يجعله عامر
عضو رائد
    
المشاركات: 2,372
الانضمام: Jun 2007
|
"حيرة مسلمة" ألفة يوسف
من حيرة مسلمة
مقدمة الكتاب
تقديم
هذا الكتاب لا يعدو أن يكون قراءة متسائلة لآيات قرآنيّة يعتبرها جلّ المسلمين محكمة واضحة لا تطرح أيّ إشكال ولا تستدعي أيّ تفكير. فمن لا يعرف أنّ للذّكر حظّ الأنثيين من الميراث؟
ومن يشكّ في أنّ كلّ المواريث فرائض محدّدة بصريح النّصّ القرآنيّ؟
ومن ينكر أنّ اللواط هو المثليّة الجنسيّة وأنّه محرّم بنصّ القرآن؟
ومن لا يقرّ بإباحة تعدّد الزّوجات وإن وفق شروط معيّنة؟
ومن يناقش مفهوم طاعة الزّوجة زوجها في الفراش؟
إنّنا نصرّح منذ البدء بأنّ هذه "الحقائق" ليست من الحقيقة في شيء
ونتمسّك بأنّ القرآن وإن يكن كلاما إلهيّا فإنّه قول لغويّ وهو شأن أيّ قول لغويّ قابل لتفاسير شتّى
ونؤكّد أنّ كلّ من يدّعي امتلاك المعنى الواحد الحقيقيّ للقرآن إنّما هو إذ يتكلّم باسم الله تعالى، ينتصب في موضع العليم ذي المعرفة المطلقة، فيوهم النّاس أنّه يمتلك الحقيقة الّتي لا يمتلكها إلاّ الله عزّ وجلّ، ويعبد في حقيقة الأمر ذاته وفكره منكرا حدوده البشرية ونسبيته الجوهريّة.
إنّنا واعون بركوبنا مركب الخطر في مساءلة المستقرّ وتحريك الرّاكد وتهديد إجماع الأمّة
يحفزنا على ذلك إيمان عميق بأنّنا إذ نسائل الكلام الإلهيّ لا نقرّ حقيقة نهائيّة ولا نثبت تأويلا قاطعا.
وأنّى لنا أن نثبت حقيقة ونحن مؤمنون بأنّنا ما أوتينا من العلم إلاّ قليلا ومعتقدون أنّ تأويل القرآن لا يعلمه إلاّ الله ومسلّمون بأنّه عزّ وجلّ ينبّئنا يوم القيامة بما كنّا فيه نختلف؟
إنّنا لا نجد أيّ حرج في مساءلة آيات استقرّ تفسيرها في السنّة الفكريّة الإسلاميّة لأنّنا نشعر بمدى تأثير التّفاسير المستقرّة النّهائيّة للقرآن في تشريعات البلاد الإسلاميّة وفي مخيال المسلمين تأثيرا ولّد موقفين هما إلى ردود الأفعال أقرب منهما إلى النّظر العلميّ المنهجيّ.
الموقف الأوّل
يدعو إلى أن نضرب صفحا عن دين لا يقرّ بالمساواة بين الجنسين ويحكم برجم اللوطيّ ويجبر المرأة على أن لا تمتنع عن زوجها ولو كانت على ظهر قتب. على أنّ أصحاب هذا الموقف ينسون أو يتناسون أنّ أساس المكوّنات الثّقافيّة لاواع وأنّهم مهما ينهلوا من ثقافات وحضارات وعلوم أخرى قد نشؤوا في مجتمعات مسلمة بالمعنى الثّقافيّ على الأقلّ ، فلا يمكنهم بجرّة قلم أو بقرار عقليّ واع أن يمحوا بصمة اللاوعي الجمعيّ.
أمّا الموقف الثّاني
فإنّه يدعو إلى أن نقبل تأويلات الفقهاء قبولا حرفيّا، محوّلا إيّاهم إلى ناطقين رسميّين باسم الله عزّ وجلّ. وينسى أصحاب هذا الموقف أنّهم باعتماد هذا التّصوّر إنّما يعبدون الفقيه في أشكاله المختلفة وتجلّياته المتعدّدة متوهّمين أنّهم يعبدون الله.
لسنا دعاة إلى التّوفيق ولسنا دعاة إلى التّلفيق كما قد يقول البعض.
إنّنا ندعو إلى إعمال الفكر والتّساؤل شوقا إلى الحقيقة لا نزعم مثل سوانا امتلاكها.
وإنّنا وإن انتقدنا بشدّة موقف الأصوليّ يقسّم الأفعال البشريّة إلى حرام بيّن وحلال بيّن، ويؤكّد أنّ معاني القرآن واحدة لا تتعدّد درءا للفرقة والاختلاف فإنّنا نرى أنّ هذا الموقف متلائم على خطله وخطورته مع المنظومة الأصوليّة المنغلقة الّتي تقرّ بأحديّة الحقيقة وتعتقد امتلاكها. أمّا موقف المعادي للدّين فهو مثير للاستغراب إذ أنّ كلامه المتهجّم على الدّين يضمر خلطا واضحا بين معنى القرآن الأصليّ الّذي لا يعرفه أحد من جهة وتأويلات الفقهاء والمفسّرين من جهة ثانية. وبذلك لا يعدو موقف من يعادي الدّين مطلقا أن يكون معبّرا عن أصوليّة أخرى وانغلاق أشدّ.
إنّنا في هذا الكتاب أبعد ما يكون عن الأصوليّة في وجهيها الدّينيّ والحداثيّ، ذلك أنّنا لا نريد تقديم أجوبة جاهزة نهائيّة وننتمي إلى السّؤال قبل الجواب والحيرة قبل الاطمئنان. إنّنا نودّ أن نرمي حجرا فكريّا فيما ركد واستقرّ من قراءات بشريّة غدت بفعل الزّمان مسلّمات مقدّسة لا تقبل النّقاش ولا تستدعي التّحقيق، ولا شكّ أنّ الفكر الرّاكد في حاجة إلى من يحاوره ويحرّكه ويناقشه حتّى لا يتحوّل إلى آسن عفن يهدّد الفكر الحرّ الحديث ومكتسبات حقوق الإنسان.
|
|
01-04-2009, 11:30 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}