Array
انتصار قيادة حماس
حسين كركوش
يقول الدكتور خليل أبو ليلة، عضو القيادة السياسية لحركة حماس ومسؤول العلاقات الدولية فيها، "نحن نعمل بكل جهد لإعادة القضية الفلسطينية لبعدها الإسلامي والعربي." كلام كهذا ليس دقيقا، بل ليس صائبا. إذ، منذ متى خرجت القضية الفلسطينية عن بعدها العربي حتى تريد حماس هذه الأيام إعادتها إليه؟ ولهذا، فأن ما يريد أن يقوله هذا المسؤول في حماس، لكنه لم يقله بوضوح وبصراحة، هو أن حركته اختارت، اعتمادا على تصورها الأيديولوجي، أن تركز، منذ الأيام الأولى لتأسيسها، على تحالفها مع إيران، كخطوة أولى في طريق أسلمة الصراع العربي الفلسطيني. والحقيقة أن حماس كانت واضحة في خيارها هذا. ونحن نتذكر أول زيارة قام بها محمود الزهار لإيران عندما أصبح وزيرا للشؤون الخارجية، وإعلانه عن ملايين الدولارات التي تبرعت بها الحكومة الإيرانية، ثم تكرار زيارات كبار المسؤولين في حماس لطهران.
والمسألة لا تكمن، بطبيعة الحال، في إقدام حماس على نسج علاقات وثيقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا حتى في قبولها لمساعدات إيرانية، فهذا أمر منطقي ومقبول في عالم السياسة. فإيران هي قوة إقليمية صاعدة، ليس من مصلحة الفلسطينيين معاداتها، ولا حتى تحييدها، إنما في استمالة تعاطفها. وإيران هي، أولا وأخيرا، بلد مسلم، والثورة الإيرانية هي التي أغلقت السفارة الإسرائيلية، وفتحت سفارة فلسطينية مكانها. هذه وقائع يعرفها الجميع، لكنها لا تلغي حقيقة أخرى، تعرفها حماس جيدا وهي، أن التحالف الاستراتيجي مع إيران في الوقت الحاضر يؤلب عليها معظم الدول العربية ودول الاتحاد الأوربي، ناهيك عن الولايات المتحدة ........................................... ................................. .................في حديثه مع الكاتب الفرنسي اليهودي مارك هاتلر قبل سويعات من اندلاع المواجهة الحالية، وصف رئيس المكتب السياسي لمنظمة حماس، خالد مشعل، الرئيس المصري حسني مبارك بأنه "يقف عند نعال الأميركيين" أو هو "في جيب الأميركيين." إن هذه الشتائم التي يوجهها قائد حماس بحق الرئيس المصري، وقبل ساعات من اندلاع القتال الحالي بين حماس وإسرائيل، لا تخدم القضية الفلسطينية، بأي شكل من الأشكال. وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع السياسة المصرية الحالية، إلا أن من حق مصر أن تعتبر تصريحات كهذه، كمحاولة لأبعادها، وتقليل شأنها، لصالح تحالف حماس مع إيران، وهو أمر حذر منه الرئيس المصري بقوله إن "مصر لن تسمح لأحد ببسط نفوذه على حسابها بالمزايدة والمتاجرة بدماء الفلسطينيين." ولا نظن أن هذه الحساسية التي تبديها مصر إزاء تحالف حماس مع إيران، تقتصر عليها وحدها، إنما تجد لها صدى داخل دول عربية أخرى كالعربية السعودية، مثلا.
وهكذا نرى، أنه في الوقت الذي فتحت فيه حماس جبهة ضد إسرائيل، فأنها فتحت جبهة موازية ضد مصر، التي ضحت من أجل قضية فلسطين أكثر مما ضحت أي دولة أخرى، وضد دول عربية أخرى تعرف حماس أكثر من غيرها مدى الدعم الذي قدمته هذه الدول للقضية الفلسطينية.
هذا في ما يخص جبهة التحالفات الإقليمية، إما في ما يتعلق بمسألة توقيت المواجهة الحالية، فأن حماس اختارت، أيضا، السير في طريق الانتحار.فإسرائيل هذه الأيام تحولت، بسبب المنافسة الانتخابية، إلى ثكنة عسكرية، أو إلى (مدفع) لا يسمع إلا صوته. كل القيادات السياسية الإسرائيلية، ووراءها المجتمع المدني، تطالب بشن الحرب ضد حماس. والقرار الأميركي يكاد أن يكون معطلا بسبب الفراغ الرئاسي. وسوريا ليست على استعداد لخوض حرب مع إسرائيل، فهي تنتظر استئناف المفاوضات بينها وبين إسرائيل التي كان قد بدأت بوساطة تركية. وإيران، حليف حماس الرئيسي، تعيش هذه الأيام مرحلة عدم استفزاز إدارة الرئيس الأميركي الجديد. والوضع في عموم المنطقة هو وضع أميركي بامتياز، خصوصا بعد النجاح الأميركي المدوي في تهدئة الأوضاع الأمنية داخل العراق، ناهيك عن التواجد الأميركي في معظم الدول العربية، سواء كوجود لقواعد عسكرية أو كتسهيلات عسكرية. ولهذا كله، تضاف الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، وتفكك الجبهة الفلسطينية الداخلية بشكل غير مسبوق
أليس من المنطق أن يسأل المرء: على من كانت تراهن حماس، إذن، عندما قررت خرق الهدنة، واختارت هذه المواجهة الحربية الدائرة بينها وبين إسرائيل؟ على الشارع العربي، وتظاهرات التضامن في دول العالم، وضجيج بعض الفضائيات العربية؟
.......................................................................................................................................
..........................................................................................................................................
إما ما يردده هذه الأيام قادة حماس عن (الانتصارات) و (فشل) إسرائيل في تحقيق أهدافها، فهو كلام يذكرنا، تماما، بما ردده صدام حسين غداة انتهاء حرب الكويت. فقد ظل صدام يثرثر عن انتصاراته الكبرى في حرب الكويت، بينما كانت تلك الحرب قد حولت بلاده إلى خرائب، تقف فوقها أشباح بشرية تتضور جوعا وتتلظى عطشا، ناهيك عن ألاف القتلى والمفقودين والمعوقين والثكالى واليتامى. كان النصر يعني عند صدام بقاءه حيا على رأس السلطة، رغم أن الجميع يعرف أن من أبقاه حيا هم الأميركيون أنفسهم، بعد أن ساهموا في إخماد التمرد الذي حدث ضده.
وما يحدث الآن في غزة هو تكرار للسيناريو الصدامي عشية وقوع حرب الخليج الثانية. فلا بد أن إسرائيل ستوقف الحرب الدائرة، بشروطها، وبعد أن تحقق الأهداف التي رسمتها، وآنذاك سيظهر قادة حماس فوق ما تبقى من خرائب داخل غزة، و وسط أشلاء الضحايا، ليعلنوا شارة النصر، وليتحدثوا عن النصر الإلهي، وعن (صمود) الناس في غزة، وكأن هولاء الناس كانت قد توفرت أمامهم فرصة واحدة للفرار من هذه المطحنة البشرية ولم يفروا.
وقادة حماس على حق عندما سيزفون بشارة النصر، فالانتصار عندهم يعني بقائهم على قيد الحياة، على رأس سلطة حماس. إما الذين قضوا نحبهم أو تشردوا أو تيتموا أو تحولوا إلى شحاذين، "فهل هناك شعب تحرر بدون ضحايا وشهداء"، كما قال خالد مشعل في خطابه الأخير. ثم، أن أولاءك الضحايا سقطوا حتى لا تسير حماس "في طريق الذل والمفاوضات والاستجداء"، على حد تعبير مشعل، أيضا.
[/quote]
بداية اشكر الاخ رائف لانزال هذا الموضوع الهام !
سبق و تحدثنا بالفكرة نفسها منذ 12 يوما .
للاطلاع :
http://www.pc4sy.com/proxy/index.php?q=aHR...3D%3D##forum952