لا أسر كثيرا عندما اسمع ان شخصا هجر دينه وصار لادينيا .. كما لا أقنط إن تناهى الى علمي أن لادينيا تصالح مع دينه مجددا .. فلطالما آمنت أن الدين أو اللادين مجرد خيار شخصي لا غير، وكل شخص حر بخياره ومسؤول عنه .. ومؤكد أن كل انسان يختار ما يوافق عقله .. أقول هذا توطئة لتعليق على تعليق قاله العزيز ثاندر وهو:

Arrayدخلت في أرض مظلمة وكئيبة وموحشة أتمنى ألا تطول إقامتك فيها يا كنعاني ، فالملحد هو انسان يعيش حياة سوداوية للغاية [/quote]

الملحد يعيش حياة سوداوية ؟!! .. من قال لك ذلك؟ ..

أهو استنتاج أو حكم مبني على استقراء وتمحيص ودارسة ؟ أم مجرد تقرير أحكام نمطية مكررة !؟ .. أم تراه فرضا لمزاجك الشخصي حكما على الآخرين !!!!!!! ..

عبارة (الملحد هو انسان يعيش حياة سوداوية للغاية) سمعتها عشرات المرات عند المؤمنين بدين .. اي دين .. وأنا شخص لاديني لا اؤمن بدين ورغم ذلك أعيش حياة مستقرة ومتوازنة وسعيدة .. بل ازيدك : لم اذق في حياتي طعم الاستقرار النفسي والعقلي الا بعد ان تحررت من أغلال الدين !! .. وأعرف كثيرا من الملاحدة واللاديين الذي يشاطروني ذات شعوري ! ..

أعلم انك ستقول لي: ولكني أعرف شخصا ملحدا يعاني من الاكتئاب والسوداوية والوحشة .. الخ .. وهننا اهمس باذنك: ومتى كانت الحالات الفردية مقاسيا تبنى عليها أحكاما وتعميمات وقوانين مجردة ومطلقة من قبيل (الملحد هو انسان يعيش حياة سوداوية للغاية)؟؟ أهذه هي العلمية والموضوعية والعقلانية !؟ ..

حسنا .. ما أيسر علي أن اعكس نفس اسلوبك في انتقاء حالات فردية، ومن ثم تضخيمها وتحويلها الى قوانين عامة فاقول: لقد قابلت في حياتي نماذج لمتدينين يعيشون في عالم من الوحشة والكآبة والسودواية .. وبالتالي فالالتزام بالدين هو دخول الى (أرض مظلمة وكئيبة وموحشة !!) ..

يا عزيزي .. هناك فرق كبير بين اصدار احكام فكرية (صواب وخطأ) وبين اصدار أحكام أخلاقية ونفسية ( سعادة وكآبة !!) .. واذا كنت ترى بمنظروك الديني الذاتي الشخصي أن الالحاد أو اللادينية جسرا الى (أرض مظلمة وكئيبة وموحشة ) فهذا شأنك .. ولكن ليس بالضرورة أن تكون صورتك صحيحة، فلعل ما يكون (كآبة وسوداية ووحشة) من وجهة نظرك هو غاية السعادة والرضى بالنسبة الى غيرك .. فلماذا تصار على غيرك خياراتهم !؟ ..

أعرف نماذج كثيرة لمتدينين انتقلوا من اقصى اليسار إلى اقصى اليمين .. فحرموا على أنفسهم بعض المتع(من وجهة نظري) مثل التلفاز والموسيقا واللهو ببعض الالعاب (الشطرنج ووورق اللعب) واستحالت حياتهم الى مجرد صلاة وصوم وذكر مستمر وحضور الدروس الدينية وسماع الاشرطة الوعظية وتقليل ساعات النوم لقيام الليل..

لا شك أن هذه الحياة كئيبة ومملة بالنسبة لي .. ولعلها كذلك بالنسبة لك، ولعلك تقول لمن ترك منهجه واختار طواعية الدخول في مثل هذا النمط من الحياة (دخلت في أرض مظلمة وكئيبة وموحشة أتمنى ألا تطول إقامتك فيها ) أما أنا فلن اصادر على خياره بتقييم نفسي أو اخلاقي لسبب بسيط وهو أن مفاهيم السعادة واللذة والرضى شخصية بحتة، فما اراه كآبة ووحشة يراه غيري قمة السعادة واللذة .. ولذلك .. سأقول لهذا الشخص ببساطة:

اذا كنت تشعر بالسعادة والرضا العقلي والنفسي لما اخترت فامضِ به ..