Array
ما نسميه "بالحضارة اليونانية" عبارة عن مجموع حضارات "المدن اليونانية" بالإضافة إلى الإنتاج الثقافي "للحوض الشرقي" للبحر المتوسط منذ القرن الخامس قبل الميلاد وحتى استبدال اليونانية بالسريانية، كلغة للشرق، في القرن الثالث والرابع بعد المسيح. هنا، لا يهم إن كان "زينون الرواقي" مثلاً قد أتى من "صور الفينيقية"، فانتاج الرجل ومدرسته هي هيلينية إغريقية محضة بتوابع رومانية (شيشرون، ماركوس أوريليوس وسينيكا).
ما نسميه "بالحضارة الرومانية" هو ليس حضارة "روما" المدينة التي أسسها "روموللوس وريموس" في القرن الثامن قبل الميلاد. ولكنها مجموع حضارات المدن والأقطار التي اعتمدت اللاتينية تحت سطوة الامبراطورية الرومانية. يدخل في هذا "أوفيد" الروماني كما يدخل فيه "فلافيوس جوزيف" اليهودي الشرقي.
ما نسميه "بالحضارة العربية الإسلامية" هو مجموع النتاج الثقافي الشرقي الذي سطر "باللغة العربي&#
3fe0
1577;" ولعب فيه "الإسلام" دوراً رئيسياً في كثير من الأحوال تحت "دولة الخلافة" بين القرن السابع لميلاد المسيح والقرن الثالث عشر (سقوط بغداد 1258).
كي تبني اليونان حضارتها، جاءت بعلوم الشرق "الفينيقي والمصري" وأنتجت رويداً رويداً. فقام السفسطائيون بالتعليم، وقام مثلهم سقراط. وجاء أفلاطون كي يدون ما قاله سقراط ثم ينفرد بمذهبه الخاص (خصوصاً في "الجمهورية")، ثم جاء أرسطو كي يتتلمذ لافلاطون ثم يعاكسه في نهجه. وبين هذا وذاك جاء "أبوقراط وجالينوس" للطب،و"بطليموس" للفلك" و"أرخميدس" للفيزياء والحساب ...إلخ. هنا، لا تهم "الجغرافيا" كثيراً، فالفلسفة اليونانية نشأت مثلاً على السواحل الغربية لتركيا الحالية، وازدهرت في كثير من بقاع الشرق في فترة متأخرة (حرّان وقنسرين والاسكندرية).
كي تبني "روما" حضارتها، فإنها أخذت جميع "المعارف والعلوم اليونانية" وطورت شيئاً منها (الفلسفة الرواقية مثلاً) ثم أضافت الكثير في "الفنون المعمارية" وفي"إدارة الدولة" و "القانون" بالذات. ومن جديد فإننا لا نحفل بالجغرافيا كثيراً عندما نتذكر بأن من أعظم مراكز القانون الروماني في العالم الروماني كانت "بيروت" (كان اسمها "بيريت" وقتها).
كي يبني العرب حضارتهم فإنهم، شيئاً فشيئاً، أسسوا دولتهم وفق المعارف الرومانية المكتسبة (أنشأ "عمر بن الخطاب" دواوين الدولة بهداية من الإدارة الرومانية) و أخذوا جماع ما وقع تحت ايديهم، وقاموا بترجمة مئات الكتب اليونانية والرومانية ولقنوها وطوروها وزادوا عليها. فهم لم يكتفوا بحسابات "المجسطي" فجاء "ابن الهيثم" و"الخوارزمي" كي يزيدوا عليها، وجاء "ابن سينا" كي يكتب "القانون في الطب" ويبز طب جالينوس. وجاء "الفارابي" كي "يخترع" نظاماً خاصاً جداً في الفلسفة خرج من دائرة فلسفة "افلاطون" و"افلوطين" و"ارسطو" وبنى عالمه الذاتي الذي تابعه فيه "ابن سينا" وشذ عنه "ابن رشد".
قد يقول قائل مثلاً: ولكن "الفارابي" ليس عربياً، ونقول : ولكن "ابن رشد" عربي قح، ومع ذلك فهذا "تفصيل سخيف"، لأن روح الدولة هي "عربية اسلامية" ولغتها عربية ودينها إسلامي. ودون الدين الإسلامي لم يكن الفارابي ليصل إلى "نظامه". ولعل قراءة متأنية في "المدينة الفاضلة" تفهمنا إلى أي مدى كان "الفارابي" اسلامي الروح.
هناك انجازات ذاتية لللحضارة العربية الإسلامية وأخرى "عالمية". الإنجازات الذاتية تكمن في تطوير "اللغة العربية وآدابها"، والإنجازات العالمية تكمن في تطوير المعارف المختلفة المتنوعة (الحساب والهندسة والفلك والفيزياء والطب والموسيقى والفلسفة ...إلخ).
"بشار بن برد" لم يكن عربياً؟ طيب لولا اللغة العربية السائدة والحضارة العربية الإسلامية القائمة لما سمعنا بذكر "بشار". وإن لم يكن ببشار عربياً "فعمر بن أبي ربيعة" و"العباس بن الأحنف" و"جرير" و"الفرزدق" و"الأخطل" كانوا عرباً قبله. وعنهم أخذ صناعته. وبعده أتى من العرب من بذه في الشعر والشهرة على السواء مثل "أبو تمام" و"البحتري" (وهما من قبيلة طيء العربية)، وفي وقته كان شاعر الخليفة الأول "مروان بن حفصة بن أبي الجنوب" وكان يعاصره في هذا كله "الجاحظ" العربي الصليبة والمدافع الأول عن "فضل العرب". أما "المعري" يا سندي، فهو يعود إلى "التنوخيين" العرب الأقحاح، وليس مهماً إن كان يسكن "معرة النعمان" في سوريا. فالقبائل العربية كانت قد أسست ملكها &#
3fe0
1602;بل الإسلام في العراق وفي بلاد الشام. فقبيلة "لخم" التي حكمت العراق وقبيلة "غسان" التي حكمت الشام لم تكن إلا قبائل عربية قديمة، هاجرت في فترة متقدمة. بل أكثر من ذلك. ما رايك بان "الفينيقين والآراميين والكنعانيين" أنفسهم كانوا عرباً؟
بعد خروج العرب من الجزيرة تراجع مجدها الحضاري، ولكن هذا التراجع أتى بسبب البعد الجغرافي عن مركز الدولة. ولا تنس، في هذه الفترة (فترة ازدهار الخلافة في دمشق وبغداد) لم تكن "مصر" تنتج الكثير من "الزاد الثقافي أيضاً" بسبب بعدها الثقافي عن "المركز". بل دور "دمشق" نفسها تراجع مع ملك المأمون في بغداد. ولم تعد هي أو القاهرة إلى مراكز أولى في العالم العربي الإسلامي إلا بعد تضعضع الدولة المركزية واستقواء "الاطراف" ابتداء من القرن العاشر الميلادي. (في هذه الفترة نجد "حلب" و"دمشق" و"القاهرة" تزدهر وليس قبلها).
أخيراً، نحن لسنا بحاجة للحديث مطولاً عن "الحضارة العربية الإسلامية" وفتوحاتها المعرفية ووهجها الحضاري، فهناك آلاف الكتب باقية كي تذكر بهذا. بل لعل معظم هذه الكتب موجودة الآن في تناولنا على الانترنت من خلال موقع "الوراق"، الذي يعرض اكثر من "مليون صفحة" من "الصفحات المعرفية" لهذه الحضارة السامقة حقاً (في زمنها طبعاً، فنحن لا نقارن معارف القرن العاشر الميلادي بمعارفنا اليوم). لذلك،فلكي نتأكد من "سمو هذه الحضارة وسموقها" فإن علينا أن ننقر على الرابط التالي وندخل كي نتأبط مئات آلاف الصفحات المعرفية التي لم يكن لها نظير في زمنها.
www.alwaraq.com
واسلموا لي
العلماني
[/quote]
اكلو والله عروه :lol:
(f):98::97::redrose::wr:
من كل بستان زهره لاحلى واجدع علمانى :thumbup: