كلمة لابد منها

عزيزى الأستاذ بهجت;

أعتقد أن الخلاف بيننا ليس خلاف جبهات متعارضة ولكن خلاف داخل المعسكر الواحد وهذا الإختلاف يتمحور حول كيفية النظر إلى إيران والتعامل معها, ففى حين تميل أنت لتسمية "الخطر الإيرانى" وإعتباره مساويا" للخطر الإسرائيلى" أنا لاأتفق معك فى هذا وأرى أن أنسب طريقة للنظر إلى إيران هو المثل" حرص من صاحبك ولاتخونوش" ورغم أن هناك تحفظات على سلوك إيران إلا أنه يجب عدم وضعها فى سلة واحدة مع إسرائيل بل وأرى فى إيران حليف مستقبلى للعرب لو تم التعامل معها بحكمة وعدم الإنقياد وراء المحرضين الإقليميين والدوليين فى التعامل معها فى حين أن الدخول فى مواجهة معها وبالإضافة للدمار الذى سيلحق بالجميع فهو سيرسخ لعداوات جديدة تضاف لعداوات الماضى لندور جميعا فى نفس الحلقة الجهنمية التى ندور فيها منذ قرون.

من الممكن أن نستمر فى تبادل الردود والحجج والحجج المضادة وإستدعاء أحداث تاريخية تؤيد موقف كل واحد مناإلى مالانهاية لكنى قررت التمهل قليلا ومصارحتك بما يدور فى رأسى بدون لف ودوران وأرجو ألا تعتبر ماسأقوله شخصنة ولكن رأى يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ.

أنت فى تعريفك لنفسك تقول أنك سنى وأنا متفهم تماما دلالة ماتقوله وأنك عندما تقول "سنى" ليس كما يقولها شخص سلفى ولكن تعنى أن الإسلام بنسخته السنية هى أحد الروافد فى تكوين شخصيتك وتفكيرك ولكن- وأه من كلمة لكن التى تمكن الإنسان من أن يقول الشئ ونقيضه فى نفس الوقت بدون أدنى إحساس بالتناقض!- هذا الرافد السنى لديك بشكل أو بأخر سينظر للشيعى على إنه"الأخر" فى حين أن الشيعى بالنسبة لى ليس" أخر" ولكنه جزء من الموزايك المتواجد بالشرق الأوسط وواحد من ضمن فواتير عديدة أبتليت بها تلك المنطقة على أن أتعايش وأتعامل معها إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا , وأحتفظ بمسافة متساوية من الجميع بدون أى أحكام مسبقة عليهم, وهذا لايرجع لعبقرية خاصة منى ولكن لأنه لايوجد فى نشأتى أى رافد دينى من أى نوع وبالتالى فلاتوجد لدى أى أحكام مسبقة على أحد مستقاة من رافد دينى أو مذهبى محدد - ولهذا السبب تحديدا كان إسم نيوترال- وفى حين وجدت نفسك وبشكل تلقائى تتحدث عن حيادية نظرتك للشيعة ومواقفك المؤيدة لهم فيما مضى لتنفى عن نفسك وبشكل إستباقى أى تهمة بالتحيز المذهبى أو بأن خلفيتك السنية ليس لها دخل في موقفك من إيران لم أجد فى نفسى الحاجة لفعل نفس الشئ لأنى ليس لدى خلفية مذهبية سواء معهم أو ضدهم تدفعنى لفعل هذا, وفى الوقت الذى أبدو فيه فى هذا الموضوع حامل لواء الدفاع عن الشيعة وإيران- وهذا غير حقيقى جملة وتفصيلا- فقد شهدت ساحات هذا المنتدى معارك طاحنة بينى وبين على نور سواء حول مسألة التطبير أوبسبب تطاولى على السيستانى- المرجعية الشيعية القابعة فوق سطح أحد المنازل بالعراق وليس الفاتورة المتواجدة معنا بالمنتدى-

أنا وبخلاف ماتعتقد, لست جاهلا بالشأن الإيرانى وأعتقد فى نفسى أنى متابع جيد للأحداث هناك بشكل أفضل من رجل الشارع العادى ونظرا لأنى من هواة قراءة السير الذاتية والشخصية فقد كان من ضمن ماقرأته سيرة زوجة الشاه المخلوع ومذكرات الحسن بنى صدر وكثير مما كتب عن الخمينى وإذا كان هذا لايجعلنى خبيرا فى الشأن الإيرانى- ولاأعتقد أنك تدعى لنفسك الخبرة فى هذا الشأن أيضا- ولكن لى قدر من المعرفة يسمح لى بتكوين رأى عما يدور هناك وأنا على معرفة جيدة بنظرة الخمينى لنفسه وللعالم من حوله- والخمينى بالمناسبة شخصية مثيرة جدا وجديرة بالدراسة والتأمل لإستخلاص العبر والدروس منها- ولكن وجهة نظرى الشخصية أن سياسة الشاه وحماقاته هى من صنعت الخمينى ولولاها ماكان وأنصع مثال على ذلك قانون أصدره الشاه بإيران فى بداية الستينات يمنح حصانة مطلقة للأمريكيين بإيران بشكل يعيد للذاكرة موضوع المحاكم المختلطة وإمتيازات الأجانب بمصر قبل الثورة وهو ماأعطى الخمينى ذخيرة هائلة فى مواجهته مع الشاه.

ولى عودة