Array
اعتقد ياعزيزي العلماني انك اخطات في وصف عادل امام بالظاهرة بل يمكن اعتباره فنان يلعب على عواطف البسطاء الذي يروه بافلامه السوبر مان الذي يبدا من قاع الارض حتى يصل الى القمة منتصرا على خصومه الواحد تلو الواحد ، عادل امام لم نرى منه الا عادل امام بكل افلامه فكل شخصية قدمها عادل امام رغم إختلافها عن الشخصيات الأخرى الا انه يطل من بين عينيها ليقول لجمهوره "انا عادل امام .. انا الزعيم انا الذي يقوم بالدور ،كما قال احد النقاد الفنيين عنه ذات مره ،

فنان يلعب على قانون عادل امام البعيد كل البعد عن الواقع ، فنان يقدم صورة النجم الواحد الاوحد الذي لا يتغير من فيلم الى فيلم اخر مستخدما نفس التعبيرات ونفس الحركات ونفس الايماءات ، فنان لايزال يعتقد انه قادر على الاضحاك بحركاته السخيفة ، مثلما تعتقد نادية الجندي انها مازالت المراة الخارقة التي تستطيع انها تضرب عشرميت رجل بلحظة واحد رغم انها امراة سبعينية عجوز لاتستطيع ان تتحمل كف طفل صغير ،

عادل امام ليس ظاهرة بل يمكن ان تصفه بانه فنان استطاع ان يوظف نفسه جيدا امام مشاهد غلبان وعاجز عن محاكاة الواقع المؤلم الذي يهرب الى صالة السينما حتى يرى نفسه في عادل امام وهو يدمر اعداءه ويقتل مشاكله بسكين حاد

الكوميديا العربية بشكل عام لاتعترف سوى بنجيب الريحاني فهو فعلا الفنان الظاهرة بمعنى الكلمة، الفنان الذي اختفى من على الشاشة باختفاء حقبة الاربعينيات ومع ذلك افلامه القليلة التي وصلت الينا افلام كلها تحترم عقل المشاهد وتغصب المشاهد على احترامها ، ولو شاهدت فيلما انتاج حقبة الالفية الجديدة مثل (امير الظلام) لعادل امام وفيلم انتاج 1940 للريحاني كـ (سي عمر) ستعرف الفارق المأهول بين الظاهرة والفنان الهاوي الاقرب للكومبارس منه للفنان

نعم قدم عادل امام افلام كوميدية بعصر الثمانينات ومسرحية او مسرحيتين بالسبعينات لكن الفنان الظاهرة والموهوب لايقاس بفترة دون الاخرى فالفنان الحقيقي ليس مثل الدولار اليوم في هبوط والغد في ارتفاع ، بل يظل مثل معدن الذهب وعادل امام مجرد عملة ورقية تحكمها متطلبات السوق ، ولو شاهدت افلامه من بداية التسعينيات وحتى اليوم ستجدها باكملها افلام اسخف من السخافة افلام تجعلك تهرب منها لانها لاتحترمك ولاتحترم عقلك (اللهم الا عمارة يعقوبيان) وبالمناسبة ففي هذا الفيلم اختفى قانون عادل امام ليس لان عادل امام طلب ذلك ولكن لان القصة هي التي كانت عائقا امام قانون عادل امام

واخيرا الفن العربي لم يعرف الا ظاهرتين فقط طوال مشواره ولم يظهر به الا ممثلين فقط طوال تاريخه اولهما الريحاني واخرهم احمد زكي اما فيما عدا ذلك فهو باطل .
[/quote]

معك يا "وضاح" في أنك تستطيع أن تجد وجهاً مميزاً واحداً خلف الكثير من الأفلام التي يقوم ببطولتها "عادل إمام" رغم اختلاف الشخصيات وتعدد الأدوار التي لعبها وطول تجربته الفنية التي ما زال يعيشها (مد الله لنا في عمره)، رغم أن الرجل حاول أن ينوّع الشخصيات واعتنى بالكوميديا كاعتنائه بالدراما؛ فـ"بهجت الأباصيري" - الواد الفتك الزعيم - في "مدرسة المشاغبين" يختلف اختلافاً جوهرياً عن "سرحان عبد البصير" - البسيط الساذج - في "شاهد ما شفش حاجه". مع هذا فأنا أجد قرباً بين الشخصيات التي أداها في "المتسوّل والأفوكاتو وطيور الظلام والواد محروس بتاع الوزير"، فهي تعتمد جميعها على شخصية "الواد البجح" الانتهازي التي يعرف "عادل إمام" كيف يؤديها – عندي - بشكل جيد جداً.

"عادل إمام" حاول أن ينوّع دائماً في شخصياته، وإن "كان المنسي والهلفوت" قريبين من بعض في عيشهما على الهامش مع قوة الإرادة وصدق التصميم ووقوفهما في وجه الأخطار المادية والاجتماعية، فإن بعض الشخصيات لم يكن لها لا طعم ولا لون ولا رائحة ("غاوي مشاكل" مثلاً)، ولكن حتى من خلال شخصية هزيلة مثل شخصية "مدحت" (أرجو أن يكون اسمه كذلك فلقد مر دهر طويل على رؤيتي للفيلم) في "غاوي مشاكل" فإن عادل إمام قادر بحضوره على إضافة لمسة فنية لمقطع معين، قد يكون تافهاً بنفسه، بحيث يجعله حديث الخاص والعام. هكذا مثلاً كانت قصة "هانشرب الشاي" مع "نورا"، حتى أصبحت عند أبناء جيلي في المنطقة التي كنت أسكنها من فلسطين في ذلك الوقت تعبيراً مجازياً عن الخلوة بفتاة في موعد غرامي.

لا شك أن في تجربة عادل إمام الطويلة العريضة الكثير مما لا يمكن الالتفات اليه، خصوصاً أدوار "جاكي خان" التي لا تليق به ("حنفي الأبهة" مثلاً أو "النمر والأنثى" بعده). ولكن، حتى في هذه، فهو قد أجاد تأدية دوره في "سلام يا صاحبي" مع "سعيد صالح" رغم أن القصة نفسها – مع شيء من التعديل طبعاً - قديمة قدم الدهر، قدمته هوليوود وأعاد تقديمه بشكل أفضل النجمان الفرنسيان الكبيران "آلان ديلون وجان بول بلموندو" في الستينيات من القرن العشرين.

طبعاً، نستطيع أن نضحك من "التجربة الدنماركية" و"السفارة في العمارة" و"عريس من جهة أمنية" و"مرجان أحمد مرجان"، ولكن خلال ضحكنا من هذه الأفلام جميعها تبقى هناك مقاطع كثيرة متعددة تضيف الى رصيد عادل إمام الفني والكوميدي الكثير حتى لو كانت هذه الإضافة على سبيل الكم لا الكيف أحياناً؛ فحديث "الواد محروس" عن بطولاته في قريته بعدما فقد اصبعه دفاعاً عن معالي الوزير ("كمال الشناوي" في الفيلم) لن يعطيه حقه إلا ما تسميه أنت "بالحركات السخيفة" التي لا يستطيع أن ينتجها إلا "عادل إمام" الذي عرفناه في "المتسول والأفوكاتو" وغيره من أفلام ومسرحيات"الواد البجح" (مسرحية الواد "سيد الشغال" و"الزعيم" تعتمد كثيراً على مقومات هذه الشخصية التي تميز بها – برأيي – "عادل إمام").

شخصية "زكي الدسوقي" في فيلم "عمارة يعقوبيان" شخصية غنية جداً، ولو علمنا أن "عادل إمام" هو من رشح رواية "علاء الأسواني" هذه لأن تكون فيلماً، لعلمنا في نفس الوقت حرص هذا النجم الجماهيري الخطير، الذي أشك بأن هناك من نافسه على شباك التذاكر خلال تاريخ السينما المصرية بأكمله، على التنويع في أدواره رغم أنه يبقى في كل ما يلعبه "عادل إمام"، النجم الكبير – على أقل تقدير -.

يبقى أنني لن أختلف وإياك كثيراً حول نظرتك إلى "نجيب الريحاني" "كظاهرة" فنية مميزة متميزة. فالريحاني واحد من الإئمة الكبار في فن الكوميديا في مدارس مصرية أنجبت لنا الكثيرين من الأساتذة العظماء أمثال "اسماعيل ياسين" و"فؤاد المهندس" وعبدالمنعم مدبولي" "وصولاً إلى "سمير غانم" و"محمد صبحي" وغيرهم من المعاصرين.

لن أختلف معك حول المسميات كثيراً لأن لفظ "ظاهرة" جائز أن نطلقه – عندي – على من كان "فريد عصره" في فن بعينه، ولعل "الريحاني" كان كذلك. ولكني لم أجد حتى اليوم (وهذا رأي شخصي) من استطاع أن يضحكني مثل "عادل إمام" في مسرحياته بالذات. وعندما أجد أن "هالة سرحان" – في مقابلة معه موثقة على اليوتيوب – تقول له بأنها تهرع إلى مخدعها في كثير من الليالي وهي تشاهد "شاهد ما شفش حاجة" أعلم علم اليقين بأنني لست نسيج وحدي في تقدير هذا الفنان الظاهرة. ولكن، بعيداً عن الرأي الشخصي، فنحن نستطيع أن نقترب من الموضوعية كثيراً وأن نسمي الفنان الكوميدي "ظاهرة" كما أقدر، عندما يحدث ضجة وجلبة مع كل مسرحية جديدة يقدمها، فالكوميديا عندي هي "مسرح" أولاً و"فيلم" بعد ذلك. ولعل "عادل إمام" الوحيد الذي حقق نجاحاً غير منقطع في جميع مسرحياته الكبيرة التي نزل بها إلى المسرح منذ "مدرسة المشاغبين". فهذا الفنان "الظاهرة" استطاع أن يؤمن لكل مسرحية من مسرحياته عدداً من المشاهدين يسندها على مدى سنوات طوال، ولعلي ما زلت أذكر كيف اصطففت أمام مسرح "الأوليمبيا" في "باريس" أنتظر دوري لشراء تذكرة تؤمن لي حضور "الواد سيد الشغال" بين جمع عظيم تزاحم أمام باب الصالة وكان مستعداً أن يدفع الكثير من أجل أن يحظى برؤية "عادل إمام".

أخيراً، وعلى سبيل التذكير، من الطبيعي أن يكون لـ"عادل إمام" الكثير من الأخطاء والكثير من "تكرار الذات" والحركات التي تعودنا عليها والتي إن كانت قد أضحكتنا في فترة من الفترات فإنها لم تعد بقادرة على إضحاكنا اليوم. ولكني أجزم بأننا قد ضحكنا كثيراً مع "عادل إمام" وأن الأجيال القادمة سوف تضحك معه كثيراً أيضاً. وهو وإن تبقى له مسرحياته فقط، ففيها ما يكفي لجعله "ظاهرة فريدة متميزة متألقة"، إذ يكفيك من خلود "جبران" كتاب "النبي"، ومن شعر امريء القيس "قفا نبك".

واسلم لي
العلماني