في البداية اود تسجيل احترامي وتقديري العميق لـ رئيس وزراء تركيا السيد "طيب اردوغان" جراء هذا "الموقف القوي والشجاع والمباشر" في وجه البعبع الاسرائيلي والامريكي المخيف.
ورغم ان هذه موقف انفعالي كرد فعل، الا انه يحمل دلالة واضحة لاشياء عديدة اهمها، ان اسرائيل اليوم ليست اسرائيل الامس، وانها بعد عدوانها الاجرامي الخاسر على قطاع غزة لم تعد هذه القوة المخيفة وهذه من بشريات النتائج الايجابية للصمود الكبير لاهالي غزة وحركة حماس، والذي ترجم ايضا علاوة على شجاعة اردوغان بتصريحات بلير الاخيرة فضلا عن اشياء اخرى قادمة خلال الايام والاسابيع المقبلة باذن الله من اهمها فتح المعابر وانضاج صفقة شاليط بحسب الشروط الفلسطينية.

ومن وجهة هناك بعض الاسباب من وراء موقف اردوغان القوي في دافوس:-
اولا:- الشعور القومي التركي والكرامة القومية:- الاتراك لديهم عقيدة قومية كبيرة لا يمكن تليينها وهم يعتبرون انفسهم ان لهم كرامة قومية يجب احترامها ولا يسمحوا لاهانتها بعكس القومي الكبير "عمرو موسى" حبيب شعبولا، وهذا ما قاله اردوغان في معرض خطاب له بعد الموقف الشجاع حيث صرح " بيريز نسي اني رئيس وزراء تركيا "

السبب الثاني:- النزعة الاسلامية لاردوغان، والمبنية على كره الدولة العبرية واعتبارها كيان غاصب، وان تعامل ببرغماتية ايجابية قبل ذلك، الا انه يرفض من داخله الاستكبار الصهيوني و كان يبحث عن الوقت المناسب لتوضيح موقفه الحقيقي من هذا الكيان القائم على اغتصاب ارض فلسطين.

السبب الثالث:- من وجهة نظري يتلخص في العدوان الاسرائيلي الاجرامي، اردوغان وحزبه وجمهوره والشعب التركي متاثر جدا ومتعاطف جدا جدا مع غزة ومع حركة حماس، وهناك فعاليات رسمية وشعبية في تركيا ليس لها مثيل، وكان هذا الموقف الحازم بوجه بيرز تنفس وتعبير حقيقي عن الشعب التركي وخصوصا حزب العدالة والتنمية.

السبب الرابع ان تركيا قادمة على انتخابات بلدية، وحزب العدالة والتنمية مهتم جدا بهذه الانتخابات خصوصا انه يحقق انجازات مباشرة للمواطن التركي من خلال سيطرته على بلديات المدن الرئيسية الكبرى، واستمراره في السيطرة عليها يسهل للحزب امتلاك المفاصل المهمة والتفاصيل الدقيقة لتركيا.

السبب الرابع، ان هناك حالة من التغيير المؤثر والكبير في السياسة الدولية، هناك تراجع للولايات المتحدة في المنطقة بعد ازمتها المالية الكارثية وفشلها في العراق وافغانستان والملف النووي الايراني، هناك زحف اقتصادي صيني قادم، ويوجد تململ سياسي وعسكري روسي تمثل في حرب جورجيا الاخيرة، وهناك قوة اقليمية ايرانية متمردة، فاصبح من العسير ان تقوم اسرائيل والولايات المتحدة بمعاقبة واستعداء تركيا بسهولة

السبب الخامس وهو الاهم من وجهة نظري، ان اسرائيل الغبية استخدمت تركيا لخداع "حركة حماس" لانجاح حربها المباغتة، وهذا ما حدث في زيارة اولمرت لتركيا قبل حرب غزة بايام قليلة واستخدام تركيا لتوصيل تطمينات لحماس عن نية اسرائيل لتمديد التهدئة. الا انه هذه الحركة الغبية جعلت السحر ينقلب على الساحر.

في الختام ورغم هذا الموقف المشرف الكبير والعميق للسيد اردوغان،فانني الفت الانتباه الى الموقف المخزي في الطرف الاخر المتمثل بـامين عام الجامعة العربية" القومجي السابق "عمرو موسى"، والذي لوحظ عليه تردده في اتخاذ موقف مشرف والانسحاب مع رئيس الوزراء التركي لولا اشارة من يد باي كي مون شاهدناها جميعا " وليته خرج"