القضايا الثلاث هي نماذج للتخلف الثقافي ، أو ظاهرة الفجوة الثقافية بين العالم المادي و الإطار الفكري ، نحن نستورد أدوات الحضارة و نستهلكها في اسراف ،و لكننا نرفض فكر هذه الحضارة و قيمها ،و نعيش في إطار أصولي مازال يرى المرأة عورة ولا يحترمها ،ولو ادعى عكس ذلك ، نحن مضطرون إلى سن تشريعات تعطي للمرأة بعض حقوقها تحت تأثير العالم المتقدم ،و لكننا نفرغ تلك التشريعات من جوهرها و مضمونها ، سوف استثني فقط قلة من المثقفين الليبراليين و العلمانيين ، وهم في النهاية إمتداد للحضارة العالمية المعاصرة ،و إن كانوا يعيشون في مجتمعات أصولية متخلفة بالكلية .
من الخطأ أن نرى تلك الحالات صراع بين الرجال و النساء ، هذا تسطيح ساذج للأمور ، فأشد من هاجم تلك السيدات شراسة هن النساء ، الإنسان لا يفكر بأعضائه التناسلية بل بثقافته و قيمه و مفاهيمه ، ربما وجدت هند الحناوي رجالا شعروا تجاهها بالأبوة أو التعاطف الإنساني ، أكثر كثيرا من النساء اللائي تفرغن للإدانة و التحقير ، في رسالة لا شعورية أن من ينهش تلك الفتاة البريئة ستكون بالطبع فاضلة ، لا تحركها أي مشاعر جنسية مثل الحناوي !، لم أجد سيدة تتعاطف معها سوى القليلات ممن تأثرن بالأفكار الغربية ، و الغريب أن معظم من تعصبن ضد هند الحناوي من الإعلاميات ربما كن أكثر منها تساهلا ،و لكهن بالقطع أفضل تحوطا .
هل أذكر أن محامية ( و ليس محامي ) الفتاة الرائعة نهى رشدي تخلت عنها لسبب غاية في التفاهة و الأنانية ، فيبدوا أن تلك المحامية النشطة في الحقوق المدنية أرادات أن تستعبدها بخدماتها المجانية ، و كثيرات تعاطفن مع الوغد الذي تحرش بها ، لأنها مائعة و غير محجبة !، فالمحجبة تحاول أن توهم نفسها أنها لم تكن مجبرة على الحجاب بل هو اختيارها الحر لتحمي نفسها ، يبقى موقف جميلة إسماعيل مختلفا ، فالموضوع يغلب عليه أن يكون سياسيا أكثر منه حقوق الإنسان ، و لكنه أيضا لا يعدم نوعا من ثقافة السيادة الذكورية الأصولية ، إن نساء الصحوة الإسلامية الميمونة أكثر تخلفا و عداءا للمرأة المحترمة حتى من أطول لحية في الطريق ، فالمرأة تحمل نفس الأفكار السائدة كالرجل و لكنها أكثر خضوعا للدين و رجاله ، لهذا نعارض الأصولية بقوة ، فالأصولية لا تمتهن جسد المراة فقط ، بل تخترق وعيها و تدمره ، و تعيدها مرة اخرى لعبودية الرجل الذي أصبح بدوره عبدا للنص ، أي أصبحت عبدة لعبد !.
إن الرجل المتحضر لن يرى المرأة جنسا آخرا ، بل سيراها نفس الجنس البشري ، و الرجل المتحضر لن ينظر إلى النصف السفلي لكل النساء ، بل سيرى أيضا النصف العلوي ، و سيرى ما هو اهم .. الإنسان الكامن في إعماقنا جميعا .. الإنسان المتحضر سيرى داخله أيضا إمراة .. السيدة التي انجبته و الأخت التي عطفت عليه و الزوجة التي توسد رأسه على فخذيها و هي تخفف عنه قائلة " ما تزعلش يا خويا " و الإبنة التي يعبدها كإله ، لهذا سيحتضن هند الحناوي و ابنتها التي جحدها الأب الإسلامي ،و سيقبل جبين نهى رشدي و يحمى صدرها الذي استباحه الشارع الإسلامي ، و سيلعن ميتين دين أم من يمس شرف جميلة اسماعيل ، رغم كراهيته لأيمن نور !.
لهذا ندافع عن الحضارة
لأنها فائقة الروعة
و تهبنا أجمل مافينا .

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	عدد الشهداء يرتفع إلى (1349) من بينهم (341) طفلاً و(176) سيدة	برهان البرهان	0	308	07-30-2014, 10:58 PM آخر رد: برهان البرهان
	دمار هائل في غزه وعدد الشهداء يرتفع إلى (1194) من بينهم (282) طفلاً و(147) سيدة	برهان البرهان	2	423	07-30-2014, 09:55 PM آخر رد: برهان البرهان
	جنيف ٢ الأسد كسب الجولة الأولى...	Rfik_kamel	12	1,639	01-29-2014, 04:46 PM آخر رد: على نور الله
	عزمي بشارة المرتزق الموسادي "يؤلف" كتابا يفضح كذبة سلمية " في أيامها الأولى	Rfik_kamel	26	3,812	01-04-2014, 08:22 PM آخر رد: Rfik_kamel
	هل أتاك حديث المجازر؟!! / الزيتون ينزف الدم في كرم الزيتون	خالد	110	17,825	06-09-2013, 11:29 PM آخر رد: خالد