العرس في "اسكندرية" والبعض يصر على أن يرقص في "أسوان".

يا جماعة (خصوصاً زميلنا "بني آدم")، أنتم تغنون "الأوله في الغرام" على أنغام "السح الدح امبو"، وتخلطون الجبنة البلدي بعصير الطماطم !!! فالموضوع ليس عن مقارنة عامة بين الشرق والغرب، ولكنه عن "الحياة الاجتماعية في الغرب". هذه "الحياة الاجتماعية" والتي هي عندي عبارة عن "العلاقات الانسانية التي تربط أفراد المجتمع بعضهم ببعض"، يشوبها في الغرب الكثير من الفتور والبرود وفقدان الحميمية.

الغرب، على الصعيد التنظيمي والإداري والحقوقي والاقتصادي، عالم متقدم متحضر أعطى مواطنه مناخاً ديمقراطياً ودولة قانون نظيفة مرتبة تدار بعناية ودقة وتنظيم، هذا عدا عن بحبوحة في العيش (بشكل عام) وضمانات اجتماعية تعالج مشاكل الفقر والفاقة التي تعاني منها الكثير من المجتمعات الانسانية.
بالنسبة لي، هذه الأمورمنتهية ومفروغ منها،وهي ماثلة للعيان في كل الدول الغربية وتتحدث عن نفسها بشكل واضح لكل من يسكن هذه البلاد، وهي ليست بحاجة لا "للعلماني" ولا لغير "العلماني" كي يثبتها أو ينفيها.

نحن إذاً لسنا بصدد المقارنة بين الشرق والغرب حول ما ذكر أعلاه، ومداخلتي تتعلق "بالعلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع الغربي" فقط، لا غير. لذلك فقصص "البلاعة" التي "تزدرد" اربعة اشخاص، والشرطي الذي يشتم أم المواطن, والدولة بلا قانون، وانتشار المساطيل في الشوارع لا علاقة لها "بشهادتي" عن الغرب. أنا تحدثت عن "الدفء" و"الحميمية" و"الأريحية" و"كرم الطبع" و"تفضل يا أبو فلان" و"ميّل يا أبو علان" و"يعطيك العافيه" وجميع ما تعودته وما تعودني في بلدي الأم من "تكاتف اجتماعي" فيه الكثير مما يُذهب الوحشة ويجعل للفرد مكانة مميزة في مجتمعه وليس مجرد رقم من الارقام في قاعدة بيانات كثيرة المعطيات.

أمر آخر مهم جداً كانت قد أشارت له زميلتنا "نسمة عطرة" ... ما ينطبق علي، لا ينطبق بالضرورة على جميع أبناء الشرق، فلكل منا ظروفه وطبيعة حياته ومحيطه. وأنا عندما أفكر بالعودة إلى الشرق فلن أعود إلى مكان أهان فيه وأذل وأعاني جوع أهله وعوزهم، فلا شيء يجبرني على هذا، ولا أحد منا يرغب بالذل أو بالمهانة. ولو كان الأمر كذلك فلن أعود أبداً، فالعلاقات الاجتماعية الباردة في أوروبا أفضل ألف مرة من جرعة واحدة من جرعات الذل والمهانة التي تحدث عنها بعض الزملاء في هذا الموضوع.
أنا أتحدث إذاً عن مكان آخر؛ عن مدينة وقرية فيهما معظم ما تضمنه الدول الغربية لمواطنها من بحبوحة في العيش وتأمينات اجتماعية ونظام وترتيب ونظافة وحياة كريمة بعيدة عن المهانة والمذلة والفقر والفاقة والعوز، ولكنها فوق كل هذا لا تعاني من "جمود العلاقات الاجتماعية الغربية"، وتكفل لي تواصلاً اجتماعياً حميماً مع محيطي، وتكفل لأبنائي أن يشبّوا في مناخ دافيء يغمره وجود الأهل والأقارب والأصدقاء، فقديما قالو:"جنّه بدون ناس، ما بتنداس" و "حط راسك بين الروس، ونادي يا قطّاع الروس".

أخيراً، أعداد المهاجرين الكبيرة نحو الغرب تشير إلى عوامل مؤثرة أخرى بل واساسية أكثر من "العلاقات الاجتماعية" (ذكرها "بني آدم" و"بهاء" هنا). وهي بشكل عام تتعلق بمستوى إداء الدول في الشرق وقدرتها على تأمين عيش مواطنيها واحترامهم. وهو مستوى متدنّ جداً للاسف الشديد. ولكن لا يجوز لنا الخلط بين هذه العوامل وجوهر موضوعنا هنا..


ابن نجد

شكراً لك على الإطراء (f)

واسلموا لي
العلماني