بعد ذلك ، انتقل الكاتب لشرح نظريته الخاصة في السياسة ، وهي باختصار ان البترول هو سبب وجود معظم الدكتاتوريات في العالم ، من شافيز فنزويلا ، لال سعود في السعودية ومبارك في مصر الذي يدعمونه ، لصدام العراق (لايضير الشاة سلخها بعد ذبحها) وملالي ايران بل حتي الاتحاد السوفيتي ساق الكاتب نظريته الخاصه لانهياره وهي ان الاتحاد السوفيتي تمدد في السبيعينيات بسبب ارتفاع اسعار البترول بعد حظر العرب بيع البترول للغرب عام 73 ، مما جعل روسيا تبدأ مشاريع توسعية لا تتناسب مع مدخولاتها من التصنيع ، مثلا احتلال افغانستان ، ثم جاءت الضربة القاضية له بانخفاض اسعار البترول في الثمانينات ليكسر ظهره وهو غير مستعد اقتصاديا.
ثم تحدث الكاتب عن اثار البترول الاقتصادية وهي ما وصف اعرضه بانها الDutch disease وهو يحدث حتي للدول الغربية ذاتها وتتلخص اعراضه في ان ترتفع قيمة العملة مما يجعل الاستيراد اسهل من التصنيع وبالتالي يقل النشاط الاقتصادي ويقل بالتالي المدخول من الضرائب وتصبح الدولة ككل رهينة لتذبذب اسعار براميل النفط.
ثم يوالي الكاتب سرد استنتاجاته اخاصة ، فهو يقول ان هناك علاقة عكسية بين سعر برميل النفط وبين انتشار الحريات بالعالم بمعني انه كلما زاد سعر النفط فان مستوي الحريات بالعالم يقل ، ويسوق الكاتب امثلة علي ذلك ، فيذكر مثال دولة البحرين التي سينفذ احتياطها من البترول قريبا ، ويربط هذا بالاصلاحات التي يجريها ملك البحرين الشاب ، فهو يقول انه كلما شعر المواطنون بقلة احتياطهم من المال السهل الذي يجلبه البترول كلما انساقوا تلقائيا لتأسيس دولة حديثه ذات اقتصاد حقيقي وحريات مدنية.
ثم ربط الكاتب بين وضع المرأة في الدول العربية وبين البترول ، فالنموذج الاقتصادي للبترول لايشجع المرة علي الخروج من المنزل لان المجتمع لم يحتج هذا الخروج في اي من مراحل تطوره عكس العالم الغربي الذي احتاج خروج المراة اثناء الثورة الصناعية وفي الحروب عندما كان يغيب الرجال ، الاقتصاد النفطي لا يوجد به الوظائف التي تجعل الطبقات المتوسطة من النساء يعملن مثلا صناعات النسيج والفلاحة ،مما يجعلهن اقل تعليما واقل في فرص التواصل وبالتاي عمل مجموعات ضغط تاخد بحقهن. فالمسألة ليست مسالة اسلام وانما مسالة بترول.
طبعاً كلام الكاتب وان كان ذو وجهة نظر تستحق الاحترام الا انني اراه ترديداً لفكرة انه يمكن ارجاع كل الشرور في العالم لشئ واحد وهي فكرة تسيطر علي الامريكان بشكل عام : من الشيوعية للاسلام للنفط ، دائما هنا شئ واحد يطمع العقل الامريكي في ارجاع كل الخير او كل الشر اليه .
ثم يعرج الكاتب لقضية التنمية البشرية ، فيذكر قصصا من الهند وافريقيا واندونيسيا تظهر انه لو حصل كل شخص علي كمية كبيرة من الطاقة فان حال العالم سيكون افضل بمعني ان مشكلة التنمية البشرية في اساسها مشكلة طاقة قبل ان تتكون مشكلة اي شئ اخر.
ثم يسوق الكاتب الاسباب التي يراها ضرورية لجعل امريكا تاخذ الاتجاه النظيف بيئيا ، وهي باختصار شديد ان امريكا هي الاقدر تكنولوجيا لان الصين لا تملك التكنلوجيا الكافية ، اما اروبا ، فلم يذكرها الكاتب الا ليقول ان نيكولا ساركوزي قال له بشكل شخصي ان فرنسا معجبة بامريكا (رايي انا الشخصي هو ان ارويا هي الاقدر علي قيادة العالم في مجال الطاقة النظيفة لاسباب طويلة ليس محلها الان).
ثم اتي الكاتب لمسئلة البيئة وهنا عرض قصصا مرعبة بمعني الكلمة عن التغيرات المناخية في العالم منها توقع العلماء ان يذوب ثلج القطب المتجمد الشمالي في عام 2017 وليس 2050 كما كان متوقعا ، عداك عن احصائيات تظهر ان لماذا ان حسابات اعلماء غير دقيقة مثلا العلماء لم يضعوا باعتبارهم نهضة الصين الصناعية بالاضافة لمشاريع التطوير التي تاكل الغابات بكل من البرازيل واندونيسا ، ثم انهم لم يضعوا باعتبارهم ان العوامل في الطبعية تتغير بشكل اسي وليس خطي وان هناك علاقات اخري تظهر كلما ولغنا في تخريب البيئة.
بالنهاية عرض الكاتب ما سماه بيوتوبيا الطاقة ، وهو تصوره الشخصي عن شكل المدن المثالي في عصر الطاقة-البيئة ، وهو جزء يستحق الترجمة لوحده فيما بعد لو اتاني وقت.

(f)
طنطاوي