بسم الله

طرحت عليكم فرضا يعطيه الكتاب الكريم شرعية ولا ينفيه ما تأكد من العلم ، وهو أن ذا القرنين هو سليمان النبي عليه السلام .

وددت لو أن مناقشاتكم انحصرت في تناول هذا الفرض .

أنبه الإخوة إلى امر اعتقد أنه فاتهم ، وهو المغزى والهدف الدعوي من إيراد القصة ، وهذا المغزى هو تغيير عقائد قوم معينين بشكل جذري ، وما كان ليتم هذا بقصص لا أصل لها في عالمهم الثقافي ، وبالتالي لا تأثير لها عليهم . فمن يفترض أن ذا القرنين ملك من ملوك الصين كما أورد الأخ روقة خلاصة هذا الرأي يجد نفسه في مشكلة حين نضعه امام هذا المغزى الدعوي .

لكي تؤثر قصة في عقيدة ناس لا بد أن يكون لها معنى أو أصل في عالمهم . هذا ما يجعل من كل اجتهاد يخرج عن دائرة العرب ومجالهم التداولي مستبعدا تماما ، كالاجتهاد الذي أورده الأخ روقة ملخصا له .

من هذا المنطلق ، أنا مطمئن إلى أن كل القصص القرآني وكل الشخصيات الواردة في هذا القصص هي من المجال الثقافي - جغرافيا وتاريخيا - لعرب الجزيرة . وهذا المدخل هو ما يجعلني أطمئن لطروحات الصليبي وزياد منى أكثر من طروحات غيرهم ، فكل اجتهاداتهم ادت إلى أن بني إسراءيل هم من اهل الجزيرة العربية ، وهم عرب انقرضوا . وإلا فكيف يريد الكتاب الكريم التأثير في عقائد العرب - والعقائد بدلالة اسمها نفسه أكثر ما في الناس تجذرا وثباتا - كيف يريد الكتاب الكريم التأثير في هذه العقائد بقصص من خارج المجال التداولي - تاريخيا وجغرافيا لعرب الجزيرة ؟

إن هذا المحدد يعطي الجدارة والأفضلية العلمية لكل اجتهاد يؤدي إلى أن ذا القرنين هو أحد ملوك جزيرة العرب - عربي يعرفه العرب ولهذا فذكره يؤثر فيهم .
وانطلاقا من طرح الصليبي وزياد منى فسليمان عليه السلام من بني إسراءيل وهم عرب عاربة من الجزيرة . وإن لم يكن هو ، فإن الرأي الذي يعتقد أنه أحد تبابعة اليمن وملوكها أولى بالتقديم من غيره ، فاليمن من الجزيرة .

أما بشأن يأجوج ومأجوج ، فاعتقادي أنهما ظاهرتان طبيعيتان : يأجوج الطوفان ومأجوج البركان . ولا اصف هذا الرأي بأكثر من أنه فرض يعطيه الكتاب الكريم شرعية الوجود والتدارس .

وهذا موضوع آخر على كل حال .

تحية لجميع الإخوة .