{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مشكلة الطائفية والأقليات في بلداننا ...
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #1
مشكلة الطائفية والأقليات في بلداننا ...
يتشكل عالمنا المعاصر بدون أدنى شك من عدد كبير من الأقليات والإثنيات، والطوائف الدينية. إذ لا تخلو دولة من الدول من هذه التظاهرة سواء في أوروبا، أو أمريكا أو آسيا أو إفريقيا أو أستراليا.

ففي العالم العربي توجد الأقليات بحكم التاريخ، والتنوع الديني والثقافي واللغوي. فالاختلاف في البنية البشرية بين العالم العربي وبين أوروبا مثلا يتمثل في أن الإثنيات والأقليات في القارة الأوروبية هي نتاج لتوسع الرأسمالية ولظاهرة الاستعمار الحديث.

أما في العالم العربي فإن الإثنيات والأقليات هي جزء من طبيعة المجتمعات العربية– الاسلامية وخاصة في العصر الحديث. ففي أوروبا نجد الأقليات العرقية، والاثنيات الثقافية، والمجموعات الدينية تنتمي غالبا إلى الدول المستعمرة سابقا من طرف هذه الدولة الأوروبية أو تلك وإن صارت جغرافيا مقيمة في الفضاء الجديد المدعو بالمهجر الأوروبي. وجراء هذا الاختلاف فإنه ينبغي أن ينظر إلى الأقليات في المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج على أنها مكوّن جوّاني للشخصية التاريخية، والثقافية واللغوية والدينية لها، وليست مفروضة من الخارج، أو أنها أملتها ظروف الهجرة بمفهومها الحديث.

إلى جانب ذلك فإن لهذه الأقليات مساهمات معتبرة سواء في البناء الثقافي– الحضاري، أو في النضال التحرري. ونظرا إلى ذلك فإن معالجة مشكلات الأقليات، والاثنيات، والطوائف في بلداننا ينبغي أن تكون على أساس الشراكة التاريخية في الوطن ومصيره، وليس فقط على أساس المواطنة، ففي الحقيقة فإن التنوع الثقافي، واللغوي، والمذهبي الديني ليس في حد ذاته مشكلة ولا ينبغي النظر إليه كذلك.

فالمشكلة تكمن في اعتقادنا في تأخر بلداننا في صياغة مجتمعات متناغمة، تقوم على المساواة، واحترام الاختلافات بكل أنواعها وتكمن أيضا في الفشل في تنفيذ مشروع بناء ما يدعى بالشخص الديمقراطي في الثقافة العربية الاسلامية في مرحلة ما بعد الاستقلالات الوطنية.

لماذا الشخص؟:

يولي المفكر الجزائري محمد أركون أهمية بالغة لمفهوم الشخص الذي لم يتبلور في المجتمعات العربية– الاسلامية على نحو محدد. ففي كتابه "الفكر الأصولي واستحالة التأصيل: نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي" يدرس أركون الظروف الثقافية، والتاريخية، والاقتصادية التي لعبت أدوارا أساسية في تأجيل بروز الشخص وفي طمس مفهوم الشخص أيضا.

إننا نفهم من هذا أن مشكلة الأقليات، والطائفية، والإثنيات هي نتاج لعدم العمل جديا في التاريخ القديم، والحديث لصياغة الشخص الذي يتجاوز موقفا وسلوكا وانتماء حدود القبيلة أو العشيرة، أو الطائفة. وهنا ينبغي أن نتساءل بجدية: ما الذي يجعل الأفراد في بلداننا يصرون على الانتماء إلى القومية العرقية، أو إلى الإثنية الرمزية "اللغوية والثقافية" أو الطائفة الدينية بدلا من الوطن المشترك، أو الطبقة على الأقل؟

وهل تعود الأسباب إلى التهميش السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي أم أنها تعود إلى أصول ثقافية وروحية؟
وهنا نجد أركون يقترح استخدام مصطلح عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو من أجل فهم الخلفيات الباطنية لتصرفات الفرد في مجتمعاتنا من المحيط إلى الخليج. وهو الحس العملي الذي يقصد به: "طريقتنا في التصرف كل يوم: أي تقريبا دون تفكير أو بشكل عفوي، أو كرد فعل على الأحداث الجارية".

وهكذا، فإن دراسة مضامين هذا الحس العملي لدى الأقليات، والطوائف والأفراد المكونين لها سيؤدي لا محالة إلى الكشف عن الأسباب التي تحول دون بناء الشخص المستقل والحرفي داخل نسيج مجتمع ديمقراطي. إنه لا بد من القيام بتحليل جميع أشكال النبذ الاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي والسياسي التي تشجع الأفراد على اللجوء إلى الأقلية أو الطائفة لطلب إما الحماية، أو العمل بداخلهما لمقاومة هذه الأشكال التعسفية.

وهكذا، فإن الاستثمار في الشخص وجعله محورا أساسيا، أي قطبا في التنمية الفكرية، والاجتماعية، والاقتصادية، وفي السياسة أيضا هو السبيل المؤدي إلى تجاوز التمركز الاثني في شكل أقليات، أو التمركز الديني الطائفي، في شكل انقطاعات كاملة عن باقي مكونات الوجود الديني في المجتمع إلى حد الانفصال واللجوء إلى استخدام العنف المادي.

إن الكبت الثقافي والقمع اللغوي، والتمايز السياسي والاجتماعي المفرط في العدالة هي مجتمعة ما يدفع بالأفراد إلى التماهي مع الطائفة أو مع الأقلية التي تحس بالتهميش بدلا من التماهي الواعي مع أبعاد روح الشعب ومزاجه التي تكونها الجوانب الأخلاقية والجمالية والثقافية والمصير الاجتماعي المشترك.

فالمشكلة الحادة، إذن في بلداننا تتمثل في الفشل الذريع في تحقيق وتجسيد الشخص، وفي تفتيت ما يدعى بالمزاج الوطني. وفي هذا السياق فإن النقاش قد انحرف فعلا، حيث أنه أصبح يدور في الغالب على الطائفة بالمعنى الديني، أو السياسي، أو السلطوي، وعلى الأقلية كشلة بدلا من الشخص "المواطن" المرتبط بالسلاسل الاجتماعية أي بالمواطنين الآخرين في بنية المجتمع ككل.

ففي كتابه "المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات قد انتبه الدكتور برهان غليون إلى خطر ديكتاتورية الثقافة العربية التي تستخدم الإجماع التعسفي اللاغي للتمايزات والاختلافات. وبهذا الخصوص كتب قائلا: "لم تطرح مسألة الأقليات في أية حقبة من حقب التاريخ العربي– الاسلامي بالحدة وبالخطورة التي تطرح بهما اليوم. وإذا اكتفيت بالنظر إلى المظاهر الخارجية لا نلمح أي تغيير ايديولوجي هام في الحقبة الأخيرة يدفع بالاسلام الأغلبي الذي عرف حتى القرن الثامن عشر على الأقل بروحه السمحة والمتسامحة إلى التعصب..".

ويبدو واضحا أن مشكلة الفكر العربي – الاسلامي تتمثل في كونه– الآن– يتحرك في مسارات العزل الثقافي، والعزل الاجتماعي، ومن أفق العصبية الدينية إلى العصبية القومية. وهكذا فقد أصبحت الأقلية تستند إلى عصبية تخترعها اختراعا وصارت الطائفة كذلك أيضا.

في ظل هذا المناخ لم يعد للفرد مكانه المتميز، بل هو صدى لبرنامج الأقلية أو الطائفة أو الشلة الاقتصادية، أو السلطوية. ويلاحظ الدكتور غليون أيضا أن التمترس داخل الأقلية أوالطائفة له تداعيات على مستوى الوعي، وهنا يتخذ الوعي طابع البحث عن اليقين في هوية منعزلة وعازلة كالحنين إلى الفرعونية أو الفينقية، أو الاشورية وغيرها. وهكذا يصبح النكوص إلى الماضي هو الأيديولوجية السائدة.


وفي هذا السياق تبدو ملاحظة الكاتب السوري زكريا تامر ذكية وصائبة، إذ عبر قائلا بأن الغربيين يبدأون أفرادا وينتهون جماعة في حين نبدأ نحن جماعة وننتهي أفرادا في شكل موزاييك من الأقليات، والطوائف، والعصبيات المتشظية. فما أحوجنا إلى بناء قواعد فكرية جديدة تمكّننا من تأسيس الشخص المنفرد والحر، والانتقال به من مجرد وجود إلى كيان ضمن السلاسل الاجتماعية المرتبطة ببعضها البعض.

مشكلة من؟

لكي نؤسس للفكر الجديد في العالم العربي– الإسلامي، وخاصة فيما يتعلق بإعادة تشكيل الوعي بشأن قضية الأقليات، فإنه ينبغي أولا وقبل كل شيء تجاوز المنطق القديم في التفكير حولها. إنه إلى حد الآن لا يوجد مناخ ديمقراطي ببلداننا يوسع من فضاءات القبول بالتنوعات الثقافية واللغوية، وإبعاد الدين عن طواحين السياسة ومعارك السياسيين الظرفية أوالبراغماتية. ثم إنه ينبغي النظر إلى أن مشكلة الأقليات حسب تقدير الدكتور برهان غليون بأنها "هي إذن بالدرجة الأولى مشكلة الأغلبية، أي مشكلة المجتمع العام ذاته".

ففي رأي الدكتور غليون فإن المسألة الأساسية التي تستدعي المناقشة لا تتمثل في "توجه الأقليات الدينية العربية إلى التمايز وتكوين طوائف مستقلة تطمح إلى الحفاظ على ذاتيتها" وإنما "تبدأ المشكلة الحقيقية عندما يصبح لهذا التمايز الثقافي وجود سياسي متميز، أي تصبح الأقلية أو الطائفية حزبا سياسيا وقناة للسلطة.

وتنعقد المشكلة أكثر عندما ترتبط هذه الجماعة بقصد الدفاع عن نفسها أو لأسباب تاريخية موضوعية خارجة عن إرادة كل فرد فيها، بسلطة استبدادية أو بدولة أجنبية مهيمنة عالميا". فالقضية التي يغفل عنها الدكتور غليون في هذا التشخيص تتمثل في الرفض الذي يقابل به التمايز الثقافي باسم الوحدة الثقافية الكلية اللاغية للتنوعات، وباسم الهوية الوطنية ذات البعد الأفقي الواحد.

في هذه الحالة يتحول التمايز الثقافي أو اللغوي، أو الروحي إلى دعوة سياسية، وإلى تحزب. نحن، إذن في حاجة ماسة إلى تحليل الظروف الثقافية والسياسية والاجتماعية، والاقتصادية لكي نفهم تعقيدات مشكلة الأقليات والطائفية في بلداننا رغم وجود بعض الاختلافات بينها.

وهنا أختلف جذريا مع الدكتور غليون حين يؤكد: "وأصل المشكلة في نظرنا هو إعطاء الأولوية في نظرية الأمة للعامل الثقافي، الذي هو أكثر العوامل تقلبا ولا تحديدا. فيبدو في هذه النظرية كما لو أن الثقافة أو التمايز الثقافي هو الذي يحدد "السلطة أو الدولة".

ويوضح الدكتور موقفه وذلك بقلب المعادلة: "أما نحن فنعتقد بأن السلطة غير قائمة على ثقافة معينة، وعلى سلطة ثقافية محددة. ولهذا فإنه يجب علينا ألاّ نفصل بين الأركان المكونة للسلطة أو للدولة بما فيها المادي والثقافي.

إن كل سلطة تهدف إلى جعل لغتها وثقافتها معيارا سائدا ومسيطرا. وهنا تكمن المشكلة وخاصة في الدول المستقلة حديثا والتي تعاني من أزمة الهوية. إن الصراع على الهوية لا يقل حدة وشأنا على الصراع على الثروة وعلى الحكم.

إن هذه العناصر مجتمعة تحتاج إلى تفكير وإلى اعادة بناء. وفي تقديري أيضا، فإن حل مشكلة المواطنة بمفهومها وتطبيقها في العصر الحديث يمثل المدخل الأكثر قدرة على إزالة عنصرين وهما:

1- وهم الهوية الثقافية المتعلقة ضمن سياج الأقلية.
2- ديكتاتورية الأغلبية التي تفهم الهوية على أنها جاهزة وكلية ووحيدية ورافضة لشتى عناصر التنوعات والاختلافات. كما أن حل المشكلات المادية والاجتماعية والسياسية على نحو يضمن العدالة والمساواة أمر ضروري.

فالهوية مادية وثقافية لا تقبل التجزئة وأي تجزيء يجعلنا ندور في التفسير الأحادي وفي الحلول التوقيعية التي تعيد إنتاج الأزمات.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 03-20-2009, 07:04 PM بواسطة العلماني.)
03-20-2009, 07:00 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
مشكلة الطائفية والأقليات في بلداننا ... - بواسطة العلماني - 03-20-2009, 07:00 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  مستنقع الطائفية: الغرق جميعاً ام النجاة جميعاً....خالد الحروب * بسام الخوري 0 526 11-17-2013, 01:20 PM
آخر رد: بسام الخوري
  عن المسألة الطائفية في النظام السوري وكيفية الوصول إلى المجازر الحالية ... العلماني 0 830 06-23-2012, 02:12 PM
آخر رد: العلماني
  مشكلة الابداع والتطور في العالم العربي mr.H 21 5,558 04-23-2012, 09:46 PM
آخر رد: طريف سردست
  الطائفية العالمانية/ الرابطة القبلية المذهبية خالد 3 1,248 03-12-2012, 11:25 AM
آخر رد: طريف سردست
  سوريا....الطائفية.....الثورة Enkidu61 94 24,670 12-06-2011, 12:59 AM
آخر رد: Enkidu61

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS