"أبو مازن" واشتراط حل الدولتين

استبشر الشارع الفلسطيني بالتوجه الايجابي لدى حركتي فتح وحماس وبرعاية مصرية لإتمام المصالحة ووضع أسس جديدة للعمل الفلسطيني تضمن عدم استقواء طرف على طرف، وعدم اقصاء طرف على حساب طرف، ومشاركة الجميع وفق القانون والضوابط في السلطة وأجهزة الأمن ومنظمة التحرير الفلسطينية.

إلا أن محمود عباس قام بتصريح توتيري وغير منسجم مع الجو العام الفلسطيني وأجواء الحوار، ليضع العربة قبل الحصان وليضع العراقيل أمام أي انفراجة قادمة من حوار القاهرة، بوضعه شرط اعتراف الحكومة بحل الدولتين، غير مدرك أن الشعب الفلسطيني الآن أولوياته مختلفة عن مشروعه التسووي، فلدى المواطن الفلسطيني قضايا أهم بآلاف المرات من الاعتراف بشرعية إسرائيل على ارض فلسطين.

هناك شعب يحتاج إلى تنظيم بيته الداخلي وترتيب وضعه بعد حرب طاحنة خاضها عاري الا من ثوابته الغير معترف بإسرائيل.
نستغرب من محمود عباس لماذا يلعب دور العدو ويضع الاشتراطات على حكومة فلسطينية، ليتسابق بعد ذلك المجتمع الدولي ويضع هذا الشرط بهذا الأسلوب الجديد، وهو شرط الاعتراف بإسرائيل ولكن بطريقة عباسية ذكية وبأسلوب جديد، وبذلك يشرعن الحصار والمقاطعة ضد أي حكومة تشارك فيها الأغلبية النيابية " حركة حماس" .
كان المطلوب من أبو مازن ان يمهد الطريق الدولي لقبول التوليفة الفلسطينية، فنحن كيان واحد وربما تفوز بالانتخابات القادمة فتسوي ما تريد تسويته أما وانتم أقلية فعليكم احترام رأي الأغلبية التي ترفض أسلوبكم الذي ضيع الأرض والموارد الفلسطينية.
أبو مازن خائف من الحوار لأنه هو نفسه سبب رئيسي في حالة الانقسام، ومن وجهة نظري سيكون عقبة في وجه الحوار الوطني مع صديقه فياض بعدما استفردا بالضفة الغربية تحت سيف الحواجز الإسرائيلية، وبعدما نهبا أموال الدعم الخارجي والضرائب الفلسطينية، وتحكما في رقاب الناس، وبعد تهميش كبير لدور فتح التاريخي.
كما أن محمود عباس مرعوب من مؤتمر "فتح السادس" والذي يقوم بتأجيله وتسويفه، لأنه يدرك أن هناك قيادة جديدة وطنية مدعومة من القواعد الفتحاوية ضد مشروعه التصفوي قادمة لاستبداله واستبدال خطه الانهزامي، والحوار بين فتح وحماس سيجبره على انعقاده وترتيب البيت الفتحاوي المهتريء.


كما ان هذا التصريح ضربة للجهود المصرية والتي بذلت مشكورة جهدا مشرفا ورائعا في تقريب وجهات النظر الفلسطينية، وعملت على احتضان الجميع بدون تمييز في لحظة تاريخية مهمة من تاريخ القضية الفلسطينية.
اشتراط أبو مازن على الحكومة بقبول حل الدولتين هو تعكير لجو الحوار واستباق لنتائجه المرجوة، وتعكير لصفو العام الذي استنشقه الفلسطينيين، ونتمنى ألا يكون دوران في حلقته المفرغة الهادفة لإفشال أي طرف فلسطيني لا يسير في خطه الممنهج على تسوية غير عادلة .