى القرن الثامن. و هنا يستشهد إنجلس بالقانون 81 (84) من "الحق الألماني".
(138) المقصود هنا مؤلفا كوفاليفسكي. "الحق البدائي. الطبعة الأولى. العشيرة" موسكو، 1866 و مؤلف "Tableau des origines et de l'évolution de la famille et de la propriété". Stockholm; 1890.
(139) "نشيد هيلديبراند"، قصيدة بطولية ، أثر من الشعر الملحمي الألماني القديم من القرن الثامن، بقيت منها مقاطع.
(140) تاقيطس. "جرمانيا"، الفصل السابع.
(141) ديودوروس الصيقلي. "المكتبة التاريخية". الكتاب الرابع. الفصل الرابع و الثلاثون.
(142) "Völuspâ" ("رؤيا النبية") – نشيد من "أيدا الكبرى" (راجعوا الملاحظة رقم 28).
(143) المقصود هنا المؤلفان التاليان:
Völuspâ og de sibyllinske orakler" 1879 A.Ch. Bang. " (أ. ك. بانغ. "رؤيا النبية و تكهنات العرافة"، 1879)، S. Bugge. "Studier over de nordiske Gude- og Heltesagns oprindelse". Kristiania , 1881-1889. (س. بوغه. "لمحات في مسألة أصل الساغات السكاندينافية عن الآلهة و الأبطال". كريستيانا، 1881-1889).
(144) G. L. Maurer. " Geschichte der Stadt-Verfassung in Deutsch-land " Bd I, Erlangen, 1869.





11-07-2008, 06:21 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
اصل العائلة - بواسطة sam4ever - 06-24-2008, 03:32 PM,
اصل العائلة - بواسطة Seta Soujirou - 06-25-2008, 06:41 PM,
اصل العائلة - بواسطة sam4ever - 06-25-2008, 08:31 PM,
اصل العائلة - بواسطة CHE GUEVARA - 06-29-2008, 02:53 AM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 06-30-2008, 09:52 AM,
اصل العائلة - بواسطة sam4ever - 06-30-2008, 02:38 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 06-30-2008, 02:49 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 06-30-2008, 02:54 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 06-30-2008, 02:56 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-02-2008, 04:13 AM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-04-2008, 01:33 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-05-2008, 05:04 AM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-07-2008, 07:19 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-09-2008, 05:24 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-12-2008, 07:09 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-14-2008, 06:46 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-17-2008, 02:33 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-26-2008, 01:23 AM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-29-2008, 12:22 AM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 07-31-2008, 12:42 AM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 08-04-2008, 06:30 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 08-18-2008, 08:13 AM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 08-29-2008, 06:16 PM,
اصل العائلة - بواسطة Seta Soujirou - 08-30-2008, 12:28 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 09-06-2008, 02:20 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 09-06-2008, 02:23 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 09-12-2008, 07:45 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 09-26-2008, 09:50 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 10-26-2008, 03:38 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 11-07-2008, 06:21 AM
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 11-07-2008, 06:22 AM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 11-15-2008, 06:11 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 11-18-2008, 11:22 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 11-19-2008, 02:48 PM,
اصل العائلة - بواسطة charles de gaulle 78 - 12-01-2008, 08:03 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة"و"رسائل حول المادية التاريخية "، لإنجلز، التقدم مجدي نصر 2 2,224 03-13-2010, 02:15 AM
آخر رد: هاله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS