خبراء: السندات والمعدن الأصفر و"الأسهم الدفاعية" الأفضل في 2009






دبي – الأسواق.نت

تباينت آراء خبراء الاستثمار والاقتصاد حول أفضل القنوات الاستثمارية المتاحة حالياً، والتي توفر أفضل العوائد بأقل مستويات ممكنة من المخاطر، ففي حين فضل البعض سوق السندات عموماً والسندات الأمريكية خصوصاً، فضل آخرون اللجوء إلى المعدن الأصفر، فيما رأى البعض الآخر في بعض الأسواق المالية المحلية والعالمية فرصاً استثمارية على المدى المتوسط والطويل يجب اقتناصها بعناية.

وأوصى بعضهم بالاستثمار في أسهم الشركات العاملة ضمن القطاعات "الدفاعية"، أي تلك الأقل تأثراً بالتقلبات الاقتصادية، فيما اكتفت بعض الآراء بتقديم النصائح بضرورة دراسة القرار الاستثماري واتخاذه بناء على مستويات المخاطر الممكن تحملها بحسب استطلاع أجرته "أرابيان بيزنس".

الحذر

وأجمع الخبراء المستطلعة آراؤهم، على أن الحذر هو الصفة الطاغية على الخارطة الاستثمارية خلال العام الجاري، مشددين في الوقت نفسه على ضرورة تنويع المحفظة الاستثمارية، لا من حيث قطاعات الأسهم فحسب، بل ومن حيث وجوب أن تشمل أيضاً استثمارات في قنوات أخرى مثل السندات وحتى إبقاء جزء من السيولة المتوفرة كوديعة بنكية في ظل ارتفاع أسعار الفائدة على العوائد والتي باتت بنوك المنطقة تسعى لاستقطابها الآن أكثر من أي وقت مضى.

وأكد المدير الإقليمي لقسم إدارة الثروات في بنك "إتش إس بي سي" الشرق الأوسط عشتار كياني، على ضرورة أن يلزم المستثمرون الحذر لضمان استدامة ثرواتهم من خلال التعاطي مع مختلف الفرص الاستثمارية بطريقة متوازنة ومدروسة، مشيراً في الوقت نفسه أن الأوراق المالية هي الرهان الأفضل على المدى الطويل، من خلال الاستثمار في مجموعات مختارة من الأسهم من خلال الصناديق الاستثمارية العادية "mutual fund"، والتي تعتمد على أدوات متنوعة في عملياتها، بما في ذلك الأصول ذات المخاطر المرتفعة أو حتى المنخفضة، والتي تتوافق مع رغبة المستثمر في نسبة ومستوى المخاطر التي يرغب التعرض لها، بالإضافة إلى أن هذه الصناديق ذات تكاليف ورسوم أقل من باقي الفئات.

من جانبه توقع ريتويك غوشال من قسم إدارة الثروات لدى "سيتي بنك الإمارات" أن يشهد العام الجاري بشكل عام والنصف الثاني منه بشكل خاص، بروز فرص استثمارية مغرية نتيجة التقييمات المنخفضة التي تشهدها الأسواق المالية بعد أن تبددت المخاوف من المخاطر السلبية المتعلقة بالنمو الاقتصادي العالمي، مذكراً في الوقت نفسه بالتنويع في الاستثمارات، بما يضمن المحافظة على رأس المال، خاصة من خلال اتباع استراتيجيات مدروسة، ومن ضمنها على سبيل المثال ما يعرف بـ dollar cost averaging، وهو عبارة عن نظام استثمار بسيط يتم من خلاله شراء الأسهم بصفة دورية وبمقادير ثابتة ومتساوية التكلفة، بدلاً من شراء عدد معين من الأسهم، بغض النظر عن السعر. ونتيجة لذلك يتم شراء عدد أكبر من الأسهم عندما تنخفض الأسعار. وعليه تكون التكلفة أقل من متوسط السعر المدفوع.


الصناديق الاستثمارية

وينصح غوشال أيضاً باللجوء إلى الصناديق التي تضمن رأس المال، وذلك لموازنة التذبذب على المدى القصير، والفرص المتوفرة على المدى الطويل، وفي النهاية التقييم الدقيق لمستويات المخاطرة التي يمكن للمستثمر تحملها مع ضمان رأس المال للمستثمر.

ويتفق كياني مع نظيره من "سيتي بنك" على تزكية هذه الطريقة، خاصة وأن الهبوط الذي تشهده الأسواق يشكل فرصة استثمارية، ومن جانب آخر، تبدو أدوات الدخل الثابت مثل السندات خياراً جيداً في هذه الظروف برأي كياني، خاصة وأنها تحد من تعرض المستثمر لتذبذب الأسعار وتسهم في تحسين العوائد الإجمالية، لكنه حذر في الوقت نفسه من المخاطر المحتملة في سندات بعض الشركات نظراً لتعرض معظمها في الفترة الأخيرة لتخفيضات في تقييماتها الائتمانية مما يقلل من ملاءتها الائتمانية.

ويلفت إلى أن الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية أيضاً معرضة بدرجة أقل للمخاطر في هذه الأزمة العالمية، متوقعاً لها الاستمرار في استقطاب مزيد من المستثمرين، وفيما يخص الإيداعات البنكية، يرى كياني أنها جزء ضروري من أي محفظة استثمارية.

وبينما يرى الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عدنان يوسف أن الاستثمار الأفضل والأقل مخاطرة قد يكون في قطاعات الاتصالات والإنترنت والرعاية الصحية وحتى العقارات، يتوقع يارمو كويتلاين، رئيس الشئون الاقتصادية في شركة الأهلي المالية، الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي التجاري السعودي، أن يشهد العام الجاري تصدر الاستثمارات الحذرة بعيداً عن المخاطرة، لافتاً إلى أن المستفيد الأكبر سيكون صناديق الدخل، والودائع البنكية، وخاصة السندات.

أما في منطقة الشرق الأوسط، فيرجح كويتلاين أن تشهد نمو سوق الصكوك الإسلامية، خصوصاً إذا ما واجهت البنوك متاعب في الاستمرار بالإقراض لأسباب تنظيمية وأيضاً لتوفير السيولة، وبالتالي بث الطمأنينة في الأسواق.


الذهب باقٍ

ورأى مدير الصناديق الاستثمارية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى شركة (ING) لإدارة الاستثمار- الشرق الأوسط، يزن عابدين صعوبة العثور على استثمار خالٍ تماماً من الخطورة مع مردود لا متناه، لأن هذا يعارض مفهوم السوق برأيه. بيد أن السؤال يتمحور حول كسب مردود أعلى لقاء المخاطر نفسها. ومن هذا المنطلق، يشير عابدين إلى أن الاستثمار في شركات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يقدّم عائداً أعلى لقاء مستوى مخاطر مماثلة، سواء عبر الاستثمار في الأسهم أو من خلال أدوات الدخل الثابت.

وبدوره أشار أيمن عريقات، المستشار لدى بنك يونيكورن للاستثمار ورئيس قسم تطوير وتسويق الاستثمارات أن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية قد أوجدت فرصاً استثماريه نادرة، يمكن أن تكون تاريخية في مختلف القنوات الاستثمارية.

وشرح هذه الفرص النادرة بقوله: "انخفضت بورصات الأسهم العالمية إلى مستويات قياسيه؛ حيث أصبحت أفضل الأسهم نوعية تقيم بأرخص أسعار لها منذ عقود، وكذلك تقييم الشركات والعقارات وغيرها. لكنه يطرح سؤالاً أساسيا، وهو: ما هو الاستثمار المناسب للأفراد في ظل هذه الأزمة؟ ويرى أن الجواب يعتمد كليًّا على وضع كل فرد وقدرته المالية واحتياجاته وقدرته على تحمل المخاطرة، وكذلك خبرته في مجال الاستثمار، ومن المستحسن الاستعانة بخبراء ماليين محايدين لتقيم وضع الفرد وتقديم النصح له فيما يناسبه من استثمارات.

واتفق نائب رئيس إدارة الأبحاث الاستراتيجية لمنطقة الخليج لدى المؤسسة المالية "هيرميس" فهد إقبال مع عريقات في توقعاته بأن يستمر المستثمرون في التركيز على المجالات "الدفاعية" خلال العام 2009. وهي استراتيجية عامة، لكنها صعبة التطبيق على أرض الواقع في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وجهة نظره.

ولفت إلى أن القطاعات التي تفضلها هيرميس حالياً هي كل من قطاع الاتصالات، على الرغم من المنافسة المتزايدة التي تواجه الشركات العاملة في هذا القطاع خلال العام الجاري، إلى جانب قطاع المرافق العامة، بالإضافة إلى السلع الاستهلاكية.


الأسهم الدفاعية

أما العضو المنتدب لشركة القلعة للاستشارات المالية أحمد الحسيني، فينصح المستثمرين بالبحث عن الصناعات غير المرتبطة بمسار الدورة الاقتصادية، وهي ما يسميها أساتذة وخبراء الاستثمار "الأسهم الدفاعية". وهذا يعني الاستثمار في الصناعات التي إما أنها تعمل بشكل جيد للغاية حتى عند تقلب الأسواق والاقتصاديات أو تلك المقاومة للركود والتراجع مدعومة بمميزات نسبية لدى القطاع أو المنطقة التي تتواجد فيها تلك الصناعات.

وأضاف: "في الوقت الراهن تعتبر "الأسهم الدفاعية"، والتي تضم القطاعات كالأغذية والطاقة والدواء فرصة لاجتذاب الاستثمارات، سواء كان على مستوى الأفراد أو لشركة رائدة في الاستثمار المباشر كشركة القلعة، وأضاف: "عليك أن تسأل نفسك: ما هي المنتجات التي يحتاجها الناس دائما حتى في الأوقات والظروف العصيبة؟".


العقار والعقار

وهناك بعض الآراء التي ما تزال تنظر بتفاؤل إلى القطاع العقاري على الرغم من انهيار أسعاره في شتى الأسواق العالمية، حيث يبني براين ماير الرئيس ومدير العمليات في مشروع "مدينة الوعب" القطرية تفاؤله على خبرته الطويلة في قطاع العقار والمصارف، حيث يرى أن أسلم وأضمن الاستثمارات في المديين القصير والمتوسط، هي الأصول السكنية أو الأصول العقارية المؤجرة بعقود طويلة الأجل إلى جهات رفيعة المستوى، فقوة الأصول السكنية مرتبطة بشكل مباشر مع قوة الاقتصاد المحلي، ولا تتأثر بالقضايا الدولية برأيه.

كما لا يتفق حمود الياسي -مدير عام شركة الإمارات الدولية للوساطة المالية- مع الرأي القائل بأن عام 2009 سيكون قاتماً حتى نهايته، وبالاعتماد على مختلف المؤشرات منذ بداية العام ولغاية أواخره، يتوقع أن يكون هناك مردود إيجابي في ما يخص أسواق المال، خاصة وأن الأسواق دائماً تستبق الأحداث وتتجه وفقاً للمعطيات المتوقعة.