{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان"
الإله ميثرا غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 119
الانضمام: Sep 2008
مشاركة: #37
هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان"
أللقذيفة أحفاد؟نحن
أللشظية أجداد؟نحن..
وانقلب الصمت صمتُ المتفرجين الى ملل.
متى ينكسر البطل؟متى ينكسر ليكسرتتابع الخارق الى مألوف.
البطولة أيضاًتدعو الى الضجر عندما يطول المشهد فتخفّ النشوة.
ألم يُدفع موضوع هذه البطولة ذاته الى موقع الضجر
ليكون هو ذاته مصدراً للضجر في سياق حياة تبحث عن حياتها العادية الخالية من الرسائل والهتاف،
ليشهَر الحاكم أمامها أسباب التعاسة:
فلسطين المسؤولة عن إنقراض القمح في الحقول،
وعن ازدهار العمران المُكلَّل بالسجون،وتحويل الزراعة الى صناعة لاتنتج غير بطون الفئة الجديدة.
محدثة النعمة،المُثقلة بهموم الاستهلاك الفردي الذي يُثقِل الدولة بديون
يحتاج المواطن أن يعيش عمره مرتين ليُسدِّدها؟
لقد جربَّت مصر هذه الغبطة.وعدَها سراب السلام بتحريرالرغيف
من ضرائب فلسطين،وبعودة الشهداء الى أهاليهم سالمين،وبوجبة فول أفضل.
فازدهرت الكماليات،وامتدت سنوات الخطوبة الى أجل غير مسمّى ريثما يتم العثور
المستحيل على عش زواج،وازداد الجوعى جوعاً.
ووضع الرئيس "السادات"كل من تساءل:أين ثمن السلام؟في السجن حتى خرج من صفوف حرَّاسه فتى يطلق
الرصاص على فرعون وعلى هذاالسلام وعلى هذا السراب.والآخرون؟
الآخرون استخلصوا العبرة واستغنوا عن شبق السادات
وشيَّدوا بمنهجية ومثابرة سلام الأمر الواقع المشروط بِ
ربط المعدة العربية بشروط الرضا الأمريكي
وشهرواالحرب بالسلاح وبالصحف على موضوع البطولة.
وانتظروا بقليل من الحرج أن يحرق الاسرائيليون نيابة عن الجميع
مسرح هذه البطولة ومنصة هذا الخطاب البديل.البطولة أيضا تدعو للضجر.كفى.
واختلفوا في طريقة تسويق الضجر:
بعضهم يدعو الى انتظار مرحلة تاريخية تنقلب فيها موازين القوى بعصا سحرية خارجية،
الى مصلحتنا مما يوفر لنا حقّ الكلام في الحرب او في السلام.
وبعضهم يستعجل النهاية وينصحنا بالرحيل على سفن أمريكية بلا شروط وبلا مماطلة.
وبعضهم يستعجل النهاية أيضاَ بدعوتنا الى الانتحار الجماعي ليستولي هو على مسرحه وعلى مسرحنا.كفى،
الى متى يصمدون؟فإمّا أن يموتوا وإمّا أن يخرجوا!!
الى متى يخدشون أمسيات العرب بجثث تقطع المسلسل الأمريكي؟
الى متى يحاربون ونحن في عزِّ الإجازةو المونديال وتربية الضفادع؟
فليفتحوا الطريق أمالم شهواتنا وعارنا.لتتوقف هذه الملهاة.
أمّا حكماؤهم المجلَلون بلياقة التعاطف فإنهم يقدمون للضجر مظهراًأبهى:
آن لهم أنْ يعرفوا أنَّ لا أمل..لاأمل يُرتجى من العرب.أمة لا تستحق الحياة.أمة على صورة حكّامها.
وهذه معركة يائسة فليدخروا دمهم لتاريخ آخر.
صمت مكلَّل بكلِّ مايفرغ التاريخ من أنخاب،أحصنة تزيينية على حقول ألِفت مواسم الغزو.
وخطاب واحد يشتهي إغتراب الكلمات عمَّا وراءها.
خطاب واحد يُعدِّد الصدأ المتراكم على الكلام منذ استوى الخطيب على عرش المنبر،
خطاب واحد يلقيه المنقسمون على أنفسهم المقتتلون على خطاب.
أمِن حق المدينة في هذا الجحيم وفي هذه الفوضى أن تمنح الوقت اسماً مختلفاً؟
أمن حقها أن تخربش فوق اللوحة المكتملة اللون؟
أمن حقها أن تقترب من سياج الصراع المُحكم التسييج؟
وتضع قواعد أخرى لجيران العدو ..هذه هي أسماؤهم وألقابهم:
جيران العدو.إذ"الموت لبيروت"يُعَنْوَن:الموت لهذا الشارع الأخير الخارج عن هندسة الطاعة.
ضجروا،ضجروا.لقد طالت المهلة المحددة لسقوط المعنى الأخير،
المُتَدلّي كالثمرة الناضجة على نخلة العرب اليابسة،
المتدلي لمن يرث ليُدفَن لاليعلن جدوى التراكم.
متى يوقفون الجنون؟متى يرحلون؟ومتى يدخلون في تشابه الرسل؟
متى يسقطون مثلنا،مع الاحتفاظ بفارق معافى هو:أننا نسقط على عرش،
من الهزائم المدوية الى العرش،وهم يسقطون على نعش من البطولة الى النعش.
وفي جعبة الضجر ما يشبه الحكمة:نحن،نحن الذين نختار زمان المعركة ومكانها ونتائجها.
ولن نستخدم هذا السلاح إلا وقت الشّدة.
مَن يعرف وقت الشدة ومن أين تأتي الشدة في هذا الراخاء المرفَّه؟
هم يعرفون أكثر مما نعرف.قدتأتي من حي أو من شارع يغضب،ولكن
مَن يُغضب الشارع الذي أدمنا هجاء حرَّاسه وتبرئته من غياب الحماسة لنبرئ الأمل من داء عُضال.
أما مِن أحد في هذه القارة يقول:لا؟أما مِن أحد؟
ما من أحد....
وزراء الدفاع كانوا يتلهفون بفقاعات الشمبانيا مع القتلة،
كلّما جاءهم خبر تضييق الخناق على تل الزعتر،فبماذا يتَّلهون الآن أثناء تضييق الخناق على بيروت؟
لقد رأينا صورهم على أحواض السباحة.أليس شهر آب حاراً.ورأينا تعب المحاربين المدججين بالبنادق
وهم يرفعون ابتسامات أسيادهم السائلة حتى الركبتين
في محاولة لإعادتها الى الأفواه المفتوحة سالمة.سالمة من عيون المارَّة ومن حصاربيروت...
ولكنني لاأغضب كما يغضب غيري،من المظاهرات العربية الصاخبة التي خرجت تحتج على حكم
منحاز في مباريات كرة القدم،لالأن كرة القدم تلهب الحماسة أكثر من هذا الصمود الطويل في بيروت،
بل لأن المكبوت العربي المتعدِّد المصادر قد عثر على نقطة الانفجار في المُتاح العربي.
ووجد فرصة التعبير الممكن عن غضب مزمن في حرب لاتُهدِّد الوطن مادياً في
حرب معنويات تنتهي الى هدنة أكيدة بعد خمس وأربعين دقيقة
يعيد خلالها المتحاربون توزيع صفوفهم وتعديل خططهم الهجومية والدفاعية،
ويتزوَّدون بما يحتاجون اليه من ذخيرة معنوية ونجدة شعبية،
ثم يعودون الى القتال تحت إشراف قوات دولية لا تسمح باستخدام الأسلحة المحرّمة دولياً.
وتنتهي الحرب المحدودة المسيطر عليها في ساحة المعركة وخارجها ولاتتجاوزها الى حدود البلدين،
باستثناء حالات نادرة كما حدث بين السلفادور وهندوراس.
ولكن التوازن الدولي الدقيق الممثَل في مجلس الأمن تمكن من إصدار قرار قابل للتنفيذ.
ولأني أحب كرة القدم لم أغضب كما غضب غيري من المفارقة.
لا مظاهرة واحدة يثيرها حصاربيروت،بينما تثيركرة القدم هذه المظاهرات أثناء حصاربيروت.
لما لا؟إن كرة القدم هي ساحة التعبير التي يوفرها تواطؤ الحاكم والمحكوم في زنزانة الديمقراطية
العربية المهددة بخنق سجنائها وسجَّانيها معاً،هي فسحة تنفُس تتيح للوطن المفتَّت أن يلتئم حول مُشتَرك ما.
حول إجماع ما حول شيئ ما تُضبُط فيه حدود الأطراف وشروط العلاقة
مهما تسرّبت منها إيماءات ذكية،
ومهما أَسقط فيها المشاهد على اللعبة مافيه المعاني المضغوطة،وطن،
أوشكل من تجليات روح الوطن يدافع عن كرامته أو تفوقه أمام الآخرين،
فلا يخسر توزيع القوى الداخلي شيثا من تماسكه الظاهري.
المتفرجون يستولون على أدوارهم الغائبة في السياسة،
يستحضرونها بإحالتها على ذكاء العضلات ومناورات الللاعبين
واندفاعهم نحو هدف واحد هو تصويب الهدف.
والحاكم الذي عيَّن نفسه مُعبَِّرا عن روح الأمة يعبِّرعن نصر هو نتاج سياسته الحكيمة وتنشيط الإرادة والطاقات.
لعله وليس اللاعب هو الأقدر على التأويل
لأنه هو صاحب الأمةوراعيها وهو الذي ينفق من ماله الخاص على تشجيع الرياضة.
ولكن الأمر ينقلب الى عكسه حين ينهزم الوطن اللاعب أمام الآخر.
عندها يتنصل الحاكم من الهزيمة ويحمِّلها للأجهزة،
لتاريخ التقاليد مرة للمدرب مرة ثانية،لانتكاسة اللاعبين المحاربين مرة ثالثة،
ولانحياز عوامل خارجية متمثلة بالحكم مرة رابعة.
لا ليس للهزيمة أب واحد ،وفي السياسة ليس من التقاليد العربية الحديثة معاقبة القائد على الهزيمة.
إنه يدعو الشارع للعطف عليه،ولمواساته الجماعية المعبَّرعنها في دعوته الى البقاء على العرش ليكيد الأعداء.
أليس مايريد الأعداء هوإسقاط الحاكم،ولتخليصنا من هذه النعمة؟فلننتصر عليهم بالانتصار على أنفسنا
وإبقاء الحاكم المهزوم جلّادا لنا.
ولكن الأمر يختلف في كرة القدم:
في وسع الشارع أن يغضب على اللاعبين وعلى المدرب وعلى الحكم الأجنبي.
اللاعبون خانوا روح الأمة والمدرب أساء وضع الخطة.والحَكَم منحاز.
أما الحاكم فهو بريئ من الهزيمة،لأنه مشغول بقضايا أكثر جدية لذلك
يرفع الشارع الغاضب صوورة الحاكم عالية عالية وينفذ من تحتها الى حرية التعبير:
يشتم الغرب كما يشاء ويومئ الى الداخل كما يشاء.
هذا ما تبقى لنا من حرية،فهل نُفرِّط بها؟
وهذا ما تبقى لنا من متعة،فلنصفِّق لمايشير الى العافية.
الأمةفي خير مادامت قادرة على الحماسة.كرة القدم تقول لنا ذلك،
تقول الكرة المذكورة:إن العاطفة الجماعية لم تتبلَّد.
وان في مقدور الشارع أن يتحرك بلعبة لا تثير الضجر.
ألم تحتل فلسطين في ما مضى من حاضرنا ،هذه المكانة العاطفيةالحماسية.
ألم يتحرك كل شيئ باسمها ولها ومن أجلها؟
كان ما يصيب فلسطين يصيب الشارع العربي بعدوى الحزن والغضب والصخب.
كان الشارع العربي يُسقط الحاكم لأي مساس بهذا القلب الجماعي.
الآن يتسابق الحكام ليرشوا الشارع،ليدفعوه الى التخلّي عن هذا الإجماع.
السلاح العربي الرسمي يتصدّى علانية للخطوة والفكرة الفلسطينيين ويحملِّهما مسؤولية بؤس الأمة وعبوديتها.
لولا فلسطين البعيدة المنال الوهميةالمتخيلة المبكرة الى موعدها البعيد،المتقدمة على الوحدة العربية،
لولاها لكنّا أكثر حرية وأوفر ورخاء ورفاهية!!هكذا كان يذيع الخطاب الرسمي شائعات الضجر.
ولكن الشارع يعرف كيف يناور ويؤول ويستخدم الكناية،فإن السجون ليست شرطا لتحرير فلسطين..
"ولاصوت يعلو فوق صوت المعركة"لم يقدم غير معنى واحد:
لا فلسطين،ولا معركة،ولا صوت.عاش السوط!!
لذلك كان سؤال الخبز والحرية يتسلّل الى سؤال التحرير المعصوم عن العقاب.
الى أن فضح الحاكم اللعبة المؤَّولة فحرم فلسطين وأخرجها من الملعب الوطني
ليخرج السؤال الاجتماعي من كلمة سر الأمة...
هامش كرة القدم هو الهامش الفلسطيني السابق..
فليغضب الشارع،ولُيهرِّب سؤاله المكبوت الى لعبة لا تثير الضجر،ولاتتيح للحاكم حتى هذه اللحظة أن يُغلِق الملعب.
صمت متوَّج بأوهام القادرين الى الآن على تقسيم الجهات الى جهتيتن والألوان الى لونين.
صمت مكلَّل بأوهام القادرين على انتظار النجدة.
صمت مُرصَّع بذهب الأمل القادم من خارج هذه الساحة
صمت الذين يقودون الجملة الثورية الى خارج مصادرها بتبعية محكمة ومستحكمة
استبدلت الشارع بالعاصمة ونطقت باسم الشارع ضد العاصمة الأخرى
لأنها استثنت عاصمتها...سياج وعيها....من طبيعتها.
وعيَّنت للشر المطلق عاصمة،وللخير المطلق عاصمة.
واستطاعت في كل منعطف ان تستبدل عاصمتها بعاصمة أخرى
دون أن تتخلّى عن تدفُّق الجملة الثورية المرادفة للعاصمة.
لابدّ من عاصمة...لابدَّ من عاصمة!!..

لماذايرتجف الصنم الى هذا الحد،لماذا يرتجف الصنم؟
سيقوب عكس ما هو،سيقول عكس الصمت الذي يُطبِق عليه..
سيواصل تلاوة دراسة البداية،
سيمجِّد امتثال التاريخ والمذابح والعذاب الى برهانه:
ألم أقل لكم:ولكنك لاتقول شيئا يا سيدي الصنم..
يندَّس في السلطة ليكون معارضاً.
ويندس في المعارضة ليكون هو السلطة.
ويحارب السلطو بسلطة أخرى.
ولايتبعه احد من فرط ما هو تابع.
هذه هي لحظتك يا سيدي الصنم،قل شيئا لتبقى صنما من صنم.
سيقول كلاماً آخربعد أي شيئ آخر
سيقول إنه لم يوافق على الخروج
سيقول إنه قال لنا ولكنه لم يقل لنا شيئا
لماذا أرى الصنم،للمرة العاشرة،لماذا أرى الصنم؟
......................................
صمت من ذهب،صمت من شماتة.
لذلك أعجبتني غضبةُالأمة على التآمر الغربي العنصري على المشاركة العربية الصاعدة في المونديال.
كانت العلامة الوحيدة على وجود شيئ يتحرك خارج أسوارنا الصاروخية،
كانت الدليل على أن الأمة لا تسمح للأجنبي بأن يخدش روحها.
وكانت تحمل رداً ساخراً على وزراء الخارجية العرب
الذين تنادوا للاجتماع في تونس لبحث امكانية عقد مؤتمرقمة عربي لبحث الاجتياح الاسرئيلي،
وردّاً ساخراً عبى عدم إحتجاج الدولة اللبنانيةعلى هذا
الاجتياح واكتغائها بدور الوسيط بين المبعوث الأمريكي وقيادة المقاومة.
فتساءلنا:لماذا يحرق أصحاب قمة الحضيض العربي ثومهم وبصلهم وأصابعهم.
أليس في الوقت متسّعا للمزيد من الاجتياح وابتلاع الأرض والناس،
إذ لم يمضِ على الغزو غير شهر واحد فقط...
شهر واحد لايزيد عن لحظة عابرة في تاريخ الحكم العربي الخالد.
ولاتكفي لصياغة ردّ الدول العربية على افتراءات المبعوث الأمريكي عليها.
الذي قال:إن هناك قرارا عربيا دوليا بتصفية المقاومة!!خسِئ!
فلماذا تكون الدول العربية على عجلة من أمرها والعجلة من الشيطان الرجيم،
ليقضي وزراء خارجيتها ساعات صعبة في تونس،يختلفون فيها على تحليل أهداف الاجتياح ومداه:
هل هو ضد الفلسطينيين واللبنانيين أم ضد سائر العرب؟
هل سيتجاوز الإعلان الاسرئيلي مداه..
وسيختلفون على تعريف مادة البترول:هل هو سلعة تجارية أم سلاح سياسي؟
لقد شعروا،ثانية بالضجر.فإن الخبر المشتهى لم يُعلَن بعد.
المقاومة لم تمت.وما زال في خزانات الطائرات الإسرائيلية من البنزين والقذائف
ما يكفي لإحراق خمسين ألف طفل لبناني وفلسطيني.
ومازال في مستودعات الأسلحة الأمريكية التقليدية ما يكفي لتدمير كل المدن.
ومازال في بيروت بعض الماء والعلبات والأوكسجين الكافية لمواصلة المقاومة.
ومازال في سماء العرب المفتوحة ممرات كثيرة للمزيد من قاذفات القنابل.
ومازال في البحر الأبيض المتوسط مكان للمزيد من الغواصات وحاملات الطائرات والمعاهدات الدولية.
ومازال في بيروت أهداف مدنية كثيرة لم تُقصَف .فلماذا العجلة فلماذا العجلة؟
.............................................
ونحن أيضاً نحب كرة القدم ونحن أيضاً يحق لنا أن نحب كرة القدم،
ويحق لنا أن ندخل المباراة.لم لا؟
لم لا نخرج قليلاً من روتين الموت.
في أحد الملاجئ استطعنا استيراد الطاقة الكهربائية من بطارية سيارة.
وسرعان ما نَقَلنا باولو روسّي الى ماليس فينا من روح.
رجلٌ لايرى في الملعب إلا حيث أن يُرى.
شيطان نحيل لا تراه إلا بعد تسجيل الهدف.
تماما كالطائرة القاذفة لاتُرى إلا بعد انفجار أهدافها.
وحيث يكون باولو روسي يكون الجوول
يكون الهتاف ثم يختفي أو يتلاشى ليفتح مسارب الهواء من أجل قدميه المشغولتين
بطهو الفرص وإنضاجها وإيصالها الى أوج الرغبة المُحققة.
لاتعرف إن كان يلعب الكرة أم يلعب الحب مع الشبكة.
الشبكة تتمنَّع فيغويها ويغاويها بفروسية إيطاليّة أنيقة على ملعب اسباني حّار.
ويُغريها بانزلاق القطط الهائجة المائجة على صراخ الشهوة.
وعلى مرأى من حُرّاس العِرض المصون الذين يعيدون إغلاق بكارة الشبكة بغشاء من عشرة رجال.
يتقدم باولو روسي بكامل الشبق يتقدم لاختراق شبكة
قابلة للنيل من عضلة الهواء مرتخية عجزت عن المقاومة،فاستسلمت لاغتصاب جميل....
كرة القدم،
ماهذا الجنون الساحر،القادر على إعلان هدنة من أجل المتعة البريئة؟
ماهذا الجنون القادر على تخفيف بطش الحرب وتحويل الصواريخ الى ذباب مزعج
وما هذا الجنون الذي يعطل الخوف ساعة ونصف الساعة،
ويسري في الجسد والنفس كما لاتسري حماسة الشعر والنبيذ واللقاء الأول مع امرأة مجهولة..
وكرة القدم هي التي حققت المعجزة،خلف الحصار،
حين حركت الحركة في شارع حسبناه مات من الخوف ومن الضجر.
ولم أفرح بتظاهرات تل أبيب التي تسرق منّا كل الأدوار.
فمنهم القاتل ومنهم الضحية.
منهم الوجع ومنهم الصرخة.
منهم السيف ومنهم الوردة.
منهم النصر ومنهم الهزيمة،
لأنها تشي بتغييب ابطال المسرح.
لقد اعتادوا الحرب السهلة وتعودوا على الانتصارات السهلة،
وقد سهلَّ التنافس الانتخابي بين الحزبين الكبيرين عملية انفتاح شوارع تل أبيب على عشرات الآلاف من المتظاهرين.
واستنهضتهم ضحاياهم الى درجة دفعت ضابطا كبيرا الى الاستقالة.
كنت أستمع الى إذاعتهم ولاأفهم سر البكاء.المنتصر مهزوم من الداخل.
المنتصر يخشى على فقدان هويته:الضحية.
لا حق لأحد في أن يحرز هذا الإنجاب :أن يكون الضحية،لأن انقلاب هذا
الدور على أصحابه يقلب ميزان العدل الرملي.
وبالنيابة عنّا كانوا يصرخون،وبالنيابة عنا كانوا يبكون،وبالنيابة عن جدارتهم كانوا ينتصرون.
أهنالك ما هو أقسى من هذا الغياب:
ألا تكون معبِّراً ع ن النصر،وألا تكون معبِّرا عن الهزيمة.أن تكون خارج المسرح.
ولا تحضر عليه إلا بوصفك موضوعا يقوم الآخرون بالتعبير عنه كما يريدون.
"إن أردتم فليست تلك خرافة"هكذا أطلق هرتزل شعارالصهيونية الداعي الى
تأسيس دولة لشعب لاأرض له على أرض لا شعب لها!!
وفي حصاربيروت الذي يشهد على وجود شعب له أرض محتلة مع غزاة سرقوا تلك الأرض
قام ناتان زاخ أحد شعراء الحداثة العبرية بتعديل شعار هرتزل بسخرية لامعة:
"إن أردتم فليست تلك بخرافة:نصر اسرائيل لن يخيِّب،ولكن لن يدوم لكي يخيِّب"
عشرات القصائد العبرية تحاول التعبير بدلاً من القصائد العربية عن حصار بيروت،
والاحتجاج على المذبحة.
منهم الخطيئة ومنهم الغفران.
منهم القتل ومنهم الدموع.
منهم المجازر ومنهم عدالة القضاء.

ساعات من بعد الظهر،رماد من بخار،وبخار من رماد.
المعدن سيد الوقت.لايفلُّ المعدن غير معدن آخر يصنع تاريخا آخر
القصف يطال كل شيئ ولا يبدو أن لهذا اليوم نهاية.آب أقسى الشهور آب أطول الشهور.
وهذا اليوم أقسى أيام آب وأطولها.أما لهذا اليوم نهاية؟
لا أعرف ماذا يحدث في ضواحي المدينة،لأن هدير المعدن حجب عنّا صمت
الملوك والرؤساءووزراء الدفاع المشغولين بقراءة مالايقرأون.
ولم يبق أمامنا سوى سلاح الجنون.نكون أو لا نكون.نكون أو نكون.لانكون أو لانكون.
ليس لنا غير الجنون.تاريخ يتغيَّر شكله ومؤرِخوه.تاريخ يكتب صورة النهر،
فمن يؤرِخ القاع ومَن يؤرخ الطحلب ومن يؤرخ خروج العدو من الأخ ودخول الأخ في العدو؟
ومَن أطلع في وجهي ثانية هذا الحلزون؟
حلزون يحمل عبء لعابه الأخضر.
حلزون يسوِّد حائطا ويمنعنا من الاقتراب من حائط نسقيه بالدم من أجل أن يستولي هو ،
الحلزون على العرش نحن المتْخمين موتا بما ليس لنا ندافع عمَّا ليس لنا.
وليس لنا هذا الطريق المؤدي الى الجبل.وليس لنا خطاب المنصة التي سيعتليها الحلزون.
ويفاخرالأمم بتارخ ليس له،بتاريخ مسروق من حاجة البطل الى موطئ للكعب.
لماذا يطلع الحلزون في وجهي مرة أخرى ،في نهار واحد؟تبّاَ لهذا النهار تبّاً لهذا النهار..تبا.........
...............................................
جالسا في ركن قصيّ،
قصي عن الآخرين وعن نفسي أفكِّر فيما يرد عليَّ من منام يخرج من منام:
هل أنت حيّ؟متى حدث ذلك؟هل تحميني الذاكرة من هذا التهديد؟
هل تستطيع سوسنة الماضي أن تكسر هذا السيف المرصَّع بالقذائف؟
ولماذا هي..لماذا هي؟
لماذا تطلع السوسنة من نشيد الأناشيدوقد أُوقِفَت الشمس والقمر على
اسوار أريحا ليمتد زمن القتل؟
..حصَّة للطفولة وحصة للشبق.جسد لللمغفرة جسد للشهوات.
يذوب رخام الكلام ليصقل مدائح الساق التي تشقُّ المقبرة الى حديقتين:حديقة للماضي وحديقة للحلم.
ويلمع البرق الأول في العظام اليافعة.
كم إمرأة فيك لأسقط زحام روحي وأنجو على توالد اللحظة.
كم امرأة أنت ليدخل الوقت في الوقت ويخرُج خيطاً من حرير يصطفيني لاختيار مشانق الدم.
كم امرأة فيك لتتقمّص البرهة تاريخ الصلاة والمجون على قدمين هما ختم جهنم والجنة!!
كم امراة أنت لتكون سيرة هذا البطن المعجون من رائحة الفل
ومن لونه التائه بين الضوء والحليب سيرةً لحروب الدفاع عن الصبا والأربعين.
كم امرأة أنت لأسترِّد الشتاء السابق من كل مايأتي من مطر أختار قطراته شبهاً لما عرفت؟
ولأقارن اللذة باللذة ،هل كنّا معاً حقّاً على صوف تلك الأرض؟
أقلِّد ما لايتبدد من رعشة تهزّ الغرف حين يوحِّد ما يتجدَّد فينا ظني بأني معك.
ولم أقل إني أحبك،لأني لاأعرف إن كنت أحبك مادمتُ أخبِّئ دمي تحت جِلدك
وفي شعيرات السر المقدس أذرف عسل النحل الأحمق،
السرالذي امتصني لأجد جسدي يتوالد بلا انقطاع.
ولم تقولي أحبكَ لأني لن أصدق أن جميع النساء اللائي
ولدنَ على جبل جلعاد وفي سومر وفي وادي الملوك يجتمعنَ علي الليلة.
كم امرأة فيك لتنوح أحلامي على ما تفقد الأمم من شتاء يستحق أن تكوني أمَّه وسيدته.
في كلِّ امرأة جميلة هِبةَ من وصايا قدميك للأرض،
وإرث لاينقطع عن تزويد الغابات بهستيريا العشب.
وليت واحداً منّا يمقت الآخر ليصاب الحب بالحب،
وليت واحداًمنّا ينسى الآخر ليصاب النسيان بالذكرى.
وليت واحداً منّا يموت قبل الآخر ليصاب الجنون بالجنون.
خذني الى استراليا قالت لأُدرِكَ أنه آن لنا أن نبتعد عن الفارق والحرب.
خذني الى استراليا لأنني كنت عاجزا عن الوصول الى القدس.
كنت خارجاً من حزيران بعناد لم يرحمني:
للجيوش أن تُهزَم وللنحلة في قلبي أن تصمد،
وللروح أن تنتصر عليّ وعلى أعدائي.
كانت الفتوة والغنائية تحفران لي مساراًآخر على جبل يطل على ساحات تاريخ:
عظام أحصنة،ودروع مثقوبة وأعشاب
من تلك الإطلالة يتضاءل الراهن ،
ولاتعود الموجة عنواناً للبحر ،
فأحمي نفسي وربما غيري من هيجان اللحظة بانتقالي من شهيد الى شاهد.
ولكن لماذا أتذكرها في الجحيم في هذه الساعة من ساعات بعد الظهر في هذا البار الملجأ؟
ألأنّ امرأة أخرى جالسة قبالتي تعيد مشهد الصرخة،أم لأنَّ منام أخرجها من منام هذا الفجر؟
لاأعرف كما لااعرف تماماً لماذا أتذكر أمي؟ ودرس القراءة الأول
وفتاتي الأولى تحت شجرة الصنوبر وعقدة الناي التي لاحقتني خمسة وعشرين عاماً؟
تعود الدائرة الى نقطتها الأولى...
وكلانا يقتل الآخَر خلف النافذة...
لا تقضمني كتفاحة،فلَنا هذا الليل كله.
خذني الى استراليا حيث لاأحد منّا هناك،لاأنت ولاأنا...
كانت تضع الحطب في الموقد وكانت الأغنية تُعيدالأغنية ذاتها:
سوزان تأخذك الى النهر.
الكلمات جميلة.والصوت لايغنّي بقدر مايقرأ شعرا لا يصل الى أي مكان.
إنسان وحيد في البراري إنسان يقول تماسك ليحمي نفسه من العزلة،
ليدل نفسه على نفسه.
متى تقبلني ؟
عندما أصدق أن في وسعي أن أصدِّق أن هاتين الشفتين مفتوحتين لأجلي..
إذن لِمَن؟
لصوت قادم من كوكب بعيد.أتعرفين أن في وسع عينيك أن تُلَوّنا أي ليل بأي لون تريدين؟
قبّلْني!!
مطر خلف الزجاج وجمر داخل الزجاج.لماذا تُمطِر الى هذا الحد؟
لكي تبقى فيّ/
تتوالد الشهوة من الشهوة،
مطر لايتوقف،
نارلاتنطفئ،
جسد لا ينتهي،
ورغبة تضيئ الظلام والعظام.
ولا ننام إلا ليوقظنا عطش الملح الى العسل،ورائحة البن المحروق قليلا على اشتعال الرخام.
بارد وساخن هذا الليل،ساخن وبارد هذا الأنين.
ويكويني حرير لايتجعد بل يشتد كلما احتّكَّ بمسام جلدي وصاح:
الهواء إبر من لعاب دافئ بين أصابع قدميّ
وعلى كتفي أفعى من الكهرباءتزحف وتشرئِّب على الجمر.
وفم يلتهم هبات الجسد،ولايُبقي من اللغة غير صراخ الغُرف الموصدة على حرب الحيوانات الأليفة.
وعرَقٌ يُبرِّد الهواء ويجفل..
وكلانا يقتل الآخر خلف النافذة..


02-26-2009, 01:09 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - بواسطة الإله ميثرا - 02-26-2009, 01:09 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  عندما غنى محمود درويش للحب تيامت 1 3,743 09-18-2012, 09:07 AM
آخر رد: Deeseefew
Rainbow محمود درويش ليس نبيا بسام الخوري 2 2,624 01-30-2012, 02:15 PM
آخر رد: بسام الخوري
  عن الوطن والمنفى.. الشاعر الفلسطيني محمود درويش يتحدث عن طفولته ووطنه ومنفاه.. العلماني 1 4,348 11-01-2010, 02:22 AM
آخر رد: مفكر من بعيد
  موضوع مخصص عن سلبيات محمود درويش .... بسام الخوري 5 6,419 10-24-2010, 09:05 PM
آخر رد: مارلين مونرو
  محمود درويش يطوف المدن الفلسطينية في "عيد ميلاده" هاله 0 2,892 03-13-2010, 08:46 AM
آخر رد: هاله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS