هذا المقال المنقول من هنا يحتوي ردا تفصيليّا على كل افتراءات الشيخ المثير للقرف محمد العوضي..

إلى الشيخ الدكتور محمد العوضي مع الاحترام...

بقلم ناصر ثابت

الحقيقة أنها المرة الآولى التي أقرأ فيها للشيخ الدكتور الداعية محمد العوضي، بعد أن استمعتُ له بضع مرات على الفضائيات. هذه المرة قرأتُ له مقالةً بعنوان "عباس.. الأول مع مرتبة القرف!"، ولكنني تفاجأتُ من المستوى "الرفيع" للألفاظ والكلمات والافتراءات المستخدمة ضد الرئيس الشرعي المنتخب للشعب الفلسطيني. حتى أنها كانت المرة الآولى التي أحس فيها بالسعادة لأن مقص الرقيب منع مقالته هذه في معظم الصحف العربية كما قال الدكتور نفسه في ملحوظة وضعها في ذيل المقالة.
سعدتُ ليس لأنني أحب مقص الرقيب، ولكن لأن الرقيب هذه المرة رحم القراء ورحم المسلمين من الأذي كان سينالهم عند قراءة هذا المستوى المتميز من الشتائم والتلفيق، والأخطاء اللغوية.
وحتى لا يقفزَ أحدٌ من المتأسلمين هنا ويتهمنا بتشجيع تكميم الأفواه، وهذا ليس من شيمنا طبعا، نذكِّرهم أنهم (أقصد المتأسلمين) بمختلف نكهاتهم وأطعامهم وأشكالهم وألوانهم، تفننوا في تكميم الأفواه في كل مكان وزمان حصلوا فيهما على "شرف" حكم الشعوب، في فلسطين وأفغانستان وإيران وغيرها!
العوضي كان يعلق على حديث الرئيس عباس، حول منع حكومة حماس في غزة لحجاج بيت الله الحرام من السفر الى الديار الحجازية المقدسة، حيث قال إن هذا حدث من قبلُ على يد كفار قريش، ثم على يد القرامطة، والآن على يد حماس. وقد أخطأ الرئيس عباس بنظري في عدد المرات التي مُنع فيها المسلمون من أداء فريضة الحج، ونسيَ أن يُضيف أن الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان أيضا منع المسلمين من الذهاب الى مكة، لأن عبدالله بن الزبير بن العوام كان وقتها ينصب نفسه خليفة على الحجاز، ويستغل موسم الحج لكي يبايع المسلمين، نكاية في الأمويين. وعندما بلغ ذلك الخليفة الأموي، منع المسلمين من الذهاب الى مكة عدة أعوام، وعندما تذمروا بنى لهم قبة الصخرة حتى يطوفوا بها. ويذكر التاريخ أن المسلمين في تلك الفترة كانوا يقفون بعرفة في القدس الشريف! وهذه القصة ثابتة في كتب التاريخ لمن أراد الاستزادة.
أذكر هذه الحادثة مصححا للأخ الرئيس معلوماته، وحتى يعرف الدكتور العوضي ومن لف لفه من المتأسلمين أن دعوتهم لنا للعودة الى زمن الخلافة والحكم الإسلاموي، لا تعني أنهم يأخذوننا الى الزمن الجميل، بل إلى زمن موغل في القتل وسفك الدماء واستخدام الدين في تحقيق المآرب السياسية والشخصية. وهو بالفعل ما يحدث في عصرنا الحالي لكل مجتمع يصب الله عليه جامَ غضبه ويعطي للمتأسلمين فيه رائحة من قُوةٍ أو لمسةً من سُلطة. حمانا الله منهم ومن أفكارهم الهدامة.
أما عن أوائل الأحداث التي تحدث عنها الشيخ الشاب، والتي حدثت في عهد الرئيس عباس، فهي تدل على أن الدكتور لا ينظر إلا بعين واحدة مصابة بالرمد، ويغض الطرف عما يفعله إخوانه من متأسلمي فلسطين في نفس المضمار.
مثلا، يقول شيخنا الجليل: "أول مرة يقوم فيها زعيم منظمة ثورية (تحريرية) بوصف عمليات شعبه الفدائية والاستشهادية (بالإرهابية) و(الحقيرة) وأسلحتها (بالعبثية) وينسق أمنياً مع العدو لاعتقال المقاومة!". وهو هنا يتناسى أن الزهار وغيره من قادة حماس تفننوا في شتم وتحقير أي شخص يطلق الصواريخ من غزة بعد إتمام الهدنة الشهيرة التي تنازلت فيها حماس عن جزء من اسمها من أجل كرسي الحكم. لذلك، ألا يحق للرئيس عباس أن يصف هذه الصواريخ الدخانية التي لا تسمن ولا تُغني من جوع بالعبثية؟ برأيي أن هذا التوافق في الآراء بين الرئيس عباس وقيادة حماس من الممكن أن يكون مُدخلا جيدا للتقارب بينهم مستقبلا، لأنهم بدأوا يفهمون أن وصف الرئيس للصواريخ بالعبثية كان في مصلحة الشعب الفلسطيني، لكن كالعادة فإن حركةَ حماس تكتشف مصلحة الشعب الفلسطين متأخرة، بعد أن تكتشفها القيادة الشرعية المتمثلة في منظمة التحرير بفترة طويلة، وهذا ثابت بالكثير من الأمثلة والأحداث في الأعوام التي تلت انطلاقة حركة حماس.
أما بخصوص ضم وتقبيل وعناق الرئيس عباس للقيادة الإسرائيلية، والتي يوردها العوضي في مقالته، فهذا منتقد عندي أيضا بل واضيف إليه أن يلتقي الرئيس عباس بهم في القدس. ولا أعرف ما هي التبريرات التي سيسوقها لنا الرئيس إذا وجهنا له هذه الانتقادات، فلم نسمع أحد رجال الصحافة يوجهها له. وهذه دعوة مني لهم جميعا أن يفعلوها لكي يريحونا ويريحوا الدكتور العوضي، الذي أتمنى عليه ألا ينسى أن أول من اجتمع مع القادة الإسرائيلين وبالذات رابين وبيريس، حتى قبل الرئيس عباس، كان الدكتور محمود الزهار في الانتفاضة الفلسطينية الكبرى، ولا نستطيع أن نتنبأ بكمِّية الحميمية التي كانت مبثوثة في هذه الاجتماعات لأنها كانت سرية ولم يتم الافصاح عنها إلا بعد ما يقارب العقدين من الزمن.. أو أقلَّ قليلا..
وهنالك الكثير من الاجتماعات التي تتالت بين رجالات حماس وشيوخها مثل أحمد أبوطير ومحمود مصلح وغيرهم مع حاخامات اليهود في القدس، وقيادات السلام الإسرائيلية، ممن لا يستطيعون أن يُقدموا للفلسطينيين إلا التضامن والإيمان بحل الدولتين، ويعارضون رغبة حماس "الملحة" لإزالة إسرائيل من الوجود، التي تمر عبر أوسلو، وعبر الهدنة الطويلة والدولة المؤقتة.
ولا ننسى الاجتماع الشهير، والاحتفال الكبير الذي أقامه غلاة الحاقدين من المستوطنين على شرف رئيس مجلس محلي بلعين المنتخب عن حركة حماس.
الانتقادات (المؤدبة طبعا) مقبولة جداً حول اجتماعات الرئيس الفلسطيني وما يحدث فيها، وأعتقد أنه من حقنا أن نستمع منه الى توضيح حولها. ولكن الشيخ العوضي، بفكره الإسلاموي العميق، لا يسمح لنفسه أن يوجه نفس الانتقادات لمن يمشون على منواله الدعوي والحضاري، من قادة حماس المبجلين!
أما بخصوص انتهاك حرمات المساجد، فكنت أتمنى على شيخنا الكريم ألا يُقحم نفسه فيها لأنها لم تحدث أولا، ولأن هذه الجريمة إن حدثت فهي أكبر وأعظم وأقسى إن كانت ممن يدعون أن الإسلامَ دربُهم وطريقُ حياتهم. فقد دنس عمالقة القسام وزعران القوة التنفيذية المجرمون مسجد الرباط بأحذيتهم وقتلوا أحد أبناء الجهاد الإسلامي وأصابوا زميله بجراح خطيرة وألقوه مثل "الشوال" فوق جثة الشهيد في سيارتهم، وطافوا بهما في شوارع المنطقة. وهذا ليس كلامي إنما هو كلام هذا المصاب، الثابت بالفيديو على موقع اليوتيوب. وهنالك أيضا مسجد الكتيبة، الذي تم تدنيسه عندما قمعت حركة حماس الإسلامية المسيرة الضخمة التي خرجت في ذكرى إستشهاد القائد الفذ ياسر عرفات، وهذا ثابت بالفيديو أيضا.
غير أنني أعتقد أن التدنيس الفكري للمساجد من قبل حركة حماس أكبر وأهم، وأنه يستحق أن نفرد له مقالة كاملة يوما ما، إن شاء الله تعالى.
نأتي الى أكذوبة الاعتداء على "حرائر فلسطين"، وخلع حجابهن. وهو ما يؤكد أن الدكتور العوضي أطال الله في عمره يستقي معلوماته من مصدر واحد، وهو البعيد عن الديار المقدسة في فلسطين ولا يعرف ما يحدث فيها، وهذا لا يعيبه طبعا، غير أننا وللتاريخ فقط نؤكد أننا لم نسمع بهذا الأمر إلا منه ومن أدعياء الإسلام ومواقعهم الإخبارية الحاقدة، ولكننا رأينا بالفيديو والتصوير الواضح الذي لا يقبل التأويل كيف يعتدي زعران حماس على الطالبة رنا رضوان في جامعة الأزهر وكيف ينزعون حجابها، ورأيناهم يعتدون على المصلين في الشوارع ويضربونهم رُكَّعاً وسجوداً، ويضربون الحجاج وهم في طريقهم الى الديار المقدسة. مرة أخرى نشكر الحضارة الغربية "الزائلة"، التي اخترعت لنا الإنترنت واليوتيوب فرأينا بأم أعيننا ما يحاول أن يحرفه لنا أصحاب الحضارة الإسلامية والداعون إليها.
أما ما قاله العوضي بخصوص روحي فتوح فهو الغرابة بعينها، والعجب بعينه، ولنفترض أن السيدَ فتوح مدان بشكل كامل، فلماذا نتهم الرئيس محمود عباس في الحادثة؟ أم هو الحقد الذي يولد الاتهامات، ولا يفرق فيها بين شخص وآخر؟ ولا ندري ما الذي يريده العوضي بالضبط، بعد أن استقال فتوح من مناصبه واعتذر بشكل علني؟ فلم نسمع عن شخص يتلقى حكم الإعدام بتهمة تهريب الهواتف الخليوية، وإذا حدث فماذا سنحكم على قادة حماس المعروف أنهم من أباطرة التهريب وتجارة الأنفاق في غزة؟
يا شيخنا العزيز ماذا دهاك؟ ما الذي يجعلك تحدثنا عن إغلاق المؤسسات الحمساوية في الضفة، وتنسى أن تحدثنا عن إغلاق مثيلاتها الفتحوية في غزة؟ ألم تسمع في الأخبار أن حركة حماس التي تدعي الدين والإسلام أغلقت جميع مؤسسات فتح وبعض مؤسسات الجبهة الشعبية في غزة؟ أمرك عجيب فعلا..
وأمرك عجيب أيضا وأنت تحدثنا عن توفيق أبوخوصة وهو يعترف بإلقاء "حسام أبوقينص" من فوق بناية شاهقة، مع أنني قرأتُ مقالة له يؤكد فيها أن قناة الحوار "الإسلامية" الاتجاه قامت بتحريف كلامه واجتزائه. يا شيخ، إن أول من ابتكر إلقاء الناس من الأعلى في فلسطين هم الإسلامويون، والتاريخ يؤكد أنهم قاموا بإلقاء الأستاذ محمد حسن صوالحة من الطابق الثالث في جامعة النجاح عام 1983، بسبب خلافات سياسية كانت دائرة في ذلك الوقت. مع أن أقوى تبرير كان عندهم وقتها يقول إنهم عندما هجموا على الرجل في مكتبه في الجامعة (لاحظ العذر الذي هو أقبح من الذنب)، خاف منهم وقفز من النافذة. مع ان التحليل المنطقي يقول إن الإنسان لا يمكن أن يلقي بنفسه الى خطر إلا إذا تعرض الى خطر أكبر منه! وأترك لك التحليل، ولعقلك النير الاستنتاج. وأنصحك أن تريح نفسك وأن تتقبل حقيقة أنهم ألقوا بالرجل كذا بكل برود أعصاب من الطابق الثالث!
في قصة المرحوم "أبوقينص"، كان عليك حتى تكون منصفاً، ومتخلقا بخلق القرآن والإسلام، أن تذكر القصة في سياقها الكامل، ولا تنسى (أو تتناسى) العنصر الآخر منها وهو إلقاء القساميين الأشاوس للشهيد "محمد السويركي" من الطابق الخامس عشر قبل إلقاء "أبوقينص"!
ثم ما هي قصتك مع اتفاقية الحدود؟ وهل تعتقد أن الوضع الحالي أفضل؟ وهل تعتقد أن إسرائيل ستسمح بفتح معبر رفح هكذا على مصراعيه حتى يأتيها الخطر من غزة؟ علينا أن نعترف بالواقع، ونؤكد أن إسرائيل التي تسيطر على فلسطين كاملة لن يهدأ لها بال إلا بأن يتم تنظيم الحدود باتفاقيات دولية واضحة. فنحن هنا أمام خيارين، فإما ان نتعرض لحصارها الخانق، أو أن نقبل بأن يتم تنظيم الحدود باتفاقيات موقعة... ولك الخيار يا شيخنا الكريم. وبالمناسبة، فدحلان ليس مجرد رفيق نضالي للرئيس عباس كما تغمز حضرتك هازئاً من طرفه، لكنه نائب من نواب الشعب الفلسطيني، وهو منتخب بديموقراطية ونزاهة. وأشكرك سلفا لتفهمك هذه النقطة بالذات وأنا أعتقد أنك ستتفهمها بسهولة.
وأخيراً، فإن موضوع "اغتيال المقاومين والشرفاء" لا يستحق مني إلا أن اطلق ضحكة طويلة عريضة حياله، مع احترامي لك. لأنه يدينك ولا يدعم موقفك، وأنت تتناسى المجازر التي ارتكبتها حماس ضد الشعب الفلسطيني في مناسبات كثيرة وكان منها ما هو ضد المقاومين الشرفاء، وما هو ضد المدنيين البسطاء، وضد أمثالها من الإسلامويين الأشقياء الذين رماهم القدرُ في طريقها، فداستهم وداست معهم الصورة الإعلامية الكاذبة التي رسمها الإعلام العربي لحماس، جاعلا منها مخلصة الأمة، فوجدنا أنفسنا واقفين أمام خدعة كبيرة... جداً.

كاليفورنيا
9-12-2008

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	ضحايا المجزرة جميعهم من عائلات مسالمة رفضت الوقوف ضد الدولة ولم تقم يوما بالتظاهر	Rfik_kamel	23	2,907	01-15-2013, 02:15 AM آخر رد: Rfik_kamel
	مقال عن الجمهورية المصرية الرسمية ...مشروع ضم سيناء لغزة بعد اقتطاعها من مصر	بسام الخوري	5	3,208	12-14-2012, 11:46 AM آخر رد: نظام الملك
	صحيفة الاخبار امتنعت عن نشره :بشار الاسد …..الطاغية إبن الطاغية	demon	2	908	09-21-2012, 03:32 AM آخر رد: الحوت الأبيض
	"أنا من الفلول سيادتك !" ... (مقال "محايد" عن الوضع في مصر اليوم)	العلماني	28	4,531	06-24-2012, 11:16 PM آخر رد: ahmed ibrahim
	الصحف السعودية والقطرية تشن هجوما "عنيفا" على المالكي وتدعو الدول الخليجية إلى مقاطعت	Rfik_kamel	6	910	04-05-2012, 08:19 PM آخر رد: ((الراعي))