اليوم ومع توقف النادي، أخبرت صباحاً بوفاة الزميل عمرو الخير.
شيء رهيب عجيب، هل يُعقل أنه مات؟

هذا ردي بمنتدى مدن:

صعقت فعلاً من هذا الخبر الذي أتى كالصاعقة صباح هذا اليوم، عندما أرسلت لي هنايا تبلغني بما جرى

وصرت أقول لنفسي معقول؟
و"عمرو الخير" جاري لا يفصل بيننا إلا ربع ساعة بالسيارة، ولكني لم أقابله ولم ألتقِ به بحياتي.
وصرت أقول لنفسي لِمَ لم نتقابل؟ مرت الأيام الحزينة في الغربة، وكان هناك مشروع تقابل من خلال موسى ولم يحدث، ولم نتقابل أيضاً مع عمرو.

ترددت كثيراً قبل هذا الرد، وربما لم أدخل مدن من سنتين

لم أكُ أرغب بقول ما لا يستطيع سماعه، ولا أحب فكرة أننا بعد موت الإنسان أن نقول ما لم نقله بحياته.
وأنا لا أكتب الآن من أجل عمرو، لأنه مثلي لا يؤمن بالله ولا بالآخرة، ما أكتبه ونكتبه هو من أجلنا بالتأكيد.
ولا هو ولا أنا نؤمن بالروح.
ولكن أكتبه هكذا عبثاً، كحياتنا العبثية التي يردنا إليها موت "عمرو الخير".

تخانقنا كثيراً، واختلفنا كثيراً، ولكن كان كله كلام، والكلام ما عليه جمرك.

ولكني أريد أن أقول ما قلته بحياته، أني رأيت دوماً بعمرو الخير إنساناً مثقفاً ومبدعاً ولديه قلم رشيق وأسلوب متميز لا يمكن إلا لمعاند أن يقول غير ذلك.
وهو كان يعرف رأيي هذا.
وبرغم أسلوبه العنيف أحياناً فلا أذكر بأنه أساء إلي كثيراً.
ربما كان يشتمني وأشتمه، ولكني أدعي بأنه كان بيننا في العمق احترام متبادل، فبحياته لم يشتم أهلي ولم يمسني بشتيمة كبيرة.
ولم أفعل بحقه أيضاً.
اختلفنا كثيراً ولكننا لم نكره بعض.
بل أكاد أقول بأني أحببت عمرو الخير، أحببت قلمه وتميزه، ولا أقول أني أحببت الشخص لكي لا أنافق، لأني لم أعرفه في الواقع فعلاً وندمت على ذلك وأندم عليه.

تردني ظروفه لظروفي، وحياته لحياتي. فلقد تقاسمنا خبز الوحدة والغربة وبيننا حارتين تفصل بيننا جغرافياً، ولم نلتقِ، فقليل من يلتقون بالغربة للأسف، ونبقى نتمنى أن تتغير الظروف، وتمر السنون ونكبر ولاشيء يتغير في هذا الشرق اللعين.
عمرو الخير بالتأكيد مبدع ومتميز، لا أقولها لأنه مات فهذا شيء أعتقده منذ القدم، فنحن درسنا في معهد واحد، وتخرجنا من ذات المكان في سوريا، وبدون مبالغة فهو مكان ينتج المبعدين.
ولا أقول هذا اليوم لأنه مات، فأبقى ولو مات مختلفاً معه، بالكثير من أفكاره، وبيننا جولات وصولات، ولكن من المجحف ألا نقول بأن عمرو مبدع وذو قلم فاخر ورشيق، من المجحف أن نسقط الاختلاف بالآراء على الموقف الإنساني.

وأقول بكل صدق، بأني تمنيت فعلاً أننا لو التقينا أنا وعمرو، لأني أعتقد أن ما كان يجمعنا أكثر بكثير مما كان يفرقنا.
ولكنها الحمرنة والجحشنة التي نتميز بها كشرقيين الله لا يوفقنا ويردنا.

وبس