لفترة طويلة تأثرت بكتابات (محمد الغزالي ت 1996) وأظنه كان شخصا هاما في تاريخنا الثقافي بمصر وبدول عربية أخرى ، قرأت تقريبا كل ما كتب ككتاب كمقال كمادة مسموعة مرئية تعايشت معه لدرجة كبيرة ... أدين له بالكثير ، فالقراءة الأولى في الإسلاميات كانت له ، قارنت فيما بعد بينه وبين من كانوا معاصرين له ، فوجدته أفضلهم وحمدت الله أني لم أتابع معاصريه ، وكنت معه ..
وأنا معه كنت متلبس بأفكاره ، حتى أني بمجرد أن أسمع أن هذا جالسه أهرع إليه لأجالسه ليروي لي شيئًا عنه .. على المستوى الأخلاقي أحسده على ما كان فيه ، فعلى عكس طبالين الدعوة ونجومها الآن كان الرجل بسيطا للغاية لم يقل شيئا ويفعل خلافه ، مخلص ، آدمي حتى الثمالة ، في حديثه العادي كان يأسرني شخصيا فحين يتكلم عن المحبوب الأسمى يبكي كطفل ، ..........،
هناك ميسم بارز في هذا الرجل : سار منذ الصغر على خط لم يغيره ولم يتردد ولم يلتفت عنه ، فمن يقرأ (الحياة الأولى) كأنه يقرأ نظرات في القران أو أي من آخر ما خطه ..
ثم مرت أيام وبفضله هو كثائر على الفهم (البدوي) للإسلام انتقلته منه إلى غيره ، وخالفت كثيرا مما يراه ، بل كان أهم شيء في نقلتي انني ما عدت أنظر نظرة (مع أو ضد) بل هذا محتمل ، وذاك وارد ، وما هناك من كلمة أعظم من (ربــــــمـــا) فكل شيء في مجال الأدبيات (جائز / محال) (صحيح/خطأ) ..
من العجيب أن بعض ما قاله الشيخ على المستوى المجتمعي صحيح مئة بالمئة ، وعاينته من خلال مخالطتي بالمجتمع .. ومن يخالط فئات المجتمع التي تحدث عنها الرجل ، ويتحرى الصدق في مقاله سيرى ذلك ..
ومما هو جدير بالإشارة أن أكثر من 15 اطروحة علمية كتبت حول هذا الداعية ، لكن بظن ليست واحدة منها حللت فكر الرجل ودرسته كما يستحق ، كل ما فيها أنها مجرد أوراق تتراكم على الأرفف كي يستحق بها بعض الأفراد درجة علمية ليصبح موظف بدرجة دكتور لا باحث !


شخصية أخرى تأثرت بها ، هي شخصية المغفور له : زكي نجيب محمود ، كل ما كتبه برأيي أكثر من رائع ، لا أؤمن بما كتب حول تدرج أو مراحل حياة زكي نجيب محمود ، فالرجل برأيي واحد مر بمرحلة فكرية واحدة فليس هناك فارق بين (خرافة الميتافيزيقا) وبين (رؤية إسلامية) وإن اعتبره بعضهم ليس بذي قيمة فهو لم يكتب سوى خواطر! وبعضهم أعرض عنه لرؤيته الإسلامية في أواخر حياته ، وبعضهم اعترض على تقديمه وجبات الفلسفة للجمهور من خلال ما سطره على صفحات الجواهر ، وبعضهم اعتبره خائنا للغرب الذي صقله ! كل هؤلاء بظني مجرد أصنام تنتصر لنفسها ولما تراه حقا أوحدا فتزن الشخص بعيونها هي لا بما يكتبه هو .. أذكر أني كنت بصحبة أستاذ يدرس بالجامعة الأمريكية ، حين رأى معي كتاب إمام عبد الفتاح إمام (وهو برأيي شخص تافه على الرغم من لصق اسمه باسم هيجل ، يكفي تدميره لما كتب هيجل ويكفي أنه رهين خصمه الإسلامي والبحث لا يعرف أن تكون رهين نظرة فضلا عن أن يكون لك خصم ! لكن هكذا نحن أهلك الله العرب وأبدلهم بغيرهم حطموا الأصنام ونصبوا أنفسهم مكانها)
امتعض امتعاضة لن أنساها ونهرني لقرائتي عن زكي نجيب محمود ، فهو برأيه خائن باع نفسه لمن كيلوه بالذهب وقتل نفسه !

أيام في أمريكا .. وجهة نظر .. الخرافة .. الفكر العربي .. العبيط ! كلها ساعدتني كي أنظر برحابة أكثر .. حتى قذفني الله في بحر
عبد الرحمن بدوي ، وهو الله في علاه (كما وصف حسن حنفي رؤيته لنفسه) هذا الرجل كفيل لجعل الإنسان ساخطا لاعنا مدمرا لكل جميل ، وكفيل لأن ينقلك إلى بحر أنوار الذات الإلهية تسبح ولا ينقطع لك نفس ، تشك حتى تصل إلى الكفر ومن الكفر تصرخ كيسوع أو تشطح كالبسطامي تذوب مع رابعة تنطق الحكمة مع أفلوطين أو تسب دين سارتر وتمزق كتابه المقدس ، فمن سارتر ما هو إلا طفل في عين بدوي ، أليس الكل عيال الله ؟!
أخشى أن أطيل فأهذي أكثر من ذلك ..