سورية تنسحب جزئياً وتحذر من الاستفزاز

وكالات GMT 12:00:00 2005 الخميس 24 فبراير
القاهرة تبلغ دمشق: الانسحاب او العواقب الوخيمة
سورية ستقوم بانسحابات جديدة في إطار الطائف


جنود سوريون في البقاع في صورة التقطت بعد مقتل الحريري

دمشق، القاهرة، عمان: أكدت سورية اليوم أنها ستنفذ بانسحابات جديدة من لبنان بالاتفاق مع الحكومة اللبنانية وعلى أساس اتفاق الطائف محذرة من أن استمرار "الاستفزاز والتحريض" ضد سورية ولبنان قد يؤدي الى "تطورات سلبية"، فيما أعلن وزير الدفاع اللبناني عبد الرحيم مراد ان القوات السورية ستبدأ خلال ساعات إعادة انتشار كاملة الى البقاع (شرق)، وقال مراد "التقت القيادتان اللبنانية والسورية وبحثتا في سادس عملية اعادة انتشار للقوات السورية"، و"تم اخذ القرار ببدء اعادة الانتشار في الساعات القليلة المقبلة لتوضع القوات السورية في البقاع".

و من جهة أخرى، اكد دبلوماسيون عرب اليوم أن الدول العربية تعمل على إيجاد توافق دولي حول تسوية للازمة اللبنانية السورية المتصاعدة في إطار اتفاق الطائف كبديل عن القرار 1559 الذي تطالب دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بتطبيقه. وقال دبلوماسي عربي في القاهرة طلب دعم ذكر اسمه إن الملف اللبناني السوري سيكون مطروحًا على الوزراء العرب في اجتماعاتهم المقبلة في الثاني والثالث من آذار(مارس) المقبل في العاصمة المصرية. من جانبه، أعرب الملك عبد الله عن أمله في أن تتقيد سورية بقرار الأمم المتحدة 1559 الداعي للانسحاب من لبنان.

وأضاف العاهل الأردني في مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي إنه يعتقد أن مستقبل لبنان يجب أن يكون بأيدي اللبنانيين.

وفيما يتعلق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، اعلن مصدر دبلوماسي إيرلندي أن فريقًا من رجال الشرطة الإيرلندية سيتوجه إلى لبنان اليوم بناء على طلب من الامم المتحدة للتحقيق في الجريمة، بينما اعتبر الملك عبد الله إنه من المبكر معرفة الذين كانوا وراء الحادثة.

سورية: انسحابات جديدة في إطار الطائف
وقال مصدر مسؤول في بيان تلاه نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان "ما قامت به (سورية) من انسحابات هامة حتى الآن وما ستقوم به لاحقا سوف يتم بالاتفاق مع لبنان على اساس اتفاق الطائف والآليات التي يتضمنها". واضاف ان "سورية ترى ان تسريع وتيرة الانسحابات يستدعي تمكين قوات الجيش اللبناني والامن الداخلي من سد الفراغ الذي يمكن ان يحصل بطريقة لا تخل بامن لبنان وسورية".

تحذيرات سورية
من جهة اخرى حذر البيان من ان "استمرار تعامل البعض داخل لبنان وخارجه باستفزاز وتحريض ضد سورية ولبنان من شأنه ان يؤدي الى حصول تطورات سلبية تلحق الضرر بمصالح جميع الاطراف المعنية وخصوصا بالطرف اللبناني الذي كان دائما يدفع عند كل ازمة ثمنا باهظا من امنه وحياة مواطنيه وازدهارهم". واضاف البيان ان "سورية تؤكد ايضا اهتمامها التام بانجاز التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس (الوزراء اللبناني السابق رفيق) الحريري ومرافقيه باسرع وقت ممكن لاظهار الحقيقة بعيدا عن الاتهامات الانفعالية والتصريحات غير المسؤولة". واعربت سورية عن "استعدادها لتقديم اي مساعدة يطلبها لبنان في التحقيقات التي يجريها". ويأتي هذا البيان بينما تواجه سورية ضغوطا دولية متزايدة لدفعها الى الانسحاب من لبنان حيث تحملها اطراف عدة مسؤولية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الاسبوع الماضي.

وتريد الدول العربية تريد الاستفادة من اجتماعها المقبل "لإعلان دعمها لتسوية الأزمة اللبنانية السورية طبقًا لاتفاق الطائف باعتباره يحقق الغرض نفسه الذي يبتغيه قرار مجلس الامن 1559" بحسب ما أعلن الدبلوماسي العربي الذي رفض الكشف عن هويته. ورأى أن اتفاق الطائف "أكثر قابلية للتطبيق خاصة إذا كان محل توافق لبناني وعربي وإقليمي".

وينص اتفاق الطائف على أن تنسحب القوات السورية في مرحلة أولى إلى سهل البقاع على أن يتم الاتفاق لاحقًا بين الحكومتين السورية واللبنانية على "تحديد حجم القوات السورية ومدة" بقائها في الأراضي اللبنانية.

أما القرار 1559 فيطالب بانسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان ويدعو أيضًا إلى "حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها" في إشارة خصوصًا إلى حزب الله اللبناني والفلسطينيين.

وأوضح دبلوماسي آخر أن وزراء الخارجية العرب قد يناقشون في هذا الإطار "إمكانية فتح حوار بين دمشق والقوى اللبنانية برعاية الجامعة العربية أو عدة دول عربية من أجل إعادة صياغة علاقات صحية وصلبة بين سورية ولبنان تقوم على تسوية لكل القضايا الخلافية".

وقال الدبلوماسي إن "هذا الموقف الجماعي العربي من شأنه إتاحة الفرصة لمشاورات مع القوى الدولية من أجل إقناعها بأن الإنسحاب السوري من لبنان يسهل تحقيقه عن طريق آليات إتفاق الطائف المقبول لبنانيًا وسوريًا وعربيًا".

وأضاف أن "العرب لديهم حججًا عدة لمساندة موقفهم" مشيرًا إلى أن "المطالبة بتطبيق القرار 1559 من شأنها أن تعطل تحقيق هدف الانسحاب السوري بدل التعجيل". وأشار خصوصًا إلى أن القرار "لا يتضمن جدولًا زمنيًا كما أنه يعيد فتح الجدل حول ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي الذي لا يلزم إسرائيل بتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالنزاع العربي - الإسرائيلي وبالمضي قدمًا في عملية السلام".

واعتبر أن إعلان المعارضة اللبنانية أمس الأربعاء تبنيها لاتفاق الطائف من شأنه أن يسهل مهمة وزراء الخارجية العرب. وقال إن الدعوة التي وجهها الرئيس المصري حسني مبارك الأربعاء إلى المعارضة اللبنانية للإتفاق على موقف يحظى باجماع القوى السياسية اللبنانية تنبع من إدراكه لأهمية التوافق لبنانيًا على اتفاق الطائف كاساس للحل.

وبدأت اتصالات دبلوماسية عربية من أجل معالجة الملف اللبناني السوري بمشاورات أجراها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الأحد والإثنين الماضيين في السعودية ثم في سورية.

وقال موسى بعد مباحثاته مع الرئيس السوري إن "الرئيس بشار الأسد أكد أكثر من مرة في حديثه على عزمه الأكيد على المضي قدمًا في تنفيذ اتفاق الطائف وبتحقيق انسحاب سوري من لبنان طبقًا لهذه الاتفاقية". وأضاف أن "موضوع اتفاق الطائف والانسحاب (..) مقرر وهو جزء من السياسة السورية وسيكون في هذا كلام وخطوات سوف نراها في وقت قريب".

وصرح حسام زكي المتحدث باسم موسى أمس للصحافيين أن الأمين العام للجامعة العربية أكد للسفير الأميركي في مصر ديفيد ولش أن "التطورات الأخيرة سيتم التعامل معها عربيًا ومن المهم أن يأخذ المجتمع الدولي ذلك في الاعتبار".

كما بدأت مصر تحركًا آخر إذ أوفد الرئيس حسني مبارك مدير المخابرات اللواء عمر سليمان أمس إلى دمشق كمبعوث شخصي له لمقابلة الرئيس الأسد. ودعا مبارك الأسد ضمنًا إلى ضرورة استقراء الوضع الدولي واتخاذ خطوات على طريق الانسحاب من لبنان مؤكدًا أن "الموقف تغيّر الآن ولن تستطيع سورية أن تقف ضد ضغوط المجتمع الدولى كله".

وقال السفير سليمان عواد المتحدث باسم الرئاسة المصرية نقلًا عن مبارك إن "حالة الاحتقان الحالية على الساحة اللبنانية وتصاعد الضغوط على سورية كما بدا من القمة الأميركية الأوروبية (في بروكسل) يقتضي تحركًا فاعلًا وسريعًا لاحتواء الوضع في سورية ولبنان في إطار عربي".

صحف بريطانية
وتحت عنوان "سوريون يطالبون بالانسحاب من لبنان" هناك تقرير في صحيفة التايمز البريطانية حول توقيع 140 مثقف وناشط حقوق انسان سوري رسالة مفتوحة تحث سورية على سحب قواتها من لبنان. وتتوجه الرسالة الى المعارضة اللبنانية مؤكدة ان الموقعين عليها يؤيدون مطالبها بانسحاب القوات السورية في لبنان.

وكان العاهل الأردني صرح في مقابلة مع صحيفة إيل باييس الإسبانية نشرت الأحد بأنه يعتقد أن اغتيال الحريري كان عملية معقدة جدًا بحيث لا يستطيع إرهابيون تنفيذها. أما الرئيس الفرنسي، فقد أكد مجددًا خلال محادثاته مع ملك الأردن، رغبة بلاده في أن تتقيد سورية بقرار مجلس الأمن الدولي 1559 كما دعا إلى دولة لبنانية ديموقراطية وكاملة السيادة.

وتواجه سورية ضغوطًا دولية متزايدة لدفعها إلى الانسحاب من لبنان حيث تحملها أطراف عدة مسؤولية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الأسبوع الماضي. وخلال السنوات الأخيرة، قلصت دمشق تدريجيًا قواتها في لبنان حيث يقدر حجم الوحدات التي بقيت بـ14 ألف جندي، لكنها لا تزال تمارس نفوذًا كبيرًا في الشؤون الداخلية اللبنانية.