أربع قصص قصيرة ، نقد و تحليل
Arrayانا اعتقد ان الادب والفن هو ما يهزنا وما يؤثر بنا , لذلك اذا تملكتني قصة او رواية لا انتبه الى اخطائها .
اولم يكن ارنست همنغواي مثلا يخطئ املائيا ونحويا فتاتي له دار النشر بمتخصصين لاصلاح اخطائه ....
هذة نظرتي الشخصية وارجو ان يتسع صدرك لها ...............
[/quote]
عزيزي / حمزة :98:
أولا : أنا لا أعرف أن هيمنجواي كان يخطئ في الإملاء والنحو , ولكن سوف أصدقك فيما تقول , المشكلة في المصححين الذين تأتي بهم دار النشر , هل كان هيمنجواي يجلس معهم يراجعون النص معا ويتبادلون النقاش حول ما يقصده هيمنجواي من المعني ثم يدلونه إلي التعبير النحوي الصحيح للجملة ؟ أشك في ذلك مع اللغة الإنجليزية التي لا تعرف الإعراب مثل لغتنا العربية ومع كاتب في حجم هيمنجواي .
ثانيا : لغتنا العربية نستعمل فيها الإعراب لكي ندرك المعني إدراكا صحيحا – خلافا لقطرب وهذا موضوع آخر – فإذا لم يكن الإعراب سليما فإن المعني يصلنا مشوها ولا يهزنا و لايؤثر فينا , والمسألة عندي متعلقة بالمعني الذي يصل للقارئ وليس البحث عن الأخطاء , ومهمة الناقد أن ينبه الكاتب للأخطاء التي تؤثر في سلامة المعني , ولدينا في التراث العربي نظرية من أهم النظريات في هذا الشأن قال بها عبد القاهر الجرجاني وهي نظرية النظم لو راجعتها لوجدت أن الأساس فيها هو النحو .
.ثالثا : أنظر لتلك العبارة من قصة الزميلة بسمة
( يتساءل: "كم صيف وشتاء مرَّا على أغصانها وفروعها، هل تعرف الأشجارُ أسماءَ زارعيها؟ هل تشعرُ بالوحدةِ أم تنشغل بقصصِ من تفيئوا بظلّها؟!" )
سبق أن قلت أن بسمة لا تخطئ في النحو إلا قليلا وأن السرعة والعجلة قد يكونان هما الداعيين لورود أخطاء , والمشكلة أن تلك الأخطاء تؤثر علي القارئ في إدراك المعني علي وجه سليم وبالتالي فإن الروية قد تفيد , لننظر , إن الفعل يتسائل يعني توجيه سؤال سواء للغير أو للنفس أليس كذلك ؟ حسنا , فماذا تعد ( كم ) هنا ؟ أتعدها خبرية أم استفهامية ؟ لا مفر إلا أن تكون خبرية لأن كلمتي صيف وشتاء جاءتا مجرورتين ولو كانت استفهامية لجاءتا منصوبتين وكذلك لم تضع الكاتبة علامة استفهام في نهاية الجملة , حسنا هناك تناقض بين كلمة يتسائل وورود ( كم ) خبرية لأن كلمة يتسائل جعلت الكلام بعدها استفهام وهو ليس استفهام , دع الجملة الثانية وانظر إلي الجملة الأخيرة , عندما نستفهم بـ (هل ) لا نستعمل معها ( أم ) وإنما نستعمل ( أم ) مع الاستفهام بالهمزة وتكون ( أم )غالبا عند استعمال ( هل ) بمعني ( بل ) .
المعني إذن ( يتسائل ولكنه يخبر كم صيف وشتاء مرا علي أغصانها , أيها القراء - القادم تساؤل - وهو هل تعرف الأشجار أسماء زارعيها ؟ هل تشعر بالوحدة ؟ الإجابة لا , بل تنشغل بقصص من تفيئوا بظلها )
حسنا , لننظر إلي فكرة الفقرة كلها
( كان من عاداته أن يجلس كل مساءٍ في حديقةٍ عامة، يلجأ فيها إلى مقعدٍ خشبي لم يفكّر في استبداله منذ زيارته الأولى، يتأمل كلَّ ما حوله بحيادية، لا يتحدّث إلى أحدٍ كما لا يتحدّث إليه أحدٌ. يحب رائحة العشب، وأشجار السّروِ، يتساءل: "كم صيف وشتاء مرَّا على أغصانها وفروعها، هل تعرف الأشجارُ أسماءَ زارعيها؟ هل تشعرُ بالوحدةِ أم تنشغل بقصصِ من تفيئوا بظلّها؟!" )
هذه الفقرة هي الفقرة الوحيدة التي لم تختمها بسمة بتدوين الرجل شيئا في دفتر مذكراته , كل الفقرات تختمها بذلك عدا هذه الفقرة , حتي الفقرة الأخيرة التي لم تختمها بكتابة في الدفتر ذكرت فيها ما يدل علي وعيها بفكرة ختام كل فقرة بالتدوين في دفتر المذكرات ("لن أكتب الليلة، سأحتفل دون كتابة!") , إذن فكأنما عدم الكتابة في دفتر المذكرات في هذه الفقرة له دلالة , وما فهمته من تلك الفقرة هو حالة التماهي بين الرجل وأشجار الحديقة وأنه يمكن أن يكون كالعشب والشجر والنبات الذي بلا ذاكرة , الأسئلة المتلاحقة التي تضعها في نهاية الفقرة لها قيمة تعبيرية في إيصال المعني للقارئ فإذا حدث أي تشويه للمعني جراء عدم استعمال الأدوات المناسبة أو استعمالها استعمالا غير موفق حدث اللبس عند القارئ وهو لبس غير فني وضاع معها معني الفقرة .
وعندما يبدأ الرجل يمحاولة التغير يقرر أن يأتي بدفتر مذكرات جديد ليحل محل دفتره القديم , هنا كتبت بسمة
(استبدل دفتر مذكراته بدفترٍ جديدٍ، ليبدأ حياةً مختلفة ) هذه الجملة تؤدي المعني العكسي لأن الباء تدخل علي المتروك حين نستعمل فعل استبدل فكأنها قالت لقد تمسك الرجل بدفتره القديم رغم أنه أحضر دفترا جديدا .
يقول القرآن :
( قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْر ) الباء دخلت علي المتروك
( وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) الباء دخلت علي المتروك
(وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ) الباء دخلت علي المتروك
( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا ) الباء دخلت علي المتروك
(فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ) الباء دخلت علي المتروك
وقد تقول ما هذه ( الكلكعة ) يا كوكو نحن فهمنا المعني رغم وجود الخطأ , فأسألك أي معني فهمته ؟ وكيف فهمته ؟ , أنا أفهم المعني في الكتابة بالعامية ولكن هل يكون المعني أدبيا عندئذ ؟
إن الأدب في نظري هو أقصي استغلال لإمكانيات اللغة والأديب يجب أن يجاهد كثيرا لكي يدرك أسرار التعبير عن طريق النحو , وأنا شخصيا مازلت حتي الآن وبعد أن شاب شعري أخطئ ويوجهني أصدقائي فلا أملك إلا أن أراجع لأتعلم وأجود أكثر .
هناك أخطاء أخري تركتها لأنها غير هامة ولا تؤثر علي المعني وأظن أنها من ( الكيبورد ).
وأنا مازلت أنتظر قراءة الزميل ديك الجن وسوف أتابع
كوكو
|