أنفخ في الصور يا أسرافيل ....

هكذا أمر السيد ...

أسرافيل: هل أن الأوان يا سيدي ..

السيد: نعم ..



و نفخ في الصور....دوي صوت رهيب..... و مات البشر جميعا و من ثم أعيد أحيائهم ..... أنه يوم الحساب.....




البشر متجمعون كلهم في مكان واحد عراة خائفين مرتجفين لم يدركوا بعد ما حصل ... مازال تأثير الصدمة مهولا ... الأرض شبه قاحلة و السماء حمراء اللون ..والسيد يراقب من بعيد و ملامح الجدية مع بعض الحماسة ترتسم على وجهه .. ثم ينادي جميع المسؤولين من كبار الملائكة لأجتماع طارىء للتباحث في ما سيكون لاحقا

تمر الساعات و الأيام .. مازال البشر مصدومين و خائفين و لكن بنسبة أقل بكثير عن ذي قبل فقد بدأو بالتكلم و مواساة بعضهم البعض .... كل شيئ يجري تماما كما خطط و أراد السيد منذ زمن سحيق ....الى أن.....


الى أن ظهر ذلك الرجل ... نعم رجل واحد أستجمع شجاعته و صرخ من بين الحشود بأعلى صوته : يا خير أمة أنزلت للناس... يا أمة محمد..أين أنتم.. تجمعوا هنا معي بعيدا عن باقي البشر

و هنا أشتعلت شرارة الكارثة التي لم يحسب السيد حسابها ..

فلما بدأ المسلمون بالتراكض و التدافع ليتجمعوا منفصلين عن باقي البشر ظهر رجل أخر و صرخ بأعلى صوته أيضا : يا مسيحيون .. يا أحباب المسيح و مريم .. يا أتباع من أمن بي و أن مات فسيحيا ... تجمعوا عندنا هنا ... وما حدث هو مزيد من الركض و مزيد من التدافع ....
و من بين كل هذا الهرج و المرج صرخة أخرى تسمع من بعيد : يا شعب الله المختار ... يا بني أسرائيل ... تجمعوا هنا ...

صراخ ,تدافع,ركض,هستيريا بشرية جماعية أصابت الخلق الى أن بدأت تتشكل ملامح ثلاث تكتلات بشرية كبيرة

يصيح رجل من أول مجموعة قائلا: نحن خير أمة أنزلت للناس الله قال ذلك و نحن لنا الحق بالدخول للجنة أولا

يصيح رجل من ثاني مجموعة قائلا: نحن أمة من أمن بي و أن مات فسيحيا نحن أمة يسوع أبن الله الذي قال ذلك نحن الذي لنا حق الدخول للجنة أولا

يصيح رجل من ثالث مجموعة قائلا: نحن شعب الله المختار نحن بني أسرائيل الله قال ذلك نحن من له الحق بدخول الجنة أولا

و تصيح الجموع كلها .. لا نحن الأحق ...لا نحن الأحق ... أخرسوا أنتم ... نحن الأحق ... لا ..

ويصل الصراخ و الزعيق الى مسامع السيد و المجتمعون معه
السيد: ماهذا؟؟ . ماهذا الضجيج كله ؟؟ المفروض أن يكون هناك سكون تام مالذي يجري .. يا جبريل ...
جبريل: نعم يا سيدي
السيد:أنزل للأرض و أنظر ماذا يجري هناك
جبريل : سمعا و طاعة يا سيدي

جبريل: بصوت غاضب رهيب.. ماذا هناك ؟ لماذا كل هذا الصراخ و الضجيج أيها البشر مالذي يجري؟ أريد الهدوء التام في الحال .. ثم ما سبب هذه الفوضى

أصوات منفردة من المجموعات الثلاث: نحن خير أمة أنزلت للناس يا جبريل نحن من يجب أن يدخل الجنة أولا ... لا لا .. أصوات أخرى .. نحن أمة من أمن بي و أن مات فسيحيا نحن يجب أن ندخل أولا الله قال ذلك ... لا يا جبريل .. أيضا أصوات أخرى .. نحن شعب الله المختار نحن من يحق له ذلك أولا ..

لا نحن ... لا لا نحن ... لا.. أخرسوا أنتم .. نحن أولا .. لا ..

يحمر و جه جبريل غضبا فيصرخ بصوت تهتز له الدنيا ... هدووووووووءءء .... و يعم الصمت ....


جبريل: لن أسمح بسماع أي همسة هل هذا مفهوم أيها البشر الملاعين ... و يعود جبريل الى السيد مسرعا ..

في الأسفل....

عبثا.. ما هي الا دقائق معدودة حتى يعود البشر الى هرجهم و مرجهم

في الأعلى...

السيد: ماذا هنالك يا جبريل مالذي يجري في الأسفل؟
جبريل: لدينا مشكلة صغيرة على ما يبدو يا سيدي
السيد:!!!
جبريل:البشر منقسمون الى ثلاث مجموعات و كل مجموعة تطالب بدخول الجنة أولا لأن لها الحق بذلك .. و هذا طبعا نقلا عن لسانك يا سيدي !!
السيد:همممم متنهدا.. لقد فهمت .. ما العمل الأن يا جبريل .. لقد وعدت كل أمة بدخول الجنة أولا .. و لم يخطئ البشر فقد ألتزموا جميعا بما طلبت منهم تماما ..لقد كانت مشورتك سيئة يا جبريل .. كان يجب أن نرسل نبيا و احدا و دين واحدا ..
جبريل : و لكن يا سيدي...

في الأسفل....

يزداد الصخب و تزداد الهستريا و الوضع على شفير الأنفجار


في الأعلى....


السيد: مصغيا للصخب .. ماحدث قد حدث الأن يجب أن نجد حلا ..
جبريل : لنختار أي أمة منهم و ندخلها أولا و هل يجرؤ البشر على الأعتراض يا سيدي ...
السيد: ليست هنا المعضلة .. أكيد لن يجرؤا و لكنهم خالدون في الجنة و مع مرور الوقت سيعيدون فتح هذه السيرة و القضية... أنهم البشر يا جبريل أن صنعتهم و أنا أعرفهم جيدا و أعلم تماما ما سيحدث لاحقا


في الأسفل....

يحتدم الصراع و تبدأ الصدامات ..


في الأعلى.....

السيد : مستغرقا في التفكير ... هل ما زلت تحتفظ بقوالب صنع البشر و سائر المخلوقات كما أمرتك يا جبريل ؟
جبريل : نعم يا سيدي كلها محفوظة ماعدا قوالب صناعة الديناصورات فقد أمرتني أن أتخلص منها بحكم أنها كانت غير ملائمة
السيد: لا بأس لا بأس... أذهب و أعد تجهيزها
جبريل: هل ستفعل ما أظن أنك ستفعله يا سيدي ؟؟!!!!


في الأسفل....


يحدث ما لم يحدث في جميع حروب البشر مجتمعة ...


في الأعلى...


السيد: مستغرقا في التفكير مرة أخرى
السيد: يا أسرافيل....
أسرافيل:نعم يا سيدي..
السيد:...
السيد:....
السيد:...أنفخ في الصور يا أسرافيل ...
أسرافيل: و لكن سيموت البشر جميعهم يا سيدي!!!
السيد: أنفخ في الصور يا أسرافيل.................

السيد: جهز القوالب و أحضرهم لي في أسرع وقت يا جبريل

جبريل: بعد أن مشى بضعة خطوات .... يلتفت الى السيد : هل أنت حقا بحاجة الى كل ذلك يا سيدي ؟؟




السيد يرسم على ورقة و بدون أن ينظر الى جبريل: ........... جهز القوالب يا جبريل .