ليستفد النظام السوري من أخطاء العراقي

النهار اللبنانية GMT 8:30:00 2005 الإثنين 28 فبراير

ليستفد النظام السوري من أخطاء النظام العراقي

أحمد مولود الطيار: لا أنوي الدخول في موضوع استشهاد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق المرحوم رفيق الحريري، فكثر هم الذين أدلوا بدلوهم في أسباب اغتياله. أقلام كثيرة سلطت ضوءا على قدر كبير من الأهمية على مناطق معتمة. ما أود إثارته والتركيز عليه مصير سوريا بعد تلك الفاجعة المؤلمة. وعندما أقول سوريا، لا أقصد نظام الحكم فيها. ما أنا قلق حياله هو مصير الوطن و ما ستؤول إليه أوضاعه في المستقبل غير البعيد.

ليس المهم في هذا المقال كما أسلفت مَن اغتال الحريري ، بل ما سيترتب عليه و النتائج الوخيمة و الكارثية التي يبدو أن سوريا مقبلة عليها و ستدفع ثمنها.

سواء كان النظام السوري بريئا من دم الحريري أو هو من تلطخت يداه بدماء رمز لبناني كبير. بريء أم مجرم، الاثنان سواء بسواء، و على رأي المثل الشعبي “ لابسته لابسته". ما العمل ؟

الولايات المتحدة تسير على هدى خطى مدروسة منذ الساعات الأولى لمقتل الحريري : حملة إعلامية ضخمة و حشد للرأي العام المحلي و الدولي لإفهامه أن النظام السوري هو المسؤول الأول عن مقتل الزعيم اللبناني، من ثم سحب السفيرة من دمشق و التلويح بعقوبات جديدة... و السلسلة بالتأكيد لن تنتهي.

إن من يراجع سيناريو غزو العراق من نقطة البداية إلى وسطه ثم الذروة التي تمثلت باحتلاله، يدرك جيدا أن السيناريو يعاد تكراره باختلافات بسيطة ضد سوريا. فهل أدرك النظام السوري دقة المرحلة وحرجها وخطورة ما تحمله المقبلات من الأيام ؟

[SIZE=5]هل يعي النظام السوري أن مصير البلد كله أصبح على كف عفريت، إذا لم يبادر فورا لاعادة النظر في جميع سياساته السابقة سواء ما تعلق منها بلبنان أو بالداخل السوري ؟

لن نستغرب إن بقي النظام السوري يراوح مكانه في سياساته التي أكل عليها الدهر و شرب، فبنيته عصية على الانفتاح و فهم دقائق العصر ومتغيراته ومستجداته. فجهابذته ما زالوا اسيري عقلية الحرب الباردة و مفرداتها المتحجرة و صفقاتها التي أضحت من مخلفات الماضي. و لكي لا يتقول علينا أحد وأننا شامتون و حاقدون، نعود به إلى أيام معدودات فقط و الزيارة التي قام بها الرئيس بشار الأسد إلى روسيا. إن المتابع للإعلام السوري بكل كهوفه المظلمة، وكذلك من يتابع و يقرأ كتّابه و منظّريه و ما دبجوه و كتبوه حول تلك الزيارة، و حنينهم إلى الاتحاد السوفياتي و كأن روسيا اليوم هي القطب “المعادل” للولايات المتحدة يفوتهم ان متغيرات عظيمة حدثت وأن اميركا الحرب الباردة هي غير أميركا القطب الأوحد، التي لا تفضل وجود لاعبين إقليميين و لا دوليين. و إن سياسة المحافظين الجدد لـ “ الشرق الأوسط الكبير” هي انتزاع كل الأوراق من يد الخصوم و المقابل هو : ديموقراطية و حقوق إنسان على الطريقة الأميركية.

الولايات المتحدة تتصيد أخطاء النظام السوري، كذلك تضع خططا مدروسة بدقة و تدفعه عمدا لكي يخطئ لتأمين المناخ الملائم للانقضاض عليه عندما تأزف الساعة. و ما الإعلان عن إنشاء تحالف جديد قديم مع النظام الإيراني إلا خطأ أخر يضاف إلى سلسلة أخطاء النظام السوري، يعقّد المشكلة و لا يحلها. ليستفد النظام السوري من الأخطاء و الأفخاخ التي دفع إليها ووقع فيها النظام العراقي الساقط ووقع فيها جراء سياساته الغبية التي ذهب ضحيتها العراق و شعب العراق. دعونا لا نناشد النظام السوري أن يسحب قواته الأمنية و العسكرية من لبنان و يجنبنا المأزق. دعونا لا نناشده اطلاق الحريات و إطلاق معتقلي الرأي و إلغاء قانون الطوارئ و إعادته إنسانيتنا التي دمرتها أجهزته القمعية.

دعونا لا نناشده، لأننا على مدى السنوات الخمس الماضية مللنا التوسل إليه و استجدائه أن يلتقي بنا ويحاورنا. فنحن من وجهة نظره لم نبلغ سن الرشد ولسنا أهلا للحوار، و هو ما فتىء يضع العراقيل و الشروط أمامنا وأمام غد أفضل لسوريا. و الحوار الوحيد الممكن أمامنا - سوريين و لبنانيين-، هو حوار أجهزته الأمنية بعد كل مقال أو اعتصام أو بيان أو حملة تواقيع لم تعد تغني أو تسمن من جوع. لكن ما يجب أن يعيه النظام السوري، أن التضحية بالوطن جراء سياسات غير مسؤولة لحفنة من المافيات تداخلت مصالحها إن في سوريا أو في لبنان، يجب أن يكون خطا أحمر لا يسمح به الشعب السوري. إن المعارضة السورية يجب أن تعي دقة هذه المرحلة و يجب أن تعمل كفريق واحد للخروج من المأزق. فهل نعيد النظر في سياساتنا التي بدورها قد تجمدت وترفع من سقفنا الواطئ قليلا، فهل نحن فاعلون ؟