ما زال صمت باراك أوباما حول ما يحصل في غزة يثير التساؤلات حول موقفه من هذه المسألة. ففي ظل موقف حكومي أمريكي تقليدي من تأييد مفتوح لما تمارسه إسرائيل، ومنع قرار لمجلس الأمن لوقف إطلاق النار، نرى أوباما صامتاً بدون اتخاذ أي موقف مؤيد أو معارض.

هناك تفسيرات عدة أراها لهذا الصمت : الأول هو أنه راض عن موقف الرئيس بوش ويؤيده كما يؤيد الجريمة الإسرائيلية، والثاني هو عدم قدرته على إبداء رأيه إن كان معارضاً حتى لا يبدأ رئاسته بمهاجمة حليف تاريخي لأمريكا في الشرق الأوسط.

الكثير من الشعوب احتفلت بفوز أول ملون في التاريخ برئاسة الدولة العظمى المسيطرة على العالم حالياً، وكثير من العرب كانوا من ضمن من احتفلوا. ولكن وعلى ما يبدو فإن أوباما غير قادر على أن يغير أي شيئ في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية.

التفسير الثالث قد يكون إبقاءه لهذا الموقف لحين تسلمه الرئاسة، مما سيكلل بدء رئاسته بإيقاف نزاع في الشرق الأوسط، وسيجعله يظهر بمظهر صانع السلام منذ البداية. ولكن المشكلة هنا أن هذا الأمر ما زال بعيداً زمنياً وكافياً لقتل أضعاف من الأبرياء الفلسطينيين قبل مجيئه.

أياً كان تفسير الصمت فهو ليس إلا تواطؤاً جديداً، وانحيازاً للطرف الإسرائيلي، وإعلاناً منذ البدء لسياسة مضادة للقضايا العربية العالقة.

الدول العربية المنقسمة حول هذه المسألة، والتي يعاني بعضها من اتهام من قبل شعوبها بالتواطؤ مع ضرب غزة، ويعاني الآخر من الاتهام بالتحالف مع خطة إيرانية مرسومة لمستقبل المنطقة، تقصر كثيراً في مسألة العلاقات الدولية، وتهمل أهمية موقف الرئيس الأمريكي المرتقب وقدرته حتى قبل تسلمه الرئاسة على إيقاف حمام الدم.

الشيئ الوحيد المشرق في تغير الرئاسة الأمريكية الوشيك بالنسبة للقضية الفلسطينية هو أننا لم نر وجه كوندوليزا رايس وزياراتها المكوكية لإسرائيل وحلفائها، لتغطية مجزرة جديدة يرتكبها الإسرائيليون، ولمهاجمة كل من يقف في وجه ذلك.