بدات رحلتي مع التدين "رسميا" في المرحلة الاعدادية مع مدرس (لغة انجليزية) صعيدي يامرنا بالحظور للمدرسة ساعة قبل الوقت الرسمي لتحفيظ القرآن و احكام التجويد, ثم تطور الامر مع فترة المراهقة الى تبني مدارس فقهية و مذاهب اسلامية متعددة , بالطبع بحثا عن "الفرقة الناجية", الى ان حط بي الرحال مع كاسيتات فترة التسعينات و مشايخ السلفية من امثال سعد البريك و عايض القرني والقطان و سلمان العودة و غيرهم من المشايخ الذين يجيدون فن اجتذاب المراهقين كالشيخ كشك رحمه الله.
على ان الوحيد الذي اثار اعجابي بشدة, ولم افوت له كاسيتا, هو الشيخ سلمان العودة, وغني عن التعريف هذا الشيخ و منهجه المتطرف و الاقصائي في تلك الفترة "قبل الهداية" اي قبل "دخوله السجن", حتى بعد دخوله السجن اذكر بائع الاشرطة السلفي الذي كنت اشتري منه الكاسيتات وهو يخرج لي شريط الشيخ الذي سجله في السجن و حمل عنوان "من وراء القضبان". ولكن شاءت الصدف ان التقي بصديق دراسة شيعي اهداني كتاب المراجعات و اردفه بكتاب ثم اهتديت و ... طبعا حدثت عندي ردة عنيفة عن الدين , انقلاب بمعنى اصح :bouncing:فاذا بكل العظماء يتهاوون امامي, واذا بالابراج العاجية تتهدم. فلم يكن امامي مفر سوى رفض الدين من اساسه, بمعنى آخر (الالحاد), وبما ان النت لم يكن موجودا او معروفا يومها "ولله الحمد" :D فلم يقيض لي ان اتعرف على مدارس الالحاد و نظريات فطاحل الملحدين و اللاادريين, حيث ان الحادي انحصر برفض الدين بدون تنظير, وبعد ان كنت ثاني اثنين مع المؤذن او ثالث ثلاثة مع المؤذن و الامام في صلاة الفجر, تحولت الى الاغاني الغربية, وكنوع من الانتقام. كنت اعلي صوت الكاسيت عمدا امام المسجد الذي كنت اصلي فيه, وكم كنت استمتع بمشهد الباكستانيين الملتحين وهم ينظرون الي شزرا.
طبعا فيما بعد تغير منظوري للامور مع تنوع القراءات و استقرار الهرمونات, ولم يعد الامر محصورا بمفهوم المراهقة (اما كل شيء او لاشيء) واصبحت اعي ان في كل دين و مذهب امور صحيحة و جميلة يمكن الاخذ بها, كما ان لكل دين او مذهب مآخذ و اخطاء.

الآن استطيع ان اقول مثل ابن عربي:

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي اذا لم يكن ديني الى دينه داني

فأصبح قلبي قابلا كل صورة فدير لرهبان ومرعى لغزلان

وبيت لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحـب ديني وايماني


مودتي