و هذه يا نسمة قضية اخرى (من حواضر البيت)
لا تزال المصافحة التي جرت بين شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، والرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، علي هامش مؤتمر نيويورك لحوار الأديان الذي عقد في الفترة من 11 إلي 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي 2008، تثير جدلاً حاداً في مصر، خاصة وأنّ هذه المصافحة جاءت في الوقت الذي يحاصر فيه الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين في قطاع غزة وتتواصل فيه الاعتداءات الإسرائيلية على المواطنين الفلسطينيين.
فقد تساءل شبان ومثقفون وسياسيون، على شبكة الإنترنت، عن دور شيخ الأزهر في مساندة جهود كسر الحصار عن غزة بدلاً من لقاء الرئيس الإسرائيلي "الذي قُتل علي يديه العديد من أبرياء فلسطين"، وعن دور شيخ الأزهر كأكبر عالم لأكبر مؤسسة يحترمها المسلمون في مصر والعالم الإسلامي "في نصرة إخواننا في فلسطين".
مكتب طنطاوي يبرر المصافحة :
وجاء صمت شيخ الأزهر، ليزيد الأمر غموضاً، كما جاء تبرير مكتب شيخ الأزهر لهذه المصافحة ليزيد التساؤلات حول الدور التطبيعي الذي تلعبه هذه المؤسسة الدينية الكبيرة مع الجانب الإسرائيلي، والصادم للرأي العام المصري والعربي.
ففي محاولة لتبرير مصافحة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز؛ أكد رئيس مكتب شيخ الأزهر، الدكتور عبد النبي فراج، أنّ الصور التي نشرتها الصحف لشيخ الأزهر وهو يصافح الرئيس الإسرائيلي "صحيحة وليست مزيفة، ولكنّ المصافحة جرت بطريق المصادفة عقب دعوة وجهها الأمين العام للأمم المتحدة لتكريم أعضاء الوفود المشاركة في مؤتمر حوار الأديان بأمريكا، وأنّ عدداً كبيراً من الحاضرين جاؤوا لمصافحة شيخ الأزهر وكان من بينهم شمعون بيريز"، حسب روايته.
وقال مكتب شيخ الأزهر، إنّ طنطاوي فوجئ ببيريز أمامه، وأنّ الأمر لم يستغرق مجرد ثوان، ولكنّ مدير مكتبه عاد ليقول إنّ شيخ الأزهر "لم تكن لديه سابق معرفة ببيريز"، وفق ما ذكر.
أيضاً لم ير أحمد توفيق، مدير إدارة العلاقات العامة بالأزهر، ضرراً في مصافحة شيخ الأزهر وبيريز، قائلاً إنّ هناك "تطبيعاً مع إسرائيل، والرئيس مبارك نفسه يقابل الرئيس الإسرائيلي بل أيضاً يجري حوارات صحفية معهم، فما المانع إذن في أن يصافح فضيلة الإمام الرئيس الإسرائيلي، خاصة أنّ بيننا وبينهم سلام؟!"، حسبما قال.
يُذكر أنّ صورة شيخ الأزهر وهو يصافح شمعون بيريز، قد أحدثت نوعاً من الغليان في الشارع المصري، لا سيما وأنها تزامنت مع حصار غزة الخانق، ما دفع بعض النواب والناشطين المصريين إلى مطالبة شيخ الأزهر بالاعتذار عن تلك المصافحة لامتصاص غضب الشارع المصري.
شيخ الأزهر ليس مبارك :
وقد وجّه الكاتب الصحفي فهمي هويدي، نقدا شديدا لشيخ الأزهر وتبرير مكتبه للمقابلة، في مقالة بجريدة "الدستور" اليومية، نشرته اليوم الاثنين. فقد قال هويدي "إنّ علماء المملكة (العربية السعودية التي دعت للقاء) كانوا أكثر فطنة وحذراً من شيخ الأزهر، عندما رفضوا حضور مؤتمر نيويورك، أو على الأقل فإنّ أحداً منهم لم يظهر في الصورة لا مع بيريز أو غيره، اكتفاء بظهور العاهل السعودي، ولكن الإمام الأكبر (شيخ الأزهر) وقع في الفخ"، على حد تعبيره .
وقال هويدي ساخراً "لا أعرف ما الذي فعله شيخ الأزهر بعد ذلك، رغم علمي بأنّ اليد التي صافحها ملوثة بدماء الفلسطينيين وتفوح منها رائحة جثثهم وأشلائهم، لكن مبلغ علمي أنّ ثمة حديثًا نبوياً يرشد المسلمين إلى أنه في هذه الحالة فإنه يتعيّن على المسلم أن يغسل اليد الملوثة سبع مرات إحداهن بالتراب"، في إشارة إلى حديث يرشد إلى كيفية التصرّف إذا ولغ الكلب في الإناء.
وأضاف هويدي أنّ "مشكلة الرجل (شيخ الأزهر) أنه يتصرف باعتباره موظفاً حكومياً بدرجة إمام أكبر، ولا فرق بينه وبين أي ملازم أول أو حتى فريق اول. وحين قال المتحدثون باسمه إنّ الرئيس مبارك يصافح بيريز وأمثاله وأنّ شيخ الأزهر حذا حذوه؛ فإنهم لم يدركوا الفرق بين الاثنين".
وتابع هويدي قائلاً "فالرئيس مبارك قد تكون له ضروراته باعتباره رئيس دولة وقعت اتفاقاً مع إسرائيل، في حين أنّ شيخ الأزهر له خياراته التي لا تلزمه بما يلزم الرئيس، ثم إنّ الرئيس مبارك رمز مصري لا تتجاوز سلطته حدود البلاد، أما شيخ الأزهر فهو رمز إسلامي يفترض أن يمتد سلطانه الروحي والأدبي بامتداد العالم الإسلامي"، حسب تعليقه.
http://paltoday.com/arabic/News-29326.html