بالأمس تحدثت لمدة ساعة ونصف مع فداء والتي تقيم على مسافة عشر دقائق من بيتي. هي فلسطينية مسيحية. لا تحمل عقلية إرهابية كالمسلمين المتطرفين. ولكن وبرغم أنها مسيحية ومعظم من يقيمون في الحي الذي يعيش فيه أهلها في بيت لحم مسيحيين إلا أن السلطات الإسرائيلية قامت باعتقال ابن عمها والذي يبلغ من العمر 16 سنة. ابن عمها هذا نال ما يعرفه نصارى أبناء الطائفة الإنجيلية بـ" اختبار التجديد" أي أنه كرّس حياته للسير للمسيح وبتعاليم المسيح. كل هذا لم يشفع له. تم اعتقاله والزج به في سجن لا يدري أحد أين هو. قامت أمه بعاطفتها الأمومية بمحاولة حضن ابنها أو مسكه قبل أن يأخذوه دون أسباب فضربوها وطرحوها أرضاً. تحدثت مع فداء المسيحية عن حالات التفجير واليأس القاتم الذي يغمر الأراضي الفلسطينية وأن الفلسطيني في كثير من الأحوال لا يرى أي حاضر أو مستقبل. ولدت فداء في كندا ورجعت إلى بيت لحم وعمرها عشر سنوات. القهر لاحقها من كل جانب: قهر أبوها وتسلطه الذكوري واستبداده وتخطيطه لحاضرها ومستقبلها وكأنه مالكها وربها..... وقهر الاحتلال الاسرائيلي واستبداده واستعباده لنفسيتها وكأنها لا وطن لها بل هي لا تشعر أن الأراضي الفلسطينية موطن لها. تحن فداء للديار الفلسطينية وتراها هويتها الأولى وتريد أن ترجع وتزور أولاد وبنات عمها من جانب أبيها وإمها. لا تقدر. قال لها والدها: ربما لا يسمحون لك بدخول البلاد. تعرف فداء الكثيرون ممن هاجروا للولايات المتحدة وجرفهم الحنين لزيارة أوطانهم ومع ذلك يتم إرجاعهم على نفس الطائرة التي أتوا عليها.

أحب اليهود كما أني أحب كل أجناس الأرض قاطبة. أريد أن لا أكره أحد ولكن حديثي مع فداء ملأني كآبة شديدة وغم وحزن على الشعب الفلسطيني وعلى العرب الذين يتشارطون في دعمهم للشعب الفلسطيني ويتعاطون معهم بعقلية أبوية وكأنهم أطفال في حضانة ويقول مسئول مصري حكومي لهم ( مش قلنا لكم كدة من الأول.. ما سمعتوش كلامنا). طبعا كلام المسئولين المصريين نابع من الحقيقة المرة أنهم أصلا لا حول لهم ولا قوة ولا يملكون من زمام أمر السلطة شيء بل هم موظفين ويتلقون أوامرهم من إدراة البيت الأبيض وإسرائيل وينفذونها وإلا.... أقرأ المقالات العربية وهي تتحدث عن معاناة الشعب الفلسطيني من قبيل العنتريات فأحزن. أرى العنف والتفجيرات من حماس فأحزن أيضا وأرى أن هذا لا يخدم قضية عوام الناس ولكنه استنفاد للموارد والطاقات وتدمير لها بشكل جزافي ودون فائدة.


حديثي مع فداء ملأني حزن شديد لأجل الشعب الفلسطيني....

يقول الإسرائيلي بيقين وثقة في أميركا إنه ذاهب لدياره وهي إسرائيل والكل يبتسم ويسبح بحمد إسرائيل والعالم يشعر بالذنب تجاه الهولوكوست ولا مانع أن يكون كل شيء لحساب إسرائيل تكفيرا عن إثمهم في الهولوكوست .... حتى لو كان هذا على حساب فداء المسيحية الفلسطينية وابن عمها ابن الـ 16 ربيعا الذي اعتقلوه دون سبب.

في حين يقول الإسرائيلي إنه راجع لوطنه إسرائيل لا تقدر فداء أن تقول إنها راجعة لوطنها فلسطين. أين هي فلسطين؟! وحتى لو تجاسرت وقالت للزبائن في البنك الذي تعمل فيه إنها فلسطينية وبلدها اسمه فلسطين يقومون بتوبيخها ويعنفونها قائلين لها إنه ما من شيء اسمه فلسطين وإنما إسمها إسرائيل.


فداء حزينة.....

وأنا حزين معها......


وأين أنتم يا عرب!!