المرحوم الشاعر السيد أحمد الصافي النجفي من شعراء العراق المميزين والذي للأسف لم يسلط عليه الضوء كثيراً ، لدي صديق يكتب عنه بحثاً وأظنه قد انتهى منه ، الصافي النجفي في شعره يغلب عليه صفة التشاؤم ،في تشاؤمه تجد صفة الطرافة، فقد أضحكتني قصيدة له في هجاء عجوز قبيحة .

رثاه المرحوم الدكتور الشاعر السيد مصطفى جمال الدين بقصيدة عنونها بـ ( شاعر المعاني ) لأن الصافي كان شاعراً للمعاني ، ومعاني شعره جميلة لذا غلب على شعره المعنى ، وقد قال عنه أيضاً بأن ترجمته للرباعيات من أفضل الترجمات ، وذلك لأن الصافي كان يتقن الفارسية بإمتياز .
كما أن الصافي انتخب عضواً في النادي الأدبي الفارسي بطهران ، ما يميز ترجمة الصافي إنها جاءت نقلاً من الفارسية للعربية، بعكس بعض الترجمات التي ترجمت عن طريق اللغة الإنجليزية ومن ثم للعربية .

توجد لدي ترجمة الرباعيات للـ الصافي النجفي وقد قال في مقدمة الرباعيات حين انتهى من ترجمتها :

(( ولما أن أكملت التعريب عرضته على أدباء الفرس فقابلوه بالأصل وأكبروه غاية الإكبار وإليك مافاه به أكبر شعراء الفرس المعاصرين وهو محمد حسين بهار الملقب بـ ( ملك الشعراء ) قال : إن بعض التعريب مع كونه مطابقاً للأصل جداً فهو يفوقه من حيث البلاغة والأسلوب .
ولا أنسى ما قاله لي أحد كبار العلماء والأدباء هناك ، وأعني به العلامة الملقب بصدر الأفاضل الذي كان يُدرِّس الأدب العربي للشاه المخلوع ، قال ـ بعد أن اطلع عل الرباعيات بتمامها ـ : ( أكاد أعتقد أن الخيام نظم رباعياته بالعربية والفارسية معاً وقد فقد العربية منها فعثرت عليه وانتحلته لنفسك ) .
لم يكن غرضي من إثبات هذه الشواد هو الفهر والتبجح بل كل غرضي ـ يشهد الله ـ أن أجعل القارئ العربي واثقاً من أنه إذا قرأ التعريب فكأنه قرأ الأصل بلا أدنى فرق )) .

انصحك بقراء ديوانه يا أبا خليل فالمرحوم الصافي النجفي له من الشعر معانٍ تفوق الجمال ، وكما أنصحك باقتناء كتاب (( أحمد الصافي النجفي..(رحلة العمر)..لعبدالله الشّيتي )) وهو عبارة عن حوارات مع المرحوم الشاعر السيد أحمد الصافي النجفي ، لأن الغوص في هذه الشخصية وسبر أغوارها لشيء ممتع حقاً لما تتضمنه هذه الشخصية من تجارب وحزن .
والمعروف عن المرحوم السيد الصافي النجفي أنه نزع العمامة من نفسه ، وأنه لم يتزوج أبداً ، كان له مكان خاص في أحد مقاهي دمشق ، رحمه الله هذا الصافي فكم كان سامياً في معناه عالياً في سماه .